|
الثقافة في مواجهة الموت
شاهر أحمد نصر
الحوار المتمدن-العدد: 6412 - 2019 / 11 / 18 - 09:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(نص المحاضرة التي ألقيت في فرع طرطوس لاتحاد الكتاب العرب بتاريخ 17/11/2019) "الموت – مات الموت – وحشٌ كاسر الأنياب قاس يلهـــو بأفراح الحياة فتســـــتحيـــــل إلى مأســــــــــــــــــــــــــــــــــــــي" يعلن الشاعر عبد المعين الملوحي في خضم حياته أنّه لا يخاف الموت، بل يستقبله بكل ترحاب، لما عرف أنّ الموت والحياة وجهان لعملة واحدة هي الوجود، فأحبّ أن يردد قول الشاعر الصعلوك: ولست – وإن كانت إلي حبيبة – بباك على الدنيا إذا ما تولت وصور رحلة الموت في أشعاره - ولا سيما قصيدته: عبد المعين الملوحي يرثي نفسه – كأنّها رحلة من رحلاته في الحياة. ولما حاصرته التساؤلات أجاب عنها بعفوية وبساطة: "ماذا إذا مت؟ صمت... لا شيء يفقد شيا كلّ ما كان باق ولست وحدي حيا" يستقبل الناس الحياة غريزياً، ويودعونها كلٌّ بما حصد، وبما جنت مداركه العقلية من وعي ومعرفة؛ تجد إنساناً معافى قوي البنية حين تميل شمسه نحو الغروب وقد ناهز التسعين من العمر ينهار ويلزم الفراش لا يغادره حتى الوفاة، وتجد آخر يتابع حياته بحيوية ونشاط، ويمارس عمله كأنّه في أوج شبابه... زرت صديقاً تميل شمسه نحو المغيب، مرّ في سني عمره التسعين بتجارب صقلت منه أنموذج إنسان فريد، برغم المرض الذي أقعده، ظلّ في تفكيره شاباً يقارب مسألة الحياة والموت في درجة من السخرية والجد معاً... "ما الذي يداويك؟" – سألته. - "الورق والقلم" – أجابني. هل في الثقافة حقاً دواء؟! هل تستطيع الثقافة مواجهة الموت؟ هل ثمة علاقة بين الثقافة وعي الحياة والموت؟ ما الذي يكسب الثقافة القوة والسلطة ويجعلها سائدة؟ ما الذي يجعلها تتحكم بعقول وحياة الناس؟ أهو تكرار طقوسها، وأساليب الحياة وفق نمطها، وهيمنتها في مختلف مؤسسات المجتمع، بما فيها التربوية والتعليمية، والدينية والسياسية، وفي المخيال الاجتماعي، حتى في الأساطير؟ ما الذي يهب إلى الثقافة، في معناها الإنساني الرفيع، مزية صقل الذهن، وتهذيب الذوق، والسلوك، والسمو والارتقاء بهما إلى مستوى المثل في الخيال البشري؟ لعلّ الإجابة عن هذه التساؤلات تكمن في أنّ الثقافة مفهوم وفعل واسع يشمل مختلف جوانب نشاط الإنسان الروحية والعملية اليومية؛ وأنّ بنيانها هو المعرفة، الفن، القانون، الأخلاق، العرف والقيم السائدة التي يكتسبها الإنسان من خلال علاقاته الاجتماعية، فتطغى على عقله وكيانه، وتحدد سلوكه، وأسلوبه في التفاعل مع محيطه، ومع الحياة. هل تكمن أسباب ذلك في أنّ الفكر يتحول إلى سلطة وقوة حينما "يمتلك عقول الناس"؟ كما يرى ماركس، وأنّ الثقافة تفعل فعلها بارتباطها بالمعنى اللغوي لكلمة Culture (Культура) (ثقافة) في اللغات الأجنبية، وهي كلمة تعني العناية بالنبات وحرثه ورعايته حتى يثمر (منها جاءت كلمة زراعة Agriculture، وكلمة ثقف في العربية تحمل معنى التهذيب والصقل والإعداد)؟ فالثقافة عملية تربية وإعداد مستمرين للعقل والوعي والروح البشرية... فالإنسان الذي هُذِّب سلوكه، وارتقى وعيه، وسمت روحه: إنسان مثقف. كلمة مثقف في الإنكليزية Intellectual وفي الفرنسية Intellectuel، وفي الروسية Интелигентный تحمل إلى جانب المعنى العقلي معنا حداثوياً، وفي العربية المثقف يستخدم خياله وملكاته العقلية المقترنة بحبّ المعرفة، وتذوق الفن والأدب، والمثقف يمكن أن يكون مبدعاً ومتلقياَ... ويتنوع الناس تنوع الثقافة التي ينهلون منها... تترك الثقافة بصماتها على الإنسان الذي يكتسبها، وتمنحه منهج تفكير يميزه بفضل سلطانها... إنّ تبحر وتعمق الإنسان في الثقافة الإنسانية يزيده يقيناً أنّ الحقيقة عصية عليه، مهما سعى لامتلاكها، وكلّ ما يمكن أن يمتلك: عقلاً تنميه بذور الشك، وتراكم معرفة متجاوزة، والتحرر من مختلف قيود الإيمان الأعمى بأي فكرة مهما كانت مطلقة، ذلك الإيمان الذي يتغذى على تبجيل الأفكار وتحويلها إلى أصنام للعبادة... الإنسان الحقيقي يراجع أفكاره وقناعاته باستمرار، ليكتشف بواطن الخلل فيما يؤمن به، ويتحرر من قيود أي شعوذة مهما كانت مصادرها؛ ومهما أسست لقداسة ذلك الإيمان الأعمى بالأفكار أو بمبدعيها العباقرة، فالثقافة الأصيلة تضع العبقرية والإبداع في مرتبة سامية، من دون تحويلها، أو تحويل من يمتلكها إلى صنم أو معبود... اتفق علماء الاجتماع على أن مجموعة من العوامل تلعب دورها في تكوين شخصية الإنسان أهمها: الفطرة (لذلك قيل الناس معادن. يعكس طبع الإنسان بعض جوانب فطرته أحياناً)، والوراثة، والواقع الاجتماعي الاقتصادي الموضوعي (من محيط اجتماعي وبيئي طبيعي)، والثقافة. تأتي أهمية الثقافة من أن الإنسان يخزن ثقافته التي يكتسبها على مر الأجيال، ويستفيد من ثقافة البشرية ككل على مر العصور، لتساهم في بناء شخصيته وإظهار حقيقته. الثقافة (الحضارة) Culture؛ هي كل القيم المادية والروحية - التي يخلقها المجتمع من خلال سير التاريخ -ووسائل خلقها واستخدامها ونقلها؛ بمعنى أكثر تحديداً، فإنه من المعتاد التمييز بين الثقافة المادية (أي الآلات والخبرة في ميدان الإنتاج وغير ذلك من الثروة المادية) والثقافة الروحية (أي المنجزات في مجال العلم والفن والأدب والفلسفة والأخلاق والتربية...). الثقافة ظاهرة تاريخية يتحدد تطورها بتتابع النظم الاقتصادية الاجتماعية. في كلّ ثقافة ألوان وتيارات ثقافية متنوعة ومختلفة، وللثقافة فضاءات، وميزات ومجالات وأبعاد: اجتماعية عامة، وفردية أقرب إلى النخبوية... فثقافة المسرحيات والمسلسلات التلفزيونية، وثقافة الدعاة وخطباء الجوامع، ورجال الفكر، ثقافة عامة شعبية، بعضها له نزعات نفعية واستهلاكية... أما الثقافة التي تتعلق بصقل ذهن الإنسان، وبناء معرفته، وسلوكه الإنساني النبيل فهي ثقافة أقرب إلى الفردية (النخبوية)... ثمة ثقافة إنسانية رفيعة تصقل الذهن، وتهذبه، وتسمو بإنسانية الإنسان، وترتقي به فوق النزعات الضيقة بمختلف صنوفها، وثقافة مشوهة رخيصة تتصف بالتخلف، والانغلاق، والتعصب والطائفية، تحط من مكانة الإنسان وتقزمه، وبعضها يحوله إلى وحش غبي... مما لا شكّ فيه أن كلّ ثقافة من هاتين الثقافتين تؤثر في الإنسان بمقدار قوتها ومدى رواجها... يتعلق رواج أي ثقافة بالقوى التي تقف وراءها وتدعمها، وبأساليب ترويجها... كثيراً ما يعتمد أتباع ثقافة الإيمان الأعمى الدعوة إلى التمسك بالأصالة، وحماية الموروث الثقافي حجة لإكساب إيمانهم قوة، فضلاً عن أنّهم ينفون أهمية ما يخالف ثقافتهم بزعم أنّه محدث ولا ينسجم بالقياس إلى نصوص حددوا فهمها وفق مصالحهم وألبسوها قناع الأصالة... لقد احتدم الجدال بين الأصالة والحداثة في ثقافة مجتمعاتنا "منذ القرن التاسع عشر مع قدوم أوربا إلى الشرق حاملة معها نواتج نهضتها الحديثة: من علم نظري وثقافة عقلانية ونهضة صناعية وتفوق في السلاح ومشروع توسعي استعماري للهيمنة على أسواق العالم، وأصبح الشغل الشاغل للعقل العربي هو التساؤل عن موقفه من هذه المواجهة: هل يحتمي بتاريخه وتراثه الماضي، ويتخذ منه درعاً أو شرنقة تدفع عنه غوائل التيار الكاسح المتدفق من بلاد غربية متفوقة، أم يساير التيار الجديد آملاً أن يكون له نصيب في ذلك التقدم المادي والمعنوي، الذي حقق الحضارة للغرب..."(1). هنا يبرز سؤال: ماذا نعتمد؛ الأصالة، أم الحداثة، أم نوفق بينهما؟ يدعو كثير من أنصار الأصالة إلى الثقافة النابعة من التراث، من دون الإقرار بأنّ التراث أنواع ومستويات، ومن دون أن ينظروا نظرة نقدية إلى التراث، بل يحاربوا النظرة النقدية إلى التراث، هذا، فضلاً عن أنّ التركيز على جوانب التفرقة، والجوانب المظلمة في التراث، وطرق تسويقها، والمبالغ الضخمة التي تهدر للترويج لها تثير الحذر والريبة... ثمة من لا يقتنع بدعوة أنصار التراث، ويضطر إلى الامتناع عن الجهر بأفكاره تأدباً أو تقية، ونادراً ما توجد مصادر الثقافة البديلة، وإن وجدت فتكون هزيلة مما يفاقم أزمة الثقافة والمثقف... هذا يضعنا في مواجهة مسائل الاتباع أم الإبداع(2) وإثبات الذات؛ اتباع الغرب في مظاهر حياته، أم اتباع السلف في معالجة قضايا الحياة، بما في ذلك مناهج التعليم... أم نثبت وجودنا بإبداع حلول نبتكرها تأخذ في الحسبان تاريخنا وواقعنا، وتكفل لنا مكاناً في عالم التطور والتقدم... إنّ التمترس وراء التراث والأصالة وحدهما يقود إلى طريق مسدود لأنّه لا ينسجم مع مسيرة التاريخ... كما أنّ اتباع الغرب في كل خطوة من خطواته غير ممكن، لعدم توفر المقدمات الذاتية والموضوعية الضرورية لذلك؛ فهل نستطيع أن نبدع الحلول والثقافة المعاصرة لنعالج مشكلاتنا، ونرتقي بمجتمعاتنا؟ يدل عجز شعب من الشعوب عن إبداع الحلول الثقافية التي تساهم في صقل السلوك والارتقاء بإنسانية الإنسان على وجود أزمة عامة في بنية المجتمع، وأحد مظاهر تفاقم وتعمق هذه الأزمة انتشار ثقافة الجهل، والغباء. ثمة من يستهجن هذا الكلام متسائلاً: هل توجد ثقافة جهل وغباء؟ كلّ ثقافة تحارب الخير، والجمال، والحرية، والإبداع، ثقافة جهل وتجهيل مهما أُطلق عليها من تسميات براقة، ومهما أنفق في ترويجها من أموال، وسُخّر في خدمتها من إعلام... تمر الشعوب في أزمان تطغى فيها ثقافة الجهل، ويحسب من ينهلون منها أنفسهم مبدعين، وأنّهم مع تبحرهم في تلك الثقافة يغتنون بالدرر واللآلئ، وليست تلك الدرر غير هباب فحم! ويزيدهم وميضها العابر غروراً؛ فينصّبون أنفسهم علماء، ويزداد غرورهم مع ازدياد مديح وتبجيل من حولهم لهم، وإضفاء نوع من القداسة على شخصياتهم، وعلى أفكارهم، وتسميتهم بالعلماء؛ بينما هم يزدادون غباء حقاً، وهم مسرورون... إنّ انتشار ثقافة الجهل مؤشر حقيقي على أنّ الثقافة والمجتمع في أزمة حقيقية، تطغى بسببها ثقافة الموت على ثقافة الحياة... هنا يبرز سؤال: هل تستطيع الثقافة مواجهة الموت حقاً؟ شغل الموت تفكير الإنسان منذ نشوء الخليقة؛ ولمواجهته أوجدت الأمم الميثولوجيا وأدخلتها في طقوسها الاحتفالية، كي تعينها في صراعها مع الزمن، فابتكرت فكرة الانبعاث، ونظمت الملاحم والروايات لتخليد الأبطال، فلعب المفكرون والشعراء دوراً هاماً في وضع ونشر تلك الملاحم التي تمجد الحياة، وتعين الإنسان في الانتصار على الموت. ثمة كثيرون من الفلاسفة والمفكرين والشعراء والكتاب واجهوا الموت في أعمالهم وتجاوزوا مسألة الخوف منه ورأوا فيه نقطة تحول لتحقيق النصر في كفاح الشعوب في سبيل الحرية... سنأخذ الشاعر العربي الفلسطيني سميح القاسم مثالاً من بين هؤلاء الشعراء. يرى شاعرنا أنّ الموت ثورة وتجدد وولادة ضرورية لحياة جديدة أكثر عدلا وسعادة، يموت فيها الفرد في سبيل الجماعة تاركاً أثراً منه: فكره الحي وهدفه السامي النبيل الذي يخلده... لعل هذه النظرة الإيجابية مبنية نتيجة انتمـاء الشـاعر إلـى الفكر الشيوعي وتبنيه المنهج الواقعي في التفكير ورؤية للعالم. "روح الشــهيد علــى كفيــه يحملهــا وإنني حامل روحـي، علـى قلمـي" فأحد أهداف وغايات الموت أنّ تحيا الرسالة وتخلد ذكرى حاملها: "أموت إذا كان لي أن أموت لتحيا رسالة عشقي.." الشعراء والمبدعون لا يخيفهم الموت، لأنهم يبدعون أجمل الأغنيات واللوحات التي تحيا بين الناس فتحيي ذكراهم: "شهداء القصائد لا يبرحون أقاليمهم إذن، جثتي أجمل الأغنيات! وما بين موتي وموتي بلاد بلا آخر أبد شاسع إذن، رائع قدري رائع." يرحب الشاعر بموت الجسم، لكنّه يرفض موت القيم: أبوح بـالموت حبـا بالحيـاة. فهـل تسخو الحياة بموت الجسم، لا بموت القيم؟ وأن الموت صنو الحياة مكمل لها، يضفي عليها سحراً وقيمة مما يجعلهما صديقين حميمين: "حياتي صديقة موتي وليس لموتي صديق سواها فكيف تراني؟ وكيف أراها؟ ولا وقت فيها لوقتي لأنّ حياتي صديقة موتي..." يكسب الموت حياة الإنسان معنى، لمّا ينبهه إلى حقيقة أنّ لحظات حياته محدودة وأنّ الزمان الذي يحيى في فضائه محدود بساعة معينة؛ هذا يزيد من قيمة كل لحظة نحياها... لو أنّ حياة الفرد مستمرة بلا نهاية لما شعر بقيمتها ومعناها... يضع الموت اللمسة الأخيرة على الملحمة التي يكتبها الإنسان إبان حياته، ولولا هذه اللمسة (الخاتمة) لما اكتملت الملحمة، ولما تحقق ولا اكتمل العمل الإنساني المبدع ولا قبضنا على جمالياته... فالحياة سبب للموت، والموت سبب لحياة وخلود ذكرى الإنسان وآثاره الباقية، البقاء الأبدي يتحقق ويكتمل بالحياة الغنية بالعمل التي تتوج بالموت. "إخوتي.. أيها الحالمون حضرة الروح لا تنتهي بغياب الجسد" موت الإنسان لا يعني غياب ذكراه، فالجسد يموت ويبقى الأثر والفكر الذي تركه حيـاً... كم من الناس المبدعين اشتهر بعد مماته: "يموت حضوري.. ليحيا غيابي وأوصد بابي.. لأفتح بابي يكون إذا.. ما يكون" ويؤكد الشاعر رؤيته في أكثر من مناسبة: "تجرعت كل الكؤوس وأدرك أني كبرت. كبرت ويرمقني صاحبي الموت يرمقني في حنان وعطف يصيح: "تريث قليلا "! وأهمس: "يكفي!" وقد تمنى واشتهى وأمل لما يرحل أن تكلل الابتسامة وجهه وألا تبرحه: "ويوم تغادر روحي فضائي، لشيء يسمونه الموت، آمل، ألا تفارق وجهي ابتسامه!" إنّ فهم الشاعر الفلسفي العميق لمغزى ومعنى الموت الرمزي لا يجعله يهادن الموت السياسي الذي يهلك الشعوب والزهور والجمال، بل يقاوم هذا الموت بالدعوة إلى ولادة جديدة: "وأشهد أشهد. أني أقاوم موتي أقاوم موت الشعوب أقاوم موت الزهور وموتي وموت الطيور وموتي وموت الجمال وموتي أقاوم موت الحياة بميلاد قانا الجديده ونار العقيده ونور القصيده" مع رفض الشاعر موت الشعوب والأزهار والجمال، فإنّه يتحداه باستمرارية الحياة وببعث قانـا من تحت الرماد، ويزداد إصراراً على التحدي حتى أنّه لا يهاب أن يتبع الموت ويمشي معه بإرادته: "ويا موت. يا موت. لا لن أبيع ولن أرغبك ولن أرهبك وإن جئتني سوف أمشي معك ولن أردعك." لا ينسى القاسم أن يسخر من الموت، ويعده لعبة هزلية ساخرة في سيرك الحياة المهزلة: "يا موت، آخر لعبة في السيرك أنت وما الحياة؟ إن لم تكن سيركا. وأول لعبة فيه اجتراح المعجزات واللعبة الكبرى ضجيج الصمت في إعلان أسباب الوفاة." حتى أنّ حبّ الشاعر لحبيبته اقترن بالموت: "أحبك لا تندمي لا تمدي يدا لتنتشليني اسمحي لي أن أحبك، كما يشتهي الموت.. أحبك.. كما يشتهي الموت" تأثر الشاعر بنظريات التقمص المنتشرة في بيئات قريبة منه ولدى كثير من الشعوب... إذ تنتقل روح كل من يموت إلى جسد آخـر، حسب عمله، إن كان صالحاً انتقلت روحه إلى جسد أفضل من الجسد الأول ليتنعم، وإلا فإلى جسـم أقل مكانة كي يتعذب: "كل حي يموت. ويحيا بنار الخلايا ونور السمات وأموت لاحيا .وسوف أموت وأحيا لتكتمل الدورة الخالده هكذا.. كل ما تحمل الأرض من كائنات نطفة واحده واحدة وهي راحلة عائده بين جسم وروح". يعبر الشاعر عن رؤيته المناصرة للتقمص، فيقول: "جسدي ليس إلا قميصاّ لرجس الحياة" هل اتكاء الشاعر سميح القاسم وآخرون كثر على الميثولوجيا تعبير عن أزمة ما في الثقافة؟ ويقودنا ذلك إلى البحث في فضاءات جديدة لواقع وآفاق الثقافة؟ في أزمة الثقافة تأخذ أزمة الثقافة أشكالاً متنوعة، لعلّ أهم تجلياتها يكمن في عدم تطابق الفكر مع الواقع، أو عجز الفكر عن مواكبة التطور الواقعي... فالأزمة تنتج عن تناقض وتصادم الفكر الإنساني المتنور مع الفكر المنعزل الجاهل، وعن تناقض وتصادم الفكر مع الواقع... وتتعلق أبعاد أزمة الثقافة بــ: مدى طغيان مناهج التفكير التي تجاوزها الزمن على عقول المفكرين والمثقفين في المرحلة التاريخية المدروسة، وبمكانة المثقف والثقافة التي تسمو بإنسانية الإنسان في المجتمع، ومدى احترام العقل، في ظل سلطات متنوعة: سلطة الأبوة، سلطة الأعراف الشائعة والتقاليد، سلطة العقيدة والدين، سلطة رأس المال، سلطة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وسلطة الحكومــة، هذه السلطات التي تسعى إلى التحكم في مناهج تفكير وعقول الناس، وتؤثر تأثيراً سلبياً في الثقافة حين تعمل على تهجينها وتطويعها خدمة لمصالحها ومآربها الضيقة. تزدهر الثقافة حينما تتم معالجة علاقتها بهذه السلطات معالجة موضوعية... لما كان إلغاء هذه السلطات أمراً مستبعداً، فمن الضروري إيجاد أنجع السبل للتحرر من قيودها، أو الاستفادة منها لبناء ثقافة تساهم في الخلاص، ثقافة رفيعة ترتقي بالمجتمع وتسمو بإنسانية الإنسان وتعالج أزمة المثقف... تكمن أزمة المثقف الحقيقي في التناقض بين وعيه المتقدم والوعي السائد الناكص والجاهل أحياناً، حينما يبدو وعي المثقف خارجاً عمّا هو متعارف عليه وعمّا هو مألوف، وعمّا هو متحقق فعلياً أيضاً... برغم أنّ هذه حالة المثقف الطبيعية، إلا أنّه يعاني من تبعاتها، ومن تبعات أزمة الثقافة، التي كثيراً ما تترافق مع أزمة في بنية الدولة والمجتمع... هذا دليل على أنّ الأزمة تلازم الثقافة الراكدة غير المتجددة... يقود الإقرار بوجود أزمة في الثقافة إلى البحث في طبيعة هذه الأزمة، وفي مظاهرها، ووسائل معالجتها، ومعالجة التناقصات التي تكبل الثقافة التي تسمو بإنسانية الإنسان، وسبل تراجع ثقافة الجهل والموت... تواجه الثقافة، أيضاً، أنواعاً مختلفة ومتعددة من المشكلات في كل مجتمع، وفي كل عصر، تبعاً لمستوى تطور وتقدم المجتمع... لعلّ السلطة الحكومية في الدول من أكثر السلطات تأثيراً في الثقافة، لأنّها محرك أساسي يتحكم بمفاصل كثيرة في المجتمع، وتلعب دوراً كبيراً في توفير الفضاء الصافي والمساعد لازدهار وانتشار الثقافة، أو في تقييده وكبحه وتعكيره... تحديات العلم والثقافة لا تزدهر الثقافة حيث يحاصر العلم... إنّ شروط تطور البحث العلمي ضرورية لتطور الثقافة، وقد عانى العلم والثقافة من القيود نفسها التي فرضتها السلطات المختلفة عليهما... لقد استخدم بعض من أصحاب الشأن والقرار سلطة الدين لتقييدهما، والحد من تطورهما... في أوربا، حيث ازدهر العلم والثقافة، تم الفصل بين العلم والدين، فدعا علماء أمثال نيوتن إلى عدم تدخل الدين في الفلسفة (العلم) أو الآراء الفلسفية في الدين... أما في المجتمعات التي يسود الدين في مؤسساتها، فثمة جهود وطاقات جمة تبذل لوضع حاجز قاطع بين العلم والدين، وإلى قسر العلم ليبدو أنه ينبثق عن الدين. من المفارقات أنّه برغم عدم إيجاد حلّ لمشكلة العلاقة بين العلم والإيمان على المستوى النظري، فإنّ المتدينين يتنعمون مرتاحين بمنجزات العلم... أشد الرافضين نظرياً للعلم الأوربي، يتنعمون بأحدث منتجاته في حياتهم اليومية، من دون أن يهتموا بالتناقض الناجم عن ذلك... الثقافة وتحديات العولمة ثمة جوانب متعددة لثقافة العولمة؛ منها الإيجابي، ومنها الإشكالي، ، فضلاً عن تحويل الثقافة إلى سلعة، ويجري ربط هذه السلعة بالترفيه لحسن وسرعة تسويقها ، وربطها بشبكة الانترنيت، ويزداد التداخل بين صناعة الإعلام وصناعة المعرفة والثقافة، وتحويلها إلى تجارة رابحة... وتمويل ونشر تلك الأعمال سريعة الرواج مثل سلسلة أعمال الخيال والسرد الغرائبي كسلسلة الروايات الكثيرة التي تدور أحداثها في عالم مصاصي الدماء، والتي تعالج موضوعات فوق الوطنية، وتلك التي تستخدم السحر والأرواح الشريرة كعنصر هام، ليس في بنية العالم فحسب، بل وفي تحديد مصيره، لعل ذلك يعكس العجز عن ابتكار أدوات ورموز حضارية معاصرة ترقى إلى مستوى التقدم والتطور التقني الذي يشهده العالم، فيعود الكتاب إلى دفاتر الأجداد العتيقة، علّها تساعدهم في فهم الحدث وتصويره بأسلوب جذاب، وهذا تعبير عن شيخوخة ثقافية تتوق إلى ما أنتجته الحضارة الإنسانية في طفولتها، فضلاً عن تأثر كثير من الكتاب المعاصرين بالأدب الرائج والسلعة المرغوبة، ويعبر عن معاناة فظيعة في مسألة تحديد الهوية بعد انهيار الحدود الوطنية... وتنتشر الكتب التي تتلاعب بالأحداث التاريخية، وتلوي عنقها، منها، على سبيل المثال، الزعم أن أهم الحضارات التي عرفتها البشرية من صنع أفراد وشعوب قدمت إلى الأرض من المريخ... توجد مآرب مختلفة وراء نشر هذه الثقافة، وتبدو تلك الأعمال واسعة الانتشار كأنّها مساهمة من ضمن المساهمات المتعددة والنشاط المحموم لتشتيت العقل وتلويثه؛ وهذا يقودنا إلى مسألة الأمن الثقافي. الأمن الثقافي لا يقصد بالأمن الثقافي وجود أجهزة ثقافية تقوم بالتجسس والقمع أسوة بعدد من أجهزة الأمن في الأنظمة الاستبدادية، ولا بالعدوان أسوة بالقوات المسلحة في عدد من الدول الكبرى؛ إنما يقصد بالأمن الثقافي حماية الناس من الثقافة العدوانية الجاهلة، وإثراء حياتهم الروحية بكل ما هو خلاق مبدع وجميل، ولتحقيق ذلك ينبغي أن تؤمن للمبدعين حياة آمنة حرة كريمة، ولن تتحقق الحياة الحرة الكريمة للمبدعين، إن لم تتحقق لكافة أبناء وشرائح المجتمع، هذا فضلاً عن حمايتهم من مخاطر المؤثرات الثقافية المشوَهة والمشوهِة بما فيها مؤثرات العدوان الثقافي الخارجي الذي يتجلى في أشكال متعددة ومتنوعة، مثل التركيز على الثقافة الجنسية الغرائزية، ونشر ثقافة العدوان والتطرف والإرهاب، وتعميم حالة اليأس والقنوط، وغياب الأهداف السامية، لا سيما لدى الشباب، واستغلال كافة الوسائل التقنية الحديثة التي تصعب مواجهتها، من تلفاز، وسينما، ومؤسسات إعلام، وانترنت وأقمار صناعية... الثقافة ميدان مواجهة حقيقي، يحتاج إلى كافة وسائل الإعداد، والتحصين الفكري والثقافي في مواجهة ثقافة التعصب والتطرف والانغلاق، لخوص معارك ثقافية حقيقية، دفاعاً عن العقل، والفكر النيّر، والحرية والجمال، بالاعتماد في الدرجة الأولى على الثقافة الوطنية... إذاً مفهوم "الأمن الثقافي" مفهوم واسع وفضفاض، شرط تحقيقه هو تأمين فضاء الأبداع الثقافي الحر، الذي يشجع دائماً على العطاء المتجدد بعيداً عن الطمأنينة والسكون، ويعزز جو "القلق الثقافي" المحفز لعقل وروح المبدعين، ليغنوا الثقافة بكل ما هو جميل يسمو بإنسانية الإنسان، ويعالج اغتراب الثقافة لدى الشباب، ويجذب الأطفال والشباب إلى عالم الحرية والجمال والإبداع... ومعالجة مشكلة غربة الثقافة لدى الشباب... كيف نبني ثقافة تواجه الموت تتطلب المهمة الملحة المنتصبة أمام البشرية - مهمة إبداع ثقافة تواجه الموت: ثقافة تسمو بإنسانية الإنسان - وضع خطط لتحقيقها على مستوى الدول، لأنها مهمة ملحة تحمي البشرية من كثير من المشكلات، ولعل الخطوات التالية تساعد في تنفيذ هذه المهمة: - ينبغي أن توكل شؤون الثقافة إلى أصحابها الحقيقيين من المفكرين المبدعين، وليس إلى طواويس جهلة يفسدونها، بمختلف البدع، والتملق والتلفيق، والنفاق، وترويج ثقافة الإحباط واليأس، والخنوع والطاعة العمياء، وكل ما يشوه العقل والفكر، ولا يقل خطراً عن الإرهاب بمختلف أشكاله... - تحتاج الثقافة كي تزدهر إلى أناس مبدعين، وإلى بيئة اجتماعية تقدر الإبداع، وتشجعه، في فضاء من الحرية والنقد الموضوعي، مع الاستفادة من كل ما هو مبتكر، ومن التراث، والترجمة، والتفاعل الثقافي، وعدم التهيب من التفاعل مع الثقافة العالمية بحجة أنّها مستوردة، فالثقافة والعلوم العربية والإسلامية لم تزدهر بمعزل عن الثقافة العالمية، بل أفادت الترجمة العرب والعلماء المسلمين الذين لم يخافوا منها... لو أنكر العرب والمسلمون الأوائل الثقافة والعلوم والأفكار الأجنبية بحجة أنها أفكار "مستوردة" لما تجاوزوا حالة البداوة ولا عرفوا التحضر، ولا أنتجوا ثقافة وعلوماً تعترف بها أمم العالم... - الاستفادة من وسائل التكنولوجيا الحديثة في عصر المعلوماتية والانترنت وذلك الكم الهائل من المعلومات المتوفرة فيها، مع التنويه إلى ضرورة الانتباه إلى أنها تضم كماً غير قليل من الفكر القبيح والمشوه الذي يتجني على التاريخ والحقيقة... - دعم المؤسسات الثقافية ودور النشر والكتاب والمسرح والموسيقا كما تدعم المواد التموينية الأساسية - فكما المواد التموينية غذاء الجسد، الثقافة غذاء الروح... الويل لأمة تصاب بعطب الروح ... - تعزيز الدور الإيجابي لوسائل ومؤسسات التربية، والثقافة، والإعلام في المحافظة على القيم الاجتماعية السليمة، والتعرف إلى مختلف المدارس الثقافية، ونشر الثقافة التي تسمو بإنسانية الإنسان، وتؤنسن الغرائز؛ ثقافة المحبّة، والخير؛ والسعادة - وهي الخير الأعظم للإنسان حسب الفلاسفة القدماء - وللوصول إلى السعادة يحتاج الإنسان إلى الآخر، ومشاركته في الحياة، فضلاً عن حاجته إلى التفكير، والوعي، والحكمة وامتلاك مفردات لغة التفكير السليمة: من مقولات (كليات)، ومفاهيم حضارية متطورة، وتبيان مضار التفكير الغريزي المذهبي، والطائفي، والتحزبي المنغلق الضيق الأفق، وتنمية روح المحبّة الإنسانية، والوعي السياسي الوطني والإنساني عند أبناء دولة المواطنة والقانون، ليحلّ محلّ الوعي العشائري، والطائفي الغرائزي المنغلق لدى الفرد، ويحميه من الوقوع فريسة مصادفات الطبيعة والغريزة... - معالجة الفجوة بين جيل الشباب وجيل الكبار، والتحرر من مزاعم التفوق الثقافي، واحتكار الحقيقة، والارتقاء بمهمة وصول الشباب إلى مصادر الثقافة العميقة الجادة والينابيع الصافية الجذابة، السامية التي تنير عقولهم وأرواحهم بمثل الحرية، والجمال، والمحبّة... - تأمين حياة طبيعية للفرد في مجتمع معافى، ومعالجة أسباب التخلف، والتعصب، والغرائز العدوانية عن طريق التنمية الاقتصادية العادلة، وتطوير المجتمع اقتصادياً وتقنياً، وإدخال الصناعة إلى مفاصل الاقتصاد، فضلاً عن تصويب العلاقات الاجتماعية، وأنواع العمل ووسائله، وأنواع النشاط الاجتماعي التي تولد تلك الأمراض الاجتماعية، وتعزيز الوعي، وإعمال العقل، والاهتمام بـــ "المخيال الاجتماعي" (مجموعة التصورات، والتمثلات، أو الرموز، (أي المخيال) التي ينشئها المجتمع، ويعيد إنتاج نفسه من خلالها)، الذي يعطي للفكر النظري، خلال فترة تاريخية ما بنيته اللاواعية. - الفلسفة هي النبع الحامي للثقافة من بؤس الشعوذة، بتأكيدها على ضرورة إعمال العقل في المسائل النظرية والعملية التي تواجه الإنسان... يتكامل الإبداع مع زيادة إلمام المبدع بقضايا الفلسفة... الفلسفة وحدها تمتلك جرأة البحث في حقيقة الموت، وتعين الإنسان في محاولة وعي الحياة ومواجهة الموت بالوعي والعمل... عند الحديث في مسائل الموت الحياة، نستعيد رحلة جلجامش: لما عاد من رحلته "حفر قصته على الصخر لأنّ العمل يخلد الإنسان"... يقتفي المبدعون أثر جلجامش؛ وشاعرنا سميح القاسم لسان حالهم يقول: "بكل الهدوء المواتي أرتب أوراق موتي وأعلن بدأ الحياة". الهوامش والمراجع (1) (2) د. فؤاد زكريا - خطاب إلى العقل العربي - كتاب العربي - سلسلة فصلية تصدرها مجلة العربي - الكتاب السابع عشر – 1987 3 - القاسم، سميح: ملك أتلانتس وسربيات أخرى ط. 1. الدار العربية للعلوم .2005 مج4 . ص214 ، 4 - القاسم، سميح: الأعمال الكاملة .مج2 .ص 26 - 5 - القاسم، سميح: كولاج ص 126 ، 6 - انظر كتاب "ظاهرة الموت في شعر سميح القاسم" - إعداد أمل عبد اللطيف داود حسن. – شبكة الأنترنت الدولية.
#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقدمة ترجمة مجلد -عذاب الروح-
-
مقدمة رواية العسس الليلي كلمة لا بد منها
-
بعض من صفات الدكتور طيب تيزيني
-
الشعب السوداني والوصفة السحرية
-
شبح المكيافلية وبؤس الفكر السياسي المعاصر
-
الجزائر وصناعة التاريخ
-
لماذا الدولة العلمانية؟
-
النقد فن أدبي!*
-
في جذور وآفاق بنية الدولة
-
جذور وأفاق بنية الدولة
-
أسس الإبداع الفني عند دوستويفسكي
-
في الترجمة ووحدة الوعي الإنساني
-
في تحولات وآفاق بنية الدولة
-
فرصة روسيا التاريخية
-
متى يحال من يتسبب في اغتيال الفكر و المفكرين إلى القضاء؟
-
شاهر أحمد نصر - باحث وكاتب يساري سوري - في حوار مفتوح مع الق
...
-
هل لأدونيس أصدقاء حقيقيون؟!
-
ما سر التعلق بنظرية المؤامرة؟!
-
ما الذي يلغي المشاعر الإنسانية؟!
-
الغيبية والطوباوية في (مشروع برنامج حزب الإرادة الشعبية)
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|