بلقيس خالد
الحوار المتمدن-العدد: 6389 - 2019 / 10 / 24 - 03:10
المحور:
الادب والفن
الورقة المشاركة في تأبين السنة الأولى، للحاج غازي فيصل حمود، في القصر الثقافي بالتعاون مع المكتبة الأهلية
ومنظمة آنو / 23 تشرين الأول 2019
للاماكن رائحة تميزها عن سواه.. ربما الأماكن تتعطر برائحة نفوس ساكنيها.. ليس في البيوت فقط بل في المحال التجارية وفي المكتبات العامة والخاصة.. للرائحة الأثر الكبير في تكرار زياراتنا..
قبل اللسان ترحبُ رائحة ُ المكان بالزائر.. ذلك ما أشعرهُ كلما دخلتُ المكتبة الاهلية.
دخلتُ مكتبات في العشار، وفي بغداد، وبقية المحافظات، لكن المكتبة الاهلية تميزت بالنسبة لي برائحة خاصة، أقول رائحة ً ولا أعني أي كلمة أخرى..
قبل أيام أخبرتُ ولدي الأستاذ مصطفى غازي فيصل حمود بهذا الشعور الذي يغمرني ما أن أضع قدمي في المكتبة، هي رائحة تنعش الروح َ في ذاكرتي.
فأتذكر ٌ رائحة ً مازلت أستنشقها حين استعيدها، يومها أنا في المرحلة الأبتدائية، ضحى الجمعة يعود والدي من العشار يحمل كتبا جديدة، بعد الغداء.. وهو يشرب استكانة الشاي.. أجلبُ الكتبَ المشتراة، ثم أجلبُ المسطرة الخشبية.. يبتسم والدي ويأخذ سكينا.. يدسُ السكين أفقيا بين الأوراق
فتتحررُ من الألتصاق.. وتستعيد كل ورقة حريتها الفردية، لحظتها تتضوع رائحة ٌ طيبة ٌ من الصفحات، بعدها يسلمني والدي الكتاب.. استنشق صفحاته باستحواذ.. يبتسم أبي وتقهقة العائلة على وقع استكانات الشاي في صحونها، هكذا صرت استنشقُ روائحَ كتب أبي وبعدها كتب أخي..
مكثت الرائحة ُ الطيبة ُ لدي.. وصارت هذه الرائحة هي التي تجعلني أفضل مكتبة على غيرها.. ومنذ دخولي(المكتبة الأهلية) وأنا استعيدُ تلك الرائحة الزكية الأولى.. رغم أن الصفحات.. لا تحتاج سكينا..أو مسطرة ً لكنني صرت ُ اشتاقُ هذه الرائحة التي ما وجدتُها خارج المكتبة الأهلية. طابت النفوس التي اسستها والتي رعتها وترعاها حتى هذه اللحظة وما بعدها..
#بلقيس_خالد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟