أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بهلول الكظماوي - دفتر عبد كور















المزيد.....

دفتر عبد كور


بهلول الكظماوي

الحوار المتمدن-العدد: 1559 - 2006 / 5 / 23 - 09:41
المحور: كتابات ساخرة
    


(بغداديات )
( دفتر عبد كور )

قصّة عبد كور الواردة في سلسلتنا ( بغداديات ) لهذا الاسبوع موثـّقة من قبل أخي و عزيزي ألاستاذ ( أبو ليث المغازجي ) كما يرويها المرحوم والده الذي شهد أحداثها و وقف على تفاصيلها المدوّنة ادناه :
عبد كور هذا صاحب ( كهوه ) مقهى في منطقة الفضوة في الكاظمية سنيّ الأربعينات أيام الحرب العالمية الثانية .
أما لقب عبد الكهوجي ( كور ) , فكلمة = كور = تعني باللغة الكردية الأعمى أو كفيف البصر , وكذلك الحال في اللغات الايرانية و التركية و الاوردية .
إذن كلمة عبد كور تعني : عبد الأعمى , ولربما كانت لقباً لوالده أو جده .
و المعروف عن أصحاب المقاهي و خصوصاً ( كهوة الطرف ) انهم عندما يلبّون طلبات زبائنهم من الشاي او القهوة و بالاخص لأصحاب المحلات التجارية و الكسبة في مناطقهم يسجّلون ما يرسلونه لهم من طلبات في دفتر يؤشّرون فيه حساباتهم , وبعد انتهاء النهار أو انقضاء الاسبوع يتحاسبون مع زبائنهم على مجموع ما أرسلوه لهم من طلبات .
و عليه كان دفتر عبد كور معدّا لغرض تسجيل طلبات ( المعاميل ) الزبائن قبل أن يتحوّل الى سجل احصائي لجرد خسائر ألالمان في الحرب العالمية الثانية ,
إذ كانت إذاعة الحلفاء تبث البيانات تلو البيانات بأعداد الألوف المؤلّـفة من الجنود الألمان الذين يسقطون تباعاً قتلى بسبب قصف الطائرات الحربية المتحالفة يومياً .
كان راديو عبد كور من نوع ( سيرا ) من الحجم الكبير موضوعاً على رف كبير في مكان بارز من المقهى , وكلما أصدرت إذاعة الحلفاء بياناً عن تعداد لقتلى الألمان كان عبد كور يفتح دفتره و يسجل فيه ( شخطاً ) خطّـاً واحداً لكل الف قتيل منهم , وحينما تتجمّع أربعة خطوط متوازية كان يقفلها بخط مائل ( مثل ما يفعله لاعبوا ألد ومنه بلعبة الآزنيف ) : أي يتكوّن عنده كل مربع من أربعة خطوط مقفولة بخط مائل , يتكون ذلك المربع من خمسة آلاف قتيل ألماني بيد الحلفاء وعلى رأسهم الإنكليز , حيث كانت بريطانيا التي تسمى عظمى آنذاك تتصدر هؤلاء الحلفاء ضد دول المحور التي كانت ألمانيا على رأسهم .
و هكذا استمرّ عبد كور على تدوينه لقتلى الألمان في دفتره الخاص بزبائن مقهاه ولما نفذت صفحات الدفتر و لم يعد بها مجالاً للتدوين اضطرّ ان يشتري دفتراً آخراً ليستمر في تدوين قتلاه , و لم تمض ايام الا و نفذ الدفتر الثاني ثم الثالث ..... و أخيرا بعد أن ملّ صاحبنا من التدوين أخذ يسأل الناس العارفين بالسياسة و الجغرافيا عن عدد نفوس ألمانيا , فتبيّن له أخيراً أن أعداد القتلى
الذين دوّنهم في دفتره يفوق عدد سكان ألمانيا آنذاك .
عندها هرع صاحبنا عبد كور إلى بيته فخلع ملابس عمله و ارتدى ملابسه الفاخرة التي تليق بمقامه و وجاهته واعتمر ( جراويته ) لفّـة رأسه و رجع الى مقهاه ليأخذ دفاتره التي احصى فيها قتلى الالمان ,ثم استأجر سيارة توصله الى الشوّاكه حيث مقر السفارة البريطانية في جانب الكرخ من بغداد , وطلب مقابلة ( الصاحب ) السفير الإنكليزي لأمر هام و غاية في الخطورة .
و ما هي الاّ لحظات و يسمح له بمقابلة ( الصاحب ) السفير الذي استقبله هو بدوره بكل لهفة و حفاوة منتظراً منه ( أن يبيضها للدرّة ) يبوح بالسرّ الخطير الذي جاء من أجله .
و عندها أخرج عبد كور دفتره من طيّات ثيابه ليعلن للسفير الإنكليزي بعدم جدوى الاستمرار في الحرب و هدر كلّ كميات الوقود هذه التي تستهلكها طائرات الحلفاء و تبذير كل هذا العتاد الحربي على الارض الالمانية التي هلك كل شعبها و لم يعد أي بشر يعيش على تلك الأرض .
وعندها ارتاح السفير البريطاني لما ضنّه بالامر الخطير الذي يهدد بريطانيا العظمى , ثمّ التفت بعدها و قال لعبد كور : احسنت و بارك الله لك , لقد اتيتنا بالخبر اليقين و الرأي السديد و سنعمل بنصيحتك و سنوقف الحرب , ثم اخرج من خزانته ( نوط ابو العشرة ) ورقة نقدية ذات العشرة دنانير ( وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت ) و قدمه هدية إلى عبد كور وأخذ منه دفتره و قال له : أرجوك لا تتحدث مع أحد بهذا الموضوع الخطير الذي يتوقف عليه سلامة التاج البريطاني .
وألان عزيزي القارئ الكريم :
يا ترى لو قدّر لعبد كور ان يأتينا اليوم بدفتره ليسجّل عليه ملاحظاته لما يدور في العراق اليوم من أحداث , فيا ترى ماذا سنجد قد سجّل في هذا الدفتر؟ :
حتماً سنجد الحلفاء اليوم و مخابراتهم قد ألقت القبض على عشرات الآلاف من أتباع ابن لا دين و أبو مصعب الامريكاوي ( عفواً الزرقاوي ) أودعتهم في مضايف ابناء العم لتطلق صراحهم لعدم ثبوت الادلة ضدهم بعد قضاء فترة من الراحة و الاستجمام .
سنجد انهم القوا القبض على اكثر من ألف أمير من امراء الجهاد الذبّاحين على الطريقة الإسلامية .
انهم القوا القبض على اكثر من عشرة سواق و اكثر من سبعة حلاقين إضافة لعشرات المساعدين و البوابين لابي مصعب الامريكاوي و ...و.... الخ .
حقّاً انّه لجيش عرمرم لا يقوى على إحصاء عدته و عديده غير دفتر الكهوجي عبد كور .
عزيزي القارئ الكريم :
كل هذا الجيش العرمرم من الاعضاء و الامراء و السواق و الحلاقين و المساعدين الذين ورد ذكرهم اعلاه ليسوا بموضع اهتمامي بقدر ما انا احرص على ان يكون دفتر عبد كور يحتوي على أسماء ممثليهم و مندوبيهم الذين تسللوا الى مجلس النواب العراقي الجديد , و عسى ان لا يكون قد فرضهم السفير زلماي المحارب للإرهاب جداً جداً على الوزارة الجديدة ؟
و دمتم لأخيكم بهلول الكظماوي .
ملحق مميّز :
( فجران دم )

بالوقت الذي تغمرني فيه الغبطة و الفرح و السعادة والسرور وانا اتابع الفضائيات و هي تبث صوراً حيّة لمراسم تشكيل أوّل حكومة حرّة منتخبة يشهدها العراق ,
بنفس هذا الوقت نشاهد العشرات من مجاهدينا عفيفي النفوس الأبطال ( الكادّين على عيالهم ) في مدينة الصبر و البطولة , مدينة الصدر المجاهدة , حيث كمن لهم القتلة بعد صلاة الفجر وهم ينتظرون دورهم ( في مسطر العمّالة ) عسى من يأخذهم للعمل عمالاً في أعمال البناء و بذلك يتمكّنوا من توفير قوت يوم واحد لعيالهم ,
وإذا بأولاد الحرام يداهموا أبنائنا العمال أولاد الحلال و يفجّروا أجسادهم الطاهرة بمتفجّرات حقدهم الدفين على الابرياء العزّل من العراقيين .
ومن عادة العراقيين إن من يكمل بناء بيته الجديد أو يشتري سيارة أو يتزوج يذبح لبيته أو سيارته أو زوجته ما يسميه اهلنا في العراق ( فجران دم ) قرباناً لوجه الله تعالى , وبذلك جاء استشهاد أبناء مدينة الصدر المجاهدة ثم منطقة الكرادة والشعلة والشعب ومن بعدها بغداد الجديدة وحي الامين , جاء استشهادهم ( فجران دم ) قرابين للدولة الجديدة .
و نحن إمام هذه الفاجعة لا يسعنا الاّ ان نقول : ألهمّ تقبّل من شعبنا هذا القربان , واجعله خاتمة السوء و الاحزان , مردّدين مقولة سيدنا و مولانا الصحابي الجليل سعيد بن الجبير ( رض ) وهو يشهد آخر لحضات حياته قبل أن يقضى مقتولاً شهيدا على يد الطاغية الحجّاج : الهمّ لا تسلّطه على أحد من بعدي .
و نكرّرها : الهم بحق عزتك و جلالك لا تسلّط هؤلاء أولاد الحرام القتلة على أحد من ابناء شعبنا من بعد شهداء مدينة الصدر و الكرادة و الشعلة و الشعب و حي الامين و بغداد الجديدة !
الهمّ بحق عزتك و جلالك انصر حكومتنا الجديدة و سدّد خطاها و اهدها إلى سواء السبيل حتّى تستطيع أن تفي بوعودها لعزّة ورفاهية شعبنا العراقي المظلوم و مكنها من دحر ارهاب اعداء شعبنا و لتأخذ بثأر شهداء هذا الشعب .
الهمّ وفّقها لمحاربة الفساد و لتحقّق لشعبنا الاستقلال التام و القضاء على آخر آثار الاحتلال الغاشم .... آمين يا رب العالمين .
امستردام في 22-5-2006
e-mail:[email protected]



#بهلول_الكظماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السعلوّة
- صايه و صرمايه
- دكة عبسي
- الى الذين ستنتف لحاهم
- نص بيضه
- الخبز اليابس
- حارف رويسه
- طهارة الجامع
- بيضات كاكه حمه
- فحل, لو نثية
- بيت شلفاطه
- مشتهيه او مستحيه
- أتحاد خلف بن امين و عليوي خريكه
- الميّت ميّتنه ... او نعرفه اشلون مشعول صفحه
- ملّه فطم
- بغداديات
- عملهه عملة جحا بباب الجامع
- عرب وين او طنبوره وين
- ديفد كمحي وشعرات الاصلع
- دعوة الى ثورة اخلاقية


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بهلول الكظماوي - دفتر عبد كور