أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عواد أبو زينة - قراءة تحليلية لرواية -الخاصرة الرخوة- -1-















المزيد.....



قراءة تحليلية لرواية -الخاصرة الرخوة- -1-


عواد أبو زينة

الحوار المتمدن-العدد: 6441 - 2019 / 12 / 18 - 21:29
المحور: الادب والفن
    


صدرت رواية "الخاصرة الرّخوة" للأديب المقدسي جميل السلحوت أواخر العام 2019 عن مكتبة كل شيء في حيفا، وتقع الرّواية التي صمّمها ومنتتجها شربل الياس في 260 صفحة من الحجم المتوسّط.
عنوان لافت للانتباه، لن أتوقف عنده الآن، وسيكون لي عودة إليه فيما بعد، إذ أنني ألِفتُ هذا التعبير في ميدان الصّراعات العسكريّة ولم أقرأه في ميدان الأدب والسّرد والفنّ. فما/مَن الخاصرة الرّخوة؟ هل من علاقة مع صورة الغلاف؟ سأبحث عن الجواب في الرّواية.
ذلك هو عنوان رواية جديدة للكاتب المقدسي جميل السلحوت، وسبق له أن نشر عدّة روايات وقصصا للكبار والصّغار، بالإضافة إلى مقالات ودراسات نقديّة وأدبيّة واجتماعيّة، ونشاطه معروف في ندوة اليوم السّابع المقدسية ومواقع الأنترنت والأنشطة الثّقافيّة في القدس وغيرها.
أكرمني الكاتب في مبادرة لطيفة متوقعة منه بأن أرسل لي نسخة إلكترونية للرواية في مرحلة مونتاجها النهائي كما يبدو.
"نحن في انتظار الرّدّ على طلبنا منك" ص ١٢.
جملة قالها إمام المسجد لأبي جمانة بعد أن خطبها لأسامة، بعد نقاش قصير يشفّ عن فجوة في التّصوّر عن دور المرأة ومكانتها بين أبو أسامة، والد الخاطب، وبين أبو جمانة، المخطوبة، ويحاول إمام المسجد المتكلم في الخِطبة أن لا يخرج الحوار عن السيطرة، لأنّ والد أسامة كان يمثل فكرة عتيقة عن دور المرأة ومكانتها، ممّا دفع والد جمانة، أن يعترض عى ذلك الرأي بالقول إنّه لن يزوّجهم خادمة.
قبل الحديث عن الجملة التي اقتبستها سابقا أشير إلى أنّنا ومنذ الصّفحات الأولى يكشف لنا السّارد عن بعض الملامح لشخصيّاته بصورة تفضي إلى خلافات جوهريّة وأساسيّة في رؤيتها للحياة، وهذه الاختلافات في وجهات النّظر هي القاعدة للتّناقض الفكريّ الاجتماعيّ بين الشّخصيّات، وستكون مواقع الرّؤية هذه والمواقف المختلفة في وجهات النّظر هي مادّة الصّراع بالمعنى الفنّيّ في العمل السّرديّ.
ما زال من المبكر أن أتحدّث عن ذلك التّناقض الفكريّ وتداعياته، وكيف ستسير الأحداث، لكنّني أتوقّع أن يكون هناك مزج بين هموم اجتماعيّة وفكريّة وسياسيّة تتفاعل لتشكّل جوهر فضاءات الرّواية. ما زلت في الصفحات الأولى من الرّواية.
أعود إلى جملة الإمام الأخيرة حول ردّ والد جمانة على طلبه، وقد اختصر الإمام الجلسة، وأعتقد أنه عجّل بالمغادرة حتى لا يسمح بمزيد من النّقاش بين والد أسامة ووالد جمانه، فيفشل مشروع الزّواج، بل ربّما مشروع الرّواية كلّه، وتنتهي في صفحاتها الأولى.
أعتقد أن جملة الإمام حول انتظار الرّدّ جملة مفصليّة في تداعي أحداث الرّواية، فقد أبقى لنا السّارد هنا بابا مشرعا للأحداث الآتية، وأبقى خيطا نتعلّق به، فوالد جمانة لم يحسم الموقف قبولا أو رفضا، وترك الاحتمالين واردين، وربّما تكون موافقته محفوفة بمخاطر مستقبليّة، لا سيّما وأنّ تأجيل الرّدّ كان مبنيّا على رأي جمانة، وهو موقف بالتّأكيد لا يرضي عقليّة والد أسامة، الذي يعتقد أن لا رأي للبنت في هذا الأمر، وأنّ تعليمها مسألة لا قيمة لها ما دامت حصلت على زوج كفؤ ومقتدر، ومقياس الكفاءة والمقدرة الماليّة عنصر مهمّ في فهم شخصيّته، وكلماته حول تأجيل الزّواج وعدم رضاه عنه، وحديثه عن مقدرة ولده ماليّا تنطلق من موقفه الفكريّ التقليديّ الذي لا يقيم اعتبارا للمرأة في قرار مصيرها. وربّما من المناسب أن أسأل مسبقا: هل كان والد أسامة مدفوعا أو كارها لهذه الخطوة، ويفكّر في إفشالها؟ أعتقد أنّ الأمر يتعلق بالبنية الفكريّة للرّجل العربيّ التّقليديّ وفكره عن دور المرأة وتعليمها ورأيها.. إلخ.
وما دام أنّ الإمام ينتظر الرّدّ فعلينا أن ننتظر معه في متابعة الأحداث والاستمرار في رحلة الرّواية.
تمييز اجتماعي
يلامس جميل السلحوت في هذه الرّواية مسألة دقيقة وحسّاسة ومحرجة في المجتمع الفلسطينيّ، وأعتقد أنّ باعثها كان الجهل بالمخطّط الصّهيونيّ الشّامل، وبرزت على السّطح في مواقف تناقضيّة مؤثّرة لم تخل منها حتّى ثوراتنا على مرّ قرن من الزّمان، فقد وصفت ثورة ٣٦ بأنّها ثورة الفلاحين، أو ثورة المخيّمات... إلخ. تلك المسألة الحسّاسة المحرجة هي التّمييز بين اللاجئ الفلسطينيّ والمواطن الفلسطينيّ، الذي لم يقع تحت الاحتلال بعد، أو وقع تحت الاحتلال لكنّه لم يلجأ أو لم يُهجّر. ووجد هذا التّمييز الضّيّق الأفق في مدن الضّفّة الغربيّة وقراها كما وجد في قطاع غزّة أيضا، وأبرز ما كانت تثار هذه النّعرة التّمييزيّة عندما تكون في سياق الارتباط بالزّواج. وهذه واحدة فقط من سمات المجتمع الفلسطينيّ تقليديّا؛ فدائما كانت هناك نعرات تمييزيّة بين مدينة وأخرى، لسبب أو لآخر لا معنى له، ومثال بئر الماء بين اللد والرّملة أسهلها، بالاضافة إلى تمييز عنصريّ بين المدينة والقرية تحت عنوان مدني مقابل فلاح، وفلاح مقابل بدويّ، ومنحت صفات وخصال ومناقص تحت عناوين مختلفة.
سعيد والد أسامة يستعلي على عيسى الحماد كونه لاجئا بأنّه مقطوع من شجرة، وكان عليه أن يقبل بتزويج ابنته ويسكت: " يكفيه أنّه وحيد لا قريب له، ولا عزوة عنده، فليستر بناته وينخرس" ص ١٢
هذا كلام جارح ومنقصة وفي غاية الأهانة ويحمل دلالات اجتماعيّة خطيرة، وفي مضمونه مطعن قاسٍ، ممّا أثار الإمام، موضّحا رأيه ومحتجّا بغضب على موقف سعيد: "وعيسى الحمّاد ليس مقطوعا من شجرة، لكنّ الزّمن جار عليه كما جار على غيره من أبناء شعبنا، الذين غادروا ديارهم مكرهين عام النّكبة بسبب ما تعرّضوا له من قتل وتدمير وتشريد، وتشتّتوا في بقاع الأرض، وهذا لا يعيبهم يا أبا أسامة. وأبو جمانة شاء حظّه أن يكون بيننا، بينما تشتّت عائلته في أرض اللجوء، وهو واحد منّا له ما لنا وعليه ما علينا."ص١٣
موقف سعيد هذا لم يثر حفيظة الامام فقط، بل أثار حفيظة عزّالدين، أخ سعيد، كما أساء للعريس أسامة الذي احتجّ بأسلوب ناعم يدل على قمع والده له.
لا شكّ أنّ مثل هذا الموقف في مطلع الرّواية يقودنا قسرا إلى زمن الرّواية، ذلك العنصر الذي لم يُفصَح عنه بعد، فغالبا، وهذا توقّع من عندي، أن تكون هذه الأحداث قد جرت قبل عام 1967 حين وقع الجميع تحت الاحتلال، ولكنّ ذلك ليس شرطا، فلا أعتقد أن تلك العقلية انتهت باحتلال الضّفّة الغربيّة.
وعلى أيّة حال فإن كانت أحداث الرّواية قبل 1967 فيحب أن نجيب عن سؤال: في أيّ جامعة كانت تدرس جمانة؟ إذ أنّه لا توجد جامعة في الضّفّة الغربيّة آنذاك، وما كان في الأردنّ قبل احتلال الضّفّة الغربيّة سوى جامعة فتيّة واحدة هي الجامعة الأردنيّة، وكان من شبه المستحيل اجتماعيّا واقتصاديّا إرسال البنت أبعد من ذلك للدّراسة.
عيسى الحمّاد ديمقراطي فيّ الاستشارة سلطويّ في القرار
حاول سعيد الحمّاد أن يقنع جمانة، ابنته، لتتزوّج من أسامة، وكلّف والدتها لتعتني بذلك، وإقناعها لترضى به زوجا، بعد رفض جمانة لفكرة الزّواج مطلقا. لم تفلح محاولة الأمّ، ومع تحفّظاته على سلوك عائلة أسامة وبخاصّة أمّه الغيور المحاربة للتّعلم، غير أنّ حرص الوالد عيسى الميّال إلى العقل التقليديّ شيئا ما في هذه الخصوصيّة، أقصد زواج البنت، كلّ ذلك جعله يتّكئ على حالة أنّ أسامة سيعيش مع جمانة في السّعوديّة بعيدا عن تأثيرات العائلة، وأنّه كأب يعرف مصلحة ابنته أكثر منها، وأنّه أب يقلقه ستر بناته، بهذه المبرّرات أقنع عيسى الحمّاد نفسه بصوابيّة رأيه واتّخذ قراره نيابة عن جمانة، وضدّ إرادتها الرّافضة للزّواج كفكرة، بسبب غلبة رومانسيّة شابّة: "حسم أبو جمانة الأمر وقرّر أنّ نصيب جمانة سيكون مع أسامة، فهو رجل دين وعلم، ومع ذلك سيترك محاولة إقناع جمانة حتّى يوم الجمعة القادم، وإن بقيت على إصرارها فلن يوافقها على هذا الرّأي، وهي لا تستطيع الخروج عن رأيه، كما أنّه على قناعة بأنه يعرف مصلحتها أكثر ممّا تعرفها هي." ص 21.
كلّما صادفت مثل هذا الموقف من أب (يعرف مصلحتها أكثر ممّا تعرفها هي) أضعُ يدي على قلبي، ذلك أنّ ظلما كبيرا يقع تحت يافطة حرص الأب والأهل وادّعاء المعرفة اليقينيّة إزاء معرفة مشوّشة أو لا معرفة لدى البنت، ومعرفة مصلحة الشّخص أكثر من الشّخص ذاته، ويُتّخذ القرار نيابة عن الفرد المعنيّ، ثم تقع التّبعات غير المُرضية على رأس هذا/ هذه.
مثل هذه الأمور في العادة تحمل مجازفات ومخاطر لا ينفع فيها "بعض الشّرّ أهون من بعض"، بل غالبا ما يكون كلّ الشر في اتخاذ القرار نيابة عن صاحب الشأن أو إكراهه على ما لا يريد.
هكذا تقول لنا دروس الواقع ووقائعه، فماذا سيقول لنا السّارد؟
المرأة الهشّة
يُحمّل جميل السلحوت المرأة/ البنت جزءا كبيرا من مسؤوليّة ما يقع عليها من ظلم في الحياة الاجتماعيّة في المجتمع الفلسطيتي، ذلك أنّها ليست قويّة بما يكفي لحماية نفسها، مع أنّها تعلّمت، ممّا يفرض عليها بالقوّة وخاصّة في مسألة الزّواج، الذي هو حياة مصيريّة كاملة. هذا ما أدركته جمانة، ولكن بعد فوات الأوان. لقد حاولت جمانة إنقاذ نفسها من شَرَك الزّواج المرتّب عائليّا، والذي نُصِب بسرعة وبمفاجآت، لكنّها لم تبذل مقاومة كافية؛ لتفلت من الشَّرَك. هذا في الحقيقة هو نتيجة لتربيتنا التّقليديّة، حيث على البنت (وحتّى الشّابّ أيضا) طاعة والديها، وإفهامها أنّهما يعرفان مصلحتها أكثر منها، وتلك لعمري قاعدة ليست سليمة بالمطلق.
بطرق التفافيّة فرض عيسى الحمّاد وزوجته لطيفة زواجا لم تكن جمانة مستعدّة له، وزوجا لا ترغب في الزّواج منه، بل نفرت منه لسلوكه الغريب في أوّل خلوة، وعائلة لم تكن ترتاح للعيش في كنفها، وبسرعة لفلفت العائلتان عقد القران، وكأنّهم يعملون على إخفاء سرّ، أو الفراغ من الموضوع قبل أن يستيقظ ضمير أحدهم فيفشل المشروع.
كلّ ذلك كان ضربات متلاحقة على رأس جمانة، وكأنّه مقصود؛ كي لا تعطى لها فرصة تقييم ما يجري، والاستعداد للتّعامل معه بهدوء. وممّا زاد الطين بلّة، وزاد من تأثير تلك الضّربات السّلوك الصّبيانيّ الشّبقيّ الذي سلكه أسامة حين اختلى بجمانة، سلوك يفتقد إلى الذّوق وإلى احترام الأنثى كإنسان ذي مشاعر، كما ينقصه احترام الذّات، وأقرب إلى سلوك همجيّ غريزيّ، تحت عنوان شرعيّ، هو أن جمانة أصبحت زوجة له، حجّة تتجاهل مشاعر فتاة صغيرة فوجئت بصعقات جعلتها تقوم بردود أفعال إزاء خاطبها، وإزاء نفسها وبدل أن يكون عقد قرانها فرحا لها، جلب لها المتاعب والضّغوط، وكشف لها عن مجموعة من الأخطاء في سلوك خاطبها، وفي سلوك العائلتين، وفي أعراف المجتمع المتعنصر للذّكورة، بل اكتشفت ضعف ذاتها.
هربت جمانة من غارة غريزيّة شنّها عليها خاطبها بحجّة أنّها ذاهبة لصلاة العشاء، بينما فقد الشّيخ أسامة طهارته، وفي غرفتها وجدت جمانة نفسها تراجع ذاتها، ولا شكّ أنّ لسان حالها ومقالها هو ما حمّلها السّارد الغائب الممسك بخيوط اللعبة كاملة، ولا تكاد تفرّ منه ولو حركة واحدة: " لامت نفسها أكثر من مرّة لعدم وقوفها بصرامة ضدّ موقف أبيها بخصوص الزّواج من أسامة، وبّخت نفسها؛ لأنّها قبلت أن تبقى معه على انفراد في صالون البيت، لم تقتنع بحجج أبيها وحجج إمام المسجد بالاستعجال بعقد القران؛ كي يتمكنّ الخاطبان من مصافحة بعضهما، والجلوس على انفراد. رأت أنّ أسامة استغلّ عقد الزّواج؛ وتعامل معها كما يتعامل الزّوجان، بل إنّه تعامل معها كدمية يمتلكها، وهذا خلاف رغبتها وخلاف مبادئها والتّربية التي نشأت عليها. أمضت ليلتها تحلّق في فضاء تحلم به، بعد أن وجدت نفسها مغلوبة على أمرها في صحراء قاحلة، لعنت اليوم الذي ولدت فيه كأنثى في بلاد لا تحترم إنسانيّتها، رأت قمرها يختبئ خلف غيوم سوداء متراكمة" ص 44.
إذن جمانة (فكر السّارد/الراوي) تلوم ضعفها وتلوم والديها وتلوم المجتمع كلّه على ما يلحق بالمرأة من ظلم فقط لأنّها أنثى. هكذا كان أقوى موقف اتّخذته جمانة (المرأة) حتى الآن لتحافظ على حقوقها، وهو أنّها لعنت اليوم الذي ولدت فيه كأنثى، وهذا موقف في غاية الضّعف في مقاومة حياة مفروضة ومرفوضة ومصير إنسان.
الرّاوي/ الكاتب يدين المرأة ذاتها لأنّها ليست قويّة بما يكفي لتغيّر مفاهيم المجتمع ولتحمي نفسها من مظالمه، وتكتفي بكلام صامت ذاتيّ وعلى انفراد.
هل ستنتقل جمانة من لوم الذّات والمجتمع إلى الرّفض القاطع والعلنيّ في وجه خاطبها وفي وجه والديها والمجتمع؟
أشكّ في ذلك إذ أنّ المقدّمات حتى الآن توحي بعكس ذلك تماما، ولكن علينا الانتظار والتّرقب.
موقف تحميل المرأة جزءا كبيرا ممّا يلحق بها من ظلم نتيجة ضعفها، موقف متكرّر في الرّواية الفلسطينيّة، وبصورة جليّة في روايات سحر خليفة التي أدانت ضعف المرأة وحمّلتها مسؤوليّة ما يلحق بها بسبب الجهل أو التّفريط والضّعف.
ولكن الكاتب السلحوت يدين المجتمع كلّه، فهو لم يتوقّف عند موقف جمانة فقط كمسؤول عما سيصيبها، بل هو يُخطّئ جميع المشتركين في هذه الزّيجات بتواطؤ مقصود أو بسبب جهل وعادات وأعراف وفكر عتيق. المجتمع كلّه خاطئ في هذه القضايا الاجتماعيّة، وهذا ما يتطابق تماما مع فكر جميل السلحوت الذي يعبّر عنه دائما في مقالاته. وهذا يطرح قضيّة المؤلّف والرّاوي، كما سيأتي فيما بعد.
مقاييس جمال المرأة
تغنّى الشّعراء العرب قديما وحديثا بجمال المرأة، ولم تختلف هذه المعايير كثيرا في البئية العربيّة منذ ما قبل الاسلام إلى اليوم، وباختصار كانت هذه المقاييس كلّها تنصبُّ على الشّكل، على المادّة، على ما يُلمس أو يُرى كالطّول واللون والشّعر، وعلى البدانة والنّحافة، وعلى طول العنق ولون العيون والشّفاه والصّدر وما إلى ذلك.
وبما أنّنا في شأن الحديث عن الشّيخ أسامة فأنّنا رأينا بعض ملامح شخصيّته من قبل فيما كتبت ونشرت، ولكنّنا كلما تقدمنا في القراءة تكشّفت لنا سمات أخرى وخصائص أخرى في شخصيّته.
بالتّأكيد أنّ أسامة لم يعجبه ترك جمانه له متذرعة بصلاة العشاء، وربّما فهم من ذلك أنّها غير راغبة فيه، وحاول أن يجد لها العذر من تدلّل وحياء وتمنُّع، وعاش ليلة خطبته في قلق وتوتّر، فلم ينم يعمل على إقناع نفسه بمسوغات شرعيّة بأنّ هجمته على شفتي جمانة وصدرها كانت مشروعة، بل اختار من آيات القرآن ما يبرّر له ما فوق ذلك "فأتوا حرثكم أنّى شئتم" ص45 مع أنّ سياق الآية ليس هو ما أخذها أسامة إليه ليرضي غرائزة المشتعلة.
أسامة شخصيّة لديها الاستعداد للبحث عن النّصوص الشّرعيّة التي تسوّغ له سلوكه، وكأنّ الاصل هو سلوك البشر ورغباتهم، وعلى النّصوص الشّرعيّة أن تلبي تلك الرّغبات، وليس على الرّغبات أن تنضبط بروح النّصوص الشّرعيّة ومعانيها. هذا لمس لقضيّة تتّسع مجالاتها ولا تتوقف عند العلاقة الزّوجيّة، فإنّها تحمل إسقاطات كثيرة في الحياة.
ومن جهة أخرى لم يخرج أسامة في إعجابه بجمانة عن مقاييس الجمال المادّيّة، بل لم يتطرّق حتّى الآن إلى أيّ صفة من صفاتها الأخلاقيّة؛ ولذلك كان جلّ تركيزه على الصّفات البدنيّة لجمانة: " بقي يرسم صورة لجمانة في خياله، فخدودها بيضاء تعلوها حمرة كالتّفاح، عيناها فيها زرقة سماء صافية، شفتاها لذيذة كقطعة حلوى شهيّة، أسنانها كعقد اللؤلؤ الطّبيعيّ، أنفاسها تبعث الدّفء في القلب، غرّاء فرعاء، نحيلة الخصر بلا اعوجاج، تمشي بدلال كزهرة يهبّ عليها نسيم عليل، صوتها مغناج دون تصنّع. أنفها مستقيم كمنقار حمامة برّيّة." ص 46. زيبدو عنصر آخر في شخصيّة أسامة، ففيه نزعة شكّيّة مريبة، إذ خطر بباله وجود رجل آخر في حياة جمانة، ولم يفكّر في أن تجافي جمانة عنه كان بسبب اندفاعه الشّبقي واغتصاب القبل منها رغما عنها. أسامة كان مستعدّا للتّخلي عن جمانة بسهولة أمام غيرة والدته منها، ومحاولتها توجيه الدّفّة، دفّة حياة أسامة وجمانة، كما تريد . ص 49.
وأسامة الغرائزيّ شيخ متشدّد، ففي حفلة الخطوبة أراد أن يمنع الغناء والرّقص لأنّه حرام كما قال. كلّ ما كان يهمّه هو امتلاك جمانة كونها أمرأة مادّة للمتعة، ولذلك لم نره يتحدّث عن أخلاقها أو عن صدقها، أو عن بساطتها، أو عن قناعتها وعدم طمعها في الماديّات. لم نر أسامة يحاول أن يفهم ما تفكّر به جمانة، لم يحاورها ليستكشف ما تفكّر به نحوه او نحو الحياة. كل ما لام أهله عليه أنّهم تأخّروا في الخطبة، فلن يتمكن من اصطحاب جمانة معه إلى السّعوديّة، ولم يفكّر ولو للحظة أنّ جمانة لم تكمل دراستها الجامعيّة، وأنّ ذلك كان شرطا للزّواج. لم يفكر أسامة بردود فعل جمانة على هجمات قُبَلِهِ التي اغتصبها إيّاها.
ذكّرني هذا المشهد بمقولة يكرّرها بعض النّاس حين يربطون بين الإيمان والاكل والنّوم والنّكاح، في حين أنّ الإيمان الحقيقي يسمو بروح الإنسان ويرتقي بها فوق المادّيّات ولا يتجاهلها، ويسمو به فوق الذّات الأنانية، ويقيم اعتبارا عاليا للقيم الإنسانيّة، ولا يلوي عنق النّصوص لتلبّي الرّغبات الذّاتيّة.
جعل الإسلام العلاقة الزّوجيّة علاقة سكن وأمان واطمئنان تكسوها المودّة والرّحمة، ولا تكون هذه إلا باللطف واللين وطيب المعشر، واحترام مشاعر الإنسان وأحاسيسه، وليس وقوع الرّجل على المرأة كوقوع البهيمة. لم نجد الشّيخ أسامة، حتى الآن على الأقلّ، يقيم اعتبارا لتلك المشاعر والأحاسيس في تعامله مع جمانة في البيت وفي السّيارة وفي السّوق.
هل هي مصادفة أن يكون أسامة دارسا للشّريعة ويعمل في السّعوديّة، وما علاقة ذلك بمنهج تفكيره؟
لعلنا نجد جوابا لهذا السؤال فيما بعد.
ممارسات الاحتلال
ذكرتُ من قبل إنني لا أستبعد أن يمزج الرّوائي جميل السلحوت في هذه الرّواية بين أبعاد الحياة الاجتماعيّة وأبعاد الحياة السّياسيّة، فالحياة واحدة ذات جوانب متداخلة، ولا يمكن أن يكتب أحد في الشّأن الفلسطينيّ ويغفل عن الجانب السّياسيّ لأنّه هو سبب لكلّ ما يعيشه الفلسطينيّون.
لقد سبق أن ذكرت أنّ عائلة جمانة كانت ضحيّة التّهجير من فلسطين عام 1948وقد انعكس هذا في بعد اجتماعيّ في كلام والد أسامة حين خطب له جمانة. الاحتلال للضّفّة الغربيّة وللقدس يبرز بروزا واضحا في الرّواية من خلال ممارسة جنود الاحتلال؛ لمنع المصلّين من الدّخول إلى الحرم القدسيّ، هذا من جهة، ومن جهة ثانية في ممارسات جنود الاحتلال وشرطته لسلوكيّات تعسّفيّة غير أخلاقيّة مع المواطنين الفلسطينيّين.
لقد وضع السلحوت صورة هذه الممارسات في لوحتين: الأولى حين تكلّم الشّرطيّ الإسرائيليّ بخشونة مع والد جمانة، ومنع والداها من الوقوف معها أثناء الحديث إليها، ومنعهما من الدّخول إلى كشك الشّرطة أثناء محاولة تفتيشها. واللوحة الثّانية حين أصرّ الشرطي على دخول جمانة إلى الكشك، واستفزازها لفظيّا، ثم التّحرش بها، ثم بسحبها من يدها، ثم الطّلب من الشّرطيّة نزع ملابس جمانة وتفتيش صدرها، في مشهد يخلو من التخلق، ثم منعها من دخول المسجد للصّلاة لأنّها امرأة دون الأربعين من عمرها.
هذا التّدبير الإداريّ الأخير، وهو التّضييق على الفلسطينيّين، وبخاصّة فيما يتعلق بالصّلاة في المسجد الأقصى، أراد الكاتب أن يشير من خلاله بصورة واقعيّة إلى التّعسّف الذي تمارسه سلطة الاحتلال ضدّ المقدّسات الإسلاميّة في القدس وضدّ المصلّين. وحين نتحدّث عن ذلك فإنّ ذلك مساس بمقدّسين عاليي القيمة والقدسية عند الفلسطيني: الدّين، وبخاصّة في مقدسات القدس، والعِرض. وقد تمّ المساس بقدسية الرّمزين. ولا شكّ أن الكاتب يعايش مثل هذه الوقائع عن قرب بحكم إقامته في المدينة نفسها، ومعايشته اليوميّة لممارسات شرطة الاحتلال، وقد اقتطع هذا المشهد لأنّه كما ذكرت فيه مساس بمقدّسين، فما بالك بممارسات أخرى؟
هل سيكون لذلك توظيف مستقبلي في أحداث الرّواية التّالية؟
أوّل توظيف سريع ظهر فورا في الأفكار التي طرقت رأس جمانة وهي تعود إلى البيت، وقد يكون لها توظيفات أُخر.
وفي هذا المشهد تبرز صورة الشّرطي الإسرائيليّ، والشّخصيّة اليهوديّة، فالشّرطيّان الرّجلان مستفزّان، متعجرفان، يخاطبان المواطنين الفلسطينيّين باستعلاء من جهة، وبقسوة من جهة أخرى، وبإهانة لمعتقداتهم ومشاعرهم الدّينية والخُلُقيّة بالتّغزل المبتذل والتّحرّش بجمانة.
أمّا الشّخصيّة الإسرائيليّة الثّالثة وهي الشّرطيّة اليهوديّة الأنثى، التي رفضت طلب زميلها الشّرطيّ أن تقوم بنزع ثياب جمانة وتفتيش صدرها، وسواء كان رفضها لاعتبارات إنسانيّة أخلاقيّة، أو لاعتبارات الغيرة والحسد، فإنّها لم تفعل ما طلب منها، لقولها: " دخلت الشّرطيّة وسألت زميليها بالعبريّة:
ماذا تريدان منها؟
نريد أن تخلعي ملابسها؛ لتفتيش جسدها.
التفتت إليهما داليا وسألت بعصبيّة:
يكفي! ماذا تخبّئ النّساء في صدورهنّ؟
الشّرطيّ: إنّها جميلة جدّا.
داليا ساخرة: وبنات اليهود جميلات ولهنّ صدور بارزة أيضاً." ص 83.
ثم أخذت الشّرطية هويّة جمانة وأعطتها إيّاها طالبة منها العودة إلى البيت؛ لأنها ممنوعة من دخول المسجد الاقصى. هل يريد الكاتب أن يميّز بين يهود شرّيرين ويهود طيّبين؟ وإن كان كذاك فهل هذه الطّيبة فطريّة عامّة أو ظرفيّة؟ لعلنا نجد سبيلا لذاك مستقبلا.
موقف الاحتلال الذي شهدته جمانة وممارساته معها ومع النّساء المجلببات جعلها تطرح أسئلة محرجة، وقد كان في ذاكرتها ووعيها موقف أسامة الذي أراد أن يفرض عليها النّقاب بالقوّة، وكأن جمانة/الرّاوي تسجّل تناقضا فكريّا وأخلاقيّا لدى بعض المتديّنين المسلمين، فهم يتشدّدون في مسائل شرعيّة ليست قطعيّة وفيها آراء تسمح للمرأة بكشف كفّيها وقدميها، ولا يعيرون انتباها لما هو أخطر، وهو ممارسة الاحتلال في الكشف عن عورات المسلمات، وهذا تفكير نقديّ عميق يصدر من فتاة تتقيّد بما هو متّفق عليه شرعا بين كبار علماء المذاهب الاسلاميّة. إذن نحن نستشرف هنا ميدان معركة فكريّة بين أسامة ممثِّلا لفكر متشدّد مغلق إقصائيّ ولا يقبل النّقاش، وجمانة ممثّلة لفكر إسلاميّ متفتّح ونقديّ. وقد تشكّل هذه القضيّة قاعدة مهمّة في حياة أسامة وجمانة وفي أحداث الرّواية الآتية.
فهل يصدر هذا الموقف عن الشّخصيّة أو هو توجيه من الرّاوي الغائب المراقب العليم؟ ولي عودة إلى هذه النّقطة فيما بعد.
مصيبة العذريّة:
كنّا نسرح مع جمانة وأفكارها بخصوص الأقصى، وبخصوص النّهج الفكريّ، والفرق بين نهجها ونهج خاطبها أسامة، ذلك أنّ أسامة ذو منهج فكريّ شرعيّ متحجّر وإقصائيّ وعنفيّ ومغلق، وضدّ الحوار وضدّ الاطّلاع على وجهات نظر غير ما لُقَنَهُ من منهج فقهيّ وفكريّ محدّد، في حين كانت جمانة تمثّل منهجا إسلاميّا فكريّا متفتّحا مطلعا على وجهات النّظر الشّرعيّة الإسلاميّة المتعدّدة وتأخذ منها ما هو مُجمَعٌ عليه من العلماء لتسيير حياتها، وفوق ذلك هي تطّلع على الفكر العالميّ والآداب العالميّة، وممّا اطّلعت عليه في هذا الصّعيد كان روايات كافكا بما هو معروف عن أدب كافكا من سوداويّة وغرائبيّة.
يغلق الكاتب النّصّ السّرديّ مع جمانة فجأة، لنجد أنفسنا أيضا فجأة أمام مختلف في مكان مختلف، وبشخصيّات مختلفة، وبقضيّة مختلفة، مشهد في قسم الولادة بمستشفى، مشهد هو مزيج من الصّراخ والفرح الهستيريّ اللافت للانتباه، والمثير للشّفقة والفضوليّة ممّن شاهده. وفي زحمة هذا الصّراخ والفرح الهستيري، نتابع الأحداث مع صبحة، التي تطلب بالهاتف على عجل من زوجها أن يأتي هو والمختار وإمام المسجد سريعا إلى المستشفى، بدون أن نعرف، أو يعرفوا السّرّ من وراء هذا الاستدعاء الطّارئ والسّريع والمُلحّ. وبعد وصولهم ينكشف الأمر عن أن عائشة، ابنة صبحة، في حالة ولادة متعسّرة بسبب أنّها ما زالت عذراء، وحتى يتيّسر أمر الولادة لا بد أن تقوم الطّبيبة بإزالة غشاء عذريّتها بالمشرط، فوجدتها صبحة فرصة للحصول على موافقة والد عائشة لعمل ذلك، هذا من جهة، ولنشر خبر براءة ابنتها من ارتكاب الخطيئة قبل زواجها من مازن زوجها السّابق.
لم يكن اختيار صبحة للمختار وإمام المسجد للشّهادة والاستماع إلى الرّأي الطّبّيّ مصادفة، فالمختار كان شاهدا على مجريات حياة عائشة مع مازن، كما كان شاهدا على طلاق مازن لها. أمّا إمام المسجد فشاهد على الزّواج ولا بدّ أن يكون شاهدا على البراءة، ولتبييض عرض عائشة لما له من كلمة مسموعة، بوصفه مرجعا دينيّا واجتماعيّا مسموعا.
تأخذنا الأحداث في استرجاع إلى الماضي، إلى تاريخ زواج مازن من عائشة، وفي هذا التّاريخ عدّة خطايا، هي خطايا اجتماعيّة شائة، ولها تبعاتها الخطيرة، أوّلها تزويج البنات القاصرات، والثّانية تزويجهنّ بدون استشارتهنّ أو الاستماع إلى آرائهنّ، وعلى قمّة تلك الخطايا ما يقع على البنت نتيجة الجهل بوضع حالة العذريّة وفقدها، فالعرف الشعبي لا يعترف بعذريّة البنت، وبصون شرفها وعرضها إلا عندما يثبت ذلك بالعين المجرّدة. ذلك ناتج عن جهل بالوضع الفسيولوجيّ للأنثى، حتّى من قبل النّساء المجرّبات، هذا من جهة، ونتيجة الفكرة الشكّي الاتّهاميّ الجاهز الذي أوّل ما يتبادر إلى أذهان العامّة، فلا يكفي جهلهم، بل يرفضون الاستماع، أو الاقتناع باحتمالات براءة عائشة (كرمز للمرأة عامّة) من تهمة ارتكاب الفاحشة، وخيانة الشّرف والعرض، والتثبّت من ذلك طبيا قبل إشاعة الاتّهامات التي تودي بحياة البشر وبسمعتهم.
حالة عائشة ومازن هي حالة نموذجيّة للأفكار التّقليديّة الجاهلة بتركيب جسم الأنثى، وبحالة من الاستعصاء في الفكر التقليديّ غير القابل للفهم والتّغيّر بحسب ما يقتضيه العلم والطّبّ والمنطق، ولذلك أصبحت عائشة ضحيّة على عدّة مستويات اجتماعيّة، وإذ لم تثبت براءتها لأنّ دم عذريّتها لم يشاهَد بالعين المجرّدة، فقد عانت معاناة شديدة هي وأهلها، وطلّقها مازن بشهادة المختار بعد ثلاثة أشهر من زواجه منها، وعانت عائشة خلال هذه الأشهر من النّبذ الاجتماعيّ والإهانة والضّرب والتّعيير، وعادت إلى بيت والدها بعد ثلاثة أشهر كسيرة الجناح والنّفس، ولم يستمع أحد إلى الأيمان التي كانت تغلظها في أنّه لم يمسسها أحد قبل مازن. رجعت إلى بيت والدها مهزومة، مدمّرة الشّخصيّة، مريضة بإسقاط الاعتبار الاجتماعيّ لها ولوالديها ولأسرتها، وعاشت كخادمة ذليلة مكسورة الخاطر محطّمة الشّخصيّة، حتّى أنّ الوالد والوالدة كانا قد ألحّا عليها لمعرفة الجاني، ولمّا لم يكن هناك جان، ظلّت تتعذّب عائشة سنتين وثلاثة أشهر إلى أن قيض الله فارس، الذي كان أسيرا، ومن قرية أخرى، وعمره أكثر من ضعف عمرها، ويتزوّجها، وبعد ثلاث سنوات نحن أمام هذا المشهد الهستيريّ من والدتها صبحة.
وهنا يتبارد للذّهن أسئلة: لماذا لم تُقتَل عائشة على يد والدها أو على يد أحد إخوتها كما هو شائع للأسف ظلما في البيئة العربيّة والإسلاميّة؟
لم يقتل الكاتب عائشة لأنّه يريد أن يدين المجتمع، ولا يردي أن يدين عائشة لذنب لم ترتكبه، ولذلك أبقاها حيّة إلى أن تثبت براءتها وهذه إدانة أكبر من أيّ إدانة أخرى.
لماذا لم يكن فارس، زوج عائشة الحاليّ، حاضرا في المستشفى يوم ولادتها لمولوده، ولماذا هو في العمل في ذلك اليوم، وهل كان غيابه لذلك السّبب؟
ما فعلته صبحة يشير ضمنا إلى أن مسألة العذريّة ما زالت تتفاعل بصورة أو أخرى، وتلاحق عائشة حتى لحظة إثبات براءتها طبّيّا في هذه اللحظة فقط، وقد تكون سببا في مشكلات لم ترد في القصّة لإدراك المؤلّف أنّ الاستطراد في ذلك سيخلّ ببنية السّرد، فقد يكون فارس قد طلّق عائشة، وقد يكون قد هجرها، وقد... وقد. لا نعرف بالضّبط ماذا حدث لعائشة بعد زفافها لفارس، ولكن صراخ الأمّ الهستيريّ والإفصاح أمام المختار وإمام المسجد، وإعلان براءة ابنتها المظلومة والمفضوحة، كلّ هذا يشير إلى أن قضيّة العذريّة ما زالت تلاحق عائشة وقد تكون هي السّبب في غياب فارس عن المستشفى، وكذلك عائلته، التي قال لنا الكاتب على خجل وبكلمات قليلة أنّها فرحت بالحفيد الجديد.
إقحام قصّة عائشة في رواية جمانة وإسامة كان هدفه إدانة المجتمع الجاهل العنيد، الجاهل علميّا وطبّيّا، والعنيد في رفض المفاهيم الجديدة القائمة على العلم، فوالد مازن يرفض أن يُجرى لعائشة فحص طبّيّ من البداية لمعرفة الحالة، ويصرّ على أن ذلك يثبت بالفعل لا بالفحص. والمجتمع مدان كذلك لأنّه يتسلّى بكوارث المرأة التي تلوكها الألسنة، وتلحق مصائب اجتماعيّة ونفسيّة، ولذلك عاشت عائشة وعائلتها الكوابيس والأمراض النّفسيّة والانطواء، وهذه حالة أهون منها الموت بالنّسبة لعائشة.
في هذه الجزئيّة، قصّة مازن وعائشة، وجدها الكاتب مناسبة للتّثقيف والتّعليم والإرشاد، فقد سرد معلومات طبّيّة مفصلة أراد منها توعية المجتمع وتثقيفه حتّى لا تقع نساء ضحايا نتيجة هذا الجهل. فهل التّثقيف والتّعليم والإرشاد من مهمّات الرّواية؟ وهل على الرّاوي أن يكون واعظا ومعلّما بطريقة مباشرة، وعليه أن يثبت هذا الدّور علميّا؟
لا أعتقد أن ذلك من مهمّات النّصّ السّرديّ، فقصّة عائشة ومازن وفارس بعثرت الأحداث، وقطعت الموضوع الأساسيّ للرّواية بقصّة أخرى، وأخذتها بعيدا عن سياق قضيّتها المحوريّة، وقد أضرّ هذا التّشتت بتماسك بناء الرّواية، فقضيّة عائشة مختلفة تماما عن قضيّة جمانة وإن كانت القصّة تؤرّقها، ولم تكن تفاصيل قصّة عائشة ضروريّة لإثارة قلق جمانة، ففي ذهن كل فتاة في مجتمعنا هذا القلق الضّمنيّ لسبب أو لآخر. أرى أنّه لم يكن من الضّرورة سرد هذه القصّة المطوّلة لعائشة من أجل أن نثير سؤال العذريّة في ذهن جمانة وصويحباتها، فهكذا سؤال هو تحصيل حاصل.
إرهاصات مقلقة
استمعت جمانة إلى قصّة عائشة تلوك عرضها نساء جاهلات، ممّا أثار في نفسها قرفا من تلك الأفكار والعقليّات، و قلقا على مستقبلها مع أسامة الذي ربّته والدة شرّيرة محترفة في حبك المشكلات، وهو الرّجل الذي لا يؤمن بالطّبّ ولا بالعلم. تلك نظرة تشاؤميّة سوداويّة لحياة جمانة في تلك البيئة مغلقة الآفاق.
في هذا السّياق، وفي جوّ البؤس هذا، وبعد لسعات من لسان والدة أسامة بالأمس عند زيارتها هي ووالدتها لعائلة أبي أسامة، وفي سياق التّفكير في هذه المقدّمات، تستذكر جمانة من ثقافتها كافكا الذي أمضى حياته دون زواج مع أنّه ارتبط بامرأة وخطبها مرّتين، ولكنّهما انفصلا دون زواج: "وباتت على قناعة بأنّ حياة العزوبيّة للإناث أفضل من الحياة الزّوجيّة، التي ربّما ستتمخّض عن كوارث لا علاقة للمرأة فيها، وقد تبدأ هذه الكوارث من الليلة الأولى للزّواج في مجتمعات لا تفهم الحياة إلا من خلال رحم المرأة. قرأتْ أنّ كافكا قد عاش واحدا وأربعين عاما ”1883-1924“، ومات بالسّل، فهل لو طال به العمر كان سيتزوّج أم أنّه أسقط هذا الخيار من حياته؟ ولماذا لم يفكّر بأن يكون أبا؟ وهل لحياة الفقر والحرمان التي عاشها علاقة بعزوفه عن الزّواج؟ لكنّها رجّحت أنّ عزوفه عن الزّواج كان عن قناعة، وهذا يظهر جليّا في رواياته وفلسفته في فهم الحياة." ص 120.
مقدمات جمانة أفضت إلى استنتاج أن حياة العزوبيّة للإناث أفضل من كوارث لا علاقة للمرأة بها. هذا المخزون المركب من خبرة جمانة مع حماتها، وخبرتها بشخصيّة أسامة، ومعرفتها بما في المجتمع من جهل وتخلّف أخذ جمانة بعيدا إلى حدّ التّفكير في الإضراب عن الزّواج.. يفهم ذلك من خلال قناعتها ّنّ كافكا لم يتزوّج بسبب رؤيته للحياة، فلسفته، فهل هذا مقدمة لكي تتبنّى جمانة فلسفة كافكا وبخاصّة في مسألة الزّواج؟
قد تكون توصّلت إلى مقدّمات لمثل ذلك القرار بناء على رؤيتها وخبراتها في هذا المجتمع. ولكن إن كان هذا هو خيار دفع الكاتب/الرّاوي الشّخصيّة لتبنّيه فهل يشكّل هذا حلّا وعلاجا لتلك الظّواهر الاجتماعيّة المستعصية؟
بالتّأكيد لا، ولكنّه حلّ فردي قد يلجأ إليه بعض الأفراد، وتبقى الظّاهرة مستقرّة ومتحكّمة. وقد يشكّل ذلك، إن حصل، هروبا من مواجهة الظّواهر ومحاربتها، والعمل على تغيير الظّواهر السّلبيّة في المجتمع.
يوما بعد يوم تصطدم جمانة بموقف يبعدها عن أسامة، وبخاصّة عقليّة أسامة نفسه، فلا انسجام ولا توافق فكريّا بينها وبينه يمكن أن يخفّف من الضّغوط التي تواجهها وتفكّر فيها، بل على العكس، يمثّل هو الهمّ الأكبر من خلال محاولاته الحجر على فكر جمانة وعقلها المتفتّح. جمانة نبت غريب مجتهد مثقّف محلّل نقديّ في بيئة آسنة جامدة متحجّرة ومغلقة، وهذه قاعدة للصّراع والصّدام والتناقض بينها وبين المحيط حولها، فهل تنكسر جمانة أو تتمرّد؟
هل جمانة هي الخاصرة الرخوة؟
جمع وطرح وعنوان الرواية
أشرت في وقت سابق إلى زمن أحداث هذه الرّواية وظننت أنّ زمنها سبق نكسة عام 1967 اجتهادا منّي كان قائما على أساس تمييز أبي أسامة بين اللاجئ الفلسطينيّ، والفلسطينيّ غير اللاجئ في الضّفّة الغربيّة عندما قرّر خطبة جمانة لأسامة، وقلت إنّ هذه النّزعة وجدت بعد اللجوء عام 1948، ولم أكن أتصوّر أنّها مستمرّة وممتدّة حتّى اليوم.
ومن جهة أخرى تساءلت بناء على ما سبق عن الجامعة التي كانت جمانة تدرس فيها ومكانها، كما تساءلت عن ماهيّة الخاصرة الرّخوة التي حملت الرّواية عنوانها منها.
في منتصف الرّواية تقريبا يُحسم موضوع زمن الرّواية، كما يحسم أمر عنونتها؛ إذ تتخرج جمانة من الجامعة في الشّهر الذي يعود فيه أسامة من السّعوديّة مستعدّا للزّواج، ويذكر الرّاوي أنّ عودة أسامة كانت في السّادس من يونيو عام 2006، أي أنّ أحداث الرّواية محصورة حتى الآن بين 2005 و 2006، وهذا يفتح الباب للإجابة عن الجامعة التي درست فيها جمانة، إذ أنّ هناك عددا من الجامعات الفلسطينيّة في الضّفّة الغربيّة في الزّمن المذكور، لا كما ذكرت سابقا متوهّما أنّ أحداث الرّواية تعود إلى أيّام لا تتوفّر فيها جامعات في الضّفّة الغربيّة، ومنها جامعة القدس التي ضمّت بعض فروع من دار الطفل العربي. لهذا اقتضى التّنويه، واستدراكا منّي وتصويبا لما اجتهدتُه سابقا.
أمّا عنوان الرّواية (الخاصرة الرّخوة) والذي تساءلتُ حوله في مطلع قراءتي للرّواية، فإنّنا نجده منطوقا على لسان جمانة، إذ قالت: "فالمرأة خاصرة المجتمع الرخوة" . ص125.
لماذا؟
في مراجعة قامت بها جمانة كانت قلقة من أنّ مشروع زواجها تحف به المخاطر لاعتبارات ومقدّمات ذكرتُها سابقا، ولكنّها قررت خوض تلك المغامرة " وأصبحت على قناعة بأنّ زواجها من أسامة مغامرة غير مضمونة النّتائج، لكنّها في الوقت نفسه قرّرت أن تخوض هذه التّجربة نزولا عند رغبة والديها، وخوفا من الطّلاق قبل الزّواج، فطلاق المرأة في هذا المجتمع يبقى لعنة تطاردها، ولا أحد يرحم المطلّقة بغضّ النّظر عن أسباب طلاقها، وسواء كانت ظالمة أم مظلومة" ص 125.
ولأنّ المرأة في المجتمع هي نقطة الضّعف، نقطة الضّعف أمام ضغط الوالدين أو أمام رغبتهما، ونقطة الضّعف أمام الزّوج، ونقطة الضّعف المستهدفة من المجتمع كلّه سواء كانت ظالمة أو مظلومة، لذلك فهي الخاصرة الرّخوة في المجتمع، وهي المعرّضة للطّعنات، وإليها توجّه السّهام، ولذلك قالت جمانة أنّ المرأة هي خاصرة المجتمع الرّخوة. ولهذا السّبب جاء العنوان كما هو عليه تأكيدا لهذه الحالة الاجتماعيّة، ولهذا السّبب أيضا حمل الغلاف صورة وجه امرأة ورأسها وقد جللها البؤس والحزن والفزع.
نماذج بشرية
فيما كتبتُ سابقا بعض عناصر من شخصيّة أسامة قدّمها لنا الكاتب جميل السلحوت بالتّدريج، وهذه سمة فنّيّة سليمة وصحيحة في بناء الرّواية، فالرّاوي لم يقدم لنا الشّخصيّات كتلا واحدة، بل عرضها متطوّرة مع أحداث الرّواية، وكلما تقدّم القارئ في الرّواية سيكتشف عناصر جديدة في كلّ شخصيّة من الشخصيّات، وبخاصّة شخصيّة أسامة وجمانة، فهي شخصيّات نامية متطوّرة بتطوّر الأحداث، وكانت شخصّة أسامة وجمانة هي أكثر الشّخصيّات نموّا وتطوّرا في حين غلب على الشخصيّات الأخرى الثّبات، وفي النّهاية فإنّ تلك الشّخصيات تتدرّج في أهميّتها، فهي شخصيّات ثانويّة، ذات أدوار في الاحداث لكنّها ليست بأهمّيّة دور أسامة وجمانة.
وعود إلى أسامة، فقد سبق وأن أشرت ألى سمات في شخصيّته، سأعيد ذكرها باختصار، وأضيف إليها الصّفات والسّمات التي انكشفت مع تطوّر الأحداث، وها هي في نقاط.
شابّ فلسطينيّ يحمل فكرا إسلاميّا متطرّفا إقصائيّا مغلقا أحاديّ الرّؤية لا يقبل الحوار، أو وجهات النّظر المخالفة، ويأخذ الفكر الشّرعيّ من مصادر محدّدة ذات توجّه متشدّد ويعمل على فرض هذا الفكر على الآخرين، ومن ليس معه فهو عدوّه.
نظرته إلى المرأة نظرة جسديّة ماديّة ولا قيمة لعقلها وفكرها وثقافتها، فلا تعدو المرأة عنده إلا مادّة للاستمتاع وتفريغ الشّهوة.
لدى أسامة نزعة ريبة وشكّ واتّهام ضمنيَ للمرأة، فكونها مادّة للاستمتاع فلا يمنعها شيء من ممارسة هذه المتعة بدون ضوابط، وفي ذلك اتّهام للمرأة فقط لكونها امرأة، ولذلك كان يسهل عليه التّخلي عن جمانة إزاء أيّ شبهة موهومة، أو طعنة كاذبة مغرضة.
شخصيّة ضعيفة مسحوقة أمام أمّه بخاصّة، ولا يخالف لها أمرا، ويتركها تتدخّل في كلّ صغيرة وكبيرة في حياته، بل بسمح لها بالتّمادي في خصوصيّاته وخصوصيّات جمانة، وقد ظلّ كذلك بذريعة الحرص على رضا الوالدين، وليس الأمر كذلك، بل هو أفسح المجال لامرأة شرّيرة قادرة على تحطيم تلك الأسرة الفتيّة.
يقابل هذه الشّخصيّة المهزوزة فإنّه يحاول أن يفرض على جمانة شخصيّة قويّة من خلال إصدار الأوامر والنّواهي فيما هو شرعيّ، وما هو غير شرعيّ، فيما هو من حقوقه، وفيما هو سحق لشخصيّة جمانة، التي أخذت تجاريه في محاولة يائسة منها لإنجاح تجربة زواجها، وتجنيبها الفشل في بداياتها. يحاول أسامة فرض شخصيّة قويّة ظنّا منه أنّ الشخصية القويّة هي في الفرض والأوامر والنّواهي وتوجيه النصوص كبديل للحوار والتفاهم والمودّة والرّحمة التي ذكرها الله كأسس لبناء علاقة زوجيّة. وهذا نابع من فكر متخّلف لا ينظر للمرأة ككيان فكريّ وعاطفيّ وإنسانيّ وأخلاقيّ وثقافيّ لا يقلّ عن الرّجل، يتكامل معه ولا يتعارض أو يتناقض.
أسامة رجل بخيل في غاية البخل وما يهمّه هو جمع المال، فعلى مدى عام تقريبا لم يكلّم أسامة جمانة هاتفيّا إلا ثلاث مرّات لدقائق معدودة، والجميع يعرف أنّ الاتّصالات شبه مجّانيّة، وأسامة استعرض أمام جمانة بأن تطلب منه ما تريد من السّعوديّة، ثم نجده يبخل عليها بزجاجة عطر تحبّه لأنّ ثمنها مرتفع، ويأتي لها بزجاجة بخمسين ريالا. يا للرخص. ويشتري أسامة أثاثا لبيتهم في الرياض مستعملا من أحد أصدقائه، أثاث يشبه ما يتخلّى عنه النّاس، ويستأجر بيتا قذرا متهالكا عفنا في محيط بائس، يقيم فيه المخالفون والمشرّدون، كلّ هئا بذريعة الاقتصاد وتوفير المال لحياة في المستقبل. إنّ ذلك يشبه انفصاما في الشّخصيّة، فهو يظهر أنّه يحرص على كرامة زوجته، وفي الوقت ذاته يلقي بها في مستنقع موبوء، ويعرض عليها أن ياتي لها بما تحبّ وتهوى، ثم ياتي لها بما يوفّر عليه نقوده ورخيص الثّمن والإيجار، وله في كلّ حالة تخريج شرعيّ.
أسامة شخص مدّع مكابر مندفع فاشل، فأمام والده وأخيه فحل قادر على فضّ الكرة الأرضيّة، بينما هو في الواقع فاشل في الدّخول في عروسه، وتجد له والدته العذر باتّهام جمانة ووالدتها.
إذن أسامة شخصيّة نموذجيّة مركّبة من عدّة شخصيّات معا، شخصيّة تحمل الصّفات السّابقة ليس من المأمول والمتوقّع أن بكون ناجحا في حياته الزّوجية مع جمانة، الفتاة الطّموحة المتفتذحة المثقّفة المتطلّعة للنّجاح والإنتاج.
"يتبع"



#عواد_أبو_زينة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وانتصر الدكتور ممدوح أبو عقيلة في رواية زمن وضحة
- لوحات ومرايا في رواية العسف لجميل السلحوت


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عواد أبو زينة - قراءة تحليلية لرواية -الخاصرة الرخوة- -1-