|
الوعي الثقافي المقصود في فكر -سمير أمين - و-حنا مينه -.. قبل وبعد الرحيل..
عصام محمد جميل مروة
الحوار المتمدن-العدد: 6455 - 2020 / 1 / 4 - 18:00
المحور:
الادب والفن
سمير أمين وحنا مينه يستحقان التحية مجدداً بعد رحيل الأديبين وترك أثار الثروة الثقافية..
ما ان ألمحت اخر الأنباء عن الخسارة المعنوية للرحيل الذي حدث لأثنين من عمالقة و أعمدة الثقافة العربية النيرة التي أرخت بكافة تداعياتها خلال النصف الثاني الاخير من القرن المنصرم .حيثُ تمت في باطنها تكريس وإرساء الأسس المهمة في كافة معانيها المنطقية التي جذبت نحوها الملاييين من ابناء العالم العربي بعد النهضة الثقافية وإن حملت أتجاهات يسارية كانت حديثة التبعية للعلمنة وربما "للإلحاد " كما إتهموها أنذاك في كل من مصر ولبنان وسوريا وفلسطين والعراق ، كون تلك الدول كان أدباؤها وكتابها و مثقفيها ينتمون الى أديان مختلفة أُعتبروا خارجين عن الدين الإسلامي. كان دائماً يُعلّق على تناوله بعد قرائته كتاب "رأس المال" الذي تركه كارل ماركس كأدوات فلسفية إقتصادية يحتاجها المجتمع لكي يطور نفسه في التقدم المستنير بعيداً جداً عن الإلحاد واعتبار نظرية "الدين أفيون الشعوب "واقع اليم يرتد على الشعوب المقهورة؟ غاب إذا الباحث والمفكر المصري الكبير والماركسي الشهير "سمير أمين"الذي لم يتراجع ولو للحظة واحدة "في مهاجمة الاسلام" وتحميله المسؤولية الأولى والاخيرة عن تخلف تلك المجتمعات التي تُساق تباعا ً في الدول الفقيرة أنذاك ولم تزل حسب رأي المفكر نراها تقع في تخبطها المزعم برغم النظرة المبكرة لقرائتهِ في عمق الأسباب التي آلت اليها" مآسي ومظلومية" تلك المجتمعات، من قبل حكام فاسدين حاملين في اذهانهم تبعيات وافكار موروثة في "التسلط والفجور" للزمر الأمرة طيلة فترة تسلط الأنظمة التي سادت وتمادت في تطاولها على الشعوب كافةً. وإن كان للمفكر نظرة أخذته بعيداً في أبحاثه وقادته الى ان يواجه النظام المصري وإدانته، لقيادة ثورة " الضباط الأحرار" في بلدهِ بعد إنتصارها على اخر "حكم المماليك "في مصر وبدا ذلك عندما اصبحت الثورة تتخبط في الأفكار ما بين الإشتراكية والإسلام. علما بإن المفكر سمير أمين كان منذ صغره قد لفت الأنظار اليه عندما سأل والدتهُ وكان صاحب "الستة أعوام" عندما إندهش من رؤيتهِ لواحد من الفقراء يبحث في القمامة عن طعام ؟ ومن المعلوم ان المفكر أنتسب الى الحزب الشيوعي المصري وكان قد حُكم عليه وسُجِن مراراً نتيجة المواقف والإنتقادات للنظام المصري.بعد ذلك قرر السفر خارج بلاده وإستقر به الحال في "منفاه القسرى فرنسا"، مما أٰتيحت الفرص له ولأبحاثه المثيرة حيث أُعتبر من "المحدثين" خرقاً سريعاً للعولمة التي أفتقدها في بلاده لكنه حاول مراراً ان تكون أعماله الكاملة كفلسفة في "اللغة العربية" الى جانب الفرنسية والإنجليزية قدم نقداً لاذعاً للدول الكبرى في تحميلها كذلك بإسم الدين "المسيحي" ،وهيمنته على المؤسسات العالمية.رحل سمير أمين في بلده الثاني الذي اختاره كمنفي في فرنسا وكان قد أوصى بإن يُدفن في ارضها "كرد جميل" لإستضافتها له اكثر من خمسين عاماً؟ كما كان الروائي السوري والكاتب "حنا مينة " قد ترجل عن مسرح الحياة في نفس الأسبوع بعدما" أغنى "المكتبة السورية والعربية ،في اروع وأجمل القصص والروايات ،التي كتبها اثناء حياته الصاخبة والمتنقلة دائما من "فقر الى تعاسة "، و ترحال في بلده "سوريا" بعد الأستقلال عن فرنسا منذ أواسط الأربعينيات .هناك اكثر من أربعين عمل تركها "الكهل" الباحث والناظر دائماً الى البحر الذي كان" يبكي ويشكو "اليه مراراً ،بأنه اذا ما ذاقت الدنيا في وجهي ليس هناك دواءاً اهم وأنجع من رؤية الأمواج والزبد الأبيض الذي يُحدثهُ البحر برغم الذين يعتبرونها غضباً ولكنني أراها "إستمرارا الى روحي والى نفسي " طيلة اليأس المستمر والهواء الذي أستنشقه من على شواطئ مدينتي "اللاذقية" . حيثُ ولد فيها الكاتب حنا مينة وأنتسب الى بعض مدارسها "البدائية" وتعلم القرائة والكتابة في ظروف فقيرة صعبة قد ادت الى ترك مقاعد الدراسة . وإعتمد على ذاتهِ لاحقاً في تثقيف نفسه نتيجة قرائته للروايات والكتب التي كان يحصل عليها خلال فترات البدايات من شبابه وصارت ميوله الى المعرفة وحب المطالعة اكثر من اي شيئ على الإطلاق، عندما داهمه المرض مؤخراً قد أوصى بإن "الممات " قد يحل سريعاً ،وكتب عن التفصيل للجنازة التي سوف تحصل لَهُ ان تكون بعيدة جداً عن الأعلام وان تمضي متواضعة ولا حاجة الى تكليف الناس في السير خلف "نعشي "الذي سوف يتلاشى بعد ردمهِ بالتراب. علق مراراً على مهنته مبتسماً مسروراً ضاحكاً بشوشاً ، التي لم تقدم له الا الفقر والتعاسة وعدم الإستقرار المادي لكنها كانت توأم روحه أينما حّل؟ كان لأعماله الفنية والمسرحية والتلفزيونية الى درجة الإنسجام والإنصهار عندما عُرض في أواسط التسعينيات " مسلسل نهاية رجل شجاع" ، كعربون للأجيال الصاعدة في أبهى مرحلة الإنتقال الى العرض التلفزيوني الذي لاقى صدى وأعجاباً جماهيرياً ضخماً؟ إذاً الوعى المقصود في فكر سمير أمين ،وحنا مينة ،امانة في أعناقنا بعد رحيلهم لأنهم بذلوا اجمل ايام حياتهم في رفع وتقديم الحداثة والتطور الفكري من اجل المجتمعات العربية وإثبات النظريات الثقافية وإن كانت لا تتلاقى مع الأكثرية في مجتمعنا العربي الإسلامي من المحيط الى الخليج. علماً بإن الفقيدين قد اسسوا منتديات ثقافية عريقة وطويلة ولها ميول ماركسية ولم يُخفياها على احد ومن المعروف إنتسابهم الى الأحزاب الشيوعية في بلادهم .برغم العنفوان والأرهاب السياسي الذي كان يُمارس في سوريا وفِي مصر.
#عصام_محمد_جميل_مروة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وقتُ مُدمِرٌ وقاتل ..حِراك مدنى..في وجه حكومة حسان دياب..لن
...
-
ثورة شعب..ثورة شباب..إنتفاضة الإصلاح التي لا يُرادُ لها أن ت
...
-
عندما يعتذرُ الإستعمار من الصغار ..ماكرون صادقاً ام مجاملاً
...
-
صِدام الحضارات وأدلجة الثقافة..تحت تأثير النظرية والتطبيق في
...
-
هل الدين أفيوناً حقيقياً للشعوب يُقلِلُ من اهميةً الثورات ..
-
نجيب محفوظ يعود من جديد..اليقظة والأحلام معاً..
-
حقوق الطبقات المسحوقة في المجتمع وإعادة إحياء دور الإنسان كك
...
-
إستعادة الثروات المنهوبة مطلب شعبي هل يتحقق ام بعيد المنال..
-
رسالة الى رئيس مجلس النواب اللبناني الإستقالة سريعاً صوناً ل
...
-
رِقة فيروز في اغانيها تنبعثُ كألحان روحية الى اخر المدى..
-
ممنوع تصفية القضية الفلسطينية بالإغتيالات للقادة الميدانيين
...
-
اعتراض مرشد ثورةً ايران على فقراء العراق ولبنان انانية غير م
...
-
الحراك المدني والتظاهرات في مواجهة الطائفية السياسية قبل الف
...
-
غارات إرهابية على جُحر ابو بكر البغدادي الدموى
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|