أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جورج قرم - تفكيك ديكتاتورية المصارف















المزيد.....


تفكيك ديكتاتورية المصارف


جورج قرم

الحوار المتمدن-العدد: 6446 - 2019 / 12 / 24 - 22:00
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لا شكّ بأن هناك الكثير من المتحمّسين للجوء إلى صندوق النقد الدولي. رأينا هذه الحماسة لدى وزير العمل السابق. أمّا الهدف من وجود صندوق النقد الدولي في لبنان هو وضع اليد على كلّ السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية اللبنانية، وهو يشتهر بأنّ وصفاته تأتي في خدمة كبار الرأسماليين في كلّ البلدان وعلى حساب الفئات الوسطى والفئات الشعبية.

يجب أن نتجنّب صندوق النقد الدولي بكلّ الأساليب المتاحة. المخاوف مبرّرة من أن يكون هناك شبه قرار، بما تبقى من الدولة، في اللجوء إلى صندوق النقد الدولي ليتّخذ عنها القرارات الصعبة. قد يكون هناك تسليم من قوى السلطة بهذا الأمر.

الواقعية تفرض أن تكون هناك جبهة في لبنان تقف رفضاً لتطبيق وصفات صندوق النقد. لا يجب أن ننسى أن ما قتل النمو الاقتصادي في السنوات الثلاث الأخيرة، هو أن الدولة لجأت إلى سياسات التقشف بينما كان المطلوب العكس تماماً وتكريس سياسات تنشيط الوضع الاقتصادي المتراجع.

انطلاقاً من هنا، نحن بحاجة إلى حكومة منفتحة الآراء وغير خاضعة للنفوذ الفكري لصندوق النقد الدولي. لا شكّ بأن هناك موجة إقفال هائلة للمؤسسات تتحمّل الحكومة السابقة المسؤولية عنها، لأنها لم تقُم بما كان يتوجب عليها القيام به. وحتى رغبتها وسعيها لزيادة الإيرادات الحكومية فشلت في ظلّ السياسات الانكماشية التي اتّبعتها. كان موقفاً سخيفاً ومتناقضاً يدلّ على نوع من الجهل بقواعد الاقتصاد الأساسية.

عند الدوائر الحاكمة، قد يكون مسلّماً به الإتيان بصندوق النقد الدولي. ما سيحصل تحت هذا العنوان هو أن الصندوق سيُكمل السياسات السابقة الانكماشية. الفقراء سيصبحون أكثر فقراً، والأغنياء سيغتنون أكثر.

وستكون لدينا عمليات خصخصة على رأسها قطاع الاتّصالات وصولاً إلى مرفأ بيروت والمطار… نتائج اللجوء إلى صندوق النقد الدولي معروفة سلفاً، أي إنه في النتيجة سيتدهور الوضع الاقتصادي، ويزداد عدد اللبنانيين المصنفين تحت خطّ الفقر. بعد تطبيق هذه الوصفات قد ترتفع معدلات الفقر إلى 70%.

في المقابل، يجب أن يكون لدينا برنامج بديل تكون فيه أولويات السياسة الاقتصادية هادفة نحو إعادة تنشيط النموّ الاقتصادي، ودعم المؤسّسات الإنتاجية وتجنّب الإفلاسات في القطاع الخاص ودعمه إذا اقتضى الأمر. ويجب أن يترافق هذا الأمر مع خفض الفوائد على الدين العام وإعادة جدولته، علماً بأنّ هناك تصوّرات عديدة بهذا الشأن.

عملياً، نحتاج إلى نوع من حكومة إنقاذ يمكنها أن تتبنّى هذا البرنامج لوقف الكارثة التي نشهدها. ليس هناك دولة تترك اقتصادها في حالة انهيار تام.

الكلام الذي يروّج للجوء إلى الصندوق قائم على تبرير هذه الخطوة بالحاجة إلى دعم ماليّ منه أو باعتباره محفّزاً للدعم المالي الدولي. أذكر أنه في فترة التحرير التي كانت فترة حرجة وصعبة وكنت يومها وزيراً للمالية، لم أطلب قرشاً من أحد. حتى عندما رغب الرئيس الحص في اللجوء إلى الدول المانحة أبلغته بأن هذا الأمر تضييع للوقت لأن واحداً من شروطهم هو عزل حزب الله. نحن لا نحتاج إلى أيّ دعم مالي من أحد، والاعتياد على التسوّل من الخارج ليس أمراً سليماً، بل يكمن الأمر في المواجهة الصحيحة. فعندما يخرج البلد من حالة حرب، يجب أن تكون معدلات النمو بفعل إعادة الإعمار 10% و12%، أما النتائج فكانت عبارة عن لا شيء. الناس كانوا يذهبون إلى التوظيف في سندات الخزينة من خلال لعبة قذرة انطوت على استدانة الدولارات بفوائد منخفضة وتوظيفها بفوائد خيالية في السندات بالليرة. وهذه لم تكن حتى مضاربة على العملة لأنها لم تكن تحمل أي مخاطر في ظلّ سعر الصرف الثابت. كانوا يروّجون لهذه اللعبة إقليمياً وعربياً لتقديم الهدايا. يجب محاكمتهم كلهم على هذه السياسات.

هل هناك دولة خارجة من الحرب تقوم بخفض ضريبة الدخل. هذا أمر سوريالي. كان هناك ديكتاتور واحد هو رفيق الحريري مغطّى من الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.

ما يجب أن نقوم به مختلف تماماً. إن إنشاء صندوق لدعم وتسهيل إعادة فتح المؤسسات التي أفلست ومنع المزيد من البطالة الناتجة عن الإغلاق، يجب أن تكون أولويات أيّ برنامج بديل. الاتّجاه العام يكمن في إعادة تنشيط الإنتاج المحلي وإعادة النظر بكل اتفاقات التبادل التجاري التي وُقّعت أيام الرئيس رفيق الحريري والتي أدّت إلى شلّ القدرات الإنتاجية في لبنان. الصناعات اللبنانية لديها كفاءات ويمكنها أن تزدهر. صناعة الأدوية يمكن توسيعها، وهناك مجالات واسعة. صناعة المفروشات والأثاث المنزلي التي اشتهر بها لبنان كانت مزدهرة لكننا فتحنا الأبواب أمام استيراد المفروشات الإيطالية والأندونيسية والتركية… يمكن التفاوض مع منظمة التجارة العالمية على وقف هذه الاتفاقات بالاستناد إلى بنود الاتفاقيات التي تتيح القيام بهذا الأمر.

وعلى صعيد آخر، يجب أن نعلم ما حصل؛ المصارف كانت لديها ميزانيات مزدهرة، لكن ما الذي حصل فيها؟ يجب أن تكون هناك لجنة تحقيق لمعرفة كيف بات اللبناني مضطراً لأن يتسوّل مدخّراته من المصارف. هذا أمر خيالي. هناك ضرورة أن تقوم اللجنة بمراجعة لسياسات مصرف لبنان، كما أنه من الإجراءات الضرورية المستعجلة فصل لجنة الرقابة عن المصارف عن مصرف لبنان. أن يكون مصرف لبنان مسيطراً على اللجنة، هذا شاذ.

من الضروري تفكيك ديكتاتورية المصارف. لا يعقل أن تكون للمصارف علاقات وطيدة مع أركان النظام السياسي وأركانه. ليست هناك دول يكون لديها وزراء هم أصلاً أعضاء مجالس إدارة المصارف. لدينا حالياً ظاهرة شاذة؛ موجودات المصارف تمثّل أربع مرات الناتج المحلي الإجمالي. لهذا السبب صارت المصارف تستغلّ الاقتصاد اللبناني إلى أقصى الدرجات، ولهذا السبب صار لدينا فوائد مرتفعة في البلد. هذا هو مصدر الكلفة الأساسية في لبنان بينما في ظلّ هذا الحجم من الموجودات المصرفية، كان يُفترض أن تعمل المصارف في الخارج، وأن تكون أرباحها من الخارج. المفارقة أنه إذا كانت لدينا موجودات بقيمة 150 مليار دولار، لن نتمكّن من الازدهار على قاعدة اقتصادية بـ 50 مليار دولار.

ليست مهمّة سهلة أبداً، لكن لا بدّ من فرض حظر على رجال السياسة لمنعهم ومنع عائلاتهم من الوجود كأعضاء في مجالس إدارة المصارف.

من الضروري إعادة مصرف لبنان إلى دوره الكلاسيكي. فعلى سبيل المثال هو يملك شركة طيران بشكل مخالف لقانون النقد والتسليف. حتى بالنسبة إلى ما يسمح القانون به من تسهيلات ائتمانية للحكومة يجب أن تكون على مدى ثلاثة أشهر وليست أكثر من 10٪ من إيرادات الدولة.

أما إذا أردنا أن نعيد الليرة لتكون عملة رئيسية في لبنان يجب وقف مقاصة الشيكات بالدولار. عندما سمحنا بهذه المقاصة، صار الدولار، وهو عملة دولية قويّة، عملة محلية. اليوم أصبحت المعاملات بالليرة اللبنانية 30% مقابل 70% للدولار، بينما في السبعينات كانت الكتلة النقدية المتداولة موزّعة 30% بالدولار و70% بالليرة.

وإذا أردنا الحفاظ على سعر صرف ثابت، يجب أن نقرّ نظام مجلس النقد، مع أني لست من أنصار هذا النظام، لكنه يسمح بأن تكون العملة المستعملة الدولار أو ما تسمح موجودات الدولار بإصداره بالليرة اللبنانية.

في المجمل يجب إعادة النظر بالنظام النقدي بكامله، وبكل الأمور التي تعدّ من أساسيات النظام الريعي القديم الذي دمّر البلد. يفترض أن تكون العملة اللبنانية مرتبطة بسلّة عملات من الدول التي نتاجر معها بشكل رئيسي بحيث يكون سعر صرف الليرة مبنياً على سلّة هذه العملات. بهذه الصيغة يصبح اليورو أساسياً ضمن هذه السلّة لأن استيرادنا من أوروبا أكثر بكثير من استيرادنا من الولايات المتحدة. كذلك يجب توسيع هوامش تقلبات سعر الصرف. إن تثبيت سعر الصرف ليس أمراً طبيعياً، لأن تقلبات السعر تقدّم إشارات عن الوضع الحالي وعن الإجراءات المطلوبة لتصحيح الوضع.

إذا لم يكن هناك تغيير في الفئة الحاكمة لا شيء يمكن أن يتغيّر. يجب احترام المبادئ الأساسية لاقتصاد ليبرالي. إقتصاد لبنان ليس ليبرالياً، بل موجّه عبر شخصيات سياسية، ويمكن أن نطلق عليه مسمّى الجمهورية اللبنانية المالية والعقارية.

يجب استعادة المنطق الاقتصادي السليم. منذ ثلاثين سنة نعيش في منطق أعوج واللامنطق في ظلّ نظام نقدي ومالي لمصلحة أصحاب الرساميل.



#جورج_قرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواجهة العنف في عالم متحوّل
- حرّية التأويل، مفتاح العلمانية في الإسلام
- استنتاجات حول توزيع الثروات في العالم العربي


المزيد.....




- تيسير خالد : يدعو الدول العربية والاسلامية الانضمام إلى - مج ...
- التخطيط لمظاهرات في ألمانيا لمناهضة التعاون مع اليمين المتطر ...
- Al-Sudani and Keir Starmer’s meeting – and male hypocrisy!
- هيئة الدفاع في ملف الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمي تعلق ح ...
- مقترح ترامب للتطهير العرقي
- برلماني روسي يستنكر تصريحات سيناتورة تشيكية حول حصار لينينغر ...
- غزة: لماذا تختار الفصائل الفلسطينية أماكن مختلفة لتسليم الره ...
- نبيل بنعبد الله يعزي في وفاة شقيق الرفيق السعودي لعمالكي عضو ...
- الحزب الشيوعي العراقي: تضامنا مع الشيوعيين السوريين ضد القر ...
- موسكو: ألمانيا تحاول التملّص من الاعتراف بحصار لينينغراد إبا ...


المزيد.....

- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري
- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جورج قرم - تفكيك ديكتاتورية المصارف