غفران محمد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 6441 - 2019 / 12 / 18 - 14:29
المحور:
كتابات ساخرة
فلسفة الكعب العالي بين الرجل العراقي واللبناني
غفران محمد حسن
أشهر ما قيل عن الكعب العالي فقد كان عبارة الموسيقار المصري الراحل محمد عبد الوهاب حيث قال "أنوثة المرأة تبدأ من الكعب العالي"، على الرغم من أن الكعب العالي الآن يلبس عادة من الفتيات والنساء فقط،ويعتبر جزء أساسي من أناقتهنّ ،إلا أن الجذور التاريخية لهذا الإبتكار يؤكد إنه كان للرجل ،فقديما كان يخص الفرسان الفارسيين في الشرق الأوسط الذين استخدموه لوظيفة معيّنة، فكان يساعد في تثبيت قدم الفارس على حديد السرج، كما أن الفراعنة والنبلاء في مصر القديمة عمدوا إلى انتعال الكعب العالي لاظهار القوة ، كان وحش الذاكرة إجتاحني فجأة وأنا أتجول بين محال لبيع الأحذية في بيروت لإختيار حذاء بكعبٍ عالٍ لكوني قصيرة القامة ،وخلال دخولي إحداها لفت نظري مشهد رجل لبناني متوسط العمر وهو يلبس زوجته فردة لحذاء كعب عالي وهي متذمرة لم يعجبها شيء ،وحتى بعد أكثر من تسع موديلات من الأحذية إنتهى الموضوع بقرار خروجها لمحال آخر ،فقلت في سرّي كم يحترم الرجل اللبناني للمرأة ولا يعتبرها إنتقاصاً لرجولته وهو جالس تحت قدميها ليقيس لها الحذاء فهي زوجتهِ وحبيبته وشريكة حياتهِ،وخلال عودتي لمنزلي مر أمامي شريط ذكريات لمعاملة الرجل العراقي للمرأة فمنذ أن وعيت على الدنيا وإلى اليوم لم أرَ هذا المشهد لزوج عراقي مع زوجتهِ،بل ما كنت اشاهدهُ كثيراً في مرحلة مراهقتي عراك جارنا أبو شاكر وهو يضرب زوجتهِ بحذاءه أمام الجيران وإحدى المرات ضربها بفردة كعب عالي من أحذيتها فكسر لها أنفها ونزفت الدم الكثير وجائت لأمي شاكيةً لكي تأخذها لأقرب مستشفى، وأما أكثر موقف يضحكني ويحزنني بذات الوقت ولا يفارق ذاكرتي، خلال دراستي في كلية الإعلام حين كنت طالبة في المرحلة الأولى أتذكر زميلة أنيقة دوما ترتدي الحذاء بالكعب العالي لكونها قصيرة بعض الشيء وقد تأخرت ذات مرة عن المحاضرة وحين سألها المحاضر عن سبب التأخير قالت ضاحكةً " دكتور كنت أنتظر بابا يترك حذائي بالأرض حتى أرتديه لأنه كان يضرب بهِ أمي" فضحكنا جميعاً وكنا نظن إنها مزحة، لكنها كانت الحقيقة، لا أجزم أن جميع الرجال العراقين لا يحترمون زوجاتهم أو بناتهم وأخواتهم أو أن الجميع يضربوهنّ بالحذاء ولكن أكتب لهذه الفئة الشاذة وأتمنى أن تكون قليلة ، وأقول لهم رفقا بالقوارير وصباحكم سكِّر.
غفران حداد إعلامية عراقية مقيمة في بيروت
#غفران_محمد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟