|
الاحتيال فى الأدب العربي و المقاملت العبرية
زينب محمد عبد الرحيم
كاتبة وباحثة
(Zeinab Mohamed Abdelreheem)
الحوار المتمدن-العدد: 6437 - 2019 / 12 / 14 - 02:41
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
ظاهرة الاحتيال فى الأدب العربي و العبري الاحتيال فى اللغه يجمع بين المنع والإلحاح وأستعملت هذه الكلمة بكثرة فى العصر العباسي إشاره إلى شدة السؤال و الإلحاح . للاحتيال صور عديدة مثل الكدية ، التسول ، النصب ، التطفل و السرقة و يقوم المحتالون بالأنتشار و نصب الشباك و يستخدمون حيلهم و مكائدهم للحصول على مرادهم فمنهم من يحتال من أجل المال أو الطعام أو تحقيق هدف أجتماعى و ظاهرة الاحتيال منتشرة فى كل المجتمعات وقد عرف المجتمع العربي هذه الظاهره منذ العصر الجاهلى و هؤلاء المحتالون كانوا يعرفون بالصعاليك و كانوا ينشرون الفساد فى الأرض و يسرقون و ينهبون ، و فى العصر العباسي أزدادت هذه الظاهره بشكل كبير و مبالغ فيه بسبب الظلم و الفقر و أستحواذ الطبقات العليا على المال و الثروه على حساب الطبقات الكادحه و لا شك أن هذا التفاوت الطبقى جعل الطبقه الشعبيه تعانى الفقر و الظلم و من ثم ظهور المحتالين و المتسولين و اللصوص . ظاهره الاحتيال ، هى ظاهره تعتبر لسان حال المجتمع خاصة فى العصر العباسي مما جعل العديد من الفقراء يلجأون للأحتيال من أجل الطعام و الكسب .
و بما أن الأدب يعتبر مرآة المجتمع فقد عبر الأدب عن هذه الظاهره و ظهرت فى العديد من كتب التراث العربي حيث ألف الأدباء كتبا كاملة عن التسول و الكديه و كل ما يخص المحتالين ، كما شهدت أعمال الجاحظ فى كتاب الحيوان و البخلاء و حيل اللصوص قصص كامله عن المحتالين ، حيث أعتبر البعض كتب الجاحظ بمثابة دستور الشطار و العيارين لما فيه من وصف دقيق لصفاتهم و مكائدهم . و فى كتاب البخلاء ، أستطاع الجاحظ أن يعرض صورة البخلاء الحقيقيه و أساليبهم فى الأحتيال للحصول على أغراضهم ، فالبخلاء إن عجزوا عن إخفاء البخل لجئوا إلى المغالطه و التأويل و قلب المفاهيم ، فإذا البخل أقتصاد و إذا التقتير حسن تدبير و هكذا يسمون الأشياء بغير أسمائها . لقد أفرد الجاحظ قصص عدة حول البخلاء نذكر منها قصة "أهل البصرة من المسجديين" و المسجديين :هم طائفه من الفقراء و البخلاء التى كانت تلازم مساجد البصرة و تتخذها ميدانا للدرس و المذاكره حيث كانوا يعقدون أجتماعا للبخلاء يرون فيه حكاياتهم و يدرسون أمور البخل والتواصى به و فى هذه القصه يقول الجاحظ: قال أصحابنا المسجديين أجتمع ناس فى المسجد ممن ينتحل الأقتصاد فى النفقه من أصحاب الجمع و المنع و قد صار هذا المذهب عندهم كالنسب الذى يجمع على التحاب و كانوا إذا ألتقوا تذكروا هذا الباب و تطارحوه ألتماسا للفائده و أستمتاعا بذكره. الأحتيال فى الأدب العبرى ، حيث تأثر كثيرا بالادب العربي ، وظهر أدب الاحتيال فى فن المقامه و صوره العديد من الأدباء اليهود اللذين تأثروا بفن المقامه العربي . فى كتاب التسالى ، ليوسف بن مائير بن زباره ، صور فى مقاماته الاحتيال عن طريق شخصيات تتسم بهذه الصفه وذكر على سبيل المثال رجل الدين الذى من المفترض أن يكون مثالا للأخلاق و العفه ، ولكن بعضهم يلجأ إلى الأحتيال و الغش من أجل تحقيق منافع شخصيه . هذا النوع أفصح عنه ابن زباره و صوب نحوه سهام النقد و أظهر رجل الدين فى صوره مشينه إذ قام هذا الرجل بسرقة مهر عروس أبنة جاره ، فيلومه أبن زبارة على أحتياله ، وفى موضع آخر ينتقد ابن زباره معظم رجال الدين(الحاخامات) و يحذر الناس منهم و يصفهم بالغش و النفاق و يقول عنهم فى إحدى مقاماته : معظمهم لصوص فلا تثق بكلامهم لأنهم كاذبون و يفسقون مع النساء و يزنون و يستحلون أموال أصدقائهم و هم شركاء للشياطين يتظاهرون بالمحبه و الكذب يملأ أفواههم و لا يعرفون شمالهم من يمينهم و طوال اليوم يدعون و لا يعرفون من يدعون و يرفعون أيديهم و لا يعلمون لمن يرفعونها. (ترجمت من العبريه) و مما سبق يتضح ان الاحتيال له أهله و نظامه حيث يقوم المحتالون بالتخطيط لكل شئ من أجل إيقاع الضحيه فى الفخ و أن الاعمال الأدبيه التى تناولت مواضيع الأحتيال تحاول أن توجه دعوة إلى ان ينصلح حال المجتمع و هو سخريه مره من الزيف الأجتماعى و النفاق و التشدق بالشرف و التمسك بالأحترام لآخفاء الأنهيار الأخلاقى للشرفاء المحترمين .
#زينب_محمد_عبد_الرحيم (هاشتاغ)
Zeinab_Mohamed_Abdelreheem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكاية شعاع الشمس الهارب
-
السلطه الأبويه فى اللعبه الشعبية
-
فلسفة باروخ سبينوزا
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|