|
#خرجنا_لطلب_الاصلاح
نعيم مرواني
الحوار المتمدن-العدد: 6379 - 2019 / 10 / 14 - 06:50
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
استبشر العراقيون خيرا بعد ان قادت الولايات المتحدة تحالفا دوليا لاسقاط نظام صدام حسين واستقبل الكورد والشيعة تحديدا افراد الجيش الامريكي بالزغاريد والزهور ( اذا استنكف احدكم من الامر وانكره، فاسثبت له ذلك في مقالة أخرى). بالتأكيد لم يكن الاحتفاء بقوات غازية متأت من نقض بالوطنية بل لانهم لم يروه الا تخليصا لوطنهم من احتلال داخلي بشع يقوده دكتاتور متجبر عجزوا عن ازاحته. تمت بعدها كتابة الدستور العراقي الجديد واستفتي عليه الشعب في 15 تشرين الاول 2005 ، فمرر وصار ملزما للتنفيذ عام 2006. وتم على اساسه ، برعاية امريكا والامم المتحدة، استحداث مفوضيات وهيئات مستقلة كالنزاهة والانتخابات وحقوق الانسان وغيرها وفصلت عن السلطة التنفيذية مؤسسات مالية وحقوقية واجتماعية أهمها البنك المركزي العراقي واقيمت الانتخابات البرلمانية الاولى في شهر كانون الاول عام 2005. وترأس محمد رضا السيستاني ،ممثلا مراجع النجف، حملة لحث العراقيين الشيعة على الاقبال بكثافة على صناديق الاقتراع وتحريم انتخاب القوائم العلمانية والقوائم الصغيرة "وان كانوا من المؤمنين" بحجة ان ذلك سيشتت الاصوات. كان هذا اخطر تدخل لحوزة النجف والعامل الرئيس لوصول الاحزاب الاسلامية الشيعية الى السلطة بعد ان تكللت مباركة حوزة النجف للائتلاف الوطني الموحد -او مااطلقوا عليه ائتلاف الشمعة- بالفوز بالانتخابات الاولى وما تلاها من نتائج كارثية في الحكم وادارة الدولة الذي نعاني منه حتى الآن. انقلبت احزاب الاسلام الشيعي على الديمقراطية الوليدة في العراق ولكن انقلابها كان تدريجيا لذا لم يلحظه الشعب للوهلة الاولى وكان الوقت قد فات حين ايقن الناس ان العراق متجه الى ديكتاتورية ثيوقراطية. مارست الاحزاب الاسلامية الشيعية بدراية او دون دراية سياسة طبخ الضفدع حسب الحكمة الانكليزية المعروفة (Boiling Frog Story) -إذ تقول القصة انك اذا مااردت سلق ضفدع، لايفترض بك ان ترمه في ماء يغلي لانه سيقفز خارج القدر ولكن ضعه في ماء دافئ واحمه تدريجيا، وسيكون الوقت متأخر جدا عندما ييقن الضفدع انه يسلق. بعد 14 عام من الانتخابات وتداول السلطة السلمي، لم تبرح احزاب الاسلام السياسي الشيعي سدة الحكم لكنها استمرت في تبادل المراكز القيادية حسب نتائج الانتخابات. لم يبق في العراق الا اطلالا لنظام أسس له كي يكون ديمقراطيا: حال انسحاب القوات الامريكية من العراق استحوذت الاحزاب الاسلامية الشيعية على السلطة ونكلت بشركائها من بقية المكونات الاجتماعية والغت استقلالية الهيئات والمفوضيات المستقلة وطردت مسؤوليها المستقلين وحزبتها وحاصصتها وتاليا أماتت دورها الرقابي وركنت الدستور جانبا وآثرت التوافق السياسي بدل المنافسة الديمقراطية. وقد تصاعد الغضب الشعبي نتيجة الفساد الذي بلغ حدا غير مسبوق ليس في العراق فحسب بل في العالم وهو يتضاعف يوما بعد آخر ولم توقفه التظاهرات الشعبية العارمة التي لم تهدأ منذ تظاهرات شباط 2011. تلك التظاهرات التي دشنت تجرؤ مسؤولي الاسلام السياسي الشيعي على مواجهة المتظاهرين العزل بالنار والتعذيب والخطف حيث استشهد 45 متظاهرا سلميا، 29 منهم استشهدوا في يوم الغضب 25 شباط . اهم قادتها المرحوم هادي المهدي استنجد بالحوزة عندما وصلته تهديدات بالقتل، وعندما قتل بطريقة الاعدام بدم بارد كتلك التي قتلت فيها سارة طالب وزوجها حسين عادل، صمتت الحوزة صمت القبور ولم تكن شجاعة في تحمل مسؤوليتها في دعم احزاب الاسلام السياسي في حملاتهم الانتخابية وشيطنة العلمانيين والمستقلين " وان كانوا مؤمنين" ولم تطلب حتى محاكمة قتلة المتظاهرين بشكل واضح وصريح. بل كل بياناتها كانت تدعو الى التهدئة ويشمل شجبها للفساد المالي والادراي الذي تمارسه الحكومة يشمل احراق المؤسسات الحكومية وكانها تحمل ضمنا المجني عليهم مسؤولية موتهم. وحتى الفتاوى التي تصدر من حوزة النجف بعد كل فاجعة وامر جلل، تخرج غامضة ولا احد يفهم تفسيرها وكأنها كتب التسريح التي كانت تصدر أيام الحرب العراقية الايرانية، إذ كانت تصاغ باسلوب مبهم لايستطيع حتى واضع علم النحو العربي ابو الاسود الدؤلي معرفة اذا ماكان الواحد مشمولا بها ام لا. بعد اسبوع كامل من القتل والقنص وبعد ان نكل بقادة التظاهرات الاخيرة واغتيلوا بدم بارد وبعد ان وضعت الحوزة على المحك، خرجت علينا ببيان باهت يطالب بالتحقيق ومحاكمة قتلة المتظاهرين ولو انه أجرأ قليلا من بياناتها السابقة. ويقينا ان وضوح الشجب هذه المرة ماكان ليأتي لولا الضجة والشجب الدولي الكبير للكيفية التي واجهت بها الحكومة " الاسلامية الشيعية" الشباب "الشيعة" المتظاهرين سلميا. بيان الحوزة المتأخر يذكرني بطريقة تحكيم ع.ع : عندما كنا في المتوسطة كنا كعادة اغلب الشباب العراقيين نلعب كرة القدم في ساحات غير رسمية، فنضع أحجارا أو احيانا اطارات قديمة او نغرس في الارض عصي لتحديد الاهداف. وعندما يسجل احدنا هدفا يرتفع الجدل والصراخ بين الفريقين بين من يؤكد وبين من ينفي الهدف إذ ليس من السهل رؤية مسار الكرة اذا كانت فوق "الرمانة" او بجانبها الداخلي او الخارجي. لم يقرر الحكم ع.ع على الحال ،مثلما تقر قوانين اللعبة، بل ينتظر ليرى اي فريق يصرخ اعلى او عازما أكثرعلى العراك فيحكم لصالحه. لقد كان فشل قادة الاسلام السياسي الشيعي في الادارة والحكم فشلا ذريعا وادرك الشيعي الواعي والمثقف هذه الحقيقة لذا لجأوا الى البسطاء من اصحاب الوجدان الطليق وراهنوا على تضليلهم فأشاعوا كذبة مفادها انهم هم وحدهم من ضمن للشيعة حق ممارسة شعائرهم الحسينية التي منعهم البعثيون من ممارستها فاختزلوا كل الانجازات المتحققة خلال ال 16 سنة الاخيرة بضمان حرية ممارسة الطقوس الدينية الشيعية. لكن هل ياترى سيضمن سياسيو الاسلام السياسي الشيعي حتى حق الشيعة في ممارسة شعائرهم لو انها استغلت للتظاهر السياسي واظهار الغضب والنقمة على السلطة مثلما كانت تستغل في سنوات حكم البعث؟ يقينا انهم سيمنعونها وحينها لم يبق لهم شيئ يميزهم عن البعثيين ويكونوا قد برروا بذلك ما كان يرتكبه البعثيون بحق الشيعة في ممارستهم شعائرهم الحسينية. حقيقة لاادري لماذا اتمنى على المتظاهرين ان يُذَكّروا ملايين الزائرين بفساد الحكومة وعمالتها تحت الشعار الحسيني #خرجنا_لطلب_الاصلاح. المتظاهرون خرجوا لطلب الاصلاح اقتداءً بامامهم سيد الشهداء الحسين (ع) فوجه يزيد انصاره بان يطلقوا النار عليهم فواجهه ابناء الحسين بصدور عارية وايمان راسخ بقضيتهم. كلي أمل ان يتضامن زوار الاربعينية القادمة مع ضحايا القنص الحكومي الغادر.
نعيم مرواني
#نعيم_مرواني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قاسم الاعرجي يتفاخر بفشله
-
لاندرك وجودنا الا من خلال مراياهم
-
فيروس الأيمان يقتل أفيجيت روي
-
ولائم التسويات السياسية في العراق تجسد انتصار ثقافة القبيلة
...
-
دعوة لتاسيس محكمة عراقية مستقلة لمكافحة التعصب والتشهير
-
قد لايكون مقتل شيماء العوادي بسبب الكراهية ضد المسلمين
-
عندما تصطدم الحقوق الطبيعية بالتقاليد الاجتماعية
-
تشريح قانون حقوق الصحفيين العراقيين الجديد
-
كيف تقضي على الفساد في شهر؟
-
التطرف الاسلامي يغزو الاجهزة الامنية في المغرب
-
نشوء طبقة وسطى جديدة في العراق
-
تحول الجامعات العراقية الى جوامع
-
تشريح التشريح
-
حيى الله الكورد
-
الأختلاف الفكري يستدعي تبني النظام الفيدرالي في العراق
-
ديماغوغية الخطاب السياسي العراقي
-
قد لايكون تقسيم العراق اسوأ من وحدته
-
خطورة تبادل الأدوار بين الغاية والوسيلة
-
دورالمؤسسات التعليمية العربية في التخلف والأرهاب؟
-
من جمد وظيفة العقل عند العرب؟
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|