عادل بدر
الحوار المتمدن-العدد: 1565 - 2006 / 5 / 29 - 01:31
المحور:
الادب والفن
يعتبر محمد الماغوط(1934 – 2006)المولود بإحدى مدن حماة السورية(سلمية) أحد أهم رواد قصيدة النثر في الوطن العربي. هذه القصيدة التي أثارت قضايا ساخنة؛ جعلت الساحة الأدبية مثارا وقد جاءت قصيدة النثر كنتيجة تحمل ما وصل إليه المبدعون من قناعة الاستغناء عن الوزن والقافية وتاريخ الشعر العربي لم يتوقف عند إنتاج النماذج التي تتفق مع العروض ،بل أنتج نماذج شعرية لا تتفق مع قواعد الخليل العروضية ،سواء على المستوى الجزئي أو الكلي ،بدءاً من العصر الجاهلي (امرىء القيس – النابغة – عبيد ابن الأبرص ) ،وكذلك ثورة (أبي العتاهية ) وإعراضه عن القانون الخليلي ،وقوله (أنا أكبر من العروض ) ؛فهو ينظم على أوزان لم يقل بها الخليل 0 وقد كان يرى ورفاقه (أدونيس – أنسي الحاج)أن القصيدة ذو الشطرين قالب صالح لشاعر كان يصلح لها ،وكان في عالم يناسبها وتناسبه ،لقد ظلت هذه الموسيقى كما هي ،ولكن في عالم تغير لإنسان تغير ولإحساس جديد ،حتى في الزمان الذي كان زمانها ،لم تكن موسيقى الوزن والقافية وحدها أهم ما يزلزل القارئ فقصيدة النثر تتمرد على كل القوانين ،وهو ما سوف يتضح من خلال النقاش حولها طوال أكثر من نصف قرن ، لقد مات الماغوط غريبا ووحيدا وهو يبحث عن طاقات شعرية داخل النثر تحديد الشعر قد ارتبط منذ القدم بالوزن والقافية ،وكان النثر في اعتبار العربي القديم لغة العقل والتعبير عن الحسي والمجرد الفكري ونقل أفكار محددة ،ومن هنا افترض وجود ثنائية فاصلة بين النثر والشعر
لكن في قصيدة النثر لم يعد الشكل قالبياً ،ولم يعد ممكنا القول بوجود شكل شعري وجوداً مسبقاً جاهزاً مستقلاً بذاته ،صار الشكل شعرياً ،وكما أنه لا نهاية للشعر فلا نهاية لأشكاله ومنذ أن قدمه أدونيس في أحد اجتماعات مجلة شعر المكتظة بالوافدين، وقرأ له بعض نتاجه الجديد الغريب بصوت رخيم دون أن يعلن عن اسمه، وترك المستمعين يتخبطون (بودلير؟.. رامبو؟..) لكن أدونيس لم يلبث أن أشار إلى شاب مجهول، غير أنيق، أشعث الشعر وقال: (هو الشاعر..) . ومع الأيام لم يخرج من عزلته بل غير موقعها من عزلة الغريب إلى عزلة الرافض وذروة المأساة عند الماغوط هي في إصراره على تغيير هذا الواقع، وحيداً، لا يملك من أسلحة التغيير إلا الشعر. ، فقد كان هذا الشاعر يرتعد هلعاً إثر كل انقلاب مرَّ على الوطن، وقد كانت المسافة بين النثر والشعر مترسخة قديماً في وعي المتلقي ،إلا أن هذه المسافة تعرضت لهزات تاريخية جعلتها تضيق ،وتتسع على أن وجود الإيقاع في النثر لا يحيله إلى شعر ،فالنثر ليس مضاداً للإيقاع ،فقد نرى درجة أو أكثر من الانتظام الموسيقي بأوسع معاني الكلمة دون أن يصبح لهذا السبب شعراً ،ولكن هو "النثر الموقع "
. لقد أثر الماغوط على جيل أدبي بأكمله في المنطقة العربية منذ السبعينات, ليس الشعراء فحسب بل وحتى على القصاصين، الراوائيين، المسرحيين، كتاب السيناريو للتلزفيون والسينما والمثقفين والفنانين, إذ أعطت افكاره المتمردة للجيل الجديد طاقة على التمرد الاجتماعي خصوصاً والسياسي العام, ثم التمرد الشعري. وها هو يجلس في بيته الكائن في وسط دمشق, وحيداً إلاّ من بضعة أصدقاء أوفياء مقربين جدا, متأملاً ومازال حالما بوداعة وبراءة طفل نقي بمدينة أعلى قمة منطقة الشرق الأوسط محجبة فقط بالياسمين.. يجلس (نسر الدموع) في بيته محاطاً بملايين الجدران, يحلم بوطن آخر يمتلئ بالفرح لا بدموع الثكالى والمشردين: -
بل كان من الشعراء العرب القليلين الذين ما زالوا يثيرون الجدل, سواء في طريقة حياتهم وانزوائهم بعيداً عن الأضواء ووسائل الإعلام, أو بسبب طبيعة شعرهم, الملتبس بين قصيدة النثر الغربية, وبين أسلوبيته العربية المقاربة للنثر الفني الذي عرفته الثقافة العربية مع النصوص الصوفية وقصائد الوجد والمفارقات القصيرة التي برع بها الكتاب والناثرون. ذلك الالتباس الذي بقي سارياً منذ السبعينات وحتى اليوم.. ولاشك أن دواوينه خاصة الأولى منها كانت ذا أثر بالغ حتى على شاعريته هو فيما بعد
- الأديب الكبير محمد الماغوط واحد من الكبار الذين ساهموا في تحديد هوية وطبيعة وتوجه صحيفة «تشرين» السورية في نشأتها وصدورها وتطورها، حين تناوب مع الكاتب القاص زكريا تامر على كتابة زاوية يومية ، تعادل في مواقفها صحيفة كاملة في عام 1975 ومابعد، وكذلك الحال حين انتقل ليكتب «أليس في بلاد العجائب» في مجلة«المستقبل» الأسبوعية،وكانت بشهادة المرحوم نبيل خوري (رئيس التحرير) جواز مرور ،ممهوراً بكل البيانات الصادقة والأختام الى القارئ العربي، ولاسيما السوري، لما كان لها من دور كبير في انتشار «المستقبل» على نحو بارز وشائع في سورية. إلى اللقاء يا من علمتنا معنى الغربة والوحدة ، يامن ننعزل معه في محيط إبداعه ؛ كي نرسو إلى أنفسنا
وللماغوط مؤلفات عدة
1- حزن في ضوء القمر - شعر (دار مجلة شعر - بيروت 1959 )
2- غرفة بملايين الجدران - شعر (دار مجلة شعر- بيروت 1960)
3- العصفور الأحدب - مسرحية 1960 (لم تمثل على المسرح)
4- المهرج - مسرحية ( مُثلت على المسرح 1960 ، طُبعت عام 1998 من قبل دار المدى - دمشق )
5- الفرح ليس مهنتي - شعر (منشورات اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1970)
6- ضيعة تشرين - مسرحية ( لم تطبع - مُثلت على المسرح 1973-1974)
7- شقائق النعمان - مسرحية
8- الأرجوحة - رواية 1974 (نشرت عام 1974 - 1991 عن دار رياض الريس للنشر)
9- غربة - مسرحية (لم تُطبع - مُثلت على المسرح 1976 )
10- كاسك يا وطن - مسرحية (لم تطبع - مُثلت على المسرح 1979)
11- خارج السرب - مسرحية ( دار المدى - دمشق 1999 ، مُثلت على المسرح بإخراج الفنان جهاد سعد)
12- حكايا الليل - مسلسل تلفزيوني ( من إنتاج التلفزيون السوري )
13- وين الغلط - مسلسل تلفزيوني (إنتاج التلفزيون السوري
14- وادي المسك - مسلسل تلفزيوني
15- حكايا الليل - مسلسل تلفزيوني
16- الحدود - فيلم سينمائي ( إنتاج المؤسسة العامة للسينما السورية، بطولة الفنان دريد لحام )
17- التقرير - فيلم سينمائي ( إنتاج المؤسسة العامة للسينما السورية، بطولة الفنان دريد لحام)
18- سأخون وطني - مجموعة مقالات ( 1987- أعادت طباعتها دار المدى بدمشق 2001 )
19- سياف الزهور - نصوص ( دار المدى بدمشق 2001)
أعماله الكاملة طبعتها دار العودة في لبنان.
- أعادت طباعة أعماله دار المدى في دمشق عام 1998 في كتاب واحد بعنوان (أعمال محمد الماغوط ) تضمن: ( المجموعات الشعرية: حزن في ضوء القمر، غرفة بملايين الجدران، الفرح ليس مهنتي. مسرحيتا: العصفور الأحدب، المهرج. رواية: الأرجوحة )
- تُرجمت دواوينه ومختارات له ونُشرت في عواصم عالمية عديدة إضافة إلى دراسات نقدية وأطروحات جامعية حول شعره ومسرحه.
- صدر له في عام 2006 نصوص شعرية "البدوي الأحمر" عن دار المدى/ دمشق- سوريا
#عادل_بدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟