|
لو كنت مكان السيد علي السيستاني لفعلتها
زكي رضا
الحوار المتمدن-العدد: 6422 - 2019 / 11 / 28 - 15:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المرجعية صمّام أمان العراق، هذه المقولة هي السلاح الفعال للقوى الدينية في إستمرار هيمنتها على السلطة. وهي المقولة التي تتاجر بها هذه القوى، متّخذين من المرجعية راية يبررون فيها فسادهم ونهبهم للمال العام. والمرجعية سُلّم الأحزاب الإسلامية الشيعية وميليشياتها لتحويل العراق الى ساحة خلفية لإيران، وإن إتّخذت المرجعية موقفا مناهضا لذلك، والمرجعية هي الغطاء الذي تتستر به الأحزاب والميليشيات الشيعية وهي ترتكب جرائمها البشعة بحق شعبنا ووطننا.
شعبنا لم يخرج "أشرا ولا بطرا"، بل خرج بداية الأمر لإصلاح حال وطنه الذي دمرّه نظام المحاصصة. خرج أول الأمر ليطالب بحياة كريمة بحدها الأدنى، فكانت شعاراته تدور حول توفير خدمات وفرص عمل ومحاربة الفساد وإصلاح النظام السياسي الطائفي الأثني. لكن والنظام يستمر بفساده وإستهتاره ونهبه للمال العام وإزدياد نسبة البطالة بين الشباب وزيادة رقعة الفقر ورفضه حتى للإصلاح الجزئي للعملية السياسية وآلياتها، تطور شعارهم (المتظاهرين) من الإصلاح الى التغيير الشامل، بعد أن تحولت التظاهرات الى إنتفاضة والتي هي في طريقها لأن تكون ثورة. ثورة ستغيّر واقع العراق والمنطقة بالكامل، على الرغم من الصمت العربي والإقليمي والدولي المريب والمشبوه للجرائم التي يرتكبها حكام الخضراء بحق أبناء شعبنا.
نتيجة لعدم جدية السلطة في إيجاد مخارج واقعية للأزمة المستفحلة بالبلاد، وإعتمادها على عاملي الوقت والبطش في القضاء على إنتفاضة شعبنا السلمية. فأنّ ردة فعل الجماهير أو بالأحرى مجموعات قليلة منها أخذت منحى غير "التظاهر السلمي" والذي لا يعبر عن الوجه الحقيقي للإنتفاضة. وحتى هذا التظاهر الجزئي المحدود وغير "السلمي"، لم يُتَرجَمْ كفعل عنفي ضد قوات السلطة المختلفة ولا حتّى ضد العناصر الميليشياوية، على الرغم من أن الجماهير وفي كل مدينة تعرف الميليشياويين بأسمائهم وعناوينهم. كما ولم يهاجم المنتفضون ولليوم دوائر الدولة والمصارف ومصالح الناس لنهبها وحرقها، بل على العكس فأنهم تعاونوا مع قوات مكافحة الشغب التي حضرت لقتلهم وقمعهم بإعتقال عصابة حاولت سرقة البنك المركزي، وهذا ما أكّدته قيادة عمليات بغداد في بيان مقتضب لها قالت فيه " القوات الامنية التابعة لقيادة عمليات بغداد تمكنت وبالتعاون مع المتظاهرين من اعتقال عصابة حاولت سرقة البنك المركزي العراقي"!!
نتيجة التدخلات الإيرانية المباشرة والعلنية بالشأن الداخلي للبلاد، وإعتراف زعماء أحزاب ومنظمات وميليشيات شيعية علنا بولائها لولي الفقيه، ونتيجة للدور الإجرامي لقائد فيلق القدس الإيراني ( قاسم سليماني) في توجيهه لقوى السلطة العسكرية وشبه العسكرية لقمع تظاهرات شعبنا، ونتيجة لشعور وطني عارم ضد كل ما هو إيراني خصوصا بعد تسريب وثائق إستخباراتية تؤكد على تدخلات إيرانية واسعة بشؤون العراق الداخلية من خلال تجنيدها لعدد كبير من الساسة للعمل لصالحها، وبغضّ النظر عن توقيت نشرها هذه الأيام. فأنّ خطّة مبيتة سلفا وبدقة عالية بدأت لإجهاض الإنتفاضة من خلال حرق القنصلية الإيرانية بالنجف الأشرف، هذه الخطة هي على غرار نفس الخطة الشيطانية التي إستهدفت القنصلية الإيرانية بالبصرة العام الماضي، والتي أطلقت يد السلطة في الهجوم الوحشي على المتظاهرين وإنهاء التظاهرات المطلبية وقتها، والتي عزّزها النظام بإطلاق يد القادة العسكريين بإستخدام العنف المفرط بعد تعيينهم كمحافظين، بعودة غير ميمونة لسلفهم المجرم صدام حسين إبّان قمعه لإنتفاضة آذار المجيدة.
حرق مبنى القنصلية الإيرانية المخطط له بعناية من قبل السلطة بالنجف الأشرف، والذي جاء نتيجة رعبها من شدّة الإنتفاضة ونجاحها الذي سيكون قبرها، وبداية لإنهيار النظام الثيوقراطي الإيراني إذا ما أضفنا حراك الشعب اللبناني إليها. دفع بعض الميليشياويين والبرلمانيين وكجزء من الخطّة نفسها بزجّ إسم المرجعية الدينية في الأحداث، كورقة من الممكن اللعب بها والإستفادة منها في قمع الإنتفاضة بحجّة الدفاع عن المرجعية من المنتفضين!! متناسين أنّ جماهير النجف لها تأريخ طويل وعريق في الحفاظ على هيبة المرجعية وحماية الأماكن المقدسة بالمدينة، وهم ليسوا بحاجة الى قتلة وفاسدين كي يهبّوا للدفاع عنها.
تغريدتان بائستان لكل من الميليشياوي قيس الخزعلي زعيم عصابات أهل الباطل وأخرى لرئيس كتلة السند في البرلمان النائب أحمد الأسدي، يدخلان في باب محاولات الإسلام السياسي الشيعي وتحت حجّة حماية المرجعية وشخص السيد السيستاني لشق صفوف المنتفضين وقمعهم. وهي محاولات يائسة أخرى تضاف الى محاولاتهم السابقة والتي ستتكرر لاحقا ماداموا على رأس السلطة، كون الوعي الوطني عند جماهيرنا وهي تعرف ماذا تريد بالضبط قد وصل الى نقطة لا تستطيع مثل هذه التغريدات أن تقف أمامها.
يقول قيس الخزعلي في تغريدته " واهم من يعتقد إنه يمكن أن يمسّ شيء من السيد السيستاني"، كما يقول أحمد الأسدي " نعلن ان أرواحنا وأجسادنا فداء لمرجعيتنا الدينية". لو كنت مكان السيد السيستاني وأنا أقرأ هاتين التغريدتين وأمتلك هذه الهالة من القدسية وأسكن الى جوار إمام عادل، لخرجت في خطبة الغد ( 29/11/2019) ومن صحن إمام الشهداء معلنا رفضي لما غرّد به هذان الأفّاقان قائلا لهما: لستما بأحرص من أهالي النجف الكرام وبقية شيعة العراق وشعب العراق على أمني وحياتي، فأنا أقيم بينهم ومعي المراجع الآخرين دون حمايات مثلما أنتم، وثقتي بأبناء العراق ووعيهم للتحرر من سلطة الفساد وبناء وطن معافى لا حدود لها. وإطمئنوا من لا أحد سيمسّني وباقي المراجع بسوء، إن لم تمسّوني أنتم بسوء وأنتم والله بفسادكم وجرائمكم فاعلون. وإننا كمرجعية نرى أن أجسادنا وأرواحنا هي فداء لهذا الشعب وهذا هو ديدن الإمام العادل وولي الأمر الحق، لذا وإن كنتم صادقون وأنّى لكم ذلك فكفّوا عن قتل أرواحنا وأجسادنا من خلال قتلكم لأرواح وأجساد المنتفضين العزّل الأبرياء المطالبين بحياة كريمة ووطن عزيز.. اللهم إنّي بلّغت اللهم فأشهد .
إفعلها أيها السيد السيستاني، فأنك والله ستحقن دماء الناس وتعيد الحق المهضوم الى نصابه. السيد السيستاني لا تأخذك في الحق لومة لائم وأنت تجاور إمام الفقراء واليتامى، إمام عدل إستشهد وهو يزأر أن" فزت وربّ الكعبة. إثبت للعالم أجمع من أن ساسة الخضراء ظالمون ومن حق شعبنا أن ينتفض ليحيا بكرامة وفز بها وأنت حيّ ترزق، وقل لهم كما قال من تسكن جواره ..
"اللهم أنّي لم آمرهم بظلم خلقك"
#زكي_رضا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقتدى الصدر حصان طروادة إيراني بالعراق
-
رفسنجاني مرّ من هنا .. إيران مرّت من هنا
-
المرجعية تمسك العصا من الوسط
-
السافاك والإسلاميين وبنات الهوى
-
الوثبة والجسر بين بهيجة ونور
-
لا تبنى الأوطان بالأكفان
-
مولاي ..!
-
عنفوان شعب .. صورتان
-
من للعراااااااااااااااااااااااق؟
-
الدولة المدنية بالعراق.. نجاح إسلامي وفشل علماني
-
سائرون .. لا آمال ولا تحدّيات
-
قانون حمزة الشمّري 1.9 وتصويت الصدريين عليه
-
زمن حمزة الشمّري
-
نوري المالكي بين مادلين طبر وعازفة كمان
-
رسالة الى السيد مسعود البارزاني
-
عقدة الرابع عشر من تموز عند -المثقفين- والإسلاميين الشيعة
-
الشهيد ستار خضير في ذكرى إستشهاده الخمسين
-
إلى أين يقود المتخلفون العراق ..؟
-
سيرك البرلمان العراقي بين الإصلاح والگوامة
-
إنتحار الإمام عليّ
المزيد.....
-
شركتا هوندا ونيسان تجريان محادثات اندماج.. ماذا نعلم للآن؟
-
تطورات هوية السجين الذي شهد فريق CNN إطلاق سراحه بسوريا.. مر
...
-
-إسرائيل تريد إقامة مستوطنات في مصر-.. الإعلام العبري يهاجم
...
-
كيف ستتغير الهجرة حول العالم في 2025؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي في عملية إطلاق ن
...
-
قاض أمريكي يرفض طلب ترامب إلغاء إدانته بتهمة الرشوة.. -ليس ك
...
-
الحرب بيومها الـ439: اشتعال النار في مستشفى كمال عدوان وسمو
...
-
زيلينسكي يشتكي من ضعف المساعدات الغربية وتأثيرها على نفسية ج
...
-
زاخاروفا: هناك أدلة على استخدام أوكرانيا ذخائر الفسفور الأبي
...
-
علييف: بوريل كان يمكن أن يكون وزير خارجية جيد في عهد الديكتا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|