أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - السادس والثلاثون














المزيد.....

السادس والثلاثون


سعدي يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1558 - 2006 / 5 / 22 - 10:38
المحور: الادب والفن
    


" حفيدُ امريء القيس " الذي صدر مؤخراً ، عن " دار المدى " بدمشق ، في مائتين وست عشرة صفحة من القَطع المتوسط …
" حفيدُ امريء القيس " ، هذا ، هو كتابي الشعريّ السادس والثلاثون .
قد يقول قائلٌ ، وله الحقُّ في ذلك : لكنّ العِـبْـرةَ ليست في العدد .
العِبرةُ ليست في العدد قطعاً ؛ إنها في المعدود .
أمباهاةٌ بالوصول ، أم احتفاءٌ بالطريق ؟
أظنني ميّالاً إلى أطروحة الطريق الطويل ، التي لا أطروحة سواها إنْ أخذنا الفنّ مأخذَ الجِــدّ . الجدوى ، ذاتُ القيمة السائدة في التعامل اليومي العاديّ ، ليست واردةً على امتداد الطريق الطويل . الفن خيارٌ ملتبسٌ . لأنه في لحظةٍ واحدةٍ وحيدةٍ ، حسبُ ، في حياة المرء ، يبدو الخيارَ الأفضل ، بل الفريدَ .
هل تُـمْـكِـنُ المراجعةُ ؟
نعم …
يحضرني الآنَ حديثٌ لـ " جون لِينون " مغني البيتلز والعازف ومؤلف الأغاني ، القتيل في شبيبته برصاصات مارك ديفيد تشابمان ، ذات يومٍ في نيويورك ، في الثامن من كانون أول 1980 ، أمام باب منزله .
سُـئلَ لينون ، إن كان سيختار سبيلاً آخر لو استطاعَ …
أجاب : وددتُ لو كنتُ صيّـادَ سمكٍ . لو استطعتُ أن أكون غيرَ ما أنا الآنَ لفعلتُ . أتدري ما الأمر ؟ ليست مِزحةً أن تكون فناناً . أتعرف ما الكتابةُ ؟ إنها ليست مِزحةً . إنها تعذيب . قرأتُ عن فان غوخ وبيتهوفن ، كليهما ، وقرأت في اليوم التالي مقالاً وردَ فيه أنه لو كان لديهم آنذاك أطبّـاء نفسانيون لَما كانت لدينا لوحات فان غوخ العظيمة . وهؤلاء الأوباش يمتصّــوننا حتى الموت . يريدوننا أن نفعل كما تفعل حيواناتُ السيرك . أنا مستاءٌ من كوني فناناً بهذا المعنى . مستاءٌ من تقديم فني إلى قومٍ بُـلَـهاء لايفهمون شيئاً .هم لايستطيعون أن يحسّـوا بأنني أنا الرجلُ ذو المشاعرِ لأنني المرءُ الذي يُـعَــبِّــرُ . أولئك يحيَونَ من خلالنا ، نحن الفنانين …
وددتُ لو كنتُ صيّــادَ سمكٍ !
جون لينون قال ذلك في العام 1970 ، وهو في الثلاثين من عمره .
كان بمقدوره أن يعود صيادَ سمكٍ !
أمّــا أنا …
*
التفَــكُّرُ في الفنّ الشِعريّ يعيدُ المرءَ ، أحياناً ، إلى التفكُّــرِ في جدوى الوجود الشخصيّ ، ما دامَ الفنُّ والشخصُ مرتبطَينِ ارتباطاً لا بديلَ منه ولا فَكاك .
صحيحٌ أن الدورة الفيزيقية لابن آدمَ ذاتُ قدْرٍ واضحٍ من العبثيةِ والحتميّـةِ المقرفة ، لكنْ قد يَــرِدُ سؤالٌ :
إنْ كانت هذه الدورةُ مقررةً ، مقدّرةً ، منذ إقامةِ الإنسان في الأرض ، أفليسَ ممكناً الوصولُ إلى صيغةٍ فضلى كي تغدوَ أيامُـنا أجملَ وأصفى وأكثرَ استشرافاً ؟
أن تكونَ فناناً يعني أن تكون مسؤولاً ، بذاتكَ أوّلاً ، عن تناولِ الحياةِ كما تُـتناوَلُ فاكهةً ذاتَ مذاقٍ .
أهي الرسالةُ الخفيّــةُ للفنّ ، منذ رسوماتِ الكهوفِ الأولى ؟
أليست ثيرانُ الكهوفِ أجملَ وأرقَّ من ثيرانِ الـمَــناقعِ ؟
*
الكتابُ الشعريّ السادسُ والثلاثون …
هل بدأتْ معـهُ ، وحَولــهُ ، مغامرةٌ ما ؟
بعد أكثرَ من نصفِ قرنٍ ، مغالَــبةً ، ومجاهَــدةً ، في حيثيّـاتِ الحِرفةِ والـمُـحترَفِ والحرفِ ، بدأتُ أتلمّسُ حريةً طريّــةً :
صرتُ أُجِــيزُ لنفسي ما لم أكن لأجيزهُ ، من قبلُ .
كأنْ أُنَــوِّعَ في الموسيقى .
أو أشتقَّ كلماتٍ ليست في القاموس .
أو أنتهكَ ، في القولِ ، محرَّماتٍ لم أكن لأجرؤَ على أمثالها ، في ما سلفَ من زماني .
الإيغالُ ، ومحاولةُ الـتغلغُلِ ، في الطبيعةِ .
الاعتمادُ ، أكثرَ ، فأكثرَ ، على أخلاقية الحواسّ .
الإعراضُ المتواترُ ، المتوتر ، عن العابرِ ، وغيرِ المتّصلِ بالجوهريّ .
*
نحن في الحادي والعشرين من أيّــار .
اليوم أحدٌ .
والشمسُ التي تبدّتْ ، دقائقَ ، اختفتْ خلفَ غيمٍ ليس ثقيلاً .
شرعت القطراتُ الأولى ترسُـمُ على زجاج النافذةِ أشكالَــها ، المختلفة كلَّ مرةٍ .
وعلَــيَّ أن أراقبَ المشهدَ :
مَـنْـجاتي
وسبيلي الوحيدُ إلى مقاربةِ الفن والحياة ، في آنٍ .
*
لم يحتفلْ أحدٌ معي بصدور كتابي الشعريّ السادس والثلاثين .
سأرددُ مع والت ويتمان :
أحتفي بنفســي !

لندن 21/5/2006



#سعدي_يوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البصرةُ ليستْ لأهلِها !
- مُقَفّاةٌ
- خديعةٌ ؟
- في تلك الأيام
- مدينةٌ طليقةُ الأنفاس : مكناس
- حوار مع الشاعر الكبير سعدي يوسف
- مجلسُ قيادةِ ثورةٍ للجواسيس
- مُرّاكش ورياضُ ليوناردو دافنشي
- يا لَهذا العُمْرِ الذي طالَ !
- لا تيأسوا … وأنتم الأدنَون !
- المتاهة
- قولي لهم إنهم أحَطُّ من الكلاب !
- إعدامُ السجناء السياسيين
- مؤبَّدُ خيانةٍ
- العودةُ
- سامرّاء
- عِنادُ الأوغادِ
- القرصان والسلطان
- الحرب القادمة : إيران
- دكتاتورية الاحتلال محلِّياً


المزيد.....




- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - السادس والثلاثون