نزهة أبو غوش
روائيّ وكاتبة، وناقدة
الحوار المتمدن-العدد: 6422 - 2019 / 11 / 28 - 15:32
المحور:
الادب والفن
قصّة الأطفال للكاتبة المقدسيّة، مريم حمد الصادرة هذا العام عن مكتبة كل شيء في حيفال تلائم سنّ الأطفال ما تحت العاشرة.
القصّة مزوّدة بالرّسومات الجميلة الملوّنة الّتي تتناسب وأحداث القصّة للفنّان العراقيّ رعد عبد الواحد؛ كذلك هناك صور لبعض المعالم في العواصم العربيّة.
قصّة الأُرجوحة تحمل في طيّاتها قيما اجتماعيّة، وتربوية، وثقافيّة.
علاقة الجّد بالحفيدة، وعلاقتها به تأتي ضمن الرّوابط الاجتماعيّة الّتي تحافط على ترابط العائلة ببعضها وتقرّبها، مبتعدة عن التّفكك والانصهار في القولبة العالميّة الجديدة بتكنولجيّتها الذّكيّة حدّ الجنون.
علاقة الطّفلة بالأرض وشجرة التّين المزروعة بين أشجار الزّيتون، وحبّها قطف حبّات التّين الّذي تمتصّ رحيقه مثل النّحلة تعبّر عن علاقة الانسان بالطّبيعة. هي غريزة حبّ الانتماء للأرض. هذه الصّورة بإمكانها أن تغرز في نفوس وعقول أطفالنا حبّ الأرض وما عليها من خيرات. نسمع الكثير من الأجداد الّذين رحلوا عن هذه البلاد، كم كانت أرواحهم معلّقة بشجرة زيتون أو تين، أو شجرة توت كانوا يتجمّعون حولها ويتسامرون تحت ضوء القمر.
قصّة الأُرجوحة، قصّة مطعّمة بالخيال الّذي يصل بالطّفل حدّ الجموح، يغمض عينيه ويتصوّر ويتخيّل ويحلم؛ ليصل بعيدا عن أُرجوحته المعلّقة بشجرة التّين، يصل إِلى العواصم العربيّة ليتعرّف على أهمّ معالمها. أرى أنّ هذه الصّورة قادرة على أن تعرّف الطّفل جغرافية ما بعد الحدود، كما أنّه يمكن بمساعدة المربّيين أن يطوّروا صورا أُخرى في ذهن الطّفل، ومناقشته وسؤاله عن أحلامه، وطموحاته، وآماله الّتي بإمكانه أن يسردها أمام الآخرين.
ركّزت الكاتبة مريم حمد على حضور مدينة القدس الّتي تسكن في قلب كلّ عربيّ ومسلم، لتظلّ ساكنة في قلوب أطفالنا أينما وجدوا.
لم نلحظ في القصّة حبكة قصصيّة تجمع ما بين عناصرها المختلفة؛ إِنّما بإمكاننا أن نستقرئ في كلّ رحلة إِلى كلّ عاصمة عربيّة بأنّ هناك حبكة تشدّنا إِلى ثقافة ومعالم هذا الوطن البعيد القريب من خيال أطفالنا.
هدف قصّة الأُرجوحة هو هدف تعليميّ، ويمكن أن نقول بأنّه هدف نفسيّ يمكّن الطّفل من التّعبير عن ذاته، وعمّا يختلجه من مشاعر مختلفة تجاه مجتمعه وبيئته الّتي تحيط به.
الأُرجوحة هو عنوان القصّة. الأُرجوحة كانت الوسيلة إِلى الانطلاق والأحلام والتّصور. الأُرجوحة ربطت بين عنصرين في القصّة، عنصر الانتماء للأرض والشّجر وعنصر الانطلاق والحلم. أرى بأن هذه الفكرة جيّدة لو أنّ الارجوحة علّقت على شجرة غير مثمرة؛ لأنّ بإمكان الحركة المتواصلة بالأرجوحة أن تسقط الثمرات، أو أن تعطب الأغصان.
#نزهة_أبو_غوش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟