|
لبنان ، التحول الجوهري بقرار شعبي من دويلات الطوائف إلى دولة المواطنة ...
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6408 - 2019 / 11 / 14 - 21:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ وقفوا اللبنانيون عند ذاكرة اقتصرت على مجموعة خاصة رفضت على الدوام المضي قدماً ، امام حاضر تجمد لا يتشكل ، هذه هي مشكلة الطائف في لبنان ، بل مرحلة عهد الرئيس عون جاءت بالكارثية ، وكما جرت العادة الجميع يتحدث عن اجندة ايران في لبنان وايضاً المنطقة وبالتالي لا أحد يفكك هذه الظاهرة وما تحمله من أجندة ، فاليوم مع الانتفاضات الثلاثة العراق والسودان ولبنان ينكشف بعض مقاصدُها التى باتت تطل برأسها بشكل واضح ، ولأن لكل انهيار له مقدمات ، منها الظاهر وأخريات مدفونة تحتاج إلى تنبيش في الأرض لكي يستطيع النابش معرفة إن كانت الأمور وصلت في لبنان إلى حافة الانهيار الكامل أم مازال هناك مساحة للإنقاذ ، وقد يكون من المؤشرات الكبرى التى تدلل على ذلك عندما وصل الأمر بالحكومة بعدم قدرتها تأمين الطعام للجيش اللبناني وبالرغم من انتشار الخبر إعلامياً إلا أنه مر مرور عابر ، بل الدلالة هنا تشير إلى خطورة الأزمة وتحمل أبعاد لا تبشر بالخير ، فكيف يمكن للمواطن لبناني الوثوق بحامي حماة الوطن وسيادته هو يفتقد إلى العناصر التى تؤهله لحمايتها ، كان من المفترض لجيش تأسس عام 1945م ويمتع بوزارة دفاع وهيئة أركان وقائد للجيش أن يكون منذ زمن بعيد يتمتع بالاكتفاء الذاتي على الأقل بمسألة الطعام لكن مازال الجيش خارج الإنتاج الكلي وعلى رأسها المأكلي .
عاني لبنان منذ نشأته من رخاوة الدولة وذلك يعود إلى التركيبة التى تركب عليها النظام وبالتالي الرخاوة جعله معرض على الدوام إلى استباحات داخلية وخارجية وبالرغم من الشكل العام الذي يظهر بأن الجمهورية جامعة للبنانيين ، إلا أن الولاءات متعددة الألوان ، على سبيل المثال ، مسألة تلفزيون ووكالة الأنباء لبنان الرسميين فضحتا التوظيف الولائي للأشخاص والطوائف ، فكيف لبلد تشهد عاصمته ومن جنوبه إلى شماله انتفاضة على الطبقة الحاكمة في المقابل المؤسستين استمرتا في عملاهما دون أن يغطيان الاحداث على الأرض بينما التوظيف في الحكومة وصل إلى درجة غير مسبوقة هو أقرب إلى الهستيريا الطائفية ، على سبيل المثال ، في الآونة الأخيرة تم توظف بدفعة واحدة 30 الف في الحكومة ، محسوبين على تيار الحر ، تيار الرئيس عون ، وهذا التوظيف الوهمي يفقد بدوره المعنى الحقيقي للوظيفة لأن النظام الطائفي غير معني بالقطاع الخاص ، أقصد هنا الاقتصاد المفتوح المتعلق بالكفاءة والذي يخضع للمنافسة وبالتالي تحصل دائماً المشكلة في إمكانية إدارة الحكومة ، وهذه الأنماط تساهم في ضرب الاقتصاد من جذوره وإنهاء وجوده بالمطلق وفي هذه الحالة ليس امام الحكومة سوى البحث عن المزيد من فرض الضرائب من أجل تسديد فاتورة الرواتب الشهرية لأن الدولة لا تمتلك اقتصاداً حقيقياً منافس ، الذي يضاعف البطالة سنوياً لأن الحكومة تواجه مع نهاية كل عام تدافع طبيعي للخرجين من الجامعات ، هؤلاء ينزلون إلى ميدانيين ،الأول غير قادر على استيعابهم لأنه أُشبع بوظائف حكومية وهمية والآخر تم تحجيمه لكي يكون تابع في دوائر تحصيصية التى اندثرت فيه المثابرة والمكابدة والإبداعات والاستحقاقية .
المضحك في لبنان وهنا لا بد الاعتراف بأن لبنان كان النموذج الابكر للوطن العربي ، على سبيل المثال حزب الله كجندي تابع لإيران يتحالف مع تيار العوني المتحالف مع فرنسا ويحاول القفز بقدم واحدة إلى روسيا ، حسب المصطلح الدارج ( بفرشخ ) وبالتالي فرنسا عضو رئيسي في حلف الناتو التى تقوده واشنطن حليفة الدولة العبرية ، في مقابل تيار المستقبل حليف السعودية المتحالف مع الأمريكان والأمريكي الذي يعتبر الكيان الإسرائيلي جزء من أمنه القومي ، أي بمعنى آخر ، تُعتبر إسرائيل أرض من أراضي الولايات المتحدة ، ليكتشف المرء بعد التدخل الخارجي على الأرض ، قسم العالم العربي بين القطبي الامريكي والروسي ، اعتدال وممانع بينما القطبين متحالفين مع الدولة الإسرائيلية ، بل في مراجعة مبسطة لا تحتاج إلى تحليل من نوع عالي ، سيكتشف المراقب بأن النفوذ الإيراني في العراق ولبنان وسوريا جاء نتيجة صفقة مع الأمريكان وبتواطؤ روسي .
هناك إصرار من الطبقة السياسية اللبنانية على إصباغ الغباء على الشعب ، لأن الشعوب الذكية تختار عبر عملية انتخابية من يرفع مستوها التعليمي والخدماتي بشكل عام ، أي أنها لا تعيد تكرر انتخاب من أوصلها إلى الهلاك ، لكن الشعوب الغبية وحدها تصرّ على انتخاب من يحافظ على تخلفها وبالتالي الوعي الذي توفر بين اللبنانين كان الصدمة الكبرى في الأوساط السياسيين ، وهنا لا بد التذكير الأنظمة التى قلدت الروسي في ادارة بلاده منذ الثوة البلشفية ، دائماً كانت الفكرة تتقدم على أي شيء آخر وهذا المنطق تبناه من جاؤوا إلى سدة الحكم على ظهر الدبابة العسكرية ومع مرور الزمن اخفقت العسكرية العربية أن تكون شبية للروس وتحولت مع المتغيرات التى طرأت على موازين القوى إلى الليبرالية الغربية ، ايضاً سجلت إخفاقاً اوسع عند انفتحت على السوق الاقتصادي العالمي دون أن تحدث نظام ديمقراطي يستطيع المحاسبة والتطور وبالتالي تحولت باختصار إلى دول مستدينة من البنك الدولي والصندوق ، أي بمعنى آخر انتقلت من الاستعمار العسكري المباشر إلى الارتهان الاقتصادي والمالي ، كدست السلاح لكن معدتها وعقلها مرتهنون للغرب الذي بدوره يتفضل عليهم من فتاته ، في حين يتصور الرهين بأنه حرً أو مستقل طالما أمتلك بضعة الصواريخ وببضعة حلفاء فسادون موزعين بين حليف إقليمي يصب في نهاية أمره في شارع ول ستريت السفلي ويذهب جزء كبير من مقدرات الشارع إلى حليفه في تل ابيب ، الحليف الأقوى والأهم للقطبين وبالتالي ببساطة الموهوم هو ضمنياً حليف راعيين للمنقسمين بين هذا وذاك .
والحال أن المقام ليس ملائماً لكي يتوسع المرء بتطويل السطور في شأن التخندق المضحك للأطراف الموزعين بين القطبين ، لكن يبقى السؤال الوطني والقومي العتيق ، إذا كان الجيش اللبناني يعيش من حين لآخر أزمة إطعام جنوده ، إذن البلد معرض في أي أزمة كبرى للمجاعة ، بل منذ حرب تموز ، نحن نتكلم عن 13 عام ، دمر السلاح الجو الاسرائيلي بعض محطات الكهرباء اللبنانية إلى الآن الحكومة لم تعيد بناء المحطات وبالتالي لم تستطيع إنهاء عذاب المواطنين من انقطاع الكهرباء وايضاً تكلفتها الاستنزافية ، بل خطورة ما حصل ، لقد أخذ حزب الله قرار الحرب التى كلفت لبنان بنيته التحتية الهشة ، لكن الأخطر من قرار الحرب وتبعياتها ، لقد دفع المواطن اللبناني تكلفة الحرب وفتحت الحرب أبواب جديدة لأدوات السلطة ، تتدفق منها أموال تصب في جيوبهم ، جاءت جميعها على حساب خدمات المواطن ، أرهقته وافلسته إلى درجة أفلست حزينة الحكومة ، لهذا تدارك الشعب اليوم للخداع الأكبر منذ الحرب الأهلية التى قامت بالأصل بسبب عدم العدالة الاجتماعية ، مرة بحرب يمكن الإطلاق عليها مسمى ، رفع صيت المحارب لكي يتسنى له احتكار موارد البلد وترسيخ الطائفية النافعة للمحتكر ، ومرة اخرى ، جاءت دائماً في ترويع الناس من عودة الحرب الأهلية وبالتالي يسعى الجيل الجديد من خلال انتفاضته إلى بناء دولة مدنية دولة الموطنة بعد ما اكتشفوا بأن أكلت التبولة تجمعهم كلبنانيين أكثر ما يجمعهما قصر بعبدا والحكومة وبالتالي بدورها ، أي دولة المواطنة تقطع على السارقين فرص الاستمرار بالسرقة وتعيد إنعاش الخزينة المنهوبة وتنهي النظام الطائفي الذي سبق وتفوق دائماً على الجمهورية منذ زمن المتصرفية . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصرون الطبقة إياها على جر البلد للخراب ...
-
رسالة مقاتل ...
-
اتفاق اليمن يشرح الصدر ويترتب على راعيه مهام أكثر تعقيداً ..
...
-
التأتأة في الدبلوماسية والتسفيه في الداخل ...
-
هل للطبقة إياها التى فشلت في تحرير قرية تستطيع تحرير اقتصاده
...
-
يا بتاع الضمير أين ضميرك ..
-
طعم التسلل أوقع البغدادي بالكمين ...
-
السيادة لا يمكن اقتصارها على التراب الوطني ..
-
لبنان يقف بين تأسيس لجمهورية ثالثة أو التورط بالمحيط أكثر ..
...
-
دخول لبنان في المجهول الكامل ..
-
اللبنانيون يسعون إلى تحرير السلطة من التبعية عبر اسقاط تبعية
...
-
اللبنانيون بين نفض النظام الأقلية وإعادة هوية الأغلبية ...
-
قراءة نقدية من على جانب تظاهرات لبنان ..
-
مكملين بالثورة حتى الخلاص ...
-
بين معرفة الموسوي ومعلومة نصرالله ..
-
سقوط الحكومة مقدمة لسقوط النظام اللبناني ( الله محيي الجيش )
...
-
فهلوة النظام وتجميل أدواته ...
-
الأمن القومي أمر مقدس يهون أمامه كل العقوبات أو العزلات ...
-
مازالوا في صفوف الحضانة ، لهذا يهددهم الغرب بقطع السلاح ...
-
اسرائيل جدار اسيا المدافع عن الغرب / قابل للتمدد والتطور ...
المزيد.....
-
العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
-
بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4
...
-
احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر
...
-
العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة
...
-
رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
-
مجلس الشيوخ الأمريكي يعرقل مشروع قانون لفرض عقوبات على الجنا
...
-
انفجار في سفينة حاويات في البحر الأحمر
-
إعلام إسرائيلي يكشف عن وعد -حماس- لأسرتي البرغوثي وسعدات
-
رئيسة الحكومة الإيطالية تخضع للتحقيق القضائي بعد قرار الإفرا
...
-
مصر.. الجامعات تحسم مصير طلاب المنح الأمريكية بعد تعليق إدار
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|