|
أسئلة حول تنظيم الحزب الثوري (8)
نهويل مورينو
الحوار المتمدن-العدد: 6438 - 2019 / 12 / 15 - 10:11
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
مقدمة
في 16 تموز 1984 تحدث الرفيق نهويل مورينو -بدعوة من قبل الشبيبة الإشتراكية_ حول تنظيم (بناء) الحزب الثوري. هذا المقال هو النسخة المكتوبة لمحاضرته منقحة من قبل المحاضر نفسه. وقد تم نشرها أولا في بوينس آيرس ضمن مذكرات التضامن. (قارئ التثقيف السياسي رقم 1- 1984). الحزب أمام فرصة تاريخيّة
يواجه حزبنا إحدى تلك الفرص التاريخيّة التي تقدّم نفسها فقط بين الفينة والأخرى. يمكننا الظفر بجزء من القيادة الجديدة لنضال حراك الطبقة العاملة في المصانع والإتّحادات. عبر هذا الطريق نقوم ببناء القيادة السياسيّة الجديدة التي يعتمد عليها انتصار الثورة الإشتراكيّة في الأرجنتين. هذه هي المرّة الرابعة التي تحدث فيها صيرورة كتلك في بلدنا منذ وجود تيّارنا. يمكننا تحديد المرّة الأولى حول العام 1944بتصفية القيادة الستالينيّة والإشتراكيّة الإصلاحيّة القديمة، وبزوغ قيادة جديدة للطبقة العاملة والتي أسّست الاتّحادات البيرونيستيّة الجديدة. هذه القيادة الجديدة بلورت ذاتها في حزب العمال[i]. حزب طبقة عاملة سيقوم لاحقا بالتصويت لصالح بيرون ولكنّه سيبقى مستقلا عنه. لقد اجتث الستالينيّة من قيادة الطبقة العاملة عبر استخدام الخيانات الممنهجة التي ارتكبتها قيادة الحزب الشيوعي بحقّ الطبقة العاملة، إثر التصاقها بدبلوماسيّة الكرملين، ومن خلال ذلك بالإمبرياليّة الأميركيّة، والإمبرياليّة الإنجليزيّة، وتكتّل الحلفاء برمّته. حزب العمّال، الذي منح بيرون نصره في انتخابات استثمرت أصوات الطبقة العاملة، سرعان ما تمّت إبادته على يد بيرون نفسه، الذي فرض حلّ حزب العمّال ودمجه في حزبه البرجوازي الخاص، وقام باعتقال القائد الأعلى لحزب العمّال، سيبريانو رييس، لسنوات. في ذات الوقت قام بيرون بفرض البيروقراطيّة على قيادة الاتّحادات، محوّلا إيّاها إلى موظّفين في وزارة العمل. كنّا آنذاك مجموعة صغيرة، ولم يكن في استطاعتنا منع العمليّة البيرونيستية من التطوّر. لقد كانت تستند إلى الظروف الإقتصاديّة الإستثنائيّة التي أتاحت للبروليتاريا انتزاع تنازلات هائلة من البرجوازيّة عبر طرق إصلاحيّة دون القطع مع النظام الرأسمالي. ولكننا تدخلنا بكل جرأة. لقد بتنا نشكل قيادة عمال التبريد في البلاد، أنغلو سياباسا _التي كانت أكبر شركة_ وكان لنا تأثير كبير على الاتحاد. موجة بيرونيستا تجاوزتنا لكن تبيّن ما يمكن للسياسة والتنظيم التروتسكيين فعله عند معرفة كيفية الإستفادة من الصيرورة الإجتماعية المواتية. العملية الثانية كانت تصفية بيروقراطية بيرونيستا القديمة لايسبيجو وحلفائه[ii]. لقد تطوّرت ما بين 1952- 1959 استنادا إلى السخط المتنامي على سياسات بيرون المناهضة للطبقة العاملة في السنوات الأخيرة لحكومته، وبعد ذلك من خلال المقاومة البطوليّة لانقلاب العصابات. هذه القيادة الجديدة تبلورت أيضا في تعبير سياسيّ، أو ما يمكن اعتباره كحزب سياسي: المنظّمات الـ [iii]62. لقد كان ذلك وقت اقتحامنا للبيرونيسية، سياسة لا يمكن فهمها في الحركة التروتسكيّة الأمميّة. كنّا نفرّق دائما بين تيّارين داخل البيرونيسيّة. إحداهما ما وصفناه دوما بالمتعفّن البغيض منذ نشأته وهو حزب بيرونيستا -دون حتّى الحديث عن “الفرع النسوي”! الذي طالما اعتبرناه منتج فرعيّ رجعيّ، وظاهرة متعفّنة. والتيّار الآخر الذي طالما لفت انتباهنا، هو الحركة النقابيّة. لقد تدخّلنا هناك ونحن فخورون في ذلك. راهنا المنظّمات الـ 62 لا شيء. ومع ذلك، في تلك الفترة كانت كلّ المجموعات البيرونيستية، وآلاف النشطاء المناضلين الاستثنائيّين، وخير من في حراك الطبقة العاملة، أولئك الذين ناضلوا منذ 1956 ضدّ العصابات واستعادوا الاتّحادات، قد تدفّقت في تلك المنظّمات. بالابرا أوبيرارا[iv]، إلى جانب جذور البيرونيستا لحركة التجمّعات العمالية أسسوا العديد من هذه التجمعات واستعادوا الكثير من الإتحادات الأكثر أهمية من التدخلات العسكرية. هذا الحراك تم تنظيمه لاحقا في ال 62 وكنا نحن قوة داخلها. لقد استمرينا في كوننا مجموعة من نحو أكثر من 100 رفيق مغمورين بالجماهير العمالية التي كانت مفعمة بالبيرونيستية. ولكن حققنا العجائب. لقد كنا القوة الأكبر في اتحاد عمال المعادن[v] في أفيلانيدا، وماتانزا، وباهيا بلانكا، وكنا في المرتبة الثانية في العاصمة الفيدرالية وفروع أخرى. كنا قيادة الإضراب الكبير لعمال المعادن عام 1956. هزيمة هذا الإضراب حالت دون أن نصبح حزبا جماهيريا للطبقة العاملة لكننا حافظنا على تأثيرنا الجماهيري في الإتحادات. كان تأثيرنا كبيرا لدرجة أن مجموعتنا الصغيرة كانت تبيع 10000 صحيفة أسبوعيا. البيرونيستية مجددا قطعت طريقنا عبر البيروقراطية الجديدة لفاندور[vi]، وفراميني، وحلفائهم. وهناك عملية ثالثة لتجديد القيادة، من 1969 إلى 1975 ابتدأت بالكوردوبازو[vii] التي تم إحباطها. الدفعة الأولى بدأت بسيتراك سيترام[viii]، ومضت قدما مع توسكو[ix]، وبيتشيني ومنسقي رودريغازو[x] عام 1975. مع الوقت قدرنا أن نحو 25% من الطبقة العاملة بات لديها قيادة جديدة مناهضة البيروقراطية. القيادة الجديدة كان لديها أيضا علامة سياسية فارقة، فقد كانت نصيرة لحرب العصابات. لقد لعبنا أيضا دورا رئيسيا في بنائها في تنسيقيات غراندبيونوس آيريس بالمنطقة الشمالية، على سبيل المثال. ولكننا لم نقم بالإستفادة تماما من تلك الفرصة، كما سنرى لاحقا. القيادة الجديدة أحبطت بأكثر الطرق بؤسا. عصاباتها وسمتها النخبوية انتهت بعزل هذه القيادة من الرتب والصفوف. انقلاب العام 1976 أبادها حرفيا أو أرغمها على المنفى. ولكن حتى الإبادة لم تستطع وقف العملية في الجهة الأخرى، بيروقراطية اتحاد بيرونيستا استمر تعفنها وكراهيتها في الرتب والصفوف بالتنامي. على هذه الأرضية الخصبة تأسست المرحلة الثورية التي نعيشها بانفتاح كامل لهذا التغيير الرابع في قيادة الطبقة العاملة. ولكن هذه المرة الفرصة متفوقة نوعيا، هي إحدى تلك الفرص التي تتاح كل 30 أو 40 أو 50 سنة بمجموعة ظروف: إنها تحدث في مرحلة ثورية، وليس إصلاحية كتلك التي سبقتها. تحلّل وانحدار البلاد كان من النوع الذي يحول النضالات الإقتصادية للطبقة العاملة إلى نضالات مناهضة للرأسمالية. البزوغ الثوري الذي تم شقه على يد مالفيناس استعاد عمق تدفقه بعد فترة قصيرة لنصف سنة أعقبت إنتصار ألفونسين. البيروقراطية القديمة جثة متعفنة بلا قابلية لإعادة بناء نفسها مجددا كما في الفترات الأخرى. البيرونية تعيش أزمة نهاية مسدودة بجلاء. منافسونا في “اليسار”، كما رأينا من قبل، مكبلون بسياسته الخاصة لدعم الحكومة والنظام و/ أو فرع مخجلٍ مخزٍ البيرونية الرجعية في اضمحلال. للمرة الأولى نواجه وضعا كهذا بحزب قوي، بالغ المدى على المستوى القومي بمئات إن لم يكن آلاف الكوادر الجدد والقدامى. كما أن لدينا تجربة طويلة وواسعة قادتها أسماء مجيدة كغرابو أوبريرو ماركسستا (الماركسية)، وبالابٍرا أوبريرا، وبارتيدو سوشياليستا (الإشتراكية) والتراباجادوريس.
[i] حزب العمال، تأسس على يد عمال محلات التبريد الكبرى، وكان بقيادة سيبريانو ريينيس
[ii] اسبيجو كان اسم قائد الاتحاد الرئيسي للمرحلة الأولى للبيرونية
[iii] حركة بيرونيستا كان لها قيادة تشكلت على يد فروعها السياسية، والنقابية، والنسوية (السابق كان له مشاركة رسمية في قيادة الحركة)
[iv] تيار بقيادة نهويل مورينو الذي أدى لانبثاق الحزب الإشتراكي التروتسكي، وحزب العمال الإشتراكيين، وحركة من أجل الإشتراكية
[v] اتحاد عمال المعادن
[vi] فاندور من اتحاد عمال المعادن. كان القائد الأعظم لبيروقراطية بيرونيستا النقابية. تم اغتياله بأوامر مونتونيرو. أندريس فراميني كان القائد الأعلى لجمعية عمال الغزل والنسيج
[vii] شبه عصيان شعبي وبروليتاري شهدته مدينة كوردوبا عام 1969
[viii] اتحاد مصنع “فيات” في كوردوبا. كان معقل التيّارات اليساريّة ضد بيروقراطية بيرونيستا
[ix] قائد هام لاتحاد النور والقوة (عمال الكهرباء) معارض للبيروقراطية البيرونية
[x] تعبئة هائلة للطبقة العاملة قادتها البيروقراطية البيرونية ضد وزير الاقتصاد، رودريغو، من حكومة ايزابيل بيرون
ترجمة: تامر خورما تحرير: فيكتوريوس بيان شمس
#نهويل_مورينو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسئلة حول تنظيم الحزب الثوري (7)
-
أسئلة حول تنظيم الحزب الثوري (6)
-
أسئلة حول تنظيم الحزب الثوري (5)
-
أسئلة حول تنظيم الحزب الثوري (4)
-
أسئلة حول تنظيم الحزب الثوري (3)
-
أسئلة حول تنظيم الحزب الثوري (2)
-
أسئلة حول تنظيم الحزب الثوري (1)
المزيد.....
-
السيد الحوثي: العدو اعتدى على متظاهرين بسوريا واطلق عليهم ال
...
-
سلطات مدينة إيربيت الروسية تقرر نزع ملابس -ديد ماروز- عن تمث
...
-
صحيفة تركية: أنقرة ستسمح لحزب مؤيد للأكراد بزيارة أوجلان في
...
-
صحيفة: تركيا ستسمح لحزب مؤيد للأكراد بزيارة أوجلان في سجنه
-
ترامب يخاطب -اليساريين المجانين- ويريد ضم كندا وغرينلاند وقن
...
-
من الحوز إلى تازة: دخان مدونة الأسرة وانعكاسات تمرير قانون ا
...
-
الجبهة الديمقراطية تندد باعتقال السلطة أحد قادتها خلال مسيرة
...
-
الجبهة الديمقراطية تندد باعتقال السلطة أحد قادتها خلال مسيرة
...
-
الحزب الشيوعي ودكتاتورية الأسد
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 584
المزيد.....
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
المزيد.....
|