أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - هبة فارس - الحضارة المصرية والعربية














المزيد.....

الحضارة المصرية والعربية


هبة فارس

الحوار المتمدن-العدد: 6454 - 2020 / 1 / 3 - 10:27
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



على غير رغبة منا تواجدنا في مجتمعات تكره الحياة وتقدس الموت. فعلى عكس ما يتشدق به كل من يتباهى بأنه ابناً بار للحضارة المصرية القديمة. ويمجد فيها وينعتها بحضارة الحياة والنور والجمال والاعجاز وينكر كونه عربياً بدوياً جاهلاً متخلفاً. فأحب أن أصدم ذاك الابن البار بأن الحضارة المصرية القديمة لم تكن منذ فجر التاريخ سوى حضارة موت. وأن المصري القديم من أوائل – إن لم يكن أول – من رسخ لثقافة الموت. فكان الأول فيمن كرسوا لسطوة الموت والالهة وحياة ما بعد الموت حتى أنه كان يكنز الكنوز ولا يتمتع بها في حياته الدنيا لتدفن معه ويتمتع بها في أخراه. وهو أيضاً من كان – ولا يزال – يصبر على الذل والقهر والهوان والاستعباد بحجة أن صبره على كل تلك الابتلاءات سيورثه الراحة في الحياة الأخرى. ومن هنا توحشت وازدادت سطوة الكهنة مُلّاك رغبات الالهة الحصريين. والذين لا يمكن أبداً تجاوزهم إذا أردت ارضاء الالهة. ومن هنا وجب ارضائهم والتودد لهم والانسياق لهم دون تفكير فهم من يوصلون للآلهة الذين يتحكمون في الحياة السرمدية الباقية التي يبيع الانسان حياته الدنيا بكل ما فيها من أجلها. وعليه وجب عليك إيثارهم على بيتك وأولادك بل على ذاتك أيضاً. والانسياق الكامل ورائهم حتى لو حرموا عليك كل ما تحب وحللوا لك كل ما تكره.
كما أن هؤلاء الأبناء البررة الذين يَسُبون بداوة وحقارة وعروبة شبه جزيرة العرب الذين جاءوا محتلين غاصبين طامعين في ثروات حضارة المصريين القدماء المبهرة لهم بكل مناحيها – وبالمناسبة أنا لا أنكر ذلك – هؤلاء ينكرون تماماً ثقافة هؤلاء العرب وهذا ما هو إلا محض عنصرية وافتراء. فللعرب ثقافة مثلما للحضر حضارة أيضاً. ولهم قواعدهم وقوانينهم المنظمة للحياة. قد تختلف عن قوانين الحضارات الزراعية لكنها كانت موضوعة ومعترف بها ومصطلح عليها من أهلها، راضين متراضين بها يرونها تميزهم أيضاً عن الجميع.
فكونك أيها المصري المغوار الذي ليس له ولحضارته مثيل - من وجهة نظرك أنت – لم تستطع التصدي بحضارتك التي لا ترى لها مثيل ولا نظير أمام ثقافة العرب البدو الغزاة واستسلمت لهم بكل ما لديك من قدرة على الاستسلام فلا تلومن إلا نفسك عزيزي. وهذا لعمري لهو الضعف والهوان بعينه، فكيف تدعي متانة ورصانة حضارتك المتباهي بها كل حين؟ وهي لم تستطع الصمود أمام مجرد ثقافة قبائل غازية محتلة. فهل يمكن لحضارة قوية راسخة أن تنهار وتستسلم - بكل هذه السلاسة - لمجرد ثقافة؟ اجب أنت حال كونك منصفاً. أين الخلل إذاً؟ أهو في حضارتك والتي ستوصم وقتها بالهشاشة؟ أم بك أنت المتهاون المتخاذل الغير مؤمن بقدرة حضارتك؟ أم في قوة المحتل العربي؟ والذي أبدى إيماناً وبسالة في التمسك بثقافته أكثر منك أنت صاحب الحضارة العريقة. أيضاً اجب أنت.
فأنت أنت هو من استسلمت للكهنة منذ قديم الأزل وستظل تستسلم إلى مالا نهاية. فقط لأن هذه هي طبيعتك. انهزامي، انقيادي، تابع تبحث دائماً عن حاكم يتأله عليك، وكاهن يرسم لك طريق النجاة. والعرب فهموا هذا جيداً واستغلوه. فهذا يحسب لهم لا عليهم فتلك ثقافتهم غَزَوِيَّة جائرة على الغير. وأنت هو من لم يقاوم. فعلام الندب والتشدق بعنصريتك التي بلا طائل ولا عائد.
حاول صديقي أن تكاشف ذاتك بما فيها من عوار الانقياد والتبعية والعنصرية والرغبة الجامحة في نسب أغلاطتك لمن هم سواك. وبعدها تحاول اصلاح هذا العوار المستأصل فيك حتى تنجو بما بقي لك من حياة.

هبة فارس.
القاهرة 3/1/2020م.
40: 6 صباحاً.



#هبة_فارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملائكة اللعن
- الملابس المبعثرة
- افروديت حياة


المزيد.....




- من زاوية جديدة.. شاهد لحظة تحطم طائرة شحن في ليتوانيا وتحوله ...
- أنجلينا جولي توضح لماذا لا يحب بعض أولادها الأضواء
- مسؤول لبناني لـCNN: إعلان وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرا ...
- أحرزت -تقدمًا كبيرًا-.. بيان فرنسي حول وضع محادثات وقف إطلاق ...
- هجوم صاروخي روسي على خاركيف يوقع 23 جريحا على الأقل
- -يقعن ضحايا لأنهن نساء-.. أرقام صادمة للعنف المنزلي بألمانيا ...
- كيف فرض حزب الله معادلة ردع ضد إسرائيل؟
- محام دولي يكشف عن دور الموساد في اضطرابات أمستردام
- -توجه المحلّقة بشكل مباشر نحوها-.. حزب الله يعرض مشاهد من اس ...
- بعد -أوريشنيك-.. نظرة مختلفة إلى بوتين من الولايات المتحدة


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - هبة فارس - الحضارة المصرية والعربية