علي دريوسي
الحوار المتمدن-العدد: 6395 - 2019 / 10 / 31 - 00:38
المحور:
الادب والفن
لدي صديق اسمه عاصم، شاب أربعيني طيب خلوق وخدوم، من مدينة تابعة لمحافظة ريف دمشق، عاصم ميسور الحال، لامنتمي، ليس موالياً ولا معارضاً، معتدل بأفكاره المدنية والدينية.
اليوم ونحن نركض حول إحدى البحيرات في الغابة السوداء قال لي: "أتعلم يا صديقي، صار لي في ألمانيا أكثر من عشرين عاماً وما زلت أكرّر بيني وبين نفسي كلمات غريبة وتراتيل عسكرية مخجلة تعلمناها في حصصّ الفتوة والمعسكرات الطلابية."
وحين سألته عما يقصده، أجابني: "أحياناً أشعر بالسأم وأنا أركض وحيداً في الغابة، فتراني أرفع صوتي مردّداً: أمة .. عربية .. واحدة .. ذات .. رسالة .. خالدة .. ... أو أترنم بعبارة: زمجر بغضب وانتقم من أعداء بلادي السليبة .. صاعقة .. ثورة .. عزة .. ... "
قلت له: "استطعنا أن نخرج بأجسادنا من مستنقع التربية الهادفة-الهادمة، والتي لعلها كانت في وقتها ضرورة، لكننا لم نستطع أن نُخرج أفكارهم من رؤوسنا."
ومن باب الدعابة راح صديقي عاصم يكرّر التراتيل الترفيهية – رغم عدم شعورنا بالضجر – ورحت من باب المرح أصرخ معه "أمة .. عربية .. واحدة .. " كي أجعل ذاكرتي يقظة مدى الحياة.
صرخنا وركضنا حتى ردّدت الغابات صدانا.
---
الغابة السوداء ليست غابة سوداء، كما يوحي الاسم، بل سلسلة جبال غابيّة منخفضة الارتفاع، جنوب غرب ألمانيا. يأتي الاسم من أشجار الصنوبريات المزروعة بكثافة في المنطقة وأهمها التنوب الشوحي. على الرغم من أن هذه الصنوبريات ليست سوداء، إلا أنها تنمو بسرعة كبيرة وكثيفة، لهذا السبب تبدو الغابة مظلمة غامقة – سوداء تقريباً – بشكل خاص حيث توجد أشجار التنوب. تتميز الغابة السوداء بينابيعها المعدنية ومنتجعاتها الصحية وبحيراتها وشلالاتها وحقول العنب ومراعيها الخضراء الواسعة.
#علي_دريوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟