عبير خالد يحيي
الحوار المتمدن-العدد: 6458 - 2020 / 1 / 7 - 01:50
المحور:
الادب والفن
لِمَ صمّني الضجيجُ حينما اعتكفتُ بمحراب صمتي؟
البحرُ يحتلُّ أعضائيَ المريضة
لمَ يقذفُ أمواجَهُ البيضاءَ نحوَ صخورِ جوارحي الناتئة..
لِمَ يبلّلُ وجهي؟
لِمَ يتبلورُ فوقُ ملامحي؟
أنا لستُ امرأةً استثنائية...
عشراتُ النساء يعشنَ في خلاياي..
كلّما تسامرنا، تقصُّ إحداهنّ حكاياتِها..
ذاتُ الألسنةِ الحمراء الثلجية
ذاتُ التشقّقاتِ النازفة
وذاتُ الحليماتِ الذوقية..
تميّزُ الطعمَ المرَّ والمالحَ ببراعة.
ذاتُ الأصواتِ القوية..
تخرجُ من ذاتِ الشفاهِ الهزيلة
الصغيرة الكبيرة..
المطلية ب ( الرُّوجِ) الرخيص
عاريةً ملساءَ مقشّرة..
هي الحقيقة..
نرتّبُ حروفَها بالكلمات..
نختلفُ في نظمِ تراكيبِها والجمل..
تعجزُ اللغاتُ عن التعبير
فتشرحُهُ عيونُنا الذاهلة ..
حركاتُ أيدينا العشوائية ..
تغضّنُ جباهِنا..
وجنونُ أفواهِنا المتألّمة..
أنا امرأةٌ..
لا استثنائية..
هناكَ المئاتُ من النساءِ
أودَعْنَ قلوبَهُنَّ..
وصاياهُنَّ
في قلبي
حتى أُصيبَ بالتضخّم.
وصرتُ لا أجدُ متّسعًا لوصيّتي..
أحتجُّ
أتألّمُ
أرجو
_ "ضعيها في قصيدة"
صرخَتْ إحدى جدّاتي..!
لا أذكرُ اسمَها حتى!
_ "لا أجيدُ نظمَ القصيدة"
_ "اكتبيها نصًّا على ورق" .
انبرَتْ الأخرى.. أشكُّ بصلةِ القربى بيني وبينها...
_ "ورق؟!"
وتذكّرتُ يومًا أنّي كتبتُها نصًّا ذَكَرًا..
يهربُ منّي قبلَ الربطِ بينَ الاستهلالِ والموت ..
مختبئًا في جيبِ قصيدةِ الأنثى العمياء
أسمعُهُ يُغريها ..
تسألُهُ عن لونِه..
تتحسّسُهُ، تنفرُ منه..
يصغرُ فيهِ الحلم..
يعجزُ في أركانِ الضوء ...
رافَقَها عن طَمَع...
أنا امرأةٌ..
لا استثناءَ في شخصي
آلافٌ مثلي..
تلدُهُنّ الأرحامُ..
بخيامٍ تغزوها ألوانٌ من طينٍ ورماد..
ودخانٍ وضباب..
ونارٍ وجليد.
أنا لستُ استثنائية..
نساءٌ في عقلي مُعتَقلاتٌ..
تطالبُ بالإنسانية
تطالبُ بالمساواة
وبالتطهيرِ من إثمِ الظنّ
وإثمِ الصدقِ
وإثمِ التحريمِ
ونبذِ العبودية
الآن..
أشهدُ أنّي امرأةٌ استثنائية
لن أتطهّرَ بالماء
لن أتطهّرَ بالبَرَدِ ولا بالنار ..
أتطهّرُ..
أتشظّى..
كموجٍ تحطّمَ فوقَ صخرٍ..
يُخلَقُ مِنْ جديد.
#دعبيرخالديحيي
#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟