أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - استقالة من الحزب والبيت والوطن














المزيد.....

استقالة من الحزب والبيت والوطن


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 1557 - 2006 / 5 / 21 - 10:49
المحور: الادب والفن
    


على مسرح العبث ، وقف ثلاثة مشوّهين ، أنصاف وجوههِم تشبه البهلوانات والأنصاف الاخرى ممزقة بالسكاكين . وقف كل واحد منهم تحت ضوء اصفر في جنَبات المسرح والجمهور في حالة انهيار نفسي اغلبهم من دور العجزة ومرضى التدرن القادمين باجازة من المستشفى ، البعض من الشماعية البقية من مقاهي القتلة ، ولصوص ، وأخوات منحرفات ، أيضا اخوة منحرفون ، رجال أمن ، قوادات ، ثعابين بشرية ، مصاصو دماء ، سماسرة سفر ، تجار اعضاء بشرية – قسم الأجزاء الحساسة – باعة متجولون صعاليك شعراء فاشلون نقاد اغبياء كتاب يعتاشون من اقلامهم . متعهدو ثقافة مأجورة ، مهربو ارهابيين ، سعاة بريد خونة ، رؤساء صحف خبثاء ، حزبيون متشددون ، سحرة ، دفانون ، غاسلو موتى .
على جانب المسرح ، جيش وشرطة وعمائم تحمل القنابل اليدوية والصواريخ المحمولة ، والمسدسات والغدارات والقامات والسكاكين والدمام والزناجيل والكلبشات ..
وفي الجانب الآخر وقف الأفندية بملابس اوروبية جميلة تحوطهم خوذ وورود وايقونات ، خدودهم حمراء وعيونهم باسمة للغاية .
هناك نواح ، معه ضحك ، سباب ، تهديدات ، بسملة حوقلة ، مقام عراقي بصوت خافت يغني بيتا شعريا جميلا وقبيحا يقول : ومن نكد الدنيا على المرء ان يرى .... عدوا له ما من صداقته بُدُ .
، ملاحن أهوار تراويح هجع شعوذات ، هناك ضحكة مغناج لمراهقة تقول لصديقتها : قرصني في عجيزتي اللعين .

تحرك البهلوان الأول تحت الضوء الأصفر وقال بصوت جهوري :

استقالتي من الحزب

انتهت العلاقة ْ
وانتفت المراسيم
واللطف واللياقة ْ
ولمّ قلبي الحزين
بلحظة ٍ شجونه
آماله
جروحه ، أوراقه
معتذرا عن الوفاء البليد
منتعلا أفكاره وهي سلاسل من حديد
ممزقا ً أحشاءه
والطائر الطالع للتو
من الصديد
يقيئ روحه ، ضميره ، أعماقه ْ
محاولاً أن يهجر الصعاليك
وأن يودع الصيارفه ْ
والراية الخفاقه ْ
والمجرمين من دعاة
السلم والصداقة .

*********


ظهر البهلوان الثاني وبصوت أعلى وأصفى وأكثر جهورية ً :

استقالتي من العائلة :

أدخلت كل أصابعي
في جيبي َ الخاوي
فلم أجد الخواءْ !
أقحمت روحي في طقوس العشق
لم أجد الحبيبة ْ
أولجت ذاكرتي برحم الأرض
لم أجد الجذورْ
لم تبق الاّ ومضة سوداء تدعى النورْ
لم تبق الاّ الحيزبون ووحشة الأطلال
والعمر المجافي ، والجذيم الوجه تاريخي
وثدي ٌ ذابل ٌ مترهل ٌ
، والحزب في سكراتِه
وهروب عائلتي الى المستقبل المهجورْ
وأنا البئيس الأخرق المتبلّد الطرطورْ
ذاك الذي في بدء أول كرنفالْ
قد استقالْ ! .



صرخ البهلوان الثالث قائلا :

استقالتي من الوطن

لبابك العالي
أرفع استقالتي
أرفع أسمالي
ورقم داري الحزين
آخر ما أملك من نياشين
أرفعها اليك ،
أحذيتي
صحون بيتي ، صحفي
أحزان أطفالي
أرفع في المزاد آمالي
جنسيتي : جنسيّتي من أثمن الآمالْ
جنسيّتي ليست تساوي صيحة الدلاّل ْ

انبعثت التأوهات من بين صفوف الجمهور ، احتجاجات هنا وهناك ، ظهر فجأة شخص من وراء الستارة بملابس جميلة وبربطة عنق ، انه يطلب من الجمهور ان يهدأ ، بدأ بالقول بسرعة : اسمحوا لي أن اشرح لكم الموقف ، هذا الذي قالوه هو جزء من عمل مسرحي ، والنص ليس بالضرورة ان يعني التخلي عن مثلث برمودا الحزب والبيت والوطن ، بعض متحجري الأدمغة يعتبرون الشعر بيانا سياسيا يحاكمون الشاعر عليه ، هنا الشاعر ينفعل يتشظى يصرخ يلعن يكفر ، انها حالات نفسية ، انها تفجرات من انحاء نفس جريحة ، افهموا .....
طارت جرمة في الهواء باتجاه خشبة المسرح ، اعقبها بسطال ومن ثم سكاربيل وبعدها عشرين شحاطة ومائة حذاء قبغلي وعشرة آلاف بلغمايه وتوالت بعدها وبالملايين خراطيش من عُكُل وقباقيب وحقائب يد وعمائم وأحزمة وزخم وملابس داخلية مع لفات فلافل وكالات ويشامغ وأكياس طرشي وربعيات عرق وفستق مع شياف نومي حامض وعلب سجائر ابو البزون وامزبّن ومصقول وكنافه وخبز عروق ، واخيرا سُمع مواء حمار ! في الرمق الأخير . انطفأت الأنوار وعجّت لعلعة الرصاص...والصرخات .
عثر في اليوم التالي ، على مبنى المسرح وجمهوره الكريم ، مغطى بأنقاض تفوح من بين محتوياها الأبخرة والدخان وروائح شتى انواع المأكولات والمشروبات .
عثر على ورقة لم تحترق مابين الانقاض قد كتب عليها : " طيّح الله حظنا " ! .

************************
* حُررت في 19/5/2006



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختناقة الرجل البوم
- دم أخضر
- مصاطب الحنين والانتظار
- الصوفية ومخاطر المبالغات في التدين
- طواعية الفلسفة بناء ٌ لحياة التعدد
- اذا كان الله صائغا فلمن يهشمون مصوغاته ؟
- شكراً ... من الكامب
- رسالة الى فنان عراقي فاته قطار الثقافة
- اذا كان الله نورا فالارهاب ظلام
- مهرجان الربيع وقصيدة لمشمسة العينين
- قبالة أجمل قصر في العالم الاوروبي
- - بم التعلل لا أهل ٌ ولا وطن ٌ -
- أزكى جورية لنواظر طفلة عراقية
- صخرة سيزيف بين العقوبة والرجاء
- عراق الفجر أنت بريق عمري
- أبكيك ياوطني الحبيب
- ياارجوان الندى
- شموع محبة لحزب الحياة
- قصائد مشرق الغانم بين جلجلة وطن وصليب منفى
- وردة حمراء لحزب الشيوعيين


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - استقالة من الحزب والبيت والوطن