أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام المصطفى - المنهج البنيوي و فلسفة موت الإنسان














المزيد.....


المنهج البنيوي و فلسفة موت الإنسان


سلام المصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 6379 - 2019 / 10 / 14 - 18:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في كتابه " هكذا تكلم زرادشت " أعلن نيتشه موت الله ، و كان هذا الإعلان بمثابة كشف منذ ذلك الحين عن وحدة الإنسان ، لأن القول بموت الله يعدل القول بأن الإنسان وحيد في هذا الكون ، لكن توكيد نيتشه يذهب إلى أبعد من ذلك ، فما ينفيه هو وجود ما هو مغاير ، في أي شكل كان .

إذن فقتل الله لا يكفي لإنجاز عملية تغيير القيم ، و إنما يطال النفي أيضا جميع القيم المسماة ب" العليا " أي مجمل الأسباب الذي أعطاها الإنسان لنفسه ، لا منذ أيام المسيح فحسب ، بل منذ أيام سقراط ، و بالتالي ازدواج العالم ( الله و الإنسان ) جعل من الفلسفة تاريخ خضوع الإنسان .

إن نفي الحياة بإسم القيم العليا ، سواء كانت إلهية أو بشرية ، يجعل من الحياة قوة قامعة و نافية ، و نيتشه يعلمنا أن نرفض هذا النفي ، هنا أتى بفلسفته الكبرى " الإنسان الأعلى " الذي تحرر من كل ماهو ارتكاسي لسعيه نحو مرتبة " الإله " ، لكن هذا الإنسان الأعلى أما يزال هو الإنسان ؟ أما يزال المركز الشخصي لجميع أفعال الفكر و لجميع المبادرات التي بها يبنى و يتكون التاريخ الإنساني ؟ و هل يمكن للإنسان في المنظور التي فتحه نيتشه أن يبقى هو ذات المعرفة و ذات التاريخ ؟

لقد وجد هذا السؤال من يطرحه منذ أواخر القرن التاسع عشر ، ففي عام 1892 كتب جول دي غولتييه (و كان تلميذا فرنسيا لنيتشه) في كتابه " البوفارية سيكولوجيا في آثار فلوبير " يقول : [ إن الأنا ، الأنا الذي ما هو إلا محض عنوان عام ، محض تمثل مجرد ، كالحضارة أو الدولة ، مأخود هنا على أنه كائن محبو بوحدة فعلية ] ، إذن فليست قيم الحرية ، أو الحقيقة هي وحدها الوهمية في نظره ، و إنما الأنا نفسه وهم ! .
إن نيتشه في نظر جول دي غولتييه هو مثال الفيلسوف الصاحي الفكر الذي لا يريد الانخداع بأي وهم ، و هو تجسيد مسبق لفيلسوف الغد التي ستكون سمته الأولى " غياب البوفارية " ، فمع نيتشه تم نزع الغلاف الاسطوري عن صورة الإنسان الأخلاقية و الميتافيزيقية ، كما رسمتها ألفا سنة من الاكاذيب و الاضاليل ، أكاذيب المذهب العقلاني الاغريقي و اضاليل المذهب الصوفي اليهودي-المسيحي ، لقد اوضح نيتشه أنه « قد جرى تجريد الواقع من قيمته و معناه و حيويته ، عن طريق اصطناع عالم مثالي شيد بالاكاذيب » .
وهنا نطرح السؤال " هل يقودنا موت الله بالضرورة إلى موت الإنسان ؟ " .

هنا يأتي أسياد البنيوية ليجيبو عن هذا السؤال الجوهري ، وهم عالم اللغة دي سوسير و الفيلسوف و المؤرخ الفرنسي ميشيل فوكو و سيد البنيوية و عالم الانثروبولوجيا كلود ليفي شتراوس فالبنيوية في نظرهم هي فلسفة تمثل ، هي نقطة الوصول لفلسفة موت الإنسان ، هي الفلسفة التي بلا ذات ، و بالفعل إن المقولة الأساسية في المنظور البنيوي ليست هي مقولة الكينونة بل مقولة العلاقة ، و الأطروحة المركزية للبنيوية هي توكيد أسبقية العلاقة على الكينونة ، و أولوية الكل على الاجزاء ، فالعنصر لا معنى له و لا قوام له إلا بعقدة العلاقات المكونة له و لا سبيل بتعريف الوحدات إلا بعلاقتها فهي أشكال لا جواهر ، و لقد طرح كارل ماركس مبدأ هذه البنيوية المطبقة على الإنسان حين كتب في أطروحته السادسة عن فيورباخ : [ إن الفرد هو جملة علاقاته الإجتماعية ] ، فالبنية إذن هي منظومة من علاقات و قواعد تركيب و مبادلة تربط بين مختلف حدود المجموعة الواحدة بحيث تعين هذه العلاقات وهذه القواعد معنى كل عنصر من العناصر ، و بالتالي تحول الإنسان من الكينونة إلى العلاقة في منظور البنيوية و أصبحت البنية هي محرك الإنسان .

__________________
المراجع :
البنى الأولية للقرابة : كلود ليفي شتراوس .
البنيوية : جان ماري أوزيامن
مدخل إلى دراسة الفلسفة المعاصرة : محمد مهران رشوان .



#سلام_المصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النسوية بين ثلاث مقاربات .
- الفلسفة المادية
- اينشتاين و نظرته الفلسفية للعالم
- - الوضعية - بين عالم الاجتماع أوغست كونت و عالم الفيزياء إرن ...
- - غربة المثقف ... نيتشه كمثال -
- - موسيقار العدم يحن إلى ما قبل النشأة -
- سارتر و الوجودية


المزيد.....




- بعد تحرره من السجون الإسرائيلية زكريا الزبيدي يوجه رسالة إلى ...
- أحمد الشرع رئيساً انتقاليا لسوريا...ما التغييرات الجذرية الت ...
- المغرب: أمواج عاتية تضرب السواحل الأطلسية وتتسبب في خسائر ما ...
- الشرع يتعهد بتشكيل حكومة انتقالية شاملة تعبر عن تنوع سوريا
- ترامب: الاتصالات مع قادة روسيا والصين تسير بشكل جيد
- رئيس بنما: لن نتفاوض مع واشنطن حول ملكية القناة
- ظاهرة طبيعية مريبة.. نهر يغلي في قلب الأمازون -يسلق ضحاياه أ ...
- لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول ...
- الشرع للسوريين: نصبت رئيسا بعد مشاورات قانونية مكثفة
- مشاهد لاغتيال نائب قائد هيئة أركان -القسام- مروان عيسى


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام المصطفى - المنهج البنيوي و فلسفة موت الإنسان