|
البلالفة والمناتفة
مصطفى حقي
الحوار المتمدن-العدد: 1560 - 2006 / 5 / 24 - 06:32
المحور:
كتابات ساخرة
في الجزء الشمالي الشرقي من الكرة الأرضية ، وفي إقليم ( بلفانيا) يتعاور السلطة حزبان.. البلالفة والمناتفة ، كانا ينتفان بعضهما نتفاً ليتبوأ أحدهما السلطة ، ويبقى الثاني معارضاً وفي موقف المتربص ؟ وعليه فإن الحكم إما للبلالفة أو المناتفة ، ولا خيار ثالث ، فالمواطن في بلفانيا إمّـا مبلوفٌ أو منتوفٌ وذلك حسب هوية الحزب الحاكم ... وذات ليلة وفي إحدى المقاهي الشعبية في العاصمة ( منتوفيا) تجمّع الرجال حول المذياع ليسمعوا آخر الأخبار ، بالمناسبة ( بلفانيا) تتمتع بحريّة وديمقراطية لامثيل لها في أي بلد في العالم، فهناك حرية فكر ، صحافة ، رأي .. أكتب ماتشاء ، قل ماتريد ، عبّر عن رأيك ( لدرجة الوقاحة ) اشتم الملكةَ ، لاأحد يكتب فيك سطراً واحداً ، بلد نظيف من المراقبين والفسّاد والنمّامين وذوي الحروف الناعمةِ ..؟ وأن اعظم مايمكن أن يحدث ، هو أن يحوّر النقد إلى طرفةٍ سياسيةٍ ... بثّ المذياع النبأ التالي ... .. بمزيد من الأسى واللوعة ، انتقل إلى جوار ربه رئيس جمهورية بلفانيا شهيداً .. ردّ أكثر من صوت بلفاني .... ألله ( يرحمــــوا ) ولكنّ المناتفة ردّوا .......... ألله ( لايرحمـــــوا ) عقّب أحد البلالفة ... لاتجوز على الميت إلا الرحمة .. أجاب منتوف ... هذا إذا كان ( يستاهل ) الرحمـــة .. قال البلاّف ..... وماذا فعل المرحوم حتـّى لاتترحمــوا عليه ..؟ ردّ النتــّاف .... لم يترك أحداً من شر بلفه ... شرح المواطن البلفاني : وأنتم عندما استلمتم الحكم لم ينج أحد من شرّ نتفكم ، ومن كان بيته من زجاج لايرم الناس بالحجارة ...! فاشتدّ اللغط والصخب وعلت الأصوات – أسكت يانتـّاف .. إخرس يابلاّف .. خسئت يا.. بئسك يا .. ؟ وهنا انزعج المواطن معلوف ..؟ الذي لم يكن يبالي بصراع الطرفين ، لأن الله قد منّ عليه برزق وفيرٍ ، فصرخ بالمزعجين بصوتٍ عالٍ : - (بس بقى ) .. اذهبوا إلى مكان آخر وتناتفوا ... طز فيكم وطز في البلالفة وطز في المناتفة و ( ريحــونا ) ؟ وصل طز المعلوف على شكل نكتة سياسية إلى مسامع الحكومة السابقة واللاحقة ، ولكن لم يسبق لمواطن ( بلفاني) أن طزز بالحكومتين معاً ، طز واحد فيها ومافيها ، طز في إحدى الحكومتين مشروع ، ولكن في الحزبين .... ففيها إنّ ...! لذلك وبعد اجتماع قمةٍ ، قرر ائتلاف الحزبين إبعاد المواطن معلوف إلى إقليم ( حرّيــات) وعلى نفقة الحكومة ليتذوّق فيهــا نِعَمَ الحريــة ...؟ .. دخل المواطن معلوف بلاد ( حريّـــات) في أوج عافيته ، اجتاز الجمارك بأمان .. عبَرَ البوّابات بسهولة ويسرٍ مع ابتسامة واحترام لم يعهدهما طيلة حياته .. ركب سيارة أجرة ، دخل فندقاً ، نزل السوق ، أم الحانات، زار أماكن اللهو وهو فاغر الفم من الدهشة ...! عجيب .. لانتف ولا بلف ، كل شيء على مايرام ، وكأن كلمتي البلف والنتف منسوختان من القاموس .. امضى عدّة أيام على هذا الموال متعجباً مندهشاً .. ثمّ بدأ جلده يوخزه ، ونفسيته تتأثر ، لانخزة نتفٍ ولا خوزقة بلفٍ ، حرية ، نظام ، احترام ، لم يطالبه أحد بإبراز هويّته أو جواز سفره ..! ومع شعوره بولادة جديدة ، انتابته ألامٌ جسدية وكآبة نفسية .. عاف الطعام والشراب .. وانزوى في ركنٍ يتطلع بعينيه في متاهةٍ لا تـُعرَفُ مداها ....! .. هزل المعلوف ، تدخل الأطباء ... إن المعلول يعاني من إدمان مزمنٍ على شيء غير موجود في بلدهم .. ولما كانت حياة المعلول متوقفة على شعرة ٍ .. أمروا بإعادته إلى بلده ليموت فيها آمناً مطمئناً ... .. عاد المعلول على نقـّالة .. رفض رجال أمن المطار إدخاله إلى الوطن إلاّ بعد حجرٍ صحي طويلٍ ، قدّم المعلول المعلوم ..؟ فرُفِعَ الحجر المزعوم فوراً وارتدت بعض روحه إليه ، ونـُتِفَ في باب وبُلِفَ في آخر ، ومع كل بلفةٍ أو نتفةٍ كانت صحة المعلوف تتحسن ومعنوياته ترتفع ..؟ وخرج من المطار على قدميه وقد هجر النقـّالة ..! وبالكلام الحلوِ والمعسولِ والشكوى والتذمر بحجة غلاء المحروقات وارتفاع أجور الصيانة وغرامات المخالفات المرهقة ( بلصه ) سائق سيارة الأجرة التي أقلته أضعاف التسعيرة ، دفعها المعلوف راضياً مرتاحاً وقد زادها ( بخشيشاً ) .. شعر المعلوف بشهوة طاغية إلى الطعام والشراب ، دخل مطعماً ، أكل وشرب .. وخوزِقَ بفاتورة مضاعفة .. دفعها ضاحكاً مسروراً وكافأ الندل بسخاء .. وصل منزله وسط ذهول الأهل والأقرباء والأصدقاء الذين كانوا قد أعدّوا العدّة لاستقبال محتضر وترحيله عن الدنيا باحتفال يليق بمعلوف ٍ ؟ لم يعد جسمه يؤلمه، شعر براحةٍ نفسية لامثيل لها ، اجتمع حوله الأهل متعجّبين ، يستفسرون بعيونهم الزائغة سرّ عودة الروح ...! تجشأ المعلوف وسوّى من جلسته وقال مفاخراً .. : قال حريه قال .. ؟ طز في ( حريات) والله يديم علينا ، عز البلالفة والمناتفة يارب وردّ الجميع بخشوع ... آمـــين ...؟؟
#مصطفى_حقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الارهابيون يحاولون النيل من المفكر عبد الكريم سليمان .؟
-
ضرورة تنظيم الأسرة في حياتنا المعاصرة ...؟
-
طَبَقِيَة الطبقة العاملة والواقع العملي لتغييرات مجدية
-
تنامي الظاهرة الطظية في مصر بعد طظ المرشد العام....؟
-
حقوق المرأة مابين الترابي والقرضاوي والتلويح بالبطاقة الحمرا
...
-
اللص والسكير
-
صراع الحضارات أم سقوط الهة أم توكل قدري
-
جمالية العجيلي في أبطاله
-
كسوف الشمس أم كسوف العقل والحريات
-
الرواية عالم واسع والروائي يتناول ركناً حياً من واقع اجتماعي
...
-
أيتها النساء عليكن النضال ضد النساء
-
هذا لم يحدث في سوربة ..؟
-
لن ينالوا من أفكارك النبيلة ..؟
-
رسالة إلى الأخ السيد حسن آل مهدي
-
لما كانت المرأة نصف المجتمع ، فمن يمثل هذا النصف سياسياً وتش
...
-
التسونامي
-
الحضارة والديموقراطية
-
قيود الابداع والرمز ...؟
-
الثقافة والمثقف بين الجانبين المادي والروحي
المزيد.....
-
صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
-
إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م
...
-
مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
-
خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع
...
-
كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
-
Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي
...
-
واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با
...
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|