|
نور في الظلام شريط سينمائي طويل لخولة بنعمر حول الإعاقة البصرية
الكبير الداديسي
ناقد وروائي
(Lekbir Eddadissi)
الحوار المتمدن-العدد: 6424 - 2019 / 11 / 30 - 02:02
المحور:
الادب والفن
ذ. الكبير الداديسي
في إطار اللقاءات السينمائية الشهرية ، وعرض شريط في الخميس الأخير من كل شهر، اختار النادي السينمائي التابع لجمعية أكورا للفنون التي يترأسها المخرج إدريس اشويكة ليلة الخميس 28 نونبر 2019 عرض شريط "نور في الظلام" في قاعة الأطلنتيد بآسفي، وذلك بحضور محرجة الشريط خولة اسراب بنعمر وكاتب القصة والسيناريو رؤوف الصباحي والفيلم حاصل على جائزة العمل الأول في كل من المهرجان الوطني بطنجة في دورته 18 ومهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر الأبيض المتوسط في دورته33 والتي أطلق عليها دورة "حسين فهمي"، إضافة إلى عرضه بعدد من الدول، فيلم "نور في الظلام" يحيل على عدد من الأعمال الفنية بنفس العنوان عربية وعالمية يكفي أن نذكر منها الفيلم قصير (the light of darkness ) لميشال كارجيل، المسلسل إيراني من عدة حلقات حول حياة الفيلسوف الشيرازي والظروف العامة للعهد الصفوي في القرن الحادي عشر وعلاقات إيران مع دول الجوار والدول التي كانت تخطط للهجوم عليها والمسلسل أذاعته قناة الكوثر سنة 2018، إضافة إلى المسرحية الاستعراضية الخليجية بتقنيات عالية في الإضاءة والتشخيص من تأليف محمد الكندري وإخراج يوسف البغلي، وإن كانت هذه الأعمال قد سخرت لها إمكانات مالية ضخمة وتقنيات عالية في التصوير، فإن المخرجة خولة بنعمر ، وزوجها رؤوف نحل الإعلامي الكبير رشيد الصباحي قد اختارا إخراج فيلم حسب الإمكانات المتاحة، فأسندا البطولة لممثلين شباب يقفون لأول مرة أمام الكاميرا خاصة أميمة الشباك وحسين أغبالو اللذين أديا دور البطولة، مع الاعتماد على بعض الممثلين الذين لهم حضورهم في المشهد السينمائي الوطني على رأسهم الممثلة لطيفة أحرار ، والممثل صالح بن صالح تيماتيا الفيلم يحكي تجربة شاب (حسين اغبالو) يعيش وضعية إعاقة بصرية في وسط طلابي يحلم بأن يكون مذيعا بالتلفزيون، يتخبط في معاناة داخلية بين عدم تقبله للإعاقة و محاولته معاندة وإقناع نفسه ومن حوله بنجاحه في تحقيق هدفه، تتعلق به فتاة من أسرة أرستقراطية تدرس السينما وتخلص له وتحاول مساعدته بكل ما أوتيت من قوة دون جدوى ما دام يرفض مساعدتها، لتتعمق أزمته بعد عجز أرسرته (والده الذي أدى دوره الممثل عبد اللطيف الخمولي) عن تقديم أي دعم مالي له لما فتحت له فرصة سفر تكويني إلى فرنسا.. الفيلم موجه لمتلقي مننوع خاص فهو فلمُ قضيةٍ، بعيد عن الأفلام التجارية القائمة على الحركة وجمالية وسرعة الصورة، ومختلِف عن معظم الأفلام التي تناولت تيمة الإعاقة، فجاء بعيدا عن تلك الأفلام التي تستهدف التركيز على معاناة المعاق الذي يكسب عطف المتفرجين، وعن صورة ذلك المعاق القادر على تحدي كل الصعاب... ليقدم الشريط صورة غير نمطية، البطل فيها شخص عادي يعيش حياة عادية بين الطلبة، قلما تلقى إهانات أو مضايقات بسبب إعاقته، ولعل السبب وراء ذلك استلهام المؤلف لعدد من الأفكار والمواقف من حياة والده ( الصحفي المقتدر رشيد الصباحي) والذي يؤكد كل من عاشره على حدسه وتعامله كالمبصرين، فكانت الذاتية وما هو سِيَري حاضران بقوة في الشريط... تقنيا المخرجة اختارت تصوير الفيلم بالأبيض والأسود، ونجحت بشكل كبير في توظيف البياض والسواد/ الضوء والنور (تماشيا مع العنوان) وجعل الشاشة سوداء عدة مرات والتوفيق بين سينوغرافية الفيلم و تصويره، تعمدت أحيانا كثيرة وضع الكاميرا في وضعيات قلما اعتمدها المخرجين المغاربة فصورت في عدة لقطات الشخصيات من الخلف خلال السر أو أثناء الوقوف بجانب البحر، مع التركيز في تصوير البطلة من الأعلى سواء وهي في السرير، أو أثناء زياراتها لعشيقها الذي كان صديقه يكلمها من الشرفة، أو أثناء رسمها لوحاته بطريقة تخدم مقصدية الفيلم... كما خدمت الفيم تقنيةتقديم الصوت على الصورة أو تأخيره عنها في حوالي أربع أو حمس مرات لتؤكد المخرجة أن ذلك كان مقصودا حتى يبقى رنين الصوت في أذن البطل والمتلقي الذي يستعمل أذنيه للسمع والبصر... وبما أن الشريط يستلهم من حياة الإذاعي رشيد الصباحي، فقد كان هذا الصحفي حاضرا بقوة في الفيلم من أول جملة سينمائية إذ انطلق الجنيريك بحوار بين الأبن (كاتب القصة والسيناريو) وأبيه وعلى تتمة الحوار استل الستار على أحداث الفيلم ليغلق دائرة النص بالعودة إلى نقطة الانطلاق، فكان الحوار بمتابة الخيط الرابط(fil conducteur ) في شريط غير وثائقي، ومع ذلك فقد كان مسار الأحداث تصاعديا وفق تسلسل ومني ـ وتسلسل منطي لا إرجاعيات ( Flash Back) فيه ولا تذكر لمراحل مضت، دون أن يستطيع المتفرج معرفة زمن القصة ولا مكانها، وهو ما يجعلها قصة نمطية(Typique) يمكن تخيل وقوعها في أي مكان وزمان. وعلى الرغم من الحضور القليل الذي تابع الفيلم، فإن الشريط يبقى شأنه شأن كل عمل جاد لا تتابعه إلا النخبة في عصر غدا الجمهور الأوسع يتسابق على التفاهة والأكلات السريعة، وأعمال ال( gag)، ويكون "فيلم نور في الظلام" إضافة نوعية للتراكم القليل في مجال مقاربة السينما المغربية للإعاقة عامة و البصرية منها خصوصا، بطريقة فنية انطلقت مما هو ذاتي لتشد الجمور، فكل عمل ذاتي قادر على أن يستحيل عملا فنيا ناجحا إذا روي بصدق ، والصدق والبساطة أهم ما ميز "نور في الظلام" فالبطل تمكن من تحقيق هدفه وفق تطور الأحداث بالاعتماد على إمكاناته الذاتية وبمساعدة مدربة اعتمدت على تقنيات التواصل الحديثة ن واستكشاف المؤهلات الذاتية للبطل، دون أن تحط البطل محط شفقة. لتكون الرسالة من الشريط موجهة للشباب ودعوة للاعتماد على الذات والإيمان بالقدرات والكفاءات الدفينة فينا، خاصة وأن التصوير تم بفضاءات مدينة العرفان بمؤسساتها الجامعية ومعاهدها العليا وما تمثله في الذاكر الجمعية للطلبة والشباب...
#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)
Lekbir_Eddadissi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مرفولوجية الخرافة المغربية ( حكاية غلاب نموذجا )
-
الملتقى الوطني للحكاية الشعبية
-
الأساتذة المبدعون
-
افتتاح مهرجان السينما والأدب بآسفي/المغرب
-
مهرجان دولي يفتح اسفي على السينما والأدب
-
-دموع الرمال- فيلم يكشف ما تعرض له المحتجزون المغاربة في مخي
...
-
انتخابات تونس : دروس وعبر
-
هل يحق للمغربي التخلي عن جنسيته قانونيا !!
-
تحليل نص شعري
-
لماذا فشلت وتفشل كل الثورات العربية؟؟
-
تكوين وتحسيس الشباب بحقوق النساء
-
ضبابية مواجهات الدور الثاني في كان 2019+ فيديو
-
احتفاء بكاتبات وكتاب آسفي في ليلة رمضانية حالمة
-
شعر نغم وتكريم في الخيمة الشعرية الرمضانية نادي القلم المغرب
...
-
هكذا تكلم آدم ديوان للتونسي الأسعد الجميعي
-
إموزار كندر: احتفال باليتم وتكريم لفعاليات محلية ووطنية
-
النص الكامل لاستقالة بوتفليقة
-
تكريم الشاعر محمد بن طلحة بأربع لغات في آسفي
-
مهرجان الملحون بآسفي
-
كرة ثلج مطالب الجزائريين تتدحرج على تراجعات النظام
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|