|
القلادة (11)
حسين علي الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 6439 - 2019 / 12 / 16 - 15:03
المحور:
الادب والفن
شهر كامل مضى دون أن تسنح الفرصة لأن تلتقيه عدا لقاء الصباح العابر في الدائرة،ربما يكون مشغولا فكرت أن تزور أمه في بيتها في اقرب عطلة،كانت السنة على وشك الانتهاء لم يبقى منها سوى يوم غدا،وبعد غد عطلة رأس السنة وهي فرصة لقضاء بعض الوقت في زيارتها. فاتحت عبد الحكيم الذي لم يرفض ذلك ووعدها أن يوصلها لغاية البيت على أن تعود هي بمفردها لأنه سيكون مشغولا بعد الظهر مع أحد الأشخاص الذين استأجروه لتوصيله وعائلته إلى منطقة مجاورة. كانت سعيدة جدا وهي تضع رأسها على الوسادة بانتظار الصباح الذي سيجعلها في بيت أم خالد بحثا عن أبنها الذي أنشغل كثيرا بعمل الدائرة وربما لم تكن هنالك فرصة للقاء جديد بينهما. عندما تناول عبد الحكيم فطوره سريعا وعدها أن يوصلها في تمام التاسعة أو أكثر قليلا،أما هي كانت تعيد ترتيب شعرها الذي أصبح أطول من ذي قبل، في العاشرة تماما كانت تطرق باب أم خالد لتجده يفتح لها الباب كأنه تفاجئ بزيارتها،سألته عن أمه فقال لها موجودة في الداخل،سارا معا في ممر على جانبيه حديقة بدت مبتلة بمياه الأمطار، كانت أم خالد تحتضن مدفأة وتجلس كأي امرأة كبيرة في السن،لم تستطع النهوض لكن سلمى هي من انحنت لها لتقبلها وتجلس بجانبها وتسألها عن صحتها. عاتبت أم خالد سلمى على تأخرها في زيارتها والأخيرة اعتذرت بالمشاغل والدوام والزوج ومتطلبات البيت،أما خالد فضل البقاء في غرفة مكتبه المجاور لغرفة نومه،نادت أمه عليه ليجلس معهم،أجابها سيأتي بعد قليل،نهضت أم خالد وصحبت سلمى معها للمطبخ وهي تقول لها لو تزوج هذا لكنت قد ارتحت،ضحكت سلمى وقالت ليطبخ هو،تركت أمه في المطبخ وذهبت لغرفة مكتبه فتحت الباب وقالت له تعال ساعد أمك في الطبخ،اقتربت منه كانت بحاجة لأن تقبله همس لها ربما أمه تدخل فجأة لكنها فعلت ذلك رغما عنه وهي تقول له بصوت خافت شهر كامل لم نلتقي. تركته وعادت للمطبخ تواصل الحديث مع أمه التي ظلت تطلق شكواها من عدم زواج أبنها،قالت لها سلمى هل تحبين أن أقنعه،ضحكت العجوز وقالت لا يقتنع وأنت تعرفين ذلك يا سلمى. كنت أتمنى أن تكوني أنت زوجته لكن الظروف حالت دون ذلك،ضحكت سلمى وقالت قسمة ونصيب يا خالتي وكل واحد يأخذ نصيبه من الحياة،أجابتها كلامك صحيح يا سلمى ولكنه بحاجة للمرأة أنا لن أدوم له،قالت لها عمرك طويل خالتي. عادت مرة ثانية لمكتبه وقالت له تعال أمك تريد تزويجك،ضحك وقال ليس لديها كلام سوى هذا منذ سنوات وهي تردده،اقتربوا من المطبخ كانت قد سحبت يدها من يده لحظة دخول المطبخ،واستدركت قائلة،بيتكم جميل يا خالتي وكبير وأحلى شيء فيه الحديقة،سألتها أم خالد وأنت أليس في بيتكم حديقة،ضحكت وقالت بيت إيجار صغير جدا فيه رطوبة قاتلة.ربما يسقط بين الحين والآخر لكن إيجاره زهيد جدا. كانت أم خالد تدور حول الطباخ كأنها تتفقد ما تقوم بطهيه،فيما كانت سلمى تجلس على كرسي أمامه طاوله في نهايتها يجلس خالد،نادت أمه عليه وقالت يا خالد أنت عندما تسافر مرة أخرى لن أكون لوحدي سأدعو سلمى تأتي هنا قالت لها سلمى سأكون سعيدة بذلك يا خالتي لكن هل خالد يسافر دائما؟ قالت لها كل شهرين أو ثلاثة أشهر وسيجلب لك هدية في السفرات القادمة. ماذا يعمل زوجك؟قالت لها سائق سيارة أجرة،ألم أقل لك ذلك مسبقا، ضحكت العجوز وقالت نسيت يا سلمى،ثم توجهت بكلامها إلى خالد وقالت له لديك قمصان وسراويل كثيرة مركونة في دولابك ربما تنفع زوج سلمى،ضحكت سلمى وقالت لا يا خالتي زوجي عبد الحكيم سمين عكس خالد لهذا ملابس خالد ضيقة جدا عليه.وأردفت مع هذا يمكن أن أراها قد أجد ما يناسبه،توجهت مع خالد لغرفته كانت الغاية أن ترى الغرفة وسريره،خرجت مسرعة كأنها لم تتحمل تلك الأجواء التي صنعها لنفسه سألتها أمه أين الملابس قالت لها خالد يخرجها وسيجلبها هنا،ناداها هو لتنتقي منها،ذهبت بتردد كانت الملابس في أرضية الغرفة تركت صدرها مكشوفا وهي تعبث بالملابس فيما كانت نظراته لا تفارق هذا الصدر الأبيض،وضع يديه حول رقبتها وطبع قبلات حارة على شفتيها،خرجت مسرعة وهي تحمل بين يديها قميص وبنطلون قالت لأمه إنهم مقاس زوجها. فيما ظل هو في غرفته يعيد ترتيب حاجياته ووضعه بصورة عامة،كانت هي تلقي نظرة بين الحين والآخر عليه وهو يتجول في أرجاء البيت،في النهاية أستقر عند طاولة المطبخ تجلس أمامه سلمى التي بدت هادئة جدا،سألها عن عملها فقالت له عمل إداري وابتسمت كأنها تقول له لماذا أنت مرتبك هكذا؟هي قبلات ليس إلا،أدركت فعلا إنه لم يجرب القبلات مع غيرها وبالتالي لم يعاشر أية امرأة من قبل،قالت له غرفتك جميلة يا خالد وأنت أنيق وذوقك جميل جدا،ضحكت العجوز وقالت وما فائدة ذلك دون زوجة. قالت سلمى ربما يتزوج قريبا يا خالتي،لكن فعلا غرفتك جميلة ليت عندي غرفة مثلها يا خالد،ضحك وقال خذيها هي هدية مني لكم،شكرته وقالت بيتنا لا يسعها. اقترحت عليه أن يجلسان في الشمس وينظران للحديقة،حمل كل منهم كرسي وخرجا،قال لها ماذا تفعلين لو كانت لديك غرفة كهذه،ابتسمت وقالت أنام ثم ضحكت بقوة.استدركت كنت مرتبك وأنت تقبلني،ضحك وقال بل قولي كنت خائفا جدا،ضحكت وقالت أعرف ذلك كانت يداك ترتجفان على صدري كنت خائفة عليك يا خالد،شعر فعلا إنه خائف وعدها أن لا يكررها ثانية إلا بعد أن يمتلك ما يكفي من الجرأة. قال لها فكرة جيدة أنت تكونين مع أمي عندما أسافر،ضحكت وقالت إن وافق زوجي ربما لا يوافق،سألها هل يغار عليك؟قالت له ليس هنالك من لا يغار لكنه يثق بي كثيرا. هل تحبين فعلا أن تنامين على سرير كالذي في غرفتي؟قالت لا أبدا ليس أي سرير أحب سرير غرفتك بالذات وابتسمت عندما وجدت وجهه محمرا،قالت له طالما أنت لا تتحمل الإجابات لماذا تسأل؟ضحك وقال أنت أكثر جرأة مني في الكلام، ابتسمت وقالت معك فقط أمتلك هذه الجرأة يا خالد.إنا كنت محتاجة لهذا اللقاء معك، كان يجب أن تقولي لي أنك ستزوريننا ماذا لو لم تجدي أمي في البيت،ضحكت وقالت سأجدك أنت وهذا هو المطلوب. قال لها نحن نحتاج أن نلتقي في الأسبوع مرة على الأقل،قالت له نعم هذا يكفي،أردف قائلا نلتقي كأصدقاء ضحكت وقالت وهو كذلك يا صديقي المهندس خالد. جلسا جنب بعض على طاولة الغداء مع الأم التي حاولت جاهدة أن تترك الأمور تسير كما يريد هو وهي،ربما هي ألأخرى كانت تشعر بأنها أحد أسباب ابتعاد سلمى عنه وحرمان منها. لهذا كانت تتركهم معا وتتحجج بأعمال هنا وهناك،عندما حان موعد عودتها للبيت طلب منها خالد أن يوصلها لكنها فضلت أن تذهب بمفردها حتى لا تقع في مأزق إن صادفها عبد الحكيم الذي يعمل في الشارع. طلبت أن تعيد ترتيب شعرها،فضلت أن تفعل ذلك في غرفة خالد التي ظلت بابها مفتوحة،المرآة كانت كبيرة وواضحة جدا ظل هو ينظر إليها بصمت،عندما أكملت ذلك ألقت نظرة على السرير وقالت له جميل جدا هذا وخرجت تحمل حقيبة يدها مودعة أمه فيما ظل هو يراقب خروجها من البيت. أشترت بعض الحاجيات من السوق قبل أن تعود لبيتها،كانت سعيدة جدا بهذا اللقاء وظلت تفكر بما قاله لها بأنه يحتاجها،فتحت باب البيت الصغير،رمت الحاجيات جانبا ودخلت غرفتها، نظرت للسرير وضحكت كأنها تقارن بين هذا وذاك. ضحكت وقالت غرفته أكبر من بيتنا هذا كله،لو كان لدي غرفة كهذه كنت سأنام،ضحكت بقوة وهي تبدل ثيابها،تحسست مرة أخرى شفتيها وقبلاته الخائفة،ابتسمت وقالت بريء هذا الرجل منذ أن عرفته وحتى الآن.
#حسين_علي_الحمداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القلادة(10)
-
القلادة (9)
-
القلادة (8)
-
القلادة(7)
-
القلادة (6)
-
القلادة (5)
-
القلادة (4)
-
القلادة (3)
-
القلادة (2)
-
القلادة(1)
-
يوميات الحرب والحب والخوف(20)
-
يوميات الحرب والحب والخوف(19)
-
يوميات الحرب والحب والخوف (18)
-
يوميات الحرب والحب والخوف(17)
-
يوميات الحرب والحب والخوف (16)
-
يوميات الحرب والحب والخوف(15)
-
يوميات الحرب والحب والخوف (14)
-
يوميات الحرب والحب والخوف (13)
-
يوميات الحرب والحب والخوف (12)
-
يوميات الحرب والحب والخوف (11)
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|