|
بحث جديد في طبيعة الزمن
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 6383 - 2019 / 10 / 18 - 11:07
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
بحث في طبيعة الزمن ، بدلالة البديل الثالث ، كبداية...
بعد مضي حوالي العقدين على القرن الجديد ما يزال الزمن ، كظاهرة أو موضوع ثقافي وعلمي ، فكرة غامضة لا يتفق على تعريفها اثنان ، عدا عن تعذر تحديدها بدقة وموضوعية . وبعبارة ثانية ، طبيعة الزمن ما زالت في مجال غير المفكر ، بالإضافة إلى حركته وسرعته واتجاهه . .... لفهم التصور الجديد عن طبيعة الزمن مع حركته واتجاهه ، ومحاولة تحديد سرعته أيضا بشكل منطقي ( طالما لم تتيسر بعد دراسته بشكل تجريبي وموضوعي ) ، أعتقد أنه من الضروري فهم البديل الثالث كفكرة وخبرة أولا ، لكون التصور الجديد عن الزمن يختلف _ إلى درجة التناقض _ عن الفهم التقليدي ، المألوف والمتفق عليه بين الدين والفلسفة والعلم أيضا . هذا بالإضافة إلى أهمية البديل الثالث المتزايدة ، وفي مختلف المجالات ، خاصة في السياسة وقضايا الشأن العام المتنوعة وبمقدمتها الديمقراطية وحقوق الانسان . ناقشت البديل الثالث _ كما أفهمه _ عبر نصوص عديدة ومنشورة على الحوار المتمدن ، وخاصة خلال بحث الخوارزمية وحل قضية الجدل . وهذا النص يمثل إضافة على ما سبق ، لا ملخصه فقط ، حيث يتطور فهمي عادة للقضايا التي أناقشها خلال الكتابة ، وبعدها أكثر بفضل النقد الذي أتلقاه ، والسلبي منه خصوصا . .... ملاحظة شديدة الأهمية ، وجديرة بالتفكير ، قبل الانتقال إلى موضوع البديل الثالث : عند النظر إلى الفضاء ، عبر المكبر أو بالعين المجردة ، المشهد الذي يظهر هو الماضي . وعند النظر داخل الذرة ، المشهد الذي يظهر هو المستقبل لحظة تحوله إلى الحاضر . والمشهد العام ، عدا ذلك ، الحاضر التفاعلي والمستمر بطبيعته . وهذا الخطأ ( الرؤية بالمقلوب ) موروث ومشترك بين الدين والفلسفة والعلم . بعد تصحيح اتجاه الزمن : من المستقبل إلى الماضي عبر الحاضر ، بعدها تتضح الصورة . الماضي تكرار ، أو سلاسل سببية ، ولا وجود للصدفة فيه مطلقا . المستقبل احتمال وصدفة يتعذر تحديدها أو معرفتها مسبقا ، ويتحقق وفق معادلة : صدفة _ نتيجة أو الحاضر . الحاضر تفاعلي بطبيعته = سبب + صدفة . .... البديل الثالث ظاهرة ( فكرة وخبرة ) تطورية _ دينامية ، ومعروفة في الفلسفة منذ عشرات القرون " الثالث المرفوع " . وهي نشأت كنوع من الحل العقلي والمنطقي للثنائيات المتنوعة التي تحكم الوجود الإنساني ، وخصوصا المتناقضة منها ، مثل البداية والنهاية والخير والشر والله والشيطان .... وغيرها . لكن بقيت المشكلة ، التي تتمثل بتفسير التطور النوعي والطفرة وغيرها من ظواهر الجديد والمجهول ، على حالها . أقصد التفسير العلمي ( التجريبي ) أو الفلسفي ( المنطقي ) ، وليس التفسير اللغوي والسحري ، وبقية التفسيرات المتعالية التي تزيد من تعقيد وغموض القضية التي تناقشها ، بدل تبسيطها وتسهيل فهمها بالفعل . الفقرة السابقة مع أنها مختصرة بشدة ، تفسر الصدفة أو الطفرة وهي تحدث من الجانب الزمني للحاضر المستمر ... الذي يتحول بشكل دوري ومتكرر من المستقبل ( المجهول ) إلى الحاضر الآني ، على العكس من السبب الذي يتكرر عبر الجانب الحي من الماضي ( الذي حدث سابقا ) إلى الحاضر الآني المقابل . وهذا يفسر ظاهرة استمرارية الحاضر خاصة . وهذه الأفكار عرضتها سابقا بتفصيل أكثر عبر نصوص منشورة على الحوار المتمدن تحت عناوين ( رواية الزمن ، كتاب الزمن ، علم الزمن ، وغيرها أيضا ) ، وقد اكتفيت بهذه الإشارة تجنبا لملل القارئ _ة المتابع _ة للسلسلة . .... العلاقة بين الزمن والبديل الثالث بديهية ، لكن يحتاج الأمر إلى تصحيح التصور العقلي التقليدي من الزمن أولا ، والذي يفترض اتجاه الزمن بعكس ما هو عليه بالفعل . سأحاول توضح ذلك بشكل تدريجي ، من خلال بعض الأمثلة ... .... مثال 1 البديل الثاني أو السيناريو ب أو الخطة البديلة ، ....وكلها تشير إلى الفكرة والخبرة _ الفردية والمكتسبة _ الضرورية للصحة النفسية ، وتحقيق الانسجام الإيجابي مع المجتمع . البديل الثاني ، يتمثل عبر العديد من الخبرات الفردية _ الاجتماعية بالتزامن . وهو يجسد مهارة الفرد ( طفل _ة أو امرأة أو رجل ) في تجاوز المرحلة النرجسية بنجاح ، عبر نقل موقفه القيمي والمعياري من الذاتي ( التمركز الذاتي الشديد ) ، إلى المستوى الاجتماعي ، الذي تجسده القوانين الأخلاقية في كل مجتمع . وقد عبر عنه فرويد بفكرة ، ضرورة الانتقال من مبدأ اللذة إلى مبدأ الواقع بعد سن الرشد . وهذه قضية إشكالية ، لكن مع ذلك يوجد اتفاق على الجانب السلبي ، حيث يمثل فشل الفرد في تحقيق التوافق الاجتماعي بحدوده الدنيا والأساسية عتبة الصحة النفسية . التوافق السلبي مع المجتمع ، يوضح فكرة البديل الثاني ، حيث الوافدون الجدد ( إلى الدين أو الوطن أو الفريق ) يبالغون في التبعية وبشكل متطرف للجماعة الجديدة وعاداتها وأعرافها ، ومثالها حالات التطرف بين المسلمين غير العرب قياسا بالمجتمعات الأصلية والحاضنة الأولى للدين ، أو غيرها من مظاهر التطرف بين المواطنين الجدد أو المنتسبين الجدد للدين أو الحزب أو الجماعة ... يوجد مثال ، ربما يكون أكثر وضوحا ، التدخين كنوع سلبي من معالجة اضطراب التغذية . على النقيض من التدخين الإيجابي بهدف معالجة الاضطراب نفسه . .... مثال 2 يوجد مثال شامل على البديل الثالث يتمثل باللغة والمعنى : حيث المعنى في لغة الكتابة والأدب خاصة ، تمثل البديل الثالث والذي يتضمن المعنيين القاموسي والاجتماعي للكلمات . مثال في سوريا اليوم .... كلمة " ثورة " ، تمثل هوية للشخصية التي تستخدمها ، وهي كلمة مشحونة بطاقة انفعالية عالية جدا من الجهتين على السواء ، من يعتبرون ما حدث مؤامرة مصدرها الخارج أو ثورة شعب تم اجهاضها بفعل مؤامرة من الخارج أيضا . والمثال الأشمل الذي تجسده اللغة كبديل تعددي ( يتضمن الثالث ويتجاوزه ) ، يتضح عبر احتواء اللغة لعدد كبير من اللهجات . .... مثال 3 البديل الثالث للأسف ما يزال نخبويا في الثقافة العربية ، مع أنه تحول إلى ضرورة ، وتتزايد الحاجة إليه مع التطور السريع ، والمتسارع ، وعلى المستويين الفردي والاجتماعي بالتزامن . بالنسبة للأبوين ، تتمثل ضرورة البديل الثالث كحل لثنائية إما أو : 1 _ حالة الخوف بين الطفل _ة والأبوين ، إلى الدرجة التي تدفع أحدهما إلى الكذب وانقطاع التواصل بالفعل . 2 _ حالة خوف الأبوين من غضب الطفل _ة ، إلى الدرجة التي تدفعهما إلى الاستجابة لمختلف مطالب الطفل _ ة سواء العقلانية منها أو غير العقلانية أيضا . يمثل هذا الوضع " فشل الأبوين في تشكيل قانون للمنزل ، واضح ومنطقي ومقبول " ، وتكون الاستجابة غالبا ، بفقدان الطفل _ة للمقدرة على التمييز بين السلوك الصحيح والمناسب عن نقيضه السلبي والمتناقض بطبيعته . بكلمات أخرى ، عندما ينشأ الطفل_ ة في أسرة ، قد تكافؤه عندما يكون مخطئا ويستحق العقوبة ، مع العكس أيضا ، حيث يعاقب بدون أن يكون قد أخطأ ، مع عدم وجود قوانين واضحة في البيت تحدد السلوك الجيد والمطلوب ، مقابل السلوك السيء والمرفوض ، بالتزامن مع السلوك الانفعالي والمزمن لأحد الأبوين ( أو من يقوم مقامهما ) أو كلاهما .... بهذه الحالة يحدث فقدان للثقة بالنفس وبالغير معا ، والنتيجة الانحراف الاجتماعي والنفسي . ظاهرة فقدان القيم والمعايير الموضوعية لدى بعض الأفراد ( ...) ، نتيجة مباشرة وثابتة للتعامل العشوائي خلال الطفولة ، وغياب المعايير المنطقية والواضحة حاليا . .... ملحق الحاضر يمثل البديل الثالث الموضوعي ، والثابت في الوجود والزمن . بعد فهم العلاقة الجدلية ، العكسية ، بين اتجاهي الزمن والحياة ، يمكن فهم ظاهرة استمرارية الحاضر وتفسيرها بشكل منطقي وتجريبي معا .
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما الذي تقيسه الساعة عدا الزمن _ تكملة
-
ما الذي تقيسه الساعة عدا الزمن ؟!
-
عودة إلى الحاضر الجديد _ المتجدد
-
ما الذي تقيسه الساعة بالفعل ؟!
-
ما الذي تقيسه الساعة ؟!
-
رسالة مفتوحة إلى صديقي علي الطه
-
رسالة مفتوحة إلى الأستاذ خلدون النبواني
-
خلاصة مكثفة ، الزمن ومشكلة الحاضر
-
الزمن _ مشكلة المستقبل ( مع خلاصة ما سبق )
-
الزمن _ مشكلة الماضي ، طبيعته واتجاهه
-
الحاضر ، طبيعته ومكوناته وتفسير استمراريته بشكل تجريبي ، ربم
...
-
مشكلة الاحترام
-
مشكلة العيش في الحاضر
-
العيش في الحاضر مهمة الانسان الأصعب
-
البطولة مشكلة تتطلب الحل المناسب
-
فكرة البطولة حاليا
-
المشكلة العقلية تختلف عن النفسية
-
نظرية المؤامرة _ أمثلة تطبيقية
-
فوائد نظرية المؤامرة
-
تكملة الفلسفة الجديدة
المزيد.....
-
الصحة الفلسطينية تكشف موعد إعادة فتح معبر رفح لإجلاء المرضى
...
-
إسبانيا: القبض على -عصابة إجرامية- سرقت 10 ملايين يورو من من
...
-
العثور على الصندوق الأسود لطائرة الخطوط الجوية الأمريكية الم
...
-
ابتكار لفحص الهرمونات بالهاتف المحمول
-
لبنان.. شخص يقتحم موكب تشييع قتيل في -حزب الله- ويصدم عددا م
...
-
المغرب يعلن رفضه دعم إيران للحوثيين
-
رئيسة الوزراء الدنماركية: ما زلنا لا نعرف من أين سنحصل على ا
...
-
مصادر أوروبية: سيسمح لـ50 جريحا فلسطينيا بمغادرة غزة في السا
...
-
التساقط الكثيف للشعر قد يكون مؤشرا لأمراض مزمنة
-
أردوغان: تركيا متمسّكة بالقضاء على جميع التنظيمات الإرهابية
...
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|