أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل عباس البدراوي - جمهورية ساحة التحرير الفاضلة














المزيد.....


جمهورية ساحة التحرير الفاضلة


فاضل عباس البدراوي

الحوار المتمدن-العدد: 6405 - 2019 / 11 / 11 - 17:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خلال مشاركتي لمرات عديدة، مع المعتصمين والمتظاهرين، في ساحة التحرير، لا أزعم بأنني أتواجد فيها بشكل مستمر، بسبب عامل السن والمرض، لكنني أسجل بعض الملاحظات التي شاهدتها بأم عيني ومن خلال جولاتي في هذه الساحة العظيمة، التي تجسد فيها، السفر النضالي للشعب العراقي طيلة ما يقارب القرن من السنين، في هذه الساحة تُستحضر ذكريات تاريخية مجيدة، من عشرينيات القرن الماضي لحد يومنا هذا، تجمعت فيها، تظاهرات العشرينيات مرورا باضرابات الثلاثينيات والأربعينيات ووثبة كانون وتشرينيات انتفاضة ٥٢ و ٥٦، وشهداء العراق من أقصى الشمال لأقصى الجنوب، كلها تمثلت في هذه الساحة وجبلها الشامخ وأطرافها الملتهبة، تجمعها هدف واحد، هو تحرير العراق من سلطة فاسدة فاشلة جاءت بها الأمبريالية الامريكية، واليوم تأتمر بأمر اسيادها من خارج الحدود، فلم تبق للسيادة المزعومة معنى ولا لحرية الشعب حرمة. ادون هنا للتاربخ هذه الخواطر التي شاهدتها بأُم عيني، لساعات كانت أجمل وانقى ما مرت عليّ من سنوات النضال.
١ تتجمع هنا جماهير من مختلف الأعمار والاطياف والمستويات الثقافية والنحل الفكرية، من سائر أرجاء الوطن المسلوب، والكرامة المهدورة، منذ أكثر من اسبوعين، آلاف منها تفترش الارض وتلتحف السماء، بلا كلل أو ملل، راهن عليها القابعون في الخضراء الغبراء، علّ هؤلاء الفتية والشباب والشيب وحتى الأطفال يصابون باليأس، لكن هؤلاء العظماء ابطال الوطن وقرة عين الشعب، فوتوا عليهم هذا الرهان الخاسر، بمطاولة قلّ نظيرها في تاريخ العراق السياسي أن لم نغال القول حتى في محيطنا الشرق أوسطي على الاقل.
٢ ترى هنا مجاميع تغني اغان وطنية وثورية وحتى عاطفية، وأخرى تردد شعارات وهتافات بحب الوطن والاستعداد الا متناهي للتضحية في سبيل انعتاقه، وكي يسترد الشعب حريته وحياة كريمة تليق به، كشعب تمتد حضاراته وتاريخه المجيد لالاف السنين .
٣ مجاميع هناك تعمل كخلية نحل، في طبخ وتهيئة موائد الاكل للوجبات الثلاث، من مواد تضخ بشكل يومي، من المحبين والمساندين، من العوائل البغدادية الكريمة واخرى تأتي من مختلف المدن، اسنادا لهذه الهبة الشعبية الكبرى، والكل يتقاسمون الاكل من سائق التك التكت البطل حتى المثقف الأكاديمي والاديب والطالب، في نفس الصحن يتناولون غذائهم.
٤ رغم تواجد الآلاف صباحا وتزايد الإعداد مساءا لتصل إلى مئات الآلاف، من النساء والرجال والاطفال، بل عوائل كريمة بكامل طواقمها، لا تجد اثرا للاوساخ والازبال، والساحة التي تعج بالحجيج، يأتون من كل حدب صوب لزيارة مزارهم المقدس، ساحة العنفوان وجبل التحدي.
٥ رغم تواجد النساء من الشابات حتى كبيرات السن، لم يلاحظ أية شكوى من تحرش أو ممارسة تخدش الحياء، في هذه الساحة، هذا لعمري مظهر لشعب راق متحضر، يقود دفة السلطة في بلاده حفنة من الرعاع.
٦ تشاهد مجاميع من شابات انيقات جلهن جامعيات أو طالبات في الاعدادات وربات بيوت، يحملن أكياس لجمع النفايات ونقلها إلى مكان آخر بعيد عن الساحة كي تنقلها سيارات جمع النفايات، ما هذا الشعب العظيم في أية مدرسة تعلم هؤلاء فنون التكافل والتعاون والتضحية من أجل أسمى الاهداف، حب الشعب ورفعة الوطن؟.
٧ ساحة التحرير والجبل الاشم المطل عليها، تتزاحم فيها جموع من مختلف المشارب الفكرية، فلم تسجل أية مناكفات أو منغصات يخرب الود بين هذه المجاميع المتاخية، تركوا خلفهم خلافاتهم الفكرية والسياسية، واجمعوا على البقاء مرابطين في أماكنهم حتى تحقيق النصر المؤزر، بهزيمة طعمة الفساد والجريمة.
٨ لأسبوعين خلت، لم تسجل أية جريمة جنائية، في هذه الساحة واطرافها، لا حادث سرقة اونشل ولا حتى نزاع شخصي، الكل يحب الكل يجمعهم حب الوطن.
٩ هذا التعايش الغريب العجيب من قبل هذه الجموع الثائرة مع ضربات القنابل القاتلة والرصاص المطاطي وحتى مع الرصاص الحي، حيث يتساقط هنا شهيد وهناك جريح، والجماهير تتحدى وتتمرتس في اماكنها ولا تتزحزح قيد انملة، دونما خوف أو وجل.
١٠ تجد العديد من خيم تحولت إلى عيادات طبية لمعالجة جرحى الانتفاضة أو الذين يصابون بمرض جراء تواجدهم الدائم في الساحة، يتولى على إدارتها وعيادة المرضى، طبيبات وأطباء وممرضين متطوعين، سقط منهم شهداء واختطفت قبل أيام إحدى المتطوعات، وهي المسعفة الشجاعة صبا المهداوي، على يد.من لا غيرة ولا شرف لهم في القاموس الإنساني.
١١ ولا اريد في النهاية أن انسى هؤلاء الشجعان من كادحي وطني، اصحاب عربات التك تك، الذين يتسابقون لنقل الشهداء والجرحى إلى المستشفيات، إضافة لنقل أعداد من المتوجهين للتظاهرات، من مسافات بعيدة الى الساحة دون مقابل، سقط منهم العديد من الشهداء والجرحى، فقبلة على جبين هؤلاء الفتية البواسل.
أنها جمهورية ساحة التحرير الفاضلة، ارفعوا لها القبعات وانحنوا أمام تضحياتها الجسام، مجدا لشهدائها الأبطال، وشفاءا عاجلا لجرحاها، ولجموعها المرابطين في ساحة تصنع فيها تاريخ العراق الجديد.



#فاضل_عباس_البدراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيها الحكام لماذا تدفعون الشعب للبحث عن حل أخر؟
- الحكومة العراقية في الصين
- نقاش حول انتخابات مجالس المحافظات
- 14 تموز... ثورة أم أنقلاب
- المحور الرجعي العربي يتأمر على ثورة الشعب السوداني
- الحركة النقابية العمالية العراقية بأضعف حالاتها
- تحية للمرأة بعيدها الأغر
- سأبقى ألعن يوم 8 شباط المشؤوم ما دمت حيا
- لماذا لا يرفع الحزب الشيوعي العراقي شعاراته وأعلامه في الحرا ...
- حكومة كوكتيل
- حكومة بالتقسيط
- موقف غريب من نقابة الصحفيين العراقيين
- عن أية كتلة أكبر وعن أية حكومة أغلبية يتحدثون؟
- ما قيل وما لم يقال عن ثورة 14 تموز الوطنية المجيدة
- لا يصلح العطار ما أفسده ساسة العراق
- عندما ينخرط الجميع في الفضاء الوطني من هم اذن الفاسدون والمح ...
- الحزب الشيوعي ليس مقرا انما نبتة (ثيل) في أرض العراق
- نتائج ألأنتخابات أظهرت صواب رأي المعترضين وخطأ المؤيدين لهذا ...
- سوء ادارة مفوضية ألأنتخابات أسهمت بحرمان الملايين من التصويت
- فائق الشيخ علي لا يمثل الجمهور الواسع للقوى المدنية الحقيقية


المزيد.....




- أمريكا تصادر طائرة ثانية لرئيس فنزويلا.. ومسؤول: كنز من المع ...
- آيسلندا: مكتب الأرصاد الجوية يصدر تحذيرا بالطقس الأحمر بسبب ...
- روسيا لترامب.. حل نزاع أوكرانيا بالأفعال
- لبنان.. غارات إسرائيلية ليلية عنيفة تستهدف البقاع وإقليم الت ...
- كوريا الجنوبية تطور مدمرات بحرية لجيشها
- متصفح Firefox الجديد يحصل على ميزات الذكاء الاصطناعي
- أسوشيتد برس: مصر أبلغت واشنطن أن اتفاقية السلام مع إسرائيل ف ...
- تبادل للأسرى بين إدارة العمليات العسكرية السورية وعشائر لبنا ...
- صحف عالمية: خطة ترامب لغزة طوق نجاة لنتنياهو وتشتت مسار الأح ...
- أزمة الإيواء بغزة تتفاقم مع تنصل إسرائيل من تنفيذ البروتوكول ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل عباس البدراوي - جمهورية ساحة التحرير الفاضلة