|
ذكريات من زمن الانتفاضات
أبو الحسن سلام
الحوار المتمدن-العدد: 6457 - 2020 / 1 / 6 - 19:14
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
كافح الزملاء في سجن طره .. من أجل أن يسمح لشكري مصطفى زعيم جماعة التكفير حتى يقضي فسحة كل صباح معنا خارج زنزانته المنبوذة أقصى الساحة عبر العنبر .. الساحة كانت مكشوفة فوق الزنزانات حراسة جاهزة التسليح تماماً .. كان نداؤهم يتتابع ما بين اللحظة واللحظة : " واحد تمام .. اتنين تمام.. ثلاثة تمام " ودبيب الأقدام رتيبا طول الليل بسقف العنبر " شمال .. يمين .. هوب حديد " خطوات تحدوها صيحة : " هوب حديد " حتى يظن الواحد منا أن السقف يخر علينا .. ربما قد كان أمرا من مباحث أمن الدولة ( طيروا النوم من عنيهم .. اليساريين الكفار !! ) - هكذا قد كان ظني - ينعتوننا بالكفر .. علما بأن مسألة الإيمان هي مسألة ذاتية .. كما أن إيماننا لا ريب فيه – وبالطبع لم يدر في ذهن شكري – زعيم الجماعة الإسلاماوية في السبعينيات – شيئا عن اتهام من يعتقلونا لي بالكفر السادات .. لمجرد أني سياسي معارض لنظام لمجمل سياسات حكمه ؛ ولذا كان في تمشية الصباح اليومي يتمشي في ساحة عنبر التأديب بجانبي ؛ ذاك للأن اسم ( أبا الحسن) في ظنه قد كان كنية لشخصي و ليس اسما لي .. ولكنها للتقيّة اتقاء البطش من فعل المباحث . و عبثا قد كان تأكيدي له علي إني يساري ولست انتمي لزمرة المتأسلمين .. لكنه يقول : لا.. أبو الحسن منّا .. نعم . قد كان شكري نافذا من مهدي بندق لأن مهدي المتبحر في علوم الدين والفقه ولما جادله أدرك المكفراتي أن مهدي إن يناقشه يفوز .. ولذا كانت قطيعة بعد وقفتي نقاش !! ولأن شكري مفكر في حضن قالب ديني متطرف ما كان يحيا دونما فعل الجدل لكنه جدل يدور حول فكرة مقولبة .. نظرية الإسلام في حكم البشر تلك التي قال بها المودودي قبل سيد قطب وكتابه ( معالم في الطريق) : تكفير مجتمع المدينة أولا لأنها لا تمتثل للحاكمية ومنهجها التي هيى عنده أساسها الشورى وحكم الناس كل للناس للناس تطبيقا لنص الشرع " خلفاء على الأرض" استخلف الخلق على الأرض جميعا للعمار .. ولأن المدنية عند أولئك تعني كفرا بين تركوا وظائفهم وكذلك هجر الأبناء مدارسهم . تركوا مساجد خلق الله وتمركزوا بزوايا ( ضرار) صلوا فيها دون الناس صلاة تشدد نهجوا نهجا إرهابيا ضد الدولة . سألت زعيم الزمرة ما اسم جماعتكم ولماذا سميتم تكفير وهجرة ؟! أشتعلت حوراء عيونه صارت شررا " لسنا كذلك " صاح بوجهي " فماذا أنتم ؟ " نحن جماعة آخر الزمان " .. " يعني ماذا" .. " نزلت فينا الآية قالت: " الأرض يرثها عبادي الصالحين " .. " تقصد يوم قيام الساعة !! " قال: " تماماً.. ذاك صحيح " .. "ستعيشون ليوم الساعة ؟! أعلم أنك جامعي .. خريج زراعة .. أصحيح ! حدثني حديثاً علميا يقبله العقل.. يفني الكون ويفنى الناس وأنتم أحياء وترثون " قال بنبر الشخص الواثق : " الكافرة روسيا وأمريكا يضربوا بعصيهم بالذري .. يفنى الكون" .. " أنتم في الكون لما يفنى تغنوا معاه" .. قال: " إحنا ح نكون بأمان.. في اليمن فيه كهف كبير ضد الإشعاع .. ح نكون فيه " .. " قدر .. فيه حكومات عبيدة هنا وهناك .. الزرع .. الميه.. الهوا والأكل .. فيه إشعاع " انقلب الحور بعينيه حمارا بعد بياض صاح بحدة " نترك هذا الأمر الآن " كان يقاسمني في كوب الشاي في تمشيي كل صباح .. كوب بلاستيكية أحمر وبمعصمه ساعة يد ويقدمه شبشب (زنوبه) فتخابثت بطرح سؤال: " في كوب بلاستيكي نشرب شايا أحمر .. تنتعل الشبشب ذنوبه تحمل في معصوم الساعة .. تلك صناعات المدنية وتكفرها.. يعقل هذا ؟ " قال بحدة : " نترك هذا" كل صباح يدور حوار مسائي ليس كما كان اليونان .. كما سقراط .. كان حديثاً بيزنطيا استهدف شكري تجويدي فيما يبدو .. كان يقول : اسمك آقرب منا نحن .. فلما أنت شططت يسارا.. أدخل حضن الدين وأسرع ؟! يوم الحكم عليه صباحا وكلابوش يقيد يده ويد الضابط عن يمين وكلابوش يقيد يده ويد الضابط عن يسار وكبير الضباط يسير أمام الركب ورشاش يلصق بالإبط .. خلف الركب .. المدفع فوهة في الظهر . رفع ذراعه ودعني قدر الطاقة .. قلت له : ستعود بإذن الله سليما أمنا " لم أره من بعدها أبدا. كان الحكم معدا سلفا - فيما يبدو- فما أن خرج بركب حراسته الموصوف الا على عجل رحلنا عنبر ( تجربة) ملعون .. ورأينا قبل الترحيل فتحات تفتح بقواطع أوكسيجين بيبان لخمس زنازين . كنا نعلم أن خماسي المتهمين بقتل الشيخ الذهبي .. أربعة منهم قد حبسوا بمكان آخر وزعيم العصبة هو شكري .. يا الله !! كان وديعا في مظهره .. لحيته سوداء تناسب وجها أبيض وعيون مها هي عيناه. أذكرجاورني في زياره آهلي وأهله .. همش من روعة لقيانا بالأهل عساكر أحلاف أفلا يكفي سور من سلك يفصلنا !! زوجتا شكري .. الصغرى يا ما شاء الله !! - بدر منور.. حون عين - منذ تراكب واللواء .. حدثت تسهيلات كثيرة .. زغت أنا من جنب السور وكذلك زاغت كريمة .. جمعتنا الأحضان .. فلطم الحارس خده . . " ح عودوني في ستين داهية " ولمستشفىي السجن نقلت من الأعياء .. أضربنا عشرة أيام دون طعام حتى تغادر عنبر تجربة المساجين .. كنا محشورين ومائتى عضو إرهابي فيها .. يأتي الواحد منهم يسأل ( اسمك إيه .. ساكن فين ؟! " لا أدري لم السؤال ! محبوسين بعشر سنين وسبع بعد الحكم وبالإعدام على خمسة زعماء ! ليس لأحد في التنظيم قدرة تفكير وحوار .. خلقوا من آذان صغي ثم تطيع . في المستشفي كان بغرفتها المخصوصة قائد جيش هزيمة يونيو ( شمس بدران ) المحبوس مع أركان نظام جمال .. فيما عرف بحركة مايو . ( عبد المنعم أبوزيد ) - ياور عامر- كان محبوسا مريضا أو معماري بالمستشفى .. جاء بطولة برتقال أملا في فض الإضراب فرفضت الأمر . فضفضة الحديث اتسعت قال :" جيهان .. ترد الصفعة.. ذهبت بنتي آمال إليها تركوها آن يفرج عني .. وعدتها لكن ما وفت . لم تنسى إذ كانت تأتي في الجيزة بيت المشير تلتمس مقابلة الهانم زوجة عامر.. كنت أؤخروا عن عمد حتى يؤذن لي أن تصعد .. كنت أنفذ أمر القائد" وحكي عن أسباب الحبس وعن فساد الجمعيات الاستهلاكية ونفى ما قد نسب إليه وأدى لصدور الأحكام .
# مهدي يبكي: يبكي مهدي لما تعبت من الإضراب .. يطلب نقلي للمستشفى .. ظل يلح الضباط حتى نقلت إلى المستشفى .. مدنيون أمام العسكر كنا نحاكم .. يفرج عن مهدي وأرحل سجن أبو زعبل مع نجم وطلبة عين شمس . الشاعر زين العابدين فؤاد هناك ومعاه كان (برجو) وكان ( شرباش) زين فؤاد كان له ديوان ( النيل بيطري في دمي) حولته للمسرح نصا . نجم علم كل الحبسةلعبة. ( استميشن) شهر ونصف بسجن طرة وشهر بسجن أبوزعبل ونص في سجن الحضرة لأجل الامتحانات. سافرت . كنت تمهيدي ماجستير .. ولما ظابط أمن الدولة سطا على كتبي لما دارت بينا خناقة ليلة القبض على في بيتي . فوزي زميلي طالب وافد وفلسطيني أرسل لي محاضراته وكتبه .. ذاكرت .. أبحاث التمهيدي أبعتها عليها ختم السجن وكنت آهرب بعض بحوث كان فيها تحليل فكرى وسياسة. لما وصلنا إسكندرية حجزوني في زنزانة كريهة تحت الأرض في الممدرية بأبي الدردار والمغرب على سجن الحضرة.. وفي زنزانة محكومين بالرشوة نزلت ضيف ثلاث ساعات أقل الزنزانة مفروشه سجاد نجفه متعلقة في السقف وثلاث مساجين السكان .. قلوا كأية بيض على بسطرمة وضيفوني . جهز الحارس زنزانتي .. كان جنبي محب يوسف .. هو زميل ..يساري ( وكان من الرفيصة .. يعني حزب العمال) .. ضيفني ورك فرخة .. يا مرسي يابو العباس !! طول الليل وبطني .. طول الليل أصرخ ولا مخلوق يسمعني. ولا مخلوق يسعفني. مع ظابط من أمن الدولة ومعاه مخبر في الصبح على الكلية أقعد امتحن .. الضابط من خلفه المخبر قاعدين من على بعد مراقبة. لما أخلص نرجع للحضرة .. وتتكرر رحلة كل صباح ورجوع آخر النهار.. جت نهاية الامتحان أفرج عني . ولما قابلت الدكتورحاجري حكيت له حكايتي .. واللي جرى في السجن معايا .. قال لي اكتبها مسرحية. . كتبت وكانت مسرحية ( على عاللولا ) شخص مالوش في الدنيا رأي ولا شخصية .. راح يشتري حاجة من السوق لقى سعرها طاق طاقين فلقط قال له كلمتين .. مخبر كان فايت من جنبه قبض عليه .. وتحول على أمن الدولة. ناس تدخل مقبوض عليها من اليسار .. شهر اعنيه ويفرج عنهم ناس تدخل مقبوض عليهم كانوا إخوان .. شهر اعنيه ويفرج عنهم وعاللولا يفضل محبوس . يتغير رئيس الدولة وعاللولا يفضل محبوس سياسيين تدخل أو تخرج وعاللولا برضه محبوس !! والتفسير بسيط.. بسيط .. كل الناس متصنفين : تيار ثوري أو عمال .. ٨ يناير أو كان مصري .. لكن هذا الكائن مين ؟ يتبع أي فصيل شيوعي.. غير معروف آصله من فصله ؛ لذلك يقعد هنا في السجن إلى أن يظهر صاحب له. عاش مع اليسار لقاهم منتظمين ومنظمون في حياهعامة .. البروتين لو كان في زيارة .. زنزانة الحياة العامة تعيد توزيعه وفق الجدول .. بروتين ويجاور أمواس بالدور يتوزع وبجدول .. حاجة عظيمة وفيها تراحم.. فيها نظام فاهم سياسة. بس العيب عند اليسار .. كتر كلام عن فائض القيمة والحتمية والصراع .. كلام كبير.. أنا مش فاهمه .. اليوم كله كلام في كلام. # قصة مذبحة الاخوان : انفض الإضراب فعدت إلى الزنازين
#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المديوني وحيرة المحقق التراثي في المسرح
-
فلسطين في المسرح العربي والمصري
-
ديكتاتورية المخرج
-
في النقد المقارن
-
المديوني وتحقيق التراث المسرحي النقدي
-
في الحجاج المسرحي ولعبة طقش الأدمغة
-
الحجاج والخطاب التداولي
-
صورة الجليل والجميل في مشهد مسرحي
-
الجميل والجليل في التعبير المسرحي الشعري
-
المحطة الأخيرة
-
هذه إجابتي
-
المخرج المسرحي والقراءة المتعددة للنص ج 1من الكتاب
-
منحوتات درامية - جماليات الساكن والمتحرك في معرض زوسر مرزوق
-
بنادي على كل واحد في مصر - وخطاب مفتوح لإعلام مفضوح
-
اتجاهات الإخراج المسرحي في عصر الحداثة
-
فكرة الرقابة
-
التكوين المعرفي في المسرح بين النظرية ومناهج الإخراج
-
شعرية المسرح بين النظرية والإبداع
-
المسرح بين التفكير والتكفير
-
نجيب محفوظ وغيبوبة الوطن
المزيد.....
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع
...
-
صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في عاصمة جورجيا
-
بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
-
فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح
...
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|