|
سلفادور دالي
سمر دياب
الحوار المتمدن-العدد: 1559 - 2006 / 5 / 23 - 10:11
المحور:
الادب والفن
..سلفادور ما رأيك مثلا بنجمة صلعاء.. بنهدين كبيرين.. ترتدي قرطا ضخما في أذنها..احدى عينيها بئر.. والأخرى عين فقط..
أيها القبيح.. ماذا تفعل في القبر؟؟؟ أكاد أرى اصابعك تنهش الدود وتطالب نزلاء المقبرة بالتعري لترى من منهم تحولت سرته الى بحيرة بعد الموت.. قطعا ليسوا الأنبياء.. قطعا ليس أفلاطون ولا ذاك الرجل الوسيم الذي اعتذر عن موته لزوجته.. قد يكون راسبوتين.. او انكيدو.. أو رامبو الذي طفحت سرته بالماء حتى صحت به غاضبا.. رويدك يا... سيتعفن شاربي من الرطوبة....
سلفادور.. البارحة.. وكما في لوحتك.. ابتعت نملا كثيرا من الحديقة وجلست أرتبهم على ظهر ساعة قديمة لجدي.. قد تعرفه.. لا بد أن سرته تطفح بالماء هو ايضا.. لكن النمل الشرير التهم الساعة.. وحين صرخت به أن سلفادور لن يرضى بذلك.. شتمني و شتمك بألفاظ خارجة قائلا.. منذ متى كان الاموات يملكون حق التعبير ايتها ال..... الحق يقال سلفادور.. لم أكن أدري أن النمل سيئ الطباع لهذه الدرجة.. ربما لم يكن كذلك.. لاادري.. لك أن تتخيل شكل الحياة مؤخرا.. كنت لتكون اما سعيدا جدا واما عاطلا عن الروح لو ان شاربيك مازالا يدغدغان مؤخرة غالا وهي تحاول أن تسألك.. لم لا تحاول أن تكون اكثر جنونا؟؟؟ هل تخاف أن تعضك سلحفاة غاضبة من المنظر المقزز للمتسولين على الكوكب؟؟
أتخيلك تفغر فاهك دهشة.. وتنظر الى ابطك الأزرق ثم تعدو الى اخر لوحة فتمزقها.. و تعود لتلعق وجه غالا حتى لا يبق منه شيئ.. ثم ترمي بفرشاتك الى جوفك.. وتباشر الرسم بلسانك هذه المرة.. هناك حيث علقت ملامح امرأة ناصعة في المسام..
أيها القبيح ماذا تفعل في القبر؟؟؟ يفوتك الكثير وانت ملهو بتلقين آخر الضحايا حقوقهم في العزف على عظامهم مرة كل اسبوع كي لايحسوا بالضجر أو تتأكسد أذناك.. قد يكون ذلك ممتعا.. على الأرجح.. لكن موسيقى عظام الأحياء حين يهب عليها التفاح و الدم لا شك أمتع.. جوقة البلابل المصابة بالانفلونزا وهي تعطس بالقرب من عاشق يطفئ شمعة لينير أعضاءه.. لا شك تحتاج لأكثر من ميت لتستطيع الفرار بجلدك والفرح لموت الطيور الموبؤة أكثر من الفرح لولادة بجعة.. سريالية اليس كذلك؟؟؟
سلفادور... لطالما تساءلتُ عن الكائن الذي يقف على شاربيك ليقيني انه يختلف عن الصقر الذي يقف على شاربي زملائنا الذكور في جهة الأرض التي فوقها نقطة.. شيئ ما يحدثني بأنه سمكة.. تقف على شاربيك سمكة.. وفي حين أن الموضوع قد يعجبك كثيرا و تصفق له و تهرع لتنام في حوض أسماك وتجعل من شاربيك شعابا لتضع السمكة الزرقاء الجميلة بيوضها هناك.. الا أن الموضوع قد يودي بي الى السجن أو لغرفة في جوارك في فندق القيامة اذا ماقلت لأحدهم هنا.. مرحبا.. تقف على شاربيك سمكة.. للحقيقة لم يعد الأمر يهم.. على كل الصقور ستنقرض بعد وقت ليس بالطويل كثيرا.. ولنر مثلا أي بديل يمكن ان يحل محلها على الشارب..
مالنا نحن وهذا؟؟ أيها القبيح..
مارأيك مثلا بامرأة بيضاء حافية.. وثقب في قدميها تستطيع ان تطل منه على المدينة التي لم يبق منها شئ.... لم يبق شئ من أي شئ.. حتى فتاتك التي تطل على البحر من النافذة ماتت.. حين طافت الحرب حول وركيها وصعد اللهاث حتى أخمص ضفيرتها ليقلم كل ذاك الازرق الذي في الجوار.. ليت الرسالة تنتهي هنا.. كي لا أضطر لسرد أعين الضحايا على مرأى من آخر نشوة لك.. لكنها فرصة لأتحرش بك تحت التراب بما أنه لم تسنح لي الفرصة لذلك فوق التراب..
أيها القبيح تحت التراب.. ماذا تفعل هناك؟؟ ترى أي جنون قد شفع لك عند صاحب السماء وبأي لوحة نجحت في رشوة السيد عزرائيل ليتجنب قبض روحك التي مازالت تعيث في المخيلة خريرا و صريرا ودبيبا وزعرورا بريا.. كثير من العقل لايسمح بالرقص على شيفرة صبية اسبانية.. كثير من العقل لا ينفع للموت في غرفة مترين في نهرين وانت تحدق في خاتم كبير في خنصرك يحجب عنك الهواء.. فتزفر بندا آخر للحياة الأخرى.. و تضحك كثيرا.. هكذا قلت..
سلفادور.. قد آمنا بالساعة السائلة على غصن.. رغم مشيئة الوقت الذي استورد عقارب وسائر زواحف الجهات لتشهد على سمّ بغمازتين..نلقيه في الأرض اذ هو بلاد تسعى... سريالية أيضا.. أين أنت من كوكب يدور ويدور ويدور حتى تدوخ الغابات و أعشاب السافانا و ايائل الوعر و المعلقات السبع وسعاة البريد ويرتطم الكل بالكل ولا تخمد ولا حتى الحداثة.. ولا حتى أصحاب المذاهب الفنية.. كسلفادور.. حرائق الأمكنة والأزمنة.. الافتراضية قبل الواقعية.. سريالية..
مالنا أيضا وهذا.. أيها القبيح..
مارأيك بياسمينة خلاسية على الشرفة تحك ظهرها بالمغيب وتنتظرك طويلا لترسم لها فما لتغني.. * لي صخرة علقت بالنجم أسكنها طارت بها الكتب قالت تلك... كالنهايات السعيدة للرسائل التي تكتبها امرأة في آخر العشرين.. على جدار أسمر أصلب حنقي وبعض أجنحة كسولة توعدها رخ وسيم بريش جديد.. أختم بقبلة كدت أن أنساها لولا أحرقتني شفتي... بخير بخير.. كل شئ بخير... أشواقي الحارة سلفادور.. دالي..
#سمر_دياب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العين التي رأت
-
تشبيه
-
أرواح
-
ظلال فاسقة
-
سأشتمك شتيمة كبيرة ..
-
أخشى أني..
-
كان هناك وردة..
-
شكل عادي للعذاب ..
-
صديقي الذي ..في السموات
-
لا بد من بيروت..
-
مانحن الا فقراء..
-
اجراس
-
سومر في فنجاني ..
-
نحو حوار متمدن
-
ليس سوى امرأة هناك..
-
حين تذكرت لوركا ..
-
ضجر لا غير ..
-
ولم اقل شيئا ..
-
ليس شرعيا.. ذاك الموت ..
-
هل ؟؟
المزيد.....
-
Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق
...
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
-
يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
-
انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
-
مدينة حلب تنفض ركام الحرب عن تراثها العريق
-
الأكاديمي والشاعر المغربي حسن الأمراني: أنا ولوع بالبحث في ا
...
-
-الحريفة 2: الريمونتادا-.. فيلم يعبر عن الجيل -زد- ولا عزاء
...
-
لماذا يعد -رامايانا- أكثر أفلام بوليود انتظارا؟
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|