جواد المرخي
الحوار المتمدن-العدد: 6438 - 2019 / 12 / 15 - 23:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد عانى المجتمع العربي من التمزق الطائفي جراء هيمنة أنظمة عربية تنساق وراء التوجهات الاستعمارية القديمة والحديثة وأيضاً فصائل وقوى مجتمعية غارقة في أفكار الطائفية لدرجة التعصب والتطرف وما يحصل في لبنان والعراق وكان في السودان ابان حكم الدكتاتور عمر البشير وفي دول عربية أخرى أمثلة على ذلك.
التوجهات الطائفية التي ترعاها قوى الإسلام السياسي اليوم تصبّ لصالح قوى معينة إما أنها في سدة الحكم أو أنها مهيمنة على حركات اجتماعية تسعى للوصول لأجندتها وأفكارها الطائفية، على حساب العمل الوطني المشترك، منساقة وراء التوجهات الإقليمية والعالمية.
إن الطائفيين هم دائماً في حالة من التعصب الأعمى، لذلك لا يمكن أن يخدموا الإصلاح السياسي الحقيقي الذي يفضي للتغيير المؤدي للديمقراطية واستتباب الأمن المجتمعي عبر تطبيق مبادىء المواطنة والعدالة الاجتماعية.
إن ما يحدث اليوم في بعض البلدان العربية وغيرها من تمزيق النسيج الوطني والاجتماعي جراء التوترات الطائفية يخدم بعض الأنظمة والقوى العربية أو الإقليمية التي ليس في نهجها الاعتراف بالفكر الآخر والقوى الوطنية الأخرى، وقد عملت الطائفية إن كانت بفعل أنظمة أو قوى مجتمعية على تمزيق الأنشطة الجماهيرية في وسط المجتمعات المدنية، كما ساهمت في تهميش أنشطة الحركة العمالية والنقابية مما سهل على القوى الرأسمالية وأعوانها الانقضاض على مصالح وحقوق العمال وسائر الشغيلة.
وقد ساهمت الطائفية بأحزابها الحاكمة في تفشي الفساد في بعض الدول العربية جراء المحاصصة الطائفية مما جعل غالبية المواطنين في هذه المجتمعات العربية تعيش أوضاعاً سيئة نتيجة ارتفاع نسبة الفقر والحرمان والبطالة والجوع جراء سرقة المال العام وبعثرة ثروات الشعوب العربية وهذا ما أشعل فتيل الانتفاضات العربية عام 2011 وما يحدث اليوم في الجزائر والسودان ولبنان والعراق من تحركات جماهيرية في سبيل التغيير الديمقراطي الحقيقي.
إن الشعارات الطائفية الرنانة التي تدغدغ مشاعر الجماهير العفوية في مناطق عربية عديدة لا تخدم إلا المصالح الضيقة لأمراء الطوائف الذين ليس من مصلحتهم تقوية النسيج الوطني وتوحيد المجتمعات في هوية وطنية، بل أنهم قد يستغلون القوى الوطنية والديمقراطية لتمرير أهدافهم، وان هيمنوا فإنهم لا يعطون المجال للقوى الوطنية أن تعمل في صفوفهم، ويستحوذون على كافة المواقع التي بوسعهم الوصول إليها، مثل كراسي البرلمانات أو الوزارات وقد حصل هذا في البحرين في الانتخابات النيابية أكثر من مرة.
#جواد_المرخي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟