أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - طوبى للأمهات العراقيات














المزيد.....


طوبى للأمهات العراقيات


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6395 - 2019 / 10 / 31 - 12:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد إحتملت الأم العراقية تبعات الفساد السياسي والإجتماعي والإقتصادي لعقود طويلة وكانت دائماً ما بين المطرقة والسندان ، ما بين السلطة الأبوية والسلطة السياسية .
رغم أن التمييز في الأعراف كان مسلطاً على المرأة العراقية في كل شيء ، في المكانة الإجتماعية وحرية الرأي والإختيار ، لحرية العمل وحرية العلاقات الإجتماعية ، لكنها تساوت مع الرجل في العقوبة والأحكام ضمن النضال السياسي فإمتلأت السجون بهن وأستُهدفت الناشطات منهن بالقمع السياسي والتجريم والإغتيال وتشويه السمعة الإجتماعية كسلاح حاد للحد من حركتهن . إلا أن الأم العراقية بقيت مقاتلة في بيتها ومجتمعها وفي وطنها ، فأرضعت أولادها محبة الوطن غير مبالية بالجوع والفقر والملاحقات السياسية .
في أول يوم دراسي تعلم أطفالنا ( نشيد موطني ) وقيل لهم هذا ما يمكن أن يُنسى في المستقبل ، وحين عادوا إلى أمهاتهم قلن لهم هذا ما لا يمكن أن تنسوه أبداً ، قد تنسون بعض ما تتعلمونه لكن هذا النشيد سيبقى محفوراً في أذهانكم ، ويبقى له المذاق الطيب كمذاق اللبن الذي رضعتموه مني . ومر زمن لم أسمع من يردده حتى ظننت إنه قد نُسي إلى أن سمعت طلاب بغداد والبصرة يرددونه بصوت ملائكي ، لكنه كان قوياً مُرعباً للظالمين . إنه الجيل الذي تعلم من الشارع العراقي الفرق بين الحق والباطل والجيل الذي تعلم من الصحافة الحرة وسمع الحقائق التي لم يسمعها من الصحافة المدفوع ثمنها ، إنه جيل الإنترنيت والعولمة الذي أحب أن يكون وطنه جزءاً من التاريخ لا سائراً خلفه . لم يطالب هؤلاء الشباب برفاهية شباب العالم بل بالكفاية الإجتماعية وإحترام كينونة المواطن وإحترام جسده وعقله وقلبه وإرادته .
لقد ولدت الأم العراقية جيلاً لم يعد يهاب الموت لأنه وُلد معه وتربى معه ، رآه في كل شارع وفي كل حي ، وفي كل مزبلة أو قطرة ماء أو لقمة طعام أو دواء فاسد ، لكل وعد يُقال ولا ينفذ . قال لي ذات يوم شاب عراقي يافع .. يا خالة تعودنا على رائحة الموت والدماء ، حين أذهب إلى المدرسة صباحاً تعودت أن أرى بين الحين والآخر في مزبلة الحي بقايا أعضاء بشرية وأحياناً رأس رجل أو إمرأة أو طفل ، وكنا نرى أحياناً بعض الكلاب السائبة تلوك بعضاً من هذه الرفاة فنخاف أن تتعود هذه الكلاب على طعم اللحم البشري ، تعودنا على رائحة الموتى الذين لم يُدفنوا ، وتعودنا أن نُدير وجوهنا ونقول ليرحمهم الله ، ثم نسير قُدماً محاولين أن ننسى . لكن شبابنا لم ينس وذكرتهم بذلك كل عين منكسرة ويد ممدودة للتسول وكل فم تيبس من شدة العطش ومنظر كل أم عراقية إفترشت الشارع لكي تبيع المحارم الورقية أو علب السكائر لكي تطعم أطفالها .
إن خزين الثورة والألم قد جعل الشباب يولدون من رحم الأم العراقية من جديد ، فتركوا مقاعد المقاهي ورموا ( بشيش الأركيلة ) ثم وقفوا تحت نصب الحرية لكي يزيحوا التراب والركام من فوقه ، فعاد وكأنه نُحت من جديد ولبس حُلة العرس الدامي ، وكان عرس هؤلاء الشباب الذين لم تجد أمهاتهم ما تشتري به بدلات أعراسهم فإشتروا أكفانهم وقدموها قرباناً مع أبنائهم تحت نصب الحرية .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن العراقيون والعراق نحن
- من أطلق الرصاص على علم العراق
- شاعرات في المهجر
- هل نحن على كوكب يُحتضر
- هل بُنيت الحضارة العربية على التماثل أم على التباين
- التطرف ذو الوجهين
- نحن أمة تئِد أبناءها البررة
- إغتراب
- لماذا يتناول أبناؤنا المخدرات
- هل يحتمي الرجل بالقوانين في ممارسة العنف ضد المرأة
- البصرة ثغر العراق الباسم أم الباكي
- موت وردة الأقحوان البيضاء
- العرب من تجارة النفط إلى تجارة البشر
- مشاكل أبناء المهجر
- الهبوط نحو الأسفل
- قيمة الذات العربية - بمناسبة اليوم العالمي للطفل
- نصب الحرية المظلم
- أطفال التوحد هم نتاج صراعاتنا
- قراءة نقدية للمجموعة القصصية ( غسل العار ) للقاصة صبيحة شبر
- حين بكى البابا على فقراء المسلمين .


المزيد.....




- رجل يُترك ملطخًا بالدماء بعد اعتقاله بعنف.. شاهد ما اقترفه و ...
- وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده و ...
- مايوت: ارتفاع حصيلة ضحايا الإعصار شيدو إلى 39 شخصا وعمليات ا ...
- 2024.. عام دام على الصحافيين وعام التحديات الإعلامية
- رصد ظاهرة غريبة في السحب والعلماء يشرحون سبب حدوثها
- -القمر الأسود- يظهر في السماء قريبا!
- لافروف: منفتحون على الحوار مع واشنطن ولا نعول كثيرا على الإ ...
- زيلينسكي يدين ضربات روسية -لاإنسانية- يوم عيد الميلاد
- بالأرقام.. في تركيا 7 ملايين طفل يعانون من الفقر وأجيال كامل ...
- استطلاع: قلق ومخاوف يطغى على مزاج الألمان قبيل العام الجديد ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - طوبى للأمهات العراقيات