|
المرأة وثورة أكتوبر العراقية ومطالب التغيير، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة
تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)
الحوار المتمدن-العدد: 6419 - 2019 / 11 / 25 - 15:43
المحور:
ملف 8 آذار/مارس يوم المرأة العالمي 2020 - مكانة ودور المرأة في الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي.
في اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة ضرورة تبني موقف حازم وحاسم ضد العنف القائم على نوع الجنس
هل ستقف ميادين الحرية الثائرة اليوم مع مهمة مناهضة العنف ضد المرأة؟ فتكون سببا لمساهمة أكثر فاعلية للمرأة العراقية تحسم معركة الثورة بأقل التضحيات؟؟
منذ نهاية السبعينات أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمادها: "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، وأصدرت الجمعية العامة قرارها 48/104 الذي يؤسس الطريق نحو عالم خالٍ من العنف الجنساني وأطلقت مبادرة أخرى عام 2008 بعنوان: "مبادرة اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة". وكان الهدف دائما يتجسد في استهداف زيادة الوعي العام حول هذه القضية و تفعيل وضع سياسات وموارد مخصصة لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم. إلا أننا مازلنا نشهد ظاهرة العنف بل تفاقمه تجاه النساء او على أساس الجنس! إذ أنَّ اثنين فقط من أصل ثلاثة بلدان قام بتجريم العنف الأسري، في وقت ما زال 37 بلداً يُعفي مرتكبي الاغتصاب من المحاكمة إذا تزوجوا بالضحية ما ينكّل بها طوال عمرها!! و حاليا يجب التأكيد على أنّ حوالي 49 بلداً لا تمتلك قوانين تحمي النساء من العنف المنزلي! وهناك مزيد من الضحايا القتيلات اللواتي رفعت تظاهرات حقوقية في بروكسل صورهن وأسمائهن رفضا لبشاعة الجريمة وهمجيتها.. وفي مختلف أنحاء العالم تدور مطحنة الوحشية بذات الاتجاه وبصورة أكثر في حجم فظاعاتها... ومنذ 2017 انطلقت مرة أخرى مبادرة تسليط الأضواء للعمل على قضاء فعلي حاسم على أشكال العنف ضد النساء والفتيات، في إطار خطة التنمية المستدامة حتى 2030.
ونحن اليوم تحديداً في يوم مناهضة العنف ضد المرأة 25 تشرين الثاني-نوفمبر، منذ 1981 نواصل معا وسويا التذكير بالجريمة البشعة للاغتيال الوحشي الذي جرى 1960 للأخوات ميرابال الثلاثة الناشطات السياسيات من جمهورية الدومينيكان، كما نتابع منذ 20 كانون أول-ديسمبر 1993، تلبية مضامين قرار اتخذته الجمعية العامة قرارها 48/104 واعتمدت فيه إعلانا مخصوصاً بشأن القضاء على العنف ضد المرأة. وفي هذا المسار يتجدد سنوياً في 25 تشرين الثاني-نوفمبر منذ 1999 اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، بقصد مساهمة الحكومات والمنظمات الدولية الرسمية وغير الحكومية كذلك، لترتيب فعاليات للتعريف بهذه المشكلة الجوهرية بمجتمعنا الإنساني، وبما يمهد السبل كافة نحو إنهاء العنف ضد النساء والفتيات في عالمنا الجديد.
إنّ فلسفة العنف تظل تشكل خطراً مهولاً على ملايين البشر ومنهم بخطورة أكبر النساء بخلفية استهدافهن بسبب الجنسانية، ولقد أفرز هذا آثاراً سلبية خطيرة بجميع الميادين، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأوجد ظروفا من هز الاستقرار والسلم المجتمعي.. ومن هنا تم وضع الأولوية في إطار خطط التنمية وتحقيق السلام واحترام حقوق الإنسان. أما شرق أوسطيا وتحديدا عراقياً، فإنّ الأوضاع أكثر انحداراً وتدهورا حيث يجري تصفية بالجملة لهن والاتجار بهن بالضغط والاستغلال وإيقاع أسوأ الإصابات بهن حد التصفية الجسدية بعد ممارسة أشكال سادية من التعامل معهنّ... ولعلنا لا نجافي الحقيقة ولو قيد شعرة إذا ما قلنا إنَّ كل أشكال الاستغلال تقع هنا على المرأة العراقية سواء منها: الاستغلال الجسدي، أم التعريض للضرب والإهانة، الازدراء والتحقير أم التحرش الجنسي الصريح السافر بألوان من التغطية المضللة، أم الحرمان من الحقوق كافة، أم تقييد الحركة والنشاط بحجرها في المنزل أو متابعتها ورصدها وتقييد حرية تنقلاتها، فضلا عن تعطيلها عن الدراسة والعمل في أغلب الأحوال؛ دع عنك فرص ولوجها الأنشطة الاجتماعية السياسية العامة وما يعنيه ذلك من تعريضها لمواقف تتسم بالنظرة الدونية.. صحيح أن الانتفاضة الشعبية وتحولها إلى ثورة عراقية منحها الفرصة لتعبر عن وجودها وغرادتها الحرة المستقلة إلا أن ذلك مازال في إطار مدرسة الثورة واتجاهها نحو الحرية وتفعيل الدور ما يدعونا لمزيد جهد في الانتباه على تلك القضية الإشكالية الغائرة في عمق الثقافة المجتمعية التي تشوهت طوال ما يقارب الـ17 سنة عجافا محملة بمختلف الأوبئة والأمراض.. ونلفت النظر إلى طابع التعقيدات للنساء العراقيات في ضوء التخندقات الطائفية والتمترسات المكوناتية حيث تمّ اصطناع الغيتوات ومن ثمّ مضاعفة آلام النسوة من تلك التحدرات القومية والانتماءات الدينية والمذهبية، الأمر الذي يجب الالتفات إلى إيجاد قراءات مناسبة على وفق الحالة.. ولقد جاء تفشي سلطة البلطجة الميليشياوية وانتشار الطابع المافيوي في السياسات العامة والخاصة ليكون سببا كارثيا آخر منح الفلسفة الذكورية والتمييز على أساس الجنس قوة عنفية أبعد بشاعة ووحشية.. ونذكر هنا بالاختطافات وجرائم الاغتصاب التي عادة ما تمّ تمريرها على كاهل المغتصبة أو المختطفة وبتسويات يسمونها الفصل العشائري او ما شابه من حلول لمصلحة المجرم وعلى حساب الضحية دائما..!!! إن بديلنا يعتمد مهمة نوعية كبيرة بمشاركة المجتمع وعمل الجميع نساء ورجالا على نشر ثقافة مكافحة التمييز بكل تفاصيل يوميات الإنسان العادي وفي مناحي الحياة العامة ومستويات الحراك المجتمعي للدول والمجتمعات.. ولربما أدى ذلك إلى تقليل التضحيات الجسام ومحوها والتأسيس لعالم برتقالي خال من العنف تحديدا القائم على الجنس أو الموجه ضد المرأة.. وفي إطار رسالتنا هذه، نتوجه باسمنا وباسم المرصد السومري لحقوق الإنسان إلى مجموع منظمات المرأة وحقوق الإنسان والمجتمع المدني بعامة بنداء للتصدي لظواهر من خلال وضع البرامج الثقافية التنويرية ومشروعات إشاعة السلم المجتمعي ومحو ثقافة الخرافة والتشدد والخطاب الذكوري المرضي بأحاديته.. كما ندعو هنا لالتزام جميع الأطراف بالقوانين الإنسانية والمواثيق والمعاهدات والإعلانات الأممية بالخصوص، ونخص هنا الأطراف المسلحة من جهة التي ستخضع حتما للمحاسبة والمقاضاة عن أية جريمة ارتكبتها أو ترتكبها مع واجبات مضاعفة العقوبة وتنفيذها من طرف السلطات الحاكمة، فضلا عن دور مجتمعي فاعل بالخصوص يقوم على ازدراء المجرم وجريمته والإجماع على مقاضاته ومحاكمته وإنزال أشد العقوبات التي تعزله وسط المجتمع حتى بحال إنهاء عقوبته القانونية الرادعة المناسبة... وبميدان العمل العام لا نجد نظام الكوتا المجير لخدمة زعامات وأطراف طائفية سلبية المنحى والمنهج بمعبر عن اي شكل للتشجيع بل هو ازدراء آخر وتهميش وتنحية للدور الحقيقي المنشود للمرأة.. ما يتطلب خططا مناسبة للتفعيل سواء بالكوتا القائمة أم بالتخطيط الذي يدمج النساء في مجتمع العمل والدراسة بصورة فعلية منتجة.. إننا نرى ذاك التفعيل المطلوب يكمن ايضا في إلغاء أية سياسة تتسم بالتمييز والاضطهاد والاستغلال على أساس الجنس أو العرق أو الدين مع إشارة متفحصة إلى موضوع التمييز على أساس الجنس اي التمييز ضد المرأة في حين نرى البديل في تمكين المرأة للعب أدوارها المؤثرة في جميع المستويات والمجالات الحياتية المعاصرة.. إننا نطالب إجرائيا وفوريا بالآتي: 1. تحريرالمختطفات والمغيّبات وايضا إطلاق سراح المعتقلات من دون وجه حق قانوني سليم.. 2. محاكمة المسؤولين عن جرائم الاختطاف والتغييب والاعتقال ومن ارتكب جرائم التعذيب بكل أشكالها تجاه النسوة ولعل من ذلك جرائم الاغتصاب بالإكراه في تلك المحاجر اللاقانونية... 3. جلب المجرمين إلى القضاء وتفعيل كل المواد والقواعد القانونية المعنية بتلك الجرائم. 4. وقف التمييز واشكال الحجر والمنع لظهور المرأة في الميادين العامة وتجريم من يقف بوجه مساهمتها الحرة المستقلة في الأنشطة العامة ومنها اليوم حق التظاهر السلمي والمشاركة بالفعاليات المجتمعية الجارية.. وبإطارات أخرى نرى: 1. مكافحة الأمية بين الإناث أسوة بالذكور.. 2. إعداد خطط تشغيل تتناسب وواقع البطالة المتفشي بخطورة. 3. إنهاء ظروف النزوح بصورة عادلة ملائمة ومنع الإعادة المشوهة القسرية إلى بيوت ومدن غير آهلة. 4. توفير التعويضات المناسبة للمهجرات وأطفالهن. 5. حل مشكلات المغتصبات واللواتي خضعن لظروف بشاعات التنظيمات الإرهابية والميليشياوية بقانون وإجراءات ترقى لإنهاء آثار الجريمة.. 6. تطوير وتحديث قانون الأحوال الشخصية 159 لسنة 1958 المعدل ومنع بل حظر التراجع عن نصوصه الإيجابية. إن هذا اليوم ليس مناسبة عابرة فلقد وُجدت الأيام الدولية لمراجعات جدية مسؤولة بكل ميدان لها. ولأن قضية العنف ضد المرأة تستشري جرائمه في العراق بطريقة ارتكاب فظاعات وحشية بفلسفة همجية ظلامية تسبب بها نظام الطائفية وتخندقاته، ذلك النظام الكليبتوقراطي بمافيوية آليات اشتغاله حيث الاتجار بالبشر وأولهم النسوة بكل تلك المطحنة الهوجاء التصفوية وجب ألا يمر يوم مكافحة العنف ضد المرأة بلا جهد بعينه ولربما كان حضور المرأة إلى ميادين الحرية الثائرة اليوم في بغداد والمحافظات مناسبة لتوكيد تلك التوجهات المجتمعية..
إنني هنا أؤمد دورا تاريخيا مناطا بالمرأة العراقية نفسها وأن تتطلع في تاريخ النسوة العراقيات النضالي التحرري الفاعل المؤثر وفي نماذج النسوة بالمنطقة مثلما فعلت الكنداكات السودانيات بحسم قضية الثورة ولتكن مهمة إنهاء العنف جزءا من حركة الثورة نفسها لا جزءا من بكائيات سلبية وعرض ما شاع من مصطلح (مظلومية) يكتفي بالأنين والنحيب فيما الإنسان وجود لفعل ينهض به لا بهمهمات ونشيج عويل.. ثقتي وطيدة بالمرأة العراقية فلقد عودتنا على ملاحم بطولية مرارا وتكرارا وهي اليوم مساهمة فعلية بالثورة ولكنني أتطلع لمنطقة الحسم لقضيتي الثورة وتحرر النساء بآن معا ولا أتساءل هنا هل سيفعلنها نسوة الوطن بل أدرك بيقين أنهن فاعلات وفي قريب عاجل فاعل مغيِّر.. فإلى لقاء مع المرأة العراقية الواعية المتفتحة المتنورة البطلة هنا في الميادين ولننتهِ من مناشدات بلا طائل بفرض الإرادة إرادة التغيير
#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)
Tayseer_A._Al_Alousi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محددات الحسم والتقدم بالثورة الشعبية نحو مرحلة الشروع ببناء
...
-
في التعامل مع حملات الخداع والتضليل الطائفية
-
واجبات الكشف عن الانتهاكات الحقوقية ومتابعة العمل على إيصاله
...
-
مطالب الثورة وتسلسل الفعاليات الإجرائية لتلبية مهمة التغيير
-
في أفق تحول الانتفاضة إلى ثورة أكتوبر العراقية ودحر ألاعيب ا
...
-
صوت الشعب الهادر بالتغيير ونعيق غربان الدجل والتضليل وزيف قد
...
-
هوس البعبع والمربع صفر وحاجات ميادين الانتفاضة
-
التضامن مع انتفاضة التغيير وتقرير مصير العراق والعراقيين
-
انتفاضة تغيير النظام لا حركة تنفيس
-
بعض أسئلة تطلب الانتفاضة العراقية إجابة عنها
-
نداء من رحم حركة الاحتجاج الشعبي
-
حنجرة ماسية لفنانة الشعب أ. شوقية العطار وريشة ذهبية لأنامل
...
-
من أجل سلامة مسيرة دمقرطة الحياة واستعادة اتزان الخطى والتمس
...
-
أوهام وجود عداء وسط الديموقراطيين بين المبالغة المرضية واستخ
...
-
فزعة أم وساطة أم تفاعل للدعم والمؤازرة؟
-
العراقي والمساعدات الإنسانية ومواقفنا وقضية التغيير وإنقاذ م
...
-
التظاهرات في العراق بين ظرف الانحسار والتراجع وبين استعادة د
...
-
كيف نقرأ أوضاع الجيش العراقي في ظل سلطة طائفية مافيوية؟
-
بمناسبة يوم النخلة العراقية 14 آب أغسطس؛ الكرنفال السنوي حزي
...
-
مقارنة ودروس وعظات بين استقلالية التنويري والتبعية أو التجيي
...
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المرأة الروسية بلسان قادة الثورة الاشتراكية البلشفية (فلاديم
...
/ جميلة صابر
المزيد.....
|