|
ثالثة الأثافي
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 6446 - 2019 / 12 / 25 - 16:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بينما كنت أقلب أوراقً قديمة لي بحثاً عن ورقة بعينها ، إذ بي أعثر على ورقة شبه مهترئة غير مقصودة بالبحث . قرأتها أكثر من مرة ، تنطوي الورقة المعنية على مسودتي مقالتين / أثفيتين (الأولى والثانية )، أماالأثفية الثالثة فهي أثفية مضافة تدورحول مايجري في الشمال السوري أمس واليوم وربما غداً أيضاً (!!) ، ذلك أن " القدر "( بكسر القاف) يحتاج إلى هذه الأثفية ( ثالثة الأثافي ) لكي لا يميل وبالتالي يقع على الأرض ، وتفسد بذلك " الطبخة " . الأولى : بينما كنت أتابع في إحدى الفضائيات ، برنامجاً إخيارياً حول السودان الشقيق ، استوقفني ماأفاد به صاحب البرنامج ، من أن أحداً من الأوربيين الغربيين والعرب ، لم يطلب من " البشير" أن يرحل ، الأمر الي يشير وفق رؤية صاحب البرنامج الخاصة ، أنه مامن أحد في هذا العالم كان يريد لهذا " الدكتاتور" أن يرحل ، بالرغم من دخول مظاهرات الشعب السوداني الإحتجاجية المناهضة للبشير شهرها الثالث ، وبالرغم من أن تكلفتها البشرية قد زادت حتى اليوم ( 28.02.2019 ) عمّا يقارب الخمسين قتيلا ، وبالرصاص الحي لقوى أمن نظام البشير (!) . إن سكوت المجتمع الدولي ، بل الدول النووية ومجلس أمنها بالذات ، عن هذا " البشير " ، قد ذكرني ( وأنا أقرأ مافي الورقة ) بموقف تلك الدول إياها من " بشار الأسد " ، مع الفارق الفاضح ، في أن ضحايا همجية هذا الأخير في سوريا قد دخل خانة " المليون شهيد " عند نفس التاريخ المذكورأعلاه . إن هذا الصمت الدولي المقصود والمدروس على مثل هؤلاء الحكام ، حكام " من المهد إلى اللحد " إنما يشير بوضوح لايقبل الشك ، إلى وقوف هذه الدولالصناعية الكبرى ، إلى جانب الأنظمة الديكتاتورية المستبدة ليس في الوطن العربي وحسب ، وإنما في العالم كله ، وذلك حماية لمصالحها الإقتصادية والجيوسياسية ، والتي تمثل " الديموقراطية " بنظرهم – على مايبدو - تهديداً استراتيجياً لها .إن هذه الدول النووية العظمى ( دول المصنع والمدفع ) وفي موقفها من ثورات الربيع العربي ضد الحكام العرب المستبدين غالباً ماكانت تمسك العصا من منتصفها بحيث ( لايموت الذيب ولاتقنى الغنم ) ، أي أنها كانت واقعياً ( تدير) صراع الشعوب العربية مع حكامها الديكتاتوريين المستبدين والفاسدين ، كيما تبقيه حيّاً ( ناراً تحت الرماد ) أطول مدة ممكنة ، بدلاً من أن تعمل على وضع حد عملي ونهائي له . إن المطلوب أيها السادة النوويون ، هو إنهاء الصراع وليس إدارته . الثانية جمعتني في الفترة التي كنت أدرس فيها مادة علم اجتماع البلدان النامية في جامعة صنعاء في اليمن الشقيق ، مع أحد الزملاء الذي أنهى للتو دراسته ( الدكتوراه) في فرنسا في مجال مايعرف بالفيزياء النووية (على ماأعتفد) ، وجاء إلى اليمن معيناً كمدرس في جامعة صنعاء لتدريس هذه المادة . وفي إحدى جلساتنا الأخوية كزملاء مهنة وكأصدقاء أيضاً، حدثني بما يلي : عندما أنهيت دراستي الجامعية بفرنسا ، وتحصلت على شهادة الدكتوراه ، أردت أن أسافر إلى بغداد للعمل هناك، ولا سيما أن أخاً لي كان متواجداً ويعمل بدوره هناك . دعاني أحد السفراء العرب قبيل مغادرتي باريس إلى منزله بهدف توديعي ، وقال لي ، وحتى لاتفاجأ يافلان ، فإن مسؤولاً فرنسياً هو من طلب مني أن أدعوك وأن أدعوه معك أيضاً لأنه يريد أن يقول لك شيئاً لاأعرفه. لم يكن لدي ماأقوله حينها ، سوى الصمت ، الذي هو علامة الموافقة ، وعندما حضر هذا الشخص الفرنسي إلى بيت السفير ، تبين أنه من كبار رجال الأمن ( المخابرات ) في فرنسا . وبعد أحاديث المجاملات التي لابد منها ، سألني هذا الشخص : هل تنوي مغادرة فرنسا ؟ أجبته نعم ، وكان سؤاله الثاني : إلى أين؟ فقلت إلى العراق ، حيث أن أخاً لي يعمل ويقيم هناك ، قال حينها وبشيء من الجدية : إنني أعرف يافلان أنك مسافر إلى بغداد ، وأعرف أنك ترغب بالعمل هناك معالمهندسين الفرنسيين الذين يقومون ببناء مفاعل تموزهناك ، وإنما جئت إلى هنا لكي أنصحك بعدم السفر إلى بغداد ، لأن معلوماتنا تفيد بأن إسرائيل يمكن أن تقوم بقصف هذا المفاعل في أي وقت . بل وانصحك أيضاً أن تطلب إلى أخيك أن يغادربدوره العراق !! . تابع صديقي حديثه بالقول : لقد استجبت لنصيحة هذا المسؤول الفرنسي ، لأني شعرت بصحة مايقوله ، وبدلت وجهة سفري من بغداد إلى صنعاء ، حيث تراني الآن . الثالثة أو ثالثة الأثافي : قبل أن أنتهي مما ورد أعلاه تذكرت أننا في هذه الأيام أمام الذكرى الثالثة ل " سقوط !!" مدينة حلب الشهباء بيد الفاشيين الروس والكذبة الإيرانيين ومجرمهم بشار . ذهبت لفوري إلى أحد المواقع المعنية بالشأن السوري في التلفاز ، لأسمع ولأشاهد مايدمي القلب ويدمع العين ، وبدون تفاصيل ، تبين مما سمعت وشاهدت (وهو مايمثل وجهة نظري الشخصية أيضاً ). أن مسؤولية سقوط الحبيبة الشهباء ، العاصمة الإقتصادية لسوريا إنما يقع إضافة إلى الطائفيين من نظام عائلة الأسد وأتباعه الآخرين ، وحليفهم الروسي العلماني ، بصورة أساسية ( أي إضافة إلى بشار وأعوانه الطائفيين والعلمانيين )على : أولاً ، فصائل الثورة السورية نفسها ، التي كان تعددها وتعدد مرجعياتها يشيان باختلافاتها وبتنوع مصادر تمويلها وبسقوطها الأخلاقي في مستنقع التوجه نحو بعضها بعضا ، بدل التوجه نحو الأعداء الحقيقيين للثورة ، ولا سيما النظام الطائفي وشبيحته من العرب والعجم والروس . وثانياً ، تركيا أردوغان، بتحالفها مع كل من الروس والإيرانيين ،العدوين اللدودين لثورة2011 السورية ، و اللذين جرّا تركيا إلى مستنقعهما الدموي ، مستنقع أستانا وسوتشي بداية ، ثم مستنقع اللجنة الدستورية ذات الأعمدة الثلاثة ( النظام و المعارضة والأمم المتحدة ) ثانياً ، وهاهما يجرانها اليوم إلى مستنقع ثالث ألا وهو السكوت على تدمير الشمال السوري ، وتهجيرأهله ، وقتل أطفاله ونسائه ، وبالتالي وعملياً ، السكوت عن تسليم بشار الأسد " الجمهورية العربية السورية " كلّها - بصورة أو بأخرى - للروس والإيرانيين . لقد استمعت عبر أحد المواقع التلفزيونية العربية صبيحة هذا اليوم (24.12.2019 ) ماأشارت إليه وكالة أناضول التركية ( أناضول آجنسي )، من أن إيران قد أرسلت 250 عسكرياً مما يعرف ب "سرايا القدس" الإيرانية ، من مدينة البوكمال السورية ( التي تحتلها إيران اليوم ) ، إلى منطقة إدلب ، لكي تساهم في دعم حليفيها الآخرين ( بوتن وبشار) هناك في استكمالهم لدورهم اللاإنساني واللاأخلاقي في تطهير سوريا مما أطلقوا عليه هم وبشارهم إسم ( العصابات المسلحة ) أو ( الإرهاب ) . وسؤالي الآن للسيد أردوغان وهو صاحب الضلع الثالث في مثلث ( بشار ، روحاني ، إلى إدلب ) : أوليست إيران التي ترسل جنودها اليوم من البوكمال إلى إدلب لكي تدمر وتقتل أولئك الذين احتموا ،هم واطفالهم ونساؤهم ، بك وببلدك ، هي الضلع الثالث في هذا المثلث ،و الذي أنتم أحد أضلاعه أيضاً ؟ . وهنا أتمنى على وكالة الأناضول الإعلامية التركية المحترمة ، أن تزود سيادة الرئيس أردوغان ، فقط بعدد القتلى من الأطفال والنساء في محافظة إدلب ،وفقط في هذه الهجمة الهمجية البوتن – أسدية الأخيرة ، والتي تلتحق بها الآن قوات قاسم ىسليماني الإيرانية التي تحتل اليوم مدينة البوكمال السورية وتتعامل معها كما لو كانت تابعة لولاية الفقيه .
يعرف السيد أردوغان أن المعارضة السورية ترى في بشار الأسد عدوا ، ولكنها ترى فيه و في الجارة تركيا صديقاً وحليفاً . ونتمنى ألاّ يخذلنا تغليب المصالح على المبادئ . والذي بات ( تغليب المصالح على المبادئ ) يتحكم ويوجه بوصلة هذا الصراع ، بحيث لاترى الأعين دماء أطفال إدلب ،ولا تسمع الآذان صراخهم وبكاءهم ، بل حتى ولا بكاء وصراخ أمهاتهم . إنني أسمح لنفسي هنا أن أذكّر سيادة الرئيس أردغان بالمثل الذي يقول :(إن المنبتّ لاأرضاً قطع ولا ظهراً أبقى). وأن أحذره من أفخاخ بوتن وولي الفقيه ،اللذين يحاولان أن يجعلا منه ذلك المنبت .
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشمال السوري بين المطرقة والسندان
-
الربيع العربي واللاءات الثلاثة
-
كلمة حول عملية نبع السلام
-
إيران وأذرعها العربية
-
بين المنامة وإدلب خواطر حائرة
-
أنقرة وثلاثي خفض التصعيد
-
مجازر الشمال السوري ومسؤوية الجميع
-
فلسطين ومطرقة السفير
-
من اسطنبول إلى المنامة
-
سوريا وإشكالية الأقليات
-
البيت الزجاجي والحجر وولي الفقيه
-
ثلاث مشكلات بثلاث إشكالات
-
الربيع العربي وجدلية التراث والمعاصرة
-
بشار الأسد والمنطقة الخضراء في بغداد
-
الحضارة التي تحفر قبرها
-
مدخل منهجي لنظرية المعرفة في الفكر الإسلامي
-
نظرية المعرفة بين الوعي والواقع
-
تحديث الفكر العربي - مدخل منهجي
-
هضببة الجولان والمتهمون الأربعة - خواطر وذكريات
-
عرس الفيجارو
المزيد.....
-
السعودية.. فيديو يشعل تفاعلا لشخص وما فعله بمكان عام والأمن
...
-
-بلومبيرغ-: شركات العملات المشفرة تبرعت بملايين الدولارات لح
...
-
من هنأ الشرع من القادة العرب بتنصيبه رئيسا لسوريا للمرحلة ال
...
-
-هذه هي المرة الأولى التي ألمس فيها أبي-، شابة فلسطينية تلتق
...
-
حماس تفرج عن المجندة الإسرائيلية آغام بيرغر وسط مشاهد مؤثرة
...
-
تحذيرات من تسرب فيروسات خطيرة من مختبر أبحاث في الكونغو بسبب
...
-
فيروس زيكا يتلاعب بالبيولوجيا البشرية لضمان بقائه!.. كيف يفع
...
-
-متلازمة الجلد المحمّص-.. عواقب التعرض الزائد لمصادر التدفئة
...
-
علماء يعثرون على قيء متحجر من عصر الديناصورات في الدنمارك
-
القمر ليس ميتا! .. دراسة تكشف عن نشاط جيولوجي حديث
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|