|
أرصفة البوح في قصائد الشاعر عبد السلام العطاري
ماجدولين الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 1556 - 2006 / 5 / 20 - 10:31
المحور:
الادب والفن
حزنه قديم معتق كنبيذ نسيته الحياة ضمن جرارها المهملة مرات عدة حاول معرفة تاريخ الحزن لديه ففشل باستعراض شريط الذكريات ولملمة الصور البائسة. خذلته الحياة طفلا فجففت منابع الحنان وسرقت من طفولة لعبه البراءة فاختار أن يكون رجلا قبل الأوان, عايش الهم والظلم لكنه رفض الخضوع للذل والهوان فأعلن ثورته على كل الأشياء من خلال الصوت والكلمة والقصيدة التي تطلق النار على اليأس وتزرع حقل سنابل وبيارات برتقال. الشاعر الفلسطيني عبد السلام العطاري يرصع قصائده بفسيفساء الحرف ويخط على جدران اللغة تراتيل مخضبة بالحناء قصائده ارض خصبة يمطرها عشقا فينبت الأقحوان ويعرش اللباب على أسوراها سألته محاورته يوما لماذا انت حزين دوما فأجاب:
"هاتِ لي فلسطينيا .. يحلم بوطن الحرية وبنوم هادئ وسعيد لأطفاله ويحلم بغدير من الأمنيات يتدفق نحو الأمل سعيا إلى راحة البال, ولا يجد كل ذلك..كيف له ألا يكون غاضبا !ربما تتفاوت حالة الانفعال بين غضب مبتسم وغضب نزق ربما انحاز لذاتي أن أصنفها تحت بند اغضب من اجل أن يكون الغضب حالة فعل ورد فعل أي بمعنى أن يجيّر الغضب من اجل أن يخرج المكنون من دواخلنا ليحمل لنا ابتسامة وانشراح بعد حالة التناقض المفترضة فينا هي أن نجد دواتنا من اجل أن يجد الآخر فينا نسبة الهدوء التي تبقي الغضب تحت وقع سؤال: لماذا هي ومن اجل ماذا؟" يعزف العطاري قصائده على قيثارة الصمت في ليل رام الله الجميل, يفترش أرصفة البوح فترتفع أشرعة الكلام ,مرة تعلو وتيرة عزفه ومرة تخبو , مرة يثور ومرة يعشق ومابين الحالتين يزهر الجلنار على باب القصيدة ,,,,,
ففي قصيدة" في الأسر اغنية " نجده ثائرا غاضبا يصب حقده على قوى الشر والاحتلال التي اعتقلته بذنب خطير لايغتفر - فلسطيني الهوية والأرض والتاريخ -
والأرض يكسوها العفن. . ونباح كلب وصراخ جندي وسوط ،. . كُفي عن الهراء والثرثرة والسير في المظاهرات. . والهتاف (للأسرى ..للحرية … لن نساوم ) . . يا سيدي . . ليس للأسرى سوى العذاب. . والمحقق المهذب. . يسألني عن زوجتي وطفلتي. . كيف أنجب أطفالاً وأنا بلا مستقبل والأرض ليست لي. . يهز رأسه: عربي غبي. .
يسألني عن لون عينيكِ. . بخضرة الأرض أجيب. . -أية أرض …هل لك أرض ؟. .. يصف من خلال قصيدته محنة السجن والتعذيب بلااسباب مقنعة والتهمة الأولى انه عربي لايستحق الحياة يهزأ منه سجانه ويبدي استغرابه كيف ينجب الفلسطيني دون ارض وهي إشارة من الشاعر لعدم اعتراف إسرائيل بفلسطين ارض عربية فلسطينية يحق لأصحابها طرد مغتصبها والتشبث بترابها حتى آخر قطرة دم ثم نجده في نفس القصيدة يخاطب حبيبته فيشرح لها أسباب اعتقاله وحبه للشمس والحرية ولكنه لأجلهما دفع الثمن من حريته وراحته فقد غيبه السجن مرغما عن كل مايحب من قال يا حبيبتي أنى أكره الشمس وابتسامتكِ. . من قال أنى دخلت السجن مختاراً،. . طائعاً كي يبقى الوطن. . . يا وجه أمي. . يا صدر أمي. . ينهش النمل الأسود جدران قلبي. . فأحن إلى التصاقه بظهر أمي. . . احن إلى صدر أمي. . كي اخرج من رحم الموت. . .... إلى رحم أُمي. . . تحمل كلماته في طياتها حزنا وألما دفين وعميق يمزقه ويعرب عن تمسكه بالأرض الأم يحلم بولادة جديدة للأمل وغد مشرق لاظلم فيه ولا اغتصاب للحقوق ,يحلم بعودة الحق لأصحابه وعودة اللاجئين
يبدو أن اليأس قد تملك الشاعر تماما في قصيدة" احصدوا خرائبي وازرعوا جنتكم" ولم يعد يرى أي بصيص نور في الغد الآتي فالأحداث المتسارعة نحو اليأس في فلسطين تجعل قلب الشاعر المرهف ينفطر حزنا وألما على ظروف شعبه على جوع أطفال الوطن : أنا الجحيم حين لا تكون الجنة واحة للتصوف أنا المبعثر بين الأساطير القديمة أنا حجر القلاع المسلوبة أنا هديل حمامة يطاردها الرب وجُند الحراسات أنا صيف بلا أشجار بلا انهار آنا شتوي عتيق موحل ليل ينتحر القمر فيه أنا "خريف الغضب " ربيع، يزهر حطباً أنا كل ما تبقى من اليابسة الميتة أنا حجارة سجيل تبحث عن أبرهة أنا آخر ما تبقى من سبأ هزمتنا كلماتنا وقصائدنا وأغنياتنا أنا سبي قبلي خاسر أنا كل ذلك الوقت المضبوط على إيقاع الجرح والحزن فاحصدوا خرائبي وازرعوا جنتكم أو ارحلوا. احتوت هذه القصيدة الغاضبة على عبارات توضح كم اليأس وحجمه " ليل ينتحر القمر فيه"" ربيع، يزهر حطباً" يبدو واضحا كيف تحولت الأحلام إلى يأس وقنوط ويعرب في النهاية عن لاجدوى الكلمات التي قيلت ولازالت تقال دون أن تترك أثرا في نفوس العالم المتفرج " هزمتنا كلماتنا وقصائدنا" تلبس الخيبات في أوقات عدة أحلام الشاعر العطاري وتجرح أحاسيسه المشاعر المخادعة والكلمات المزيفة ممن وثق به وأعطاهم صدقه وإخلاصه وظن في وقت من الأوقات إن غده واعد : لماذا تضن الحقيقة بالصدق لماذا تغويك الابتسامات بعذب الكلام وبحركة الشفتين لماذا تكون الأعمال من رجس الأحلام لماذا أجهل الأشياء والكل يصفق تقدم... تقدم نحو الأيام.
رغم حزن الشاعر وانكساراته لكن عشق الحياة وعاش تجربة الحب المزهرة بالبنفسج وحول حزيران النكسة إلى ربيع مقمر محاولة من شاعر مرهف لتخفيف الحزن عن سماء الوطن فكتب قصيدته وأهداها للحبيبة إلى التي عانقتْني شوقًا، فكان العناقُ يحمل رائحة الوطن وزهرة لوز خبأتُها لها بين أضلعي. قلت لها: "اسكني في قلب متعب ومثقلٍ بالوجع"، فتوسَّدتْه، وكانت أنفاسها بلسمًا شفى ألمي المزمن. وقلت: "يا وجعًا يسكن عمري... وداعًا، ومرحبًا بالتي جعلتْني أبتسم على شرفات الفرح." ثمة ليل غنَّيناه فتمايل الليل طربًا والنجوم كذلك ونسائم البحر حملتْنا أوراقا تنثرنا كرحيق زهرة لكولونيا يسمر الساهرون على أريجها وتغفو أعين الأطفال عليها في سكينة وتنتشر أصوات أحلامهم فتصمت مدينة غارقة في الضجيج لتسمع همسهم اختزل عبد السلام العطاري الحب في قصيدة مهداة إلى الحبيبة التي وهبته الحب فأزهر عمره ابتسامات وعطور عبد السلام العطاري عابر سبيل يبحث عن وطن ...يبحث عن حلم....يبحث عن أنثى للقصيدة,,, ماجدولين الرفاعي سوريا 16/5/2006
#ماجدولين_الرفاعي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيعود
-
أحبك قليلاً، كثيرًا، بحنو، بشغف، بجنون، لا أحبك
-
بطاقة حب موشاة بالياسمين في ذكرى رحيل الشاعر الكبير نزار قبا
...
-
كبت المراهقة
-
وزارة نسائية
-
تباً لك ايها الموت
-
غسل أبي ما تبقى من تاريخنا
-
,,,,,حفلة تخرج,,,,,,
-
المرأة بين القانون والشريعة الاسلامية
-
تجليات في محراب الامس
-
من المستفيد من الإساءة للرسول؟؟؟
-
ادركت الان فقط!!!
-
المرأة في مجتمعاتنا .. بين الواقع والحلم
-
المبدع العربي بين التجاهل والتهميش
-
صدور مجلة ثقافة بلا حدود الرقمية على شبكة الانترنت
-
حوار خاص لجريدة البلاد السعودية
-
ردا على مقالة الأستاذ فيصل القاسم - السمكة تفسد من رأسها
-
اعلامنا العربي اين انت؟
-
سميح شقير ابن الهم العربي
-
الإعلان عن القائمة الرابعة من المقبولين في عضوية اتحاد كتاب
...
المزيد.....
-
“معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر
...
-
ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
-
أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز
...
-
الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس
...
-
تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته
-
فرنسا: جدل حول متطلبات اختبار اللغة في قانون الهجرة الجديد
-
جثث بالمتاحف.. دعوات لوقف عرض رفات أفارقة جُلب لبريطانيا خلا
...
-
المدينة العتيقة بتونس.. معلم تاريخي يتوهج في رمضان
-
عام على رحيل صانع الحلم العربي محمد الشارخ
-
للشعبة الأدبي والعلمي “جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 ال
...
المزيد.....
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
المزيد.....
|