أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - التقديم السهل في قصيدة -غربة- هاني عبد الله حواشين














المزيد.....

التقديم السهل في قصيدة -غربة- هاني عبد الله حواشين


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6379 - 2019 / 10 / 14 - 13:24
المحور: الادب والفن
    


التقديم السهل في قصيدة
"غربة"
هاني عبد الله حواشين
السهولة النص الأدبي وبساطته تسهم في إحداث المتعة عند القارئ، فسمة البساطة دلالة على أن الكاتب/الشاعر كتب أدبه بعيد عن التكلفة أو التصنع، فجاء بهذا الشكل السهل الممتع، وإذا أخنا سمة ومتطلبات عصر النت والسرعة، نجد أهمية وجود ألفاظ بسيطة وسهلة وعبارات بعيدة عن التصنع والكلف.
العنوان "غربة" مثير لنا نحن في المنطقة العربية، فهناك الفلسطيني الذي يعيش الغربة من أكثر من سبعين سنة، وها هو العراقي والسوري والليبي واليمني يذوقون مرارتها، بعد أن خربت أوطانهم وفعل بها القتلة ما فعلوا،
إذن موضوع القصيدة حيوي وواقعي، لكن الفكرة/المضمون لوحده لا يكفي، ليتقدم القارئ من النص، بل يجب أن يكون هناك شكل، طريقة تقديم تسهم في جذبه إلى النص، وهنا يأتي الأبداع ودوره في تقديم مادة مؤلمة لكن يتم تقديمها بشكل وطريقة جميلة تخفف من حدة الألم، فالفكرة القاسية بحاجة إلى طريقة سلسة وسهلة حتى يستطيع أن يهضمها القارئ بسهولة، فكثرة المآسي جعلت مشاعره متأججة ومتوترة، لذلك هو بحاجة إلى مادة مريحة، وإذا كانت قاسية وشديدة فلا بد من وجود طريقة ما تخفف من وطأة القسوة عليه، فالشاعر المتقن لفنه يستطيع إيصال فكرة القسوة والألم بطريقة لا تتعب المتلقي، بحيث تصله الفكرة بأقل الأضرار.
الشاعر "هاني عبد الله حواشين" يستخدم المقاطع القصيرة في قصيدته، وهذا يسهم في تخفيف ثقل الكلمات على القارئ:
" الغربة بعد عن وطــــــــــــــن
عن أهل ..عن جار..وصحاب
والغربة نار يصلاها من هاجر
في يوم ..أو غــــــــــــــــــاب"
وإذا توقفنا عند البيتين السابقين نجد أن الشاعر يكثر من استخدام الحروف: "عن، من، في، أو" وهذا الحروف بشكلها المجرد تشير إلى أن الشاعر يختزل ويكثف الفكرة بأقل عدد من كلمات والحروف، فيبدو للمتلقي لا يريد الحديث/التكلم بهذه الفكرة، فهو يتألم من هذا الموضوع، فاختزله بهذه الكلمات والحروف القليلة، ونجد أن الألفاظ المجردة: "الغربة، الوطن، أهل، جار، صحاب، نار، هاجر، غاب" تخدم فكرة الغربة، حتى دون أن ندخل إلى مضمون القصيدة، وهذا يحسب للشاعر، الذي يقنع المتلقي بأنه لا يكتب من حالة والوعي فحسب، بل من حالة اللاوعي أيضا، لهذا جاءت الألفاظ والحروف والقصر البيت تخدم الفكرة التي لا يريد تقديمها.
" لا تهنأ في عيش أبــــــــــــــدا
لا طعم لزاد أو لشــــــــــراب"
ومن وسائل التخفيف عدم استخدام ألفاظ قاسية أو مؤلمة للمتلقي، لهذا استخدم الشاعر ألفاظ ناعمة: "تهنأ، عيش، طعم، لزاد، لشراب" وكلها ألفاظ ناعمة وهادئة، ولكي يوُصل فكرة القسوة سبقها بحرف النهي "لا" وهذا يحسب للشاعر الذي يراعي مشاعر واحساس القارئ، بحيث يستخدم اسلوب وطريقة ناعمة لتمرير وتقدم فكرة مؤلمة.
" وعيون الناس تلاحقنــــــــــي
وتراقبني عين المرتـــــــــاب"
ما سبق كان الحديث عن الغربة بصفة مجهولة أو عامة، فالشاعر كان يتحدث عن قسوة الغربة عند الآخرين، لكنه هنا يدخل هو نفسه في النص، ويحدثنا عما يشعر به من ألم، لهذا استخدم ألفاظ قاسية: "تلاحقني، تراقبني، المرتاب" فقد دخل إلى روح القصيدة وأصبح جزء منها، لهذا اندمج مع القصيدة ومع فكرتها، فخرجت هذه الألفاظ دون وعي فتلاقى فيها سواد اللفظ مع سواد المضمون.
" الجسم هنا والقلــــــــب هنالك
في خفق عند الأحبـــــــــــاب
ما جئت اليها من شــــــــــوق
لكن الأمر له أســــــــــــــباب"
الشاعر يعمل على تعليل القسوة والألم الذي حل عليه، فهو يعيش حالة انفصام بين عواطفه ومشاعره من جهة وبين المكان والظرف الذي فرض عليه، لهذا استخدم "هنا، هناك، في، عند" وكلها تخدم فكرة الاضطراب والحيرة التي يعانيها الشاعر، لكنه في هاذين البيتين يتقدم من جديد إلى سابق عهده بالتخفيف من حدة الفكرة، فيكثر من استخدام الحروف واسماء الاشارة "هنا، هناك، في، ما، من، له" وكأنه ـ في لعقل الباطن ـ علم انه تأذى القارئ ـ فأراد أن يخفف عليه من وطأة الألم الذي جاء في البيت السابق بهاذين البيتين، وفي ذات الوقت يهيأ المتلقي لجرعة جديدة من القسوة.
"" الحاجة " هم يلزمنــــــــــــا
وجيوب الفقر لها أنيـــــــــاب
والكل يفتش عن عمـــــــــــل
والكل بداء الفقر مصـــــــاب"
هذه الطريقة في التقديم تسهم في إحداث حالة توازن عند القارئ، بحيث كلما توتر وانفعل من الألفاظ القاسية: "الحاجة، هم، يلزمنا، الفقر، أنياب، يفتش، بداء، مصاب" يعمل الشاعر على إعادته إلى حالة الاستقرار والتوازن، وهذا يتماثل مع حالة الإنسان التي تسعى إلى إيجاد مستقر/سكينة كلما كان هناك توتر/اضطراب.
" وأحن اليك أيا وطنــــــــــــي
وأحن لهاتيك الاعتــــــــــاب"
العربي مسكون بالمكان ومرتبط به، فهو والمكان كالجسد والروح، لهذا نجد شعراء الغربة دائما يذكرون المكان في قصائدهم، ولا أدل على ذلك من شعراء فلسطين وسوريا والعراق الذي توحدوا وتماهوا مع المكان/الوطن.
" يا ربي : سلم مغتربــــــــــــا
وأعد - مشتاقا - بعـد غيــاب "
الخاتمة مرتبطة بالفاتحة، وجاءت ناعمة ومسالمة وتتماثل مع الطرح الشعبي الذي يدعو بعودة وسلامة المغتربين، فبدى البيت وكأنه خارج من قلب أم/أب.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة والمجتمع في رواية -غالية- مفيد نحلة
- الفنية والسرد في رواية مريم/مريام
- الأسرة في رواية مريم/مريام كميل أبوحنيش
- الفلسطيني والصهيوني في -مريم ومريام-
- رواية التيه والبحث عن الذات مريم/مريام كميل أبو حنيش
- المرأة والطبيعة في قصيدة -أنا زوجي- حسين جبارة
- مجموعة كفاف البوح هاني أبو انعيم
- مناقشة رواية شرائط ملونة
- إسماعيل حج محمد وفن الومضة
- شرائط ملونة فاطمة عبد الله سلامة
- الحلم العربي في -جرائم لا يعاقب عليها القانون- شادية كمال
- الحب في -دنان- لينة صفدي
- مناقشة مجموعة مرسوم لإصدار هوية للروائي محمد عبد الله البيتا ...
- ضاحية قرطاج منجد صالح
- جدل النهضة والتغيير، حوارات في الفكر العربي المعاصر-
- البناء اللفظي في ديوان جنوب المراثي مسلم الطعان
- الفكر الملحمي في قصيدة -لعلي أعود نهارا- كميل أبو حنيش
- عارية العباسيين عبد الله القصير
- حسرة اللبلاب حازم التميمي
- محمود السرساوي في قصيدة -أيا عود أعد قلبي-


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - التقديم السهل في قصيدة -غربة- هاني عبد الله حواشين