مختار سعد شحاته
الحوار المتمدن-العدد: 6438 - 2019 / 12 / 15 - 17:34
المحور:
الادب والفن
لصان اتفقا على سرقة أعضائي؛ رجل وامرأة كانا. يا حضرة العدل، هنا تفاصيل الجريمة:
كنت أنام تاركا حلمي، وذراعيّ الممددتين إلى جواري، وعقلي المشغول باستنتاج نظريات التطور الإنساني، وكيف يمكن للناس أن يعيشوا فُرادى بلا حزن؛ يكتبون، يضحكون، ويشعرون بالفرح كلما كانت نهاية الفيلم في سهرة الليل سعيدة...
"الكيبورد" التي استأذنتني في السهر أياما، كانت الشاهد الوحيد في قضية السرقة، غير أن الجماد لا يمكنه الكلام، كيف تشهد الأوراق، والحروف المطبوعة في لوحة المفاتيح على الجريمة؟!
امتدت يد اللص الأول نحو ذراعي اليمنى، وبخفة فريدة سرقتها، وانشغلت المرأة بسرقة ذراعي الأخرى...
الكلب المرسوم على غلافة رواية العجوز والبحر، لم ينبح، واكتفى بالبكاء، حين كان يقنعه العجوز في الصورة أن تلك عادة الأيام، وأن الكلاب المرسومة مهما بلغت محبتها لمن يقتني صورتها، لا يمكنها النباح، أو عض يد اللص...
صوت مؤذن المسجد كان بغيضًا، لكنه لم يكن في يوم الجريمة بالبغض الكافي أن يوقظ نائمًا آمنًا يُسرق، واللصان كعادة كل اللصوص في البلاد الفقيرة، يعلمان أن أصوات مكبرات الصوت ستتكفل بطمس صراخ الأعضاء المسروقة، ستضيع الاستغاثات في زحمة الشارع، وبين كلاكسات السيارات المتأخرة على المواعيد الوهمية بين الناس، ولأن النائم كان آمنًا جدًا، استمتع اللصان بالجريمة، لكنهما من فرط السعادة نسيا مبضعًا مستخدمًا في التقطيع...
المبضع كان متروكًا إلى جانبي طوال الوقت، ولا أراه...
ولأن الرجل والمرأة، اللصين، كانا آمنين تماما وقت ارتكاب الجريمة، أخذا يسرقان كل عضو على مهل...
قلبي كان العضو الوحيد الذي استعصى، يحمل أثر قطع أو قطعين، وربما أكثر، في محاولة اللصين سرقة قلبي.
قلبي شاهد جديد على الجريمة، وكلما مرت ليلة وجاء فيلم السهرة، نظر نحو يديّ، وعينيّ، وكبدي، وقال، الحمد لله لا نزال هنا بخير، ورغم كل المسروق هناك فرصة أن نحيا، وأن نستبدل بالمسروق استنباتًا جديدًا، شرط وجود امرأة لا تعرف اللصوص، تدخل إلى سهرتنا المسائية، تغير نهاية أفلام الرعب التي أدمناها في الفترة الأخيرة، وأن تضع ابتسامتها النهاية في آخر السهرة.
لحظتها، ابتسم العجوز للكلب في الغلاف، وقال: ألم أخبرك يا كلبي؛ أن امرأة محبة يمكنها استنبات الأعضاء المسروقة من رجل وحيد لا يملك غير الكيبورد الأخرس شاهدًا على الجريمة!
#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟