|
الخِلافُ فقط على السِعر
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 6452 - 2020 / 1 / 1 - 21:08
المحور:
كتابات ساخرة
" .. الكاتب الإيرلندي الساخر الشهير ، برناردشو ، كانَ مَدعواً في حفلةٍ بلندن .. وشاءت المُصادَفة أن تجلس بجانبهِ مُمثِلة جميلة .. فإقترَبَ منها وهمسَ في أُذنِها : هل تنامينَ معي ليلةً مُقابِل مليون جنيه ؟ رَدَتْ الممثلة على الفور : نعم بالتأكيد . وبعد قليل سألها برناردشو : هل نستطيع تخفيض المبلغ إلى عشرين جُنيهاً ؟ فنظرَتْ إليهِ غاضبَةً : كلا أيها السيِد .. مَنْ تظنني أكون ؟ أجابها شو بِثِقة : عرفنا مَنْ تكونين .. الخلاف الآن حول السعر !! " . رموز العملية السياسية منذ 2003 ، ولا سيما من المُتاجرين بالدين والمذهب والقومية ، لا فَرْقَ بينهم وبين المُمثلةِ أعلاه التي مقعدها بِجوار برناردشو .. حيث إكتشف شو ، بذكاءه ودهاءه وبسؤالٍ واحِد ، ان هذهِ السيدة ليستْ صاحبة مبدأ ، ولا تعدو ان تكون " سلعة " ، إذا عرضتَ عليها مَبلغاً كبيراً ، فأنها مُستعدة أن تقوم بأي شئ .. لكنك إذا عرضتَ عليها مبلغاً بسيطاً ، فأنها تتظاهَر بالشَرَف ! . أصحاب " السماحة " و " العمائم " السوداء والبيضاء .. أصحاب الفخامة رافعي شعارات " القومية " و " الوطنية " .. لقد مَثّلتُم علينا أدواراً عديدة خلال السنوات الماضية كُلها : دَور الضحايا والمظلومين ، دَور بُناة العراق الجديد ، دَور المُنتَخَبين من خلال فعلٍ ديمقراطي ، دَور المُدافعين عن السيادة والأخلاق والوطنية . وعلى الرغم أن تمثيلكم كانَ في مُنتهى السوء وساذجاً ومُفتعلاً ، وجميع أدواركم كانتْ مُخادِعة وفاسدة ... إلأّ أننا نحنُ المتفرجون طيلة سنوات ، لم نكتشف ذلك بصورةٍ جلية وواضحة ..صحيح ان قِلّة مِنّا ، كان يقول منذ البداية ، ان " النَص " سخيف وغير معقول وأن الإنتاج مشبوهٌ وأن المُخرج مجرم ذو سوابق كثيرة .. لكن صوت هذه القلّة ضاعَ وسط الهرج والمرج ! . وأخيراً ومع بداية تشرين / إكتوبر 2019 ، تغيرتْ المُعادَلة ، وإرتفع صوتٌ لا يُقهَر : صوت الشباب الواعي : كفى لكل هذا الفساد ، كفى لكل هذه الطبقة الطفيلية المجرمة ، كفى للمُتاجرة بالدين والمذهب والقومية ... نعم ، مُتظاهري ومعتصمي وثُوار بغداد والمحافظات ، السلميين ، الذين قدموا مئات الشهداء وعشرات آلاف الجرحى .. أحيوا الأمل في قلوبنا جميعاً ، رغم كُل المحاربة الشَرِسة والأساليب الحقيرة التي تستخدمها السُلطات والميليشيات المنفلِتة ، ضدهم . وآخر هذه الأفعال الخبيثة الهادفة إلى إجهاض الحراك الشعبي : الفصل الدراماتيكي الذي بدأ بِمَشهَد قصف معسكر قُرب كركوك ، مِنْ قِبَل ميليشيات وقتل مُقاول أمريكي ، أعقَبهُ مَشهَد قصف أمريكي على معسكر للميليشيات في القائم وقتل وجرح العشرات ، ثٌم تصاعدتْ الدراما لتصل إلى مَشهَد محاصرة السفارة الأمريكية وإشعال النار في بعض البوابات الثانوية من السفارة ، مِنْ قِبَل مؤيدي الميليشيات يتوسطهم قادة هذه الميليشيات ويتقدمهم رئيس جهاز الأمن الوطني شخصياً ! . [ منذ يومَين ، كل الإعلام المحلي والأقليمي والدولي ، يُرّكِز على ماجرى قُرب السفارة الأمريكية ، ولا يذكر شيئاً عن مايجري في ساحة التحرير وساحة الحبوبي والبصرة والنجف وكربلاء ... إلخ . وهذا هو المطلوب تماماً ، مِنْ قِبَل الحكومة العراقية وإيران وأمريكا . فلا أحد من هؤلاء يريد إنتصار إرادة الشباب الثائِر ، بل غايتهم تهميش الثورة ووأدها ] . ............... المُتاجرين بالدين والمذهب والقومية ، يغضبون ويتصنعونَ الوطنية والشرَف ، إذا عرضتَ عليهم عشرينَ دولاراً ... لكنهم يفعلون أي شئ إذا رفعتَ المبلغ إلى مليون دولار . لقد عَرَفنا أخيراً [ ما هيتهم ] .. الخلاف فقط على السعر !! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حِوارٌ مع حمكو
-
أذكى إمرأة
-
حَجي بَكر والعَم عوديشو
-
لا خَلاصَ للقَتَلة
-
كُل الأمَل
-
حذاري من راكبي الأمواج
-
إصلاح الرواتب والتقاعدات في الأقليم
-
هل سنراهُم خَلف القُضبان ؟
-
سَيّدي الرئيس .. إفْعَل كما فعلَ ولّي العَهد
-
مَنْ كانَ يُصّدِق ؟
-
بُوق علّاوي
-
غُصن الزيتون ونبع السلام
-
عِمَتْ عِين اِلوچاغ اِلماتِشِبْ ناره
-
مُواصَفات القادة
-
حمكو يتحدثُ عن بغداد
-
بينَ العاطِفةِ والعَقل
-
إضطرابٌ مُزمِن في العراق وسوريا
-
في مقر الحزب الشيوعي في بحزاني
-
مُدير ناحية هندي
-
حمكو عراقِيٌ أيضاً
المزيد.....
-
-الملحد- يثير الجدل في مصر ومنتج الفيلم يؤكد عرضه بنهاية الش
...
-
رسميًا إلغاء مواد بالثانوية العامة النظام الجديد 2024-2025 .
...
-
مسرح -ماريينسكي- في بطرسبورغ يستضيف -أصداء بلاد فارس-
-
“الجامعات العراقية” معدلات القبول 2024 في العراق العلمي والأ
...
-
175 مدرس لتدريس اللغة الصينية في المدارس السعودية
-
عبر استهداف 6 آلاف موقع أثري.. هكذا تخطط إسرائيل لسلب الفلسط
...
-
-المُلحد-.. إبراهيم عيسى: الفيلم هو الدولة المدنية التي نداف
...
-
ساويرس يرد على سؤال بشأن فيلم -الملحد-.. وهذا ما قاله عن -من
...
-
-رأس الخس- يلاحق تراس من جديد ويخرجها من المسرح (فيديو)
-
هيفاء وهبي تعلق على قرار منعها من التمثيل والغناء بمصر بآية
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|