أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - شعبية السرد في رواية -تايه- صافي صافي















المزيد.....


شعبية السرد في رواية -تايه- صافي صافي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6380 - 2019 / 10 / 15 - 15:43
المحور: الادب والفن
    


ما يميز هذه الرواية طريقة السرد التي استخدمها الراوي، فهو ينتهج نهجا شعبيا/تراثيا، بعيدا عما ألفناه من فن السرد في الروايات الحديثة، الرواية مكونة من خمسة اجزاء/فصول، وفي كل جزء يستخدم الراوي عين أسلوب السرد، ففي الفصل الأول يتحدث عن "تايه":
"تايه يعود إلى بيته، إلى مغارته، المغارة مقابلة للشارع الواصل بين "بيت أللو" و"دير عمار""
تايه لا يحمل نفسه بسهولة، فهو مثقل بهذا الجسد.
تايه يعود إلى بيته، إلى مغارته، يمشي تلك المسافة في بحر "الخلة" التي أثمرت هذه السنة قليلا من الفقوس والخيار والبندورة.
تايه يعود إلى بيته، إلى مغارته، في باطن الوادي لينحرف يمينا إلى الجهة الشمالية.
تايه ما زال سائرا في طريق المشاة الذي شقه الناس دون تخطيط، فتيبست الأرض، وخلت من الأعشاب.
تايه يعرفه كل أهل القرية واللاجئون.
تايه على الأغلب يسير ويديه فارغتين إلا من بعض ما أكل ناوله أحدهم فراح يقضمه" ص5-8، إذا ما توقفنا عند هذا الشكل من السرد، يبدو خارج نطاق السرد الروائي الذي نعرفه، فالسارد يستخدم في بداية كل فقرة "تايه" وكأن المتلقي لا يعرف أن الحديث يدور/متعلق به.
كان يمكننا أن نقول أن الراوي لا يعرف أصول السرد الروائي، لكن من يعرف "صافي صافي" ورواياته "اليسيرة، شهاب" كاف ليعرف ان هذه الرواية هي استكمال للرواية الشعبية/التراثية، فهذه الرواية (تتضمن أحداث ومواضيع ومكان وزمان حقيقي) لكن طريقة تقديمها/سردها للأحداث هو المغاير لما سبقها من روايات،، وإذا ما قارناها بروايتي "اليسيرة، شهاب" فالأحداث هنا متعلق بمجملها بشخص "تايه" على النقيض من "اليسيرة أو شهاب" التي يأخذنا فيها إلى عوالم حكائية وتراثية متباعدة، لكن الملفت في "تايه" أن السارد اعتمد على الطريقة الشعبية في سرد احداث الرواية أو للتكلم عن "تايه"، فبدا وكأن من يقص الحكاية هو رجل عادي/شيخ تعود على هذه الطريقة من تقديم الحكايات/القصص، فجمهوره هم من أهل بيته أو من أصدقائه، يعرفوهم ويعرفونه، فلا داعي لابتكار أسلوب حديث/عصري في السرد، هذا ما نفهمه من طريقة السرد التي انتهجها الراوي.
وإذا توقفنا عن الاسم "تايه" سنجده اسم شعبي، بمعنى أنه في الأصل "تائه" لكن الفلسطيني يقلب الهمزة إلى ياء لسهولة لفظها، وهذا يؤكد على شعبية السرد، ومن ثمة على الطريقة الشعبية/العادية التي تقرب القارئ من الرواية، وتكرار الفكرة " تايه يعود إلى بيته، سائر في الطريق" تؤكد على أن السارد يتعمد اسلوب القص الشعبي الذي نسمعه من الشيوخ الكبار.
وهذه الشعبية لم تتوقف عن السرد فحسب، بل تناول السارد حكايات/افكار شعبية في الرواية: "لم تشأ أم تايه أنت تعد النجوم، فمن يعدها يصاب بالثآليل حسب الحاج حسن" ص14، وهذه الشعبية نجدها في تفاصيل صناعة الطابون: "التربة صفراء، لا تتسلل منها الماء... وتنقعه في الماء حتى يتفتت، تزيل الشوائب، ثم تعجنه ببعض التبن، وتبدأ بصنع مدماك منه في اليوم الأول... ثم تضيف إليه مدماكا آخر بسمك أقل وبانحناء قليل إلى الداخل... ثم يترك اسبوعين ليجف تماما" ص42، ويتقدم السارد أكثر من الشعبية من خلال ورود بعض الامثال الشعبية الفلسطينية: "اللي بطعميني لمنقار، بروح على النار" ص45، ويأخذنا إلى ألعاب الأطفال في الريف من خلال "الشعبة/النقيفة": "صلاح يمسك بشعبته التي يصطاد بها العصافير" ص53، إذن الرواية شعبية بطريقة واسلوب سردها والأدوات/الأشياء التي استخدمها أبطال الرواية.
ولكي يؤكد السارد أنه يستطيع أن يتجاوز "شعبية وبساطة" السرد وهذه (العادية) في تقديم الأحداث، يذكرنا برواية "الكوربة" وبأحداثها وبطريق سردها: "ورجعت إلى الشارع الرئيس، إلى الكوربة التي انقلبت الدبابة ومدفعها هناك وبسببها.
انقلب المدفع وجر معه الدبابة، ليستقر أسفل الحبلة، استشهد بعض طاقهما واقيمت لهم جنازة عسكرية وشعبية عظيمة" ص104، هذا عين المشهد وطريقة السرد التي استخدمت في رواية "الكوربة" والملفت أن "صافي صافي" يذكر عين المكان في الروايتين: "دير عمار/ بيت نبالا" ويستخدم الأطفال كأبطال في روايته "الكوربة، تايه، الباطن" كل هذا يجعل الرواية شعبية من جهة وفي ذات الوقت يعمل السارد ـ بطريقة غير مباشرة ـ على تقريب/تقدم القارئ من أعماله الروائية الأخرى.
تستوقفنا بداية الرواية وخاتمتها، فالجزء الأول والخامس كانا الاقصر في الرواية، وهما يتحدثان عن عودة "نايه" في الأول وجدناها عودة عادية/طبيعية وسلسة، لكن في الجزء الخامس وجدناها عودة أخرى: "تايه لا يدري بما جرى حوله... تايه لا يدري بما يجري حوله... تايه يهرول هذه مرة مسرعا. تايه يلهث. رجلاه لا تساعدانه. يقع أرضا... زخات من الرصاص تطلق في الهواء، ورصاصة تصيبه في قدمه. تسرع امه نحوه. لكن الجنود يقفزون مسرعين ويمنعونها من الاقتراب منه" ص153و154، فالسارد من خلال البداية والنهاية يقدم فكرة الرواية ودور الاحتلال في احداث الخلل في عودة "تايه"
ونجد الحيادية في تقديم الشخصيات (الشريرة) شخصية الطفل "صلاح" الذي يقوم بالعديد من الأفعال المؤذية للآخرين ولتايه، لكن السارد لم يذكره بالسوء وأبقى على حياديته في تقديم الأحداث: "...صلاح يصعد على الصندوق الخلفي لحافلة تحمل بطيخا... ويبدأ بإلقاء البطيخ على جوانب الطريق" ص53، وهذا يحسب له، فهو لا يريد أن يؤذي الطفل "صلاح" حتى لو بدت اعماله غير مقبولة، وهذا الأمر وجدناه مع "السرسري" سارق الدجاج، الذي انتهي برعي الأغنام بطريقة مشروعة، وكأن السارد يرد ان يقول (رغم انحراف بعض الافراد في المجتمع الفلسطيني، إلا أنهم سرعان ما يتقدمون من طريق الصواب، فهم ليسوا اشرار).
ويقدم السارد المرأة الفلسطينية بصورة جريئة، يحدثنا عن القاء الذي تم بين "سعدة" والثائر "مجدي"
ـ ماذا تريدين من يا سعدة؟ أنت متزوجة، و وأنا متزوج.
ـ أريد أن أحبك، وأخشى أن تحبك صبيا البلدان التي ندور عليها.
ـ زوجك له أكثر من زوجة، له في كل بلد محطة، فلم تغارين علي وأنا وليس عليه؟
ـ لأنه كذلك.
ـ لا استطيع منعك، ولا استطيع منعهن.
ـ أنت؟
ـ أحب كل الناس
ـ والناس تحبك، وأنا أولى الناس" ص 58و29،

وإذا أخذنا دور أم "تايه" في الرواية يمكنا أن نتقول أن السارد ينصف المرأة ويقدمها بصورة موازية للرجل أن لم تتفوق عليه.
هناك بعض الفقرات لم تصاغ بطريقة مفهومة مثل: "يرميهما بكل ما أوتي من قوة ويركض نحوهما، وهما يصرخان أن لا" ص55، فالحديث هنا يدور عن الكلبان المتسافدين، فكيف لهما أن يتحدثا "أن لا"؟
"تايه ينظر جزءا من الزيتون منتظرا أمه أن تنتهي من الطرف الآخر" ص80، اعتقد انها عبارة غير متناسقة، وغير واضحة.
وهناك خطأ في بعض لكلمات: "ليستقر أسفل الحلبة" ص 104، والصحيح الحبلة.
الرواية من منشورات دار الناشر، رام الله، فلسطين، والأهلية، عمان الأردن، طبعة 2019.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناقشة كتاب دنان للكاتبة لينة صفدي
- التقديم السهل في قصيدة -غربة- هاني عبد الله حواشين
- المرأة والمجتمع في رواية -غالية- مفيد نحلة
- الفنية والسرد في رواية مريم/مريام
- الأسرة في رواية مريم/مريام كميل أبوحنيش
- الفلسطيني والصهيوني في -مريم ومريام-
- رواية التيه والبحث عن الذات مريم/مريام كميل أبو حنيش
- المرأة والطبيعة في قصيدة -أنا زوجي- حسين جبارة
- مجموعة كفاف البوح هاني أبو انعيم
- مناقشة رواية شرائط ملونة
- إسماعيل حج محمد وفن الومضة
- شرائط ملونة فاطمة عبد الله سلامة
- الحلم العربي في -جرائم لا يعاقب عليها القانون- شادية كمال
- الحب في -دنان- لينة صفدي
- مناقشة مجموعة مرسوم لإصدار هوية للروائي محمد عبد الله البيتا ...
- ضاحية قرطاج منجد صالح
- جدل النهضة والتغيير، حوارات في الفكر العربي المعاصر-
- البناء اللفظي في ديوان جنوب المراثي مسلم الطعان
- الفكر الملحمي في قصيدة -لعلي أعود نهارا- كميل أبو حنيش
- عارية العباسيين عبد الله القصير


المزيد.....




- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - شعبية السرد في رواية -تايه- صافي صافي