|
الشاهدة والزنجي في حلتها الجديدة
زهير صادق الحكاك
الحوار المتمدن-العدد: 6400 - 2019 / 11 / 5 - 15:29
المحور:
الادب والفن
رواية الشاهدة والزنجي هي اول رواية كتبها القاص العراقي الرائد مهدي عيسى الصقر في عام 1988 ، بعد ان اتحف المكتبة العربية بالعشرات من القصص القصيرة التي اجمع العديد من نقاد الأدب العربي على مكانته ضمن الرعيل الأول (الخمسيني) من ادباء العراق وكتابه المرموقين ، الى جانب عبد الملك نوري وفؤاد التكرلي وغائب طعمة فرمان وغيرهم من الأفذاذ الذين فتحوا الباب للأدب العراقي ليخرج متنفسا هواء الأبداع في الأمة العربية، ومهدوا هذا الطريق لأجيال متلاحقة من الكتاب الشباب الذين اخذوا مكانتهم ضمن ادباء الآمة العربية. بعد ذلك كتب الصقر عدة روايات مختلفة في أهدافها المرسومة، وحوادثها وشخوصها، ولكنها كانت كلها من اجمل ما يكون ، فكل واحدة منها كانت غنية بكنوز اللغة السردية الرائعة والوصف المتقن للطبيعة وخوالج الأنسان التعبيرية. وتأييدا لهذا فقد ادرج الكاتب والروائي العراقي كريم السماوي ، رواية الصقر ( صراخ النوارس ) تحت رقم 95 في كتابه الذي طبع عام 2014 بعنوان ( مئة رواية ورواية)( شركة عين الحكمة للطباعة والنشر )، الذي ادرج فيه 101 رواية حسب اهميتها وعدد قرائها وتأثيرها على الأدب العالمي وأطلق عليها اسم ( الروايات الخالدة ) . لقد عايشت العم مهدي كنسيب له منذ عام 1971 ، فلقد كان بأخلاقه العالية وهدوئه الجميل وغزارة فكره وخبرته في الحياة نعم الأب الروحي لي ولولدي حيدر وحارث من ابنته ألحان. كنت أراه ( في النهار) وهو جالسا على طاولة بيضاء في احدى زوايا المطبخ مندمجا بكتاباته، وزوجته السيدة الفاضلة ام الحان تتحرك في المطبخ بكل هدوء تعد للعائلة طعام الغذاء. كان قبل البدء بكتابته اليومية يقوم ببري لا يقل عن عشرين قلم يضعها على شكل حزمة في اسطوانة خشبية تشبه (الكلاص). كان رحمه الله دقيقا جدا في اختيار كلماته وجمله وكان شعاره ( خير الكلام ما قل ودل)، لذا جاءت جميع قصصه ورواياته محبوكة باللغة وممتعة بالسرد المقنن والوصف الجميل . لقد كنت وكان الجميع في لهفة متوهجة عندما يأتينا الخبر ان الرواية القادمة على وشك الصدور. وعندما كانت تخرج، كنت افتحها بشوق كبير لأمتع روحي بما كتب العم مهدي بقراءة سريعة اولا، ومن ثم اعيد قراءتها بتمعن وبتعايش مع احداثها وشخوصها. قبل اشهر قليلة ، قامت دار المكتبة الأهلية / البصرة في اخراج الطبعة الثانية لرواية الشاهدة والزنجي بحلة جديدة افاضت على روحها الخالدة رونقا آخاذا اضاف الكثير الى ما حوته من مشاعر فياضة جادت بها قريحة المرحوم العم (مهدي) وهو يعالج بسرديته الرائعة ووصفه العميق للصراع الأبدي الذي لازم عقل ألانسان منذ خلقه على وجه هذه الأرض الا وهو الصراع بين الفعل والضمير، فالعم مهدي قد اوصل رسالته الينا بكل وضوح حول ضرورة أن يحتكم الأنسان، أي أنسان الى ضميره في كل عمل يقوم به او شهادة يدلي بها. وأوضح لنا كيف ان مومس مثل بطلة الرواية (نجاة) ابت وبإصرار ان تدوس على ضميرها وتشير الى واحد من صفين طويلين من الجنود الأمريكان السود (زنوج ) على انه المرتكب لجريمة قتل احد زملائه الجنود، لأنها لم تره جيدا في ليلة ظلماء وهي مطروحة على ظهرها في بستان كثيف الأشجار والنخيل، كانت فقط متيقنة بأن القاتل كان اسود البشرة. لقد قرأت رواية الشاهدة والزنجي بطبعتها الجديدة بمتعة فريدة هذه المرة (ربما هي المرة العاشرة ). جاءت اللغة العربية هذه المرة بزينة أضفت عليها جمالا فوق جمالها، فالحركات التي أضافها الناشر الجديد جعلت الكلمات تنطق بكينونتها بوضوح كان مفقودا في الطبعة الأولى للرواية. فالفاعل صار مرفوعا والمفعول به منصوبا والصفة تتبع الموصوف ، واسم كان وأخواتها مرفوعا، وخبرها منصوبا، وأن واخواتها ينعمن بعكس ذلك من الحركات. أنا لا اطالب جميع دور النشر بأن تقوم بوضع الحركات الأعرابية على ما ينشرون باللغة العربية، ولكني أتمنى منهم أن يهتموا بهذا الموضوع وأن يطلبوا من الكتاب والمؤلفين الالتزام بهذه الفكرة كمساهمة منهم جميعا في رفع مستوى الراغبين بالثقافة في قراءة اللغة العربية الصحيحة. واني هنا اثمن جهود المسؤولين عن دار المكتبة الأهلية في البصرة في امتاع اعين قراء الشاهدة والزنجي بلغتنا الجميلة الصحيحة ، فألف شكرا لهم. زهير صادق الحكاك
#زهير_صادق_الحكاك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الضمير
-
تباين السلوك بين الاغنياء
-
من هو التكنوقراط؟
-
حلاوة الذاكرة (قصة قصيرة)
-
أسرار الدموع
-
من هم العراقيون؟
-
حقائق مثيرة عن الفراعنة
-
لماذا وكيف يصل الانسان للعمر الثالث؟؟
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|