|
القلادة (15)
حسين علي الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 6441 - 2019 / 12 / 18 - 10:33
المحور:
الادب والفن
ظلت تنتظر عبد الحكيم،بدأت الشمس في الغياب وهو لم يعد كما وعدها بدأ القلق يتسلل إليها لكن من تسأل؟حتى وجبة الأكل التي أعدتها بقيت دون أن تأكل منها شيئا.كانت قلقة جدا عليه،سابقا في السنوات الماضية لم تكن تكترث لغيابه،لا تبالي إن جاء أو غاب، لكنها منذ فترة بدأت تشعر إنها بحاجة له،هذا الشعور يتنامى يوما بعد آخر،بين الحين والآخر كانت تنظر لساعة جدارية قديمة معلقة على الحائط تارة ،وتارة أخرى تفتح باب البيت لتطل على بداية الزقاق. اقتربت الساعة من التاسعة مساءا،سمعت طرقات على الباب فتحتها بشوق وتنهدت،إنه عبد الحكيم قد عاد أخيرا،لماذا تأخرت كنت قلقة عليك؟ماذا أفعل يا سلمى تأخرنا كثيرا والحمد لله رجعنا الآن،هل أضع لك الأكل،أشار لها بالرفض وهو يغسل وجهه،ظلت هي تنظر إليها مشفقة حينا ومعجبة حينا آخر. كانت تحمل له ملابسه وهو يدخل الحمام،ناولته إياها وظلت تنتظر خروجه وتحاول أن تجعله يأكل معها،لكنه فضل الجلوس وشرب قدح من الشاي فيما هي تتناول الأكل بعد أن اطمأنت على زوجها. هنالك في المقهى خالد يشكو لسعيد،يبثه ما يعيشه من صراع،قال له سعيد المرأة المتزوجة تكون أكثر جرأة من الرجل العازب،أنت يا خالد تعيش حالة لم تمر بها سابقا وإن مررت بها في فترة سابقة بعمر سبعة عشر سنة شيء والآن تختلف،قال له حتى هي تتصرف كأنها بعمر خمسة عشر سنة،قال سعيد هي تعيش مشكلة أكبر منك إنها كما تقول تحب زوجها،قال له نعم،وتحبك أنت،قال له نعم،قال سعيد هي تعيش معك بعمر خمسة عشر سنة ومع زوجها بعمرها الحالي إنها الآن تعيش دور معك وآخر معه،معك فتاة صغيرة وتنظر لك شاب بعمر سبعة عشر سنة،ماذا تريد منها يا خالد قل لي بصراحة؟ لا أدري يا سعيد لا يمكن لي أن أقول لك أريد أن أتزوجها لأنها متزوجة،لا يمكن لي أن اطلب منها أن تطلب الطلاق من زوجها فهي تحبه كما تؤكد ذلك،كل ما أريده أن نلتقي أخشى أن تتركني،ضحك سعيد وقال وهي أيضا تخشى أن تتركها،جرب أن تبتعد عنها فترة أسبوع أو أكثر ستجدها مجنونة تبحث عنك هنا وهناك. قال له أنا لا أستطيع فعل ذلك،أجابه سعيد لكنك كنت بعيدا عنها سنوات طويلة،ابتسم وقال لست بعيدا عنها كانت معي أفكر فيها دائما يا سعيد. قال سعيد،إن كنت تحبها حقا وهي كما تقول تحب زوجها أتركها أجعلها تكرهك كي لا تعكر حياتها يا سعيد وأنت تعرف ذلك جيدا،سأله كيف أجعلها تكرهني؟أبتعد عنها حاول أن لا تلتقيها أو تقترب منها. سلمى كانت تنظر لعبد الحكيم المتعب من سفرته ألأخيرة،أعطاها شيء من المال لتدخره،ظلت تنظر إليه وكأنها لم تشاهده من قبل،كان بحاجة للنوم،وضعت يدها على رأسه طبعت قبلة على وجهه شعر هو بذلك ابتسم وقال لها كم أحبك يا سلمى. عندما نهضت سلمى لتضع الأموال مع سابقاتها،تحسست القلادة،تذكرت إنها لم تلبسها منذ فترة، حملتها بين يديها وذهب للسرير،وضعتها تحت الوسادة وحاولت أن تنام.فكرت كثيرا إنها يجب أن تنهي كل شيء مع خالد،هي لم تعد فتاة بعمر خمسة عشر سنة،إنها تجاوزت الأربعين ومتزوجة من رجل كل ما يتمناه رضاها،صحيح إنها عانت سابقا لكنها الآن سعيدة معه،وهو سعيد معي ،بدأ يفكر بشكل صحيح. خالد كان قد عاد من المقهى،دخل غرفته،فتح دولابه فتح محفظة نقود قديمة استخرج منها صورة صغيرة و قديمة لسلمى بعمر خمسة عشر سنة التقطتها عندما أدت امتحانات المتوسطة،كان هو قد طلب منها واحدة منحته إياها على استحياء،لم تكن الصورة ملونة وليس فيها سوى وجه سلمى، وضع الصورة تحت وسادته وحاول أن ينام. يجب أن أتركها من أجل سعادتها،هي تحب زوجها،وأنا يجب أن استقر بعيدا عن سلمى والتفكير بها،وكلام سعيد عين الصواب. ظلت سلمى صاحية،مضت ساعة وأكثر،سحبت القلادة من تحت الوسادة ظلت تمسك بها،نظرت لعبد الحكيم هذا الزوج الذي تغير كثيرا،بات يحبها وتحبه،سحبت نفسها بتثاقل من السرير،سمعت عبد الحكيم يقول لها ما بك يا سلمى، قالت له أشعر إني بحاجة لأن أخذ دوش الجو تغير كثيرا،فتحت دولابها أخذت ملابس خفيفة. فتحت الدوش لبست القلادة ظل الماء يتساقط على رأسها ويتوزع بهدوء على أجزاء جسمها وهي تنظر له،خالد هو الآخر يتقلب في فراشه،دس يده تحت الوسادة كانت صورة سلمى في يده حملها ووقف أمام المرآة أغمض عينيه ومزقها خرج مسرعا من غرفته،كانت بقايا الصورة في يده فتح حنفية الماء ليغسل وجهه كانت بقايا الصورة قد تهادت مع الماء الساقط من كف يده لتأخذ طريقها مع الماء كان يراقب تسربها. ألقت سلمى نظرة أخيرة على القلادة،تذكرت ملامح عبد الحكيم وابتسامته لها عندما قالت له حبيبي،أغمضت عينيها أمسكت بيديها القلادة سحبت يديها بقوة،سمعت سقوط أجزاء القلادة التي تناثرت وهي تنظر إليها تتدحرج مع الماء الساقط من جسمها ظلت تتابع دحرجة آخر جزء منها صوب فتحة صغيرة مهمتها نقل كل هذه المياه إلى مجاري لا أحد يعرف نهايتها.
#حسين_علي_الحمداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القلادة (14)
-
القلادة (13)
-
القلادة(12)
-
القلادة (11)
-
القلادة(10)
-
القلادة (9)
-
القلادة (8)
-
القلادة(7)
-
القلادة (6)
-
القلادة (5)
-
القلادة (4)
-
القلادة (3)
-
القلادة (2)
-
القلادة(1)
-
يوميات الحرب والحب والخوف(20)
-
يوميات الحرب والحب والخوف(19)
-
يوميات الحرب والحب والخوف (18)
-
يوميات الحرب والحب والخوف(17)
-
يوميات الحرب والحب والخوف (16)
-
يوميات الحرب والحب والخوف(15)
المزيد.....
-
الفرقة الشعبية الكويتية.. تاريخ حافل يوثّق بكتاب جديد
-
فنانة من سويسرا تواجه تحديات التكنولوجيا في عالم الواقع الاف
...
-
تفرنوت.. قصة خبز أمازيغي مغربي يعد على حجارة الوادي
-
دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة
...
-
Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق
...
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
-
يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
-
انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|