أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - زهير الخويلدي - بداية الواقعية السياسية عند ابن خلدون














المزيد.....

بداية الواقعية السياسية عند ابن خلدون


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 6406 - 2019 / 11 / 12 - 20:15
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


" الدولة في أول أمرها لابد لها من الرفق في ملكتها والاعتدال في إيالتها ... من المكارمة والمحاسنة... وإذا كانت الملكة رفيقة محسنة انبسطت آمال الرعايا وانتشطوا للعمران وأسبابه"1

الفرضية التي يمكن مناقشتها مع العقول المشتغلة بحضارة إقرأ تتمثل في أن عبد الرحمان ابن خلدون قام بنقل المباحث العلمية في الدولة من الأحكام السلطانية إلى الواقعية السياسية ضمن رؤية تاريخية عمرانية. في الحقيقة لم يقتصر العمل الفلسفي التأسيسي الذي قام به العلامة ابن خلدون على ذكر أسباب وقوع المؤرخين في الأوهام والمغالطات والتحقيق فيها بغية تفاديها والتخلص من مزالقها وتبعاتها وبيان فضل علم التاريخ بل رافقه تأكيد على أهمية الاجتماع بالنسبة للبشر وضرورة العمران من خلال جغرافيا سياسية للتعاون والبر ووفق مناخ طبيعي يوفر انتشار الأخلاق الحميدة والشيم الاجتماعية ويقوى كسب أحوال التمدن والتحضر. لقد عمل ابن خلدون على التمييز بين البدو والحضر وبين الطبيعة والثقافة وبين الخلقة والعادات وبين التوحش والتمدن وانتصر إلى معطى الرئاسة ودوام الملك وسياسة الناس بالعقل والمصلحة والقانون على الرغم من إشادته بالخصال الكبيرة التي يتمتع بها أجيال البدو من شجاعة وعصبية ومن قدرة على التغلب وفعل الخير وتنصيصه على دور القبيلة والعصبية والدعوة الدينية في قيام الدولة وسيطرتها على مجالها. لعل الواقعية السياسية التي تعامل بها ابن خلدون مع التجربة السياسية تظهر في تحليله لظاهرة تكون الدولة وفق رؤية تاريخية تتابعها من لحظة تشكلها وانبثاقها وبعد ذلك ترصدها زمن استقرارها ومجدها واكتسابها للنفوذ والسؤدد وتتابعها عند وقت هرمها وضعفها وانحلالها ودراسة العوامل وذكر الظروف. لقد درس ابن خلدون حقيقة السلطان الزمني وأصنافه وأتى على رمزية الخلافة الروحية وحصرها في الإمامة والاعتناء بالشؤون الدينية وتعمق في تحليل الخطط السياسية في الدولة وقام بالتمييز بين الرئاسة والوزارة وبين السلطنة والملك وبين الحكم بالسيف والحكم بالقلم وطالب بالانتقال بالدولة من البداوة الى الحضارة وركز على أن الدولة تستمد قوتها من الأصل الذي قامت عليه وعلى البيعة العامة والعهد الذي يتم بين الجمهور والخاصة الحاكمة ومن الدواوين والهياكل التي تديرها مثل الأعمال والجباية والرسائل والكتابة وقيادة الجيوش والأساطيل ودعا إلى الحاجة إلى اكتساب الثروة وصك العملة وتجنب المفاسد والأضرار التي يمكن أن تداهم جسد الدولة وتؤذن بالهرم والانحطاط وهي آفات الانفراد بالمجد وإرهاف الحد والاستبداد والانقلاب والظلم وكثرة الجباية ونقص العطايا وتعثر الخدمة وارتفاع الأسعار والاحتكار. كما ربط ابن خلدون فن السياسة بظاهرة الحرب والعسكر وعملية الاستيلاء بالكر والفر والتمكن من الغلبة بالقوة ولاحظ اقتران الاستقرار والرخاء والتحضر بحالة السلم وإتقان الصنائع وازدهار التعليم والعلوم. اذا كانت كل دولة معرضة للعطب ويطرق أبوابها الخلل ويختلف حولها الناس وتنقلب فيها الحكومة الراشدة إلى ملك عضوض وتهرم وتنقسم وتتفكك وتتعرض للمجاعة والإفلاس والأزمات والكوارث فإنه يمكن تجديد شبابها وتثوير هياكلها وتقوية دواوينها وبث روح الحياة في جسدها ومدها بالمعارف اللازمة. إذا كان الخلل يتسرب إلى بناية الدولة من نافذتين تتراوح بين استئثار العصبية بالحكم لنفسها وتوريثها أو غياب الشوكة وضعفها وذهاب ريحها وتتأرجح بين الإفراط في الترف وقلة المال وضياعه وإذا كان البعض يضاعف من مرض الدولة باستجلاب المرتزقة من الخارج والزيادة في الجباية والاستيلاء على ممتلكات الناس وما يترتب عن ذلك من ارتكاب الظلم والتعسف والقتل والقهر بحقوق غالبية الجمهور بالتعاون مع خاصته فإن إمكانية تفادي هذه الأمراض وارد وذلك عن طريق المطالبة والمطاولة من المستجدة للمستقرة وليس بالمناجزة والنازعة وبالاستمالة وتحصيل الرضا ونزع الرعب والتخاذل والفشل من القلوب وزرع الثقة في النفوس وحب المفازة ومعرفة مصالح الناس ومراعاة نفعهم بالسياسة العقلية. خلاصة القول أن النقد المزدوج الذي يوجهه ابن خلدون للأحكام السلطانية التي انتشرت عند الفقهاء والمتكلمين وللميتافيزيقا السياسية التي انحدرت من الفلسفة الاغريقية في نسختيها المشائية والاشراقية ينتج استحداث مسلكية جديدة في التعاطي مع الظاهرة السياسية عبر أدوات الواقع والمصلحة والعقل. في هذا يضيف الآتي:" اذا كان ذلك كله بالتدريج فإنما يظهر أثره بعد جيل أو جيلين في الأقل وفي انقضاء الجيلين تشرف الدولة على نهاية عمرها الطبيعي فيكون حينئذ العمران في غاية الوفور والنمو" 2. فكيف السبيل إلى الاستفادة من الواقعية السياسية التي وقعها ابن خلدون من أجل إعادة التكوين العقلاني للدولة؟
المصدر:
1- عبد الرحمان ابن خلدون، المقدمة، دار الجيل ، بيروت ، طبعة أولى، 1961، ص334.
2- عبد الرحمان ابن خلدون، المقدمة، نفس المصدر، ص334.

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة انتصار منطقي على العبث
- أي مقام جديد بالنسبة لنا حسب بول ريكور وحنة أرندت؟
- المدينة من منظور الفيلسوف: من الاحتماء الى الثورة
- حاشية ثورية على الانتخابات التونسية
- فوز المرشح الثوري في الانتخابات الرئاسية التونسية
- مصطلح الإيديولوجيا عند غرامشي بين الاعتباطية والعضوية
- بورتريه الفيلسوف من خلال أدواره في حياته العادية
- أصول تفسير الأحلام عند بن سيرين
- الدعائم الرياضية والطبيعية للفلسفة العقلية عند ابن باجة
- السرد الفلسفي للحياة الطبيعية عند ابن طفيل
- أهمية تدريس الفلسفة للأطفال
- السلطة السياسية، نهاية اللاهوت السياسي حسب بول ريكور
- العملية الانتخابية والسلوك الديمقراطي
- الثورة الشعبية بين المد والجزر
- النظرة الحسية والرؤية الوجودية والإبصار المعرفي
- أدب المناظرة والتأسيس الديمقراطي للحياة السياسية
- السباق نحو الرئاسة في الانتخابات التونسية
- أسبقية الوجود على الماهية عند صدر الدين الشيرازي
- نور الدين البطروجي وميلاد علم الفلك الحديث
- الميزان الطبيعي عند أبي بكر الرازي


المزيد.....




- الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
- بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند ...
- لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
- قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب ...
- 3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
- إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب ...
- مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
- كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل ...
- تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - زهير الخويلدي - بداية الواقعية السياسية عند ابن خلدون