|
المؤتمر الخامس عشر لجبهة البوليساريو // Le quinzième congres du Polisario
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6425 - 2019 / 12 / 1 - 11:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من المنتظر ان تعقد جبهة البوليساريو في غضون النصف الثاني من الشهر دجنبر الجاري، مؤتمرها الخامس عشر ، بعد خمسة وأربعين سنة من نزاع لم يجد له حلا الى الآن ، ولا يزال يتنقل في بين ردهات الجمعة العامة للأمم المتحدة ، وردهات مجاس الامن . فعند أخذنا لطول الصراع الذي عشعش بالمنطقة ، وهو اقدم نزاع لم تجد له الأمم المتحدة حلا ، بل انها تتلكأ في حله ، لأسباب متحكم فيها من قبل دول مجلس الامن التي تملك الفيتو ، سنجد ان عقد الجبهة طيلة هذه المدة ، للمؤتمر الخامس عشر ، لا يستجيب لطبيعة المهام التي كان يجب على الجبهة مباشرتها ، بشيء من الشجاعة ، تجيب عن الإنتظارات التي ولدتها ، ستة عشر سنة من الحرب ، وولدتها ثمانية وعشرين سنة من المفاوضات العقيمة ، والعاقرة ، والمضيعة للوقت ، وللجهد ، بحيث ان الخاسر الأكبر من طول هذه المدة ، يبقى هم الصحراويون بالمخيمات . فهل ستكون قرارات المؤتمر الخامس عشر ، قرارات جريئة ، ومسؤولة ، تجيب وتستجيب ، لمختلف التطورات المتلاحقة عن النزاع ، بما فيها بعض الانتصارات في المحافل الدولية ، كحضور الجمهورية الصحراوية ، وليس الجبهة لقاءات دولية ، وبما فيها الانتكاسات المتواصلة ، كسحب العديد من الدول اعترافها بالجمهورية ، بسبب ضعف النظام الجزائري المتهاوي ، الذي وفر التغطية من عسكرية ، ولوجيستيكية ، الى قواعد الجبهة فوق التراب الجزائري ، وهنا نتذكرنا تصرف الرئيس الروسي فلادمير بوتين الذي ابعد الجمهورية الصحراوية من حضور مؤتمر " سوتشي " ، بين روسيا ، وبين الاتحاد الافريقي ، ولو كان النظام الجزائري لا يزال قويا ، ويلعب نفس الأدوار التي لعبها بالساحة الدولية خلال السبعينات والثمانينات ، هل كان لفلاديمير بوتين ان يعرقل حضور الجمهورية الصحراوية مؤتمر " سوتشي " ، إضافة الى الموقف الجديد المتناغم للإدارة الامريكية ، مع حل الحكم الذاتي الذي بدأت تصفق وتطبل له ، وتعتبره الحل الأمثل لحل القضية الصحراوية .. هذا دون ان ننسى بالأمس دعوة وزارة الخارجية الاسبانية المواطنين الاسبان بعدم السفر الى تندوف ، والى قواعد الجبهة بالمناطق التي تسميها محررة ، ويسميها النظام المغربي بالمناطق الواقعة تحت تصرف الأمم المتحدة . فإذا كان المؤتمر القادم ، سيكون نسخة طبق الأصل ، لقرارات المؤتمر الرابع عشر ، والثالث عشر ، والثاني عشر ، فمِنَ الاجدى والاصوب ، الاستغناء عن عقد المؤتمر ، لأنه لن يستجيب للتطورات المتلاحقة ، والمتسارعة بالمنطقة ، ولن يكون في مستوى اللحظة ، التي تتطلب ميكانيزمات جديدة ، للتعامل مع الوضع ، بصياغة قرارات تكون متفائلة ، يكون اصلها ولبّها ، هو فقط البحث عن السلام ، لإنهاء حالة " لا حرب ، ولا سلم " التي ذامت ثمانية وعشرين سنة . ان ضرب الديمقراطية القاعدية عند التحضير والتهييء للمؤتمر ، بتهريبه ، والالتفاف عليه ، لتزكية قيادة فشلت في اختيار الحل الأنسب للصراع ، فأصبحت بذلك متجاوزة على جميع الصعد ، بل أضحت عالة على الصحراويين ، الذين يكابدون ، ويعانون من ضنك العيش بالمخيمات منذ خمسة وأربعين سنة ، وتعرت كقيادة فقدت حسها التاريخي والإنساني ، وتحولت منذ التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار ، وتحت اشراف الأمم المتحدة في سنة 1991 ، الى جماعة من الثرثارين الذين عشقوا حتى النخاع ، وهاموا هياما المجنون المنقطع النظير ، في الاحتفالات الطاووسية " Le Paon " ، وفي حظوة بعض اللقاءات الفلكلورية " البروتوكولية " بالرؤساء الافارقة ، معتقدين ومتوهمين عن خطأ ، ان مثل هذه اللقاءات ، هي التي ستمكنهم من بلوغ قصدهم .. سيزيد من تعاسة الصحراويين بالمخيمات ، وسيجعل أي حل للنزاع في الأمد المنظور بعيد المنال .. فعوض تهريب المؤتمر لفرض الامر الواقع ، لديمومة الفشل باستمرار نفس القيادة التي عجزت ، بل فشلت في الإجابة عن السؤال المتحور حول السلام ، لا بد من الدّمقْرطة لإشراك المجتمع الصحراوي ، وممثليه الحقيقيين ، في صياغة القرارات الجريئة والمسؤولة ، التي يعيرها المجتمع الدولي وزناً وقيمة . ان خوض صراع القبيلة ، لتأبيد نفس القيادة التي ستنجز نفس الفشل ، سيكون دكتاتورية مقرفة ، واستبدادا مرفوضا ، وطغيانا مقيتا على القبائل المقموعة ، كقبيلة ولاد دليم ، وهذه الحقيقية الناطقة بما فيها ، يعرب عنها بشكل واضح ، غياب مرشحين ينتمون الى القبائل الأخرى ، ينافسون إبراهيم غالي التي تُثْبت كل الممارسات والإجراءات المنجزة الى الآن ، انه المرشح الوحيد ، للقبيلة الواحدة الذي سعيد خلافة نفسه ، كما ان نفس الوجوه الجاثمة بالأمانة العامة ، ستظل بها ما دام إبراهيم غالي قد حسم صراع الجبهة لصالحة ، ولصالح قبيلته .. فأمام هذه المسرحية التي تجري خيوطها بدعم ، وبتزكية من عسكر الجزائر حاضن الجبهة ، فان لا شيء سيتغير ، وان الأوضاع ستستمر على حالها ، ومعاناة الصحراويين ستزيد استفحالا بالمخيمات ، وقد تنتظرهم أياما عصيبة ، سيتحدد شكلها مع نهاية الحراك الجزائري ، والوجهة التي ستصبح عليها الجزائر بعد الانتخابات الرئاسية ، انْ نجح الجيش القابض على الجزائر في تنظيمها ، امّا ان فشل الجيش في تنظيم الانتخابات الرئاسية ، ولا اعتقد هذا ، لأنه من باب التخمين فقط ، وتمكن الشعب من ابطال الانتخابات ، فكل شيء سيصبح جاهزا للتعامل مع جزائر ما بعد تشطيب كل رؤوس النظام السابق ، الواقفين وراء نزاع الصحراء الغربية منذ سنة 1975 .. وهذا وضع لن يكون ابدا في صالح صحراويي المخيمات ، كما سيكون القشة التي ستقضي نهائيا على دعوات الانفصال ، بالأقاليم الجنوبية المغربية . ان السؤال الأساسي الذي يجب طرحه بكل شجاعة وجرأة من طرف كل المؤتمرين ، هو " ما العمل ؟ الذي سبق للينين ان طرحه في الأيام العصيبة من الثورة الروسية . فإجاد الجواب عن السؤال : ما العمل ، سيكون وحده المحدد النهائي والإيجابي ، عن النهاية الحتمية التي سيصلها الصراع بالمنطقة .. فالى متى سيظل الصحراويون يكابدون ، ويعانون بالمخيمات منذ خمسة وأربعين سنت مضت ؟ والى متى سيستمر إبراهيم غالي جاثما على صدور الصحراويين ، يتجار بهمومهم ، لا لشيء فقط حتى يستمر يحظى بلقاءات الرؤساء الافارقة ، ويستمر غارقا في الطاووسية ، وفي حب الظهور في التلفاز ، منذ ثمانية وعشرين سنة من توقيع اتفاق وقف اطلاق النار في سنة 1991 ؟ والى متى سيستمر إبراهيم غالي ، ومعه اتباعه بالأمانة العامة ، ينتظرون تنظيم استفتاء ، اعترف الجميع بتنظيمه في سنة 1991 ، عندما تم انشاء " المينورسو " ، " هيئة الأمم المتحدة لتنظم الاستفتاء في الصحراء الغربية " ، واصبح اليوم بمثابة مطلب باستثناء البوليساريو ، فلا احد اضحى يعطيه قيمة ، ولا أهمية ، فاصبح بذلك متجاوزا .. ان ما تجهله قيادة جبهة البوليساريو ، انّ القرارات الدولية ، والعلاقات الدولية ، ليست ساكنة او جامدة ، بل هي بعيدة حتى عنْ انْ تكون كقاعدة عامة ، من قواعد القانون الدولي التي تلتزم الدول بها في جميع الأزمنة والعصور ، لكنها ، أي القرارات والعلاقات الدولية ، تتماشى دائما استجابة لطبيعة التطورات التي تفاجأ حتى دهاقنة وجبابرة القانون الدولي ، وتفجأ المؤسسات الدولية . لذا فالعلاقات الدولية بين الدول ، تبنى دائما على معايير متعامل بها ، كالاستقرار ، والقوة ، وثروة الدولة .. وهذا الوضع الذي افتقرت اليه لجزائر منذ تمسكها ببوتفليقة كرئيس للدولة ، وهو مريض مشلول ، اعطى للمجتمع الدولي قناعة راسخة ، عن طبيعة الدولة الجزائرية ، كدولة مافيوزية تحكمها العصابات ، كما ذهب بالمجتمع الدولي ليتخذ الحذر ، والحيطة التي قد يتسبب فيها عدم استقرار الجزائر ، واثر ذلك على الامن بالمنطقة ، خاصة اوربة الجار الشمالي للجزائر . ان هذه الحقيقية ، بغياب الجزائر الدولة الطبيعية عن التأثير في الساحة الدولية ، وسحب العديد من الدول ، خاصة الاتحاد الأوربي ، وامريكا ، وحتى روسيا ( ابعاد الجمهورية الصحراوية من حضور مؤتمر سوتشي ) ، ثقتها من الجماعة المستبدة بالدولة الضعيفة المُغيّبة ، سببت ، وتسببت في كل الانتكاسات التي منيت بها قضية جبهة البوليساريو ، كتنظيم من صنع نظام جزائري يتلاشى ، وفقد ثقة الدولة العظمى به .. فالسخط الدولي الذي أصاب عصابة الجزائر ، انعكس على وضع الجبهة التي فقدت البوصلة ، وأصبحت تائهة في رمال الصحراء الحارقة ، وانْ لم تجبْ بكل تجرد وشجاعة ، عن السؤال الذي يجب ان تطرحه ، " ما العمل " ؟ اكيد انها ستكون قد صوبت بنفسها رصاصة الرحمة على رأسها .. ان الموضوع الأساسي الذي يجب على المؤتمر المقبل مناقشته ، هو السلام بالمنطقة ، بعد كل الويلات التي مرت منها بفعل التهور ، وبفعل فقدان حس تحليل التطورات المتلاحقة ، وبسرعة فائقة .. وعلى كل المؤتمرين ان يكونوا في مستوى الاحداث التي تجاوزتهم ، وذلك باتخاذ القرار السياسي الجريء ، والشجاع ، والذي لن يزيغ عن احد الحلول الثلاثة : 1 ) قرار السلم ، وهنا يجب الاحتكام الى التطورات التي حصلت بالمنطقة ، ومنها استحالة تنظيم الاستفتاء ، لأسباب جغرافية بشرية ، وتقنية ، واممية ، وهنا يبقى حل الحكم الذاتي كمخرج يحفظ ماء وجه الجميع ، حيث لا غالب و لا مغلوب ، خاصة وانّ صياغة كل بنوده ، ستكون تحت اشراف الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، وهذا سيعطي للصحراويين ضمانات عن مستقبلهم ، ضمن الحل المذكور . 2 ) قرار الحرب ، وهو قرار لا احد يرغب فيه ، لكن هل تستطيع الجبهة الرجوع الى الحرب ، دون أوامر عسكر الجزائر ، والدولة الجزائرية ؟ وهل الجزائر الدولة المهددة بالتفتيت وبالتلاشي ، ستكون قادرة على دعوة الجبهة الى الحرب ، وهي تعرف جيدا تبعات الحرب ، التي لن تكون في صالحها ، ولا في صالح الجبهة . 3 ) قرار الاندماج في الجزائر ، وهذا القرار يبقى حلا معقولا ومقبولا ، إذا رفضت الجبهة السلام والسلم اللذين سيضمنهما حل الحكم الذاتي ، ورفضت قرار الحرب لصعوبة العودة اليه .. إذن ماذا تريدون : --- هل تريدون السلام ضمن الحكم الذاتي ؟ --- هل تريدون الحرب ؟ --- هل تريدون الذوبان ، والاندماج في المجتمع الجزائري ، فتصبحون جزائريين ، وطنكم هو الجزائر ؟ فماذا تريدون بالضبط ، والمؤتمر يجب ان تكون له الشجاعة ، لاتخاذ القرار المناسب ، في الوقت المناسب . ماذا تريدون ؟
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحليل / Analyse // الملك يسود ولا يحكم / Le Roi règne mais n
...
-
رايات الاستعمار ترفرف فوق العواصم العربية / Les drapeaux col
...
-
الولايات المتحدة الامريكية / اسرائيل // Les Etats nis d’Amér
...
-
البرلمان المغربي
-
هل لا تزالون تحلمون بفلسطين حرة مستقلة
-
اليسار مات في يناير 1975 / المؤتمر الاستثنائي / مؤتمر الارتد
...
-
ملف - الحراك الجماهيري الثوري في العلم العربي .. -
-
خطير : دعوة الى القتل
-
بومدين والبربرية
-
الى الرأي العام الدولي أوقفوا التعذيب في المغرب
-
بناء الخلافة في تونس -- Linstauration du Chilafa ( le chalif
...
-
اتفاقية مدريد الثلاثية
-
العلاقات المغربية الاسبانية
-
الخونة الفلسطينيون -- Les traîtres Palestiniens
-
ما يجهله المدافعون عن سجناء الريف -- Ce qui ignore les défen
...
-
خطاب الملك محمد السادس : - خطاب تحد للجزائر ، وللامم المتحدة
...
-
الغربيون وقضية الصحراء الغربية
-
الى الرأي العام الدولي -- A lopinion public Internationale .
...
-
التخلي عن السلاح : منظمة ( التحرير ) الفلسطينية ، وجبهة البو
...
-
تمخض الجبل فولد القرار 2494 -- Analyse de la résolution 2494
...
المزيد.....
-
ترامب يريد معادن أوكرانيا الثمينة والنادرة مقابل الدعم المال
...
-
الصفدي يكشف عن رسالة لوزير الخارجية الأمريكي بشأن -حل الدولت
...
-
قاعدة عسكرية تركية وسط سوريا.. أنقرة ستوسع حضورها العسكري في
...
-
بعد سنوات في قيادة الناتو.. ينس ستولتنبرغ على رأس وزارة الم
...
-
شتاينماير يتفقد قوات بلاده في الأردن ويجري محادثات مع الملك
...
-
حاكم ولاية تكساس يوجّه الحرس الوطني بفرض قانون الهجرة على ال
...
-
بيدرسون يعلق على -نجاح المرحلة الانتقالية السياسية في سوريا-
...
-
تحذير جديد.. ارتفاع -مقلق- في مستويات البلاستيك الدقيق داخل
...
-
بيسكوف: العالم يصبح متعدد الأقطاب ولا يمكن تجاهل ذلك
-
حل لغز الغبار المشع الذي جاء إلى أوروبا من إفريقيا
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|