أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أبو قمر - البزازة














المزيد.....


البزازة


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 6432 - 2019 / 12 / 8 - 22:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل علينا أن نبتهج لأن وزيرة الثقافة رفضت تعيين سيدة منتقبة مديرة لقصر ثقافة كفر الدوار؟!! ، وهل لنا أن ننام مرتاحين البال لأن وزير الأوقاف تفضل علينا بإخفاء الشيخ عبدالله رشدي عن عيوننا في دهاليز الوزارة؟؟!.
يبدو لي أن ما فعلته وزيرة الثقافة وما فعله وزير الأوقاف يشبه كثيرا ما تفعله الأم مع رضيعها عندما يفتح جعورته صارخا من ألم في بطنه أو مغص في معدته إذ تلقمه البزازة لكي يصمت ولا يعود يوجع رأسها بصراخه وعويله.
البزازة لاتغني الصغير عن الجوع ولا تخلص أمعائه من الألم ، بل ستتفاقم مشاكله وإن لم يمت سيكبر ضعيفا وهزيلا لا نفع فيه ولا رجاء.
هل رفضت الوزيرة تعيين السيدة المنتقبة كمديرة لأحد قصور الثقافة لأنها منتقبة أم لأنها تحمل فكرا يعادي الإبداع ويلفظ الفن ويشيع الكراهية ويصادر العقل وينشر الخرافات ويوقف عجلة الزمن؟؟!!.
لو كان موقف الوزيرة هو لأن السيدة ترتدي النقاب وحسب – وأعتقد أنه كذلك – فإنها في هذه الحالة تستهين بالشعب ، وتحتقره ، وتتصرف حيال مستقبله بطريقة الأم التي تلقم صغيرها البزازة كي تلهيه ولا تعود تسمع صوته الذي يزعج جناب سيادتها.
ظهور السيدة المنتقبة علي سطح الواقع الثقافي هو أبلغ دليل علي أن وزارة الثقافة التي من شأنها أن القيام بعملية التنوير وصياغة مشروع فكري وثقافي يؤسس لخروجنا من مستنقع الجمود والتحجر قد اجتاحها الفكر الظلامي الذي فصلنا عن مسيرة الحضارة الإنسانية ، وأن المؤسسة التي من المفروض أن تستنهض العقل وتكافح الخرافة وتحرر المواطن من الشبكة العنكبوتية التي التفت حول ضميره ووجدانه وألغت قدرته علي المبادرة وشككته في ملكاته وقدراته ، هذه المؤسسة قد أصبحت مرتعا لأفكار التطرف التي تغوص بنا يوما بعد يوم في أوحال العنصرية واحتقار المرأة ونبذ الإبداع وكراهة الفن والعداء الشديد لكل ما هو حضاري وإنساني.
الأم الحمقاء بليدة الذهن التي لا تأبه بمستقبل وليدها هي التي تلقم رضيعها البزازة وهي تقول له : إخرس ها أنذا وضعت البزازة في حلقك وليس لك عندي أكثر من ذلك أيها المتمرد الحقير ، لكن ظهور السيدة المنتقبة علي رأس منفذ ثقافي من المفترض أن يضيء العقل ويرسم خطوط الفكر الذي يربطنا بمسيرة الحضارة الإنسانية وينقذنا من مستنقع الغياب كان فرصة ذهبية لفحص ملف الأوضاع العقلية والفكرية والثقافية للأمة ومن ثم مراجعة المشروع الثقافي والفكري – إذا كان هناك مشروع فعلا – الذي من شأنه أن يزيل خيوط العنكبوت التي تعلقنا بها فصرنا لا ننتج إلا مزيد من الخبل وتآكلت قوانا الناعمة وأصبحنا مجرد مستهلكين لأحط أنواع الأفكار وأكثرها تخلفا وضياعا .
النقاب ياسيدتي ليس هو المشكلة وإنما المشكلة الحقيقية في الظلمة التي تكمن تحته ، في الكراهية التي يعبر عنها ، في الأفكار التي تنتشر من تحته كالسرطان ، فيما يؤدي إليه ليس من إخراجنا من حركة التاريخ بل إلي نزعنا من جغرافية الكون كذلك.
عبدالله رشدي تم استبعاده كذلك بطريقة البزازة ، لكن أحيانا عندما تشرع الأم في إلقام إبنها تجد الرضيع يدفع البزازة بلسانه ويرفض استقرارها في حلقه وتنفرج أساريره فجأة بابتسامة حلوة وكأنه يقول لأمه : كم من الوقت مضي وأنا أتوجع أيتها الحمقاء خذي بزازتك لا أريدها ولن أبكي بعد ذلك لأنني حتي فقدت القدرة علي البكاء.
كم مضي من الوقت وعبدالله رشدي وكثير من أمثاله يحدثوننا عن نكاح الصغيرة ، وعن جواز قتل تارك الصلاة ، وعن تكفير المصريين المسيحيين ، وعن عدم ود جارنا المسيحي ، وعن احتقار المرأة ، وعن عدم مداواة مرضانا ، وعن السخرية من منجزات العقل والعلم ، كم من الوقت مضي علي محاربة الفكر والإبداع ، كم من الوقت مضي والحصار يضيق يضيق يضيق علي العقل بهذا الكم الهائل من الخرافات والحكايا التي تنافي أبسط المثل الأخلاقية والإنسانية؟؟؟!!.
وهل المشكلة تنحصر في عبدالله رشدي أم في النسق الفكري والعقائدي والمعرفي الذي شكّل ضمير عبدالله رشدي وآلاف مؤلفة من اشباهه ؟؟!! ، من أين جاء عبدالله رشدي وغيره كثيرون بهذه القناعات التي يروجونها باعتبارها فروضا وأوامر وأحكاما إلهية؟؟؟!!!.
وهل ستزول قيم الكراهية والعنصرية ونبذ الآخر بإبعاد عبدالله رشدي أم بمراجعة الخطاب الذي أنتج وعي عبدالله رشدي وزوده بكل هذه الصلافة والغتاتة والوحشية التي كان يتحدث بها علي مرأي ومسمع من العالم عن مشروعية نكاح الطفلة ذات الأربع سنوات بشرط كونها تطيق الوطء؟؟!!.
عبدالله رشدي فرد في منظومة ، صوت في نسق معرفي مسيطر ، حلقة في سلسلة طويلة متصلة تُذكرك بسلسلة من الأحداث التي رتبت في النهاية سيطرة خطاب رجعي ماضوي شديد التحجر والتخلف والعفونة ، فلك أن تتذكر ما حدث للشيخ علي عبد الرازق حين أصدر كتابه الاسلام وأصول الحكم ، وما حدث لطه حسين حين أصدر كتابه في الشعر الجاهلي ، وما حدث لرواية أولاد حارتنا لنجيب محفوظ ، وما حدث لنصر حامد أبو زيد ، وما حدث لفرج فوده ، ثم تقودك لتلطق قهقهة عالية حين تعرف أن هذا الخطاب يكفر المنتحر ولا يكفر الارهابي الذي يفجر نفسه محدثا مقتلة رهيبة وبشعة بين الأبرياء من النساء والأطفال.



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- هلوسات
- لا صوت يعلو فوق صوت المرأة
- أنا مصري ثم مسلم مسيحي أو مسيحي مسلم
- فن الشعر وحدودنا البحرية
- وهم إصلاح الخطاب الديني
- كيفية صُنع آلهة من العجوة
- الحشمة ومساءل أخري
- تمثيلية قتل الزعيم
- مفتاح الحياة في الزمن الميت
- باختصار
- السؤال الكبير
- تشوهات
- حتي لا ننسي
- هل صليت اليوم علي النبي؟؟!!!!!
- المؤامرة مستمرة
- نصف تفاحة
- لحظة حُب في عرض الطريق
- الطريق إلي مصر
- البخاري ، وإجماع العلماء ، والطريق إلي الكارثة


المزيد.....




- مشاهد من مناورات واسعة يجريها الجيش الإيراني غربي البلاد
- كانت مخزنة في إسرائيل.. واشنطن تسلم أوكرانيا 90 صاروخا من طر ...
- بعد مقابلة رئيس الوزراء القطري مع قناة إسرائيلية: من سيطبّع ...
- حلقة جديدة من التوتر.. لماذا استدعت الجزائر السفير الفرنسي؟ ...
- الضفة.. اقتحام مخيمات جنين وطولكرم
- هل تنجح إيران في التوصل لتسوية مع ترامب؟
- RT ترصد تحركات الجيش اللبناني في الجنوب
- إضرام النار بسفارة فرنسا بالكونغو
- الجيش الإسرائيلي: مقتل عامل إسرائيلي وسط قطاع غزة بنيران صدي ...
- -وحدة ما في غيرها-..الشرع يرحب مازحا بزوجته خلال لقائه وفدا ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أبو قمر - البزازة