سوزان العبود
فنانة تشكيلية
(Suzann Elabboud)
الحوار المتمدن-العدد: 6446 - 2019 / 12 / 24 - 00:13
المحور:
الادب والفن
"الميلاد"
التف الناس حول شجرة الميلاد الضخمة في العاصمة المنكوبة المعتمة ، هرجٌ ومرجٌ سادا في المكان ، الجميع كان مبتسماً يدعي أنه سعيد ، العَّد التنازلي بدأ لتضئ الشجرة على أجزاء مع تتالي العد , 5.. , 4.. , 3.. , 2 .. , 1.. ، وعندما انتهى العَّد نجمة كبيرة في أعلى الشجرة توهجت ، استمر البشر بإصدار أصوات تَنم عن الفرح لفترة وجيزة ارتبطت بتوقف عدسات الكاميرات عن التصوير ، ثم صمت رهيب ساد في المكان وكل ذهب في إتجاه ، عدا طفل صغير كان يقف مرتجفاً في زاوية بعيدةٍ بعيدةٍ محدقاً بالإشعاع الساطع القادم من شجرة الميلاد ، لم يستطع الصغير مقاومة ذلك الوهج المنبعث منها ، فالنور مرتبط بذهنه بالدفئ والحنان ، والبرد كان قارصاً، والوحدة قاتلة ، فبدأ يقترب بخطوات متثاقلة وكلما كان يقترب زادت ضخامة الشجرة وهيبتها وزاد إغراء الإقتراب واللمس ، و في كل خطوة يتقدمها كانت الإضاءة تزيد من الغشاوة على عينيه و حرارة النور المنبعثة تدفئ جسده الصغير حتى أصبح قبالتها تماماً كنجمٍ في كون فسيح ، فجسده الهزيل المنحني كان لا يقارن بعلوها وشموخها ، نظر بدهشة للأعلى عندما لمعت كرة كبيرة حمراء للزينة وبلا وعي مد يديه الصغيرتين لقطفها فالجوع أوهمه أنها تفاحة ناضجة .. ، محركاً كرة الزينة يمنةً ويسرة محاولاً اقتلاعها لمست أصابعه الصغيرة أسلاك كهربائية خطرة ، و تيار سرى من أصابعه إلى كل جزء من أجزاء الجسد الغض ..، صوت فرقعة علا في المكان وانطفأت إنارة الشجرة كاملة و نجم صغير هوى في الكون الفسيح .
#سوزان_العبود (هاشتاغ)
Suzann_Elabboud#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟