سامي البدري
روائي وكاتب
(Sami Al-badri)
الحوار المتمدن-العدد: 6425 - 2019 / 12 / 1 - 16:00
المحور:
الادب والفن
في الليل، وككل الأشياء الصامتة،
ينزل وجهي قليلا، كتراجع زرقة البحر في الظلام..،
ينزل درجة أو أكثر عن واجهة ضجيجه،
كما تنزل صرخة امرأة بعيدة...
إلى مستوى الحشرجة.
في تلك اللحظة ألصقه بلوح زجاج النافذة،
فيبدو كتلويحة كف مقطوع،
وهو يرقب عبور المارة..
ينسى ألوان ملابسهم،
ينسى وجهة خطواتهم،
لكنه لا ينسى درجة إنفراج شفتي نادلة الحانة المقابلة،
وهما تفتران عما تسوقه، كإبتسامات،
في وجوه زبائنها المتعبين..
وجهي الذي تجمده برودة الزجاج،
عند سقف "لا" رفض، من نبرة واحدة،
يجهل إسم النادلة ووجهة سكنها،
لكنه يعرف درجة برودة شفتيها،
عن ظهر إنتظار..
هي تشبه لحظة إنفراج شفتي فرجينيا وولف،
وهي تعبئ جيوب معطفها بقوالب الحجر،
كما يهمس للوح الزجاج،
رغم أنها لا تملك معطفا رماديا،
ولم يصادفها يوما تختبر مياه النهر القريب.
وجهي المحنط، كبورتريه رديء الخطوط، على لوح الزجاج،
لم يرها يوما تصطحب طفلا
ولم ينتظرها رجل على الناصية
ولم ترد تلويحة لعابر مزهو بنفسه
الكل يعبرون من أمام زجاج حانتها،
بمقاسات المرور عينها...
ويتبددون في زحام الجثث العابرة بالطريقة ذاتها..
لطخة وجهي على لوح الزجاج،
الباردة كيد غريق بطعم الطوفان،
مازالت تنتظر أن يرى صمت النادلة
بمعطف كمعطف فرجينيا وولف.
#سامي_البدري (هاشتاغ)
Sami_Al-badri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟