أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث سمير - أهل الدستور؟ يا أولاد الافاعي (2)














المزيد.....


أهل الدستور؟ يا أولاد الافاعي (2)


ليث سمير

الحوار المتمدن-العدد: 6399 - 2019 / 11 / 4 - 21:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لَم يتَمكَّن المُسن من تمييز وجوههم، ولكن كانت الرؤية تَتَوضح تدريجياً مع اقترابِهِم وانجلاء الغبار. قال الرجل لإحد الفرسان: نَعم إنَّهُ هوَ.
فقالَ الفارس مُتحيِّراً: من هو يا عمي؟ ثُمَّ وضع يده على قبضة السيف سائلاً؟ أهو من أتباعِ الحاكم السابق؟
ردّ الرجل على الفارِس: لا لا، ماذا تقول. إنَّهُ مُعلِّمي.
ألم تعرفني يا مُعلِّم؟ هَل تتذكرني؟
أجاب المسن بوقاره المعروف: نَعم يا هادانيش، أنا لا أنسى تلاميذي وإن بَعد حين.
تصافحا و عانق التلميذ معلمَّهُ ثُمَّ قال: مِن حقِّكَ أن تفخر اليوم، لقد أصبح أحد تلاميذكَ من حُكَّام البلاد.
- آآه، تهانينا.
- لكِن قُل لي يا معلم، كيف لي أن أُساعِدك؟ هل ترغب في أن أوصِلُك إلى مكان ما؟
- كلا، شكراً لك، كُنتُ أبحث عن نسخةٍ من الدستور.
- من ماذا؟
- من الدستور.
قهقه التلميذ قليلاً ثُمَّ قال بنوع من السخرية : تَفضَّل إلى مقر المجلس الحاكم، لدينا الآف النسخ الزائدة.
رَمق المسن تلميذه بنظرةِ المعلم الحادة، إذ لم تُعجبه لا القهقهة ولا اسلوب الرد.
شَعَرَ التلميذ بذلك واستدرك قائلاً: يا معلم تفضل معي أرجوك، سأوصِلُكَ أنا الى هناك وسَتجد الكثير من النسخ، ستكون فرصة طيبة أيضاً لنتبادل أطراف الحديث، لقد اشتقت إليك وإلى تعليمك.
شَكَرَ المُعلم تلميذه وقال: إذا أتيت، سآتي أنا لوحدي، لا تقلق.
- لكن العربات موجودة.
اِبتسم المعلم وردَّ: سآتي لوحدي.
- كما تشاء، ولكن عندما تصل قل لهم " أنا معلم السيد هادانيش"
- حاضر يا سيد هادانيش.
تبادلا التحية واستدار هادانيش وفرسانه عائداً إلى عرباتِه، وما هي إلا خطوات وسمع معلمه ينادي: "هادانيش"
التفت فوراً وقال : نعم.
- أين يقع المجلس؟
- قصر الحاكم القديم يا معلم.
- شكراً
رَكِبَ هادانيش عربته وغادرَ الموكبَ مُخلِّفاً ورائه عجاجة أُخرى.
فَكَّرَ المعلم ثم قرَّر غير متحمساً أن يذهبَ سيراً إلى حيث قَصر الحاكم السابق الذي لم يكن يبعد كثيراً عنه. وبينما هو يتقدم بخطواته كان ينظر إلى ماحوله ويعتَصر قلبه الألم، فكانَ كل شيء يبدو مغايراً وكئيباً في المدينةً؛ الشوارع مليئة بالاتربة والأوساخ، الناس في حيرة وقلق، حتى السماء بَدَت له مختلفة. إلتَفتَ فَجأة إلى اليمين فَرأى مطعماً شَعبيَّاً صَغيراً، إرتأى أن يتوقف عِنده ويتناول غداءه ثُمَّ يمضي إلى القصر الذي لم يعد يبعد عَنه سوى مسافة الجسر الواقع أمامه.

دَخَلَ المُعلِّم المطعم:
- سلامٌ لكم.
- أهلاً، تَفضَّل يا عم، كيفَ لي أن أخدمك؟
- رُز مع الفاصوليا وكأس من اللبن، من فضلك.
- بِكُل سرور.
لم يستذوق طعامه هذه المرة كما كان معتاداً، فقد كانت أفكاراً مختلفةً تخالِجُه وضَجيج النقاشاتِ والآراءِ المتضاربة لمن هم حوله في المطعم لا تبرَح مسامعه. وما إن أنهى الطعام حتى أغمَض عينيه وأخفض رأسه قليلاً واضعاً يده اليمنى على جبينه لينفصل قليلاً عن الضوضاء التي طالما كانَ حرصاً أن يبتعد عنها، وبعد ثوانٍ فتح عينيه فإذا به يجد كُتيباً صغيراً تحت الطاولة المُقابلة، إنحني المعلم وأخذ الكتيب المُتَّسِخ بآثار أكثر مِن حذاء. قرأ الجملة الأُولى "دستور مدينة السلام".
طَلَبَ المُعلِّم الشاي واسترخى في جلسته فما عاد لذهابه إلى القصر من داع، فلقد وجد ظالته. وشرع بالتهام النصوص والفقرات المُدوَّنة. وبعد أن إنتهى رَفَعَ رأسه قليلاً، ثم إنتبه لوجود كأس الشاي على طاولته. وبينما بدأ بشربه، لاحظ النادل من بعيد ملامح وجهه مبتسماً وقال: يا عم ساستبدله بآخر ساخن، لقد كنتَ في عالم آخر والحمدُ للآلهة على عودتِكَ.
ردَّ المعلم: آسف يا ولدي، كُنتُ أقرأ. عموماً دعني أدفع الحساب فعلي أن أذهب بسرعة، لا وقت للشاي الآن. دفع المعلم الحساب وأخذ الكتيب ثم خرج من المطعم متجهاً نحو اليمين لعبور الجسر. فاذا بصوت من الخلف: يا عم أيها الرجل.
التفت المعلم، فرأى صاحب المطعم يقول له إلى أينَ أنت ذاهب؟
- إلى قصر الحاكم القديم.
- إن هذا الطريق مُغلق، خَطر عليك، قد يقتلونَك فهم يخافون من ظلِّهم.
شَكَرَ المعلم صاحب المطعم وهمَّ بالذهابِ، قابضاً بيمينهِ على الكتيب وقائلاً: لكن ليس لدي خيار الآن، يجب أن أذهب.
بدأ بعبور الجسر باتجاه القصر وما إن وصل إلى الضفة الثانية حتى سمع صرخة: قِفْ! إرفع يديك وإلَّا قَتلتك في مكانكَ.
وقفَ المعلم رافعاً يديه، ناظراً باستغرابٍ إلى مجموعة من الفرسان وهم يتقدمون نحوه، فملابسهم لا تشبه ملابس جنود المدينة وفرسانها. إقترب أحدهم منه مُستلاً سيفه فوضع حسامه على رقبة المعلم وقال: من انت يا هذا؟ ماذا تريد؟
- جئتُ لِلقاء هادانيش.
أثناء ذلك وصل أحد الفرسان الذين كانوا يرافقون هادانيش، كان يتبختر وهو يمسك تفاحةً في يمينه، وبعد أن تناول قضمةً منها قال: دعوه دعوه، إنه يعرف السيد. إقترب المرافق من المعلم وقال له: لقد قال لكَ السيد ماذا تقول عندما تأتي، لماذا لم تسمع الكلام؟
حَدَّقَ المعلم فيهِ بصمت، ثم قال له المرافق تفضل سأوصلكَ أنا. توجها باتجاه بوابة القصر وما إن دخلا حتى دُهِشَ المُعلم، لقد كان كل شيء مختلف وكأنها مدينة أُخرى فالزرع بجمال خضرته، النظام ،النظافة والمياه.
وصلا أخيراً إلى قاعة كبيرة وسأل المرافق المعلم أن ينتظر وصول هادانيش. جلس المعلم عند إحدى زوايا القاعة الفخمة وهناك لاحظ نسخاً جديدة من الدستور بأعدادٍ كبيرةٍ. وبعد طول انتظار وصل هادانيش: مرحبا أيها المعلم، مرحباً بِك، كم تسرني رؤيتك، أطلب ما تشاء.
- لم آتي طالباً يا هادانيش، بل معلماً.
- إستدرك هادانيش، بكل تأكيد يا معلم. آآه، قلت لي إنَّك تريد أن تقرأ الدستور.
- لقد قرأته.
- ممتاز، وما رأيك؟
- أنت تعرف رأيي.
- هذا ما استطعنا صياغته، لَم يكن من السهل إرضاء الجميع: العوائل الكبيرة، رؤساء كهنة المعابد المختلفة، كبار التجار، المدن المحيطة ...الخ.
- عموماً يا هادانيش جئتُ لأُذكِّرُكَ بشيءٍ ثمَّ أذهب.
- تفضل أرجوك.



#ليث_سمير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهل الدستور؟ يا أولاد الافاعي (1)
- لِتكُن مَلحَمة الشعب العظيم
- لِتَكُن مَلحَمة الشعب العظيم


المزيد.....




- إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل ...
- ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
- حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
- عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا ...
- ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
- أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
- تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
- مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس ...
- العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
- ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث سمير - أهل الدستور؟ يا أولاد الافاعي (2)