أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - انسان مع وقف التنفيذ ..رواية ...5















المزيد.....

انسان مع وقف التنفيذ ..رواية ...5


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 6377 - 2019 / 10 / 12 - 09:56
المحور: الادب والفن
    


*******************************
كالمواد التي تحتويها البيضة ، الجميع يعرفها ، حتى وان لم يعرف البعض أسماءها ، فانهم يعرفون لونها وشكلها . تحتوي البيضة على الصفار وعلى الكلازا ، والبياض ، وهناك أربعة طبقات من البياض . لكننا حين ننظر الى البيضة من قشرتها الخارجية لا نعرف ان كانت فاسدة أو صالحة . فلو كانت فاسدة فانها لن تفرخ شيئا ، بل ان محتواها يحمل من الرائحة الكريهة ما يثير الغثيان .
وان كانت صالحة فعلينا الاعتناء بها ورعايتها لعلنا نحظى بكتكوت حي ، فقد يولد ميتا .
ما يراه بطلنا يشبه البيض الفاسد المكسر . رائحته انسان منشور كقشور اليطاطا أو الباذنجان في الشوارع . في النهار يتكدسون أمام صناديق النفايات التي تحولت الى ملاذهم المفضل.
يرتمون وسط الصندوق ويبحثون عما قد يصلح للبيع . لقد أنشأوا لهم سوقا للثياب والأواني البالية . يجمعون الكارطون ، والبلاستيك ، والحديد ، وكل ما قد يساوي أي ثمن مهما بخس .
بعضهم يجتمع امام الصندوق ، ويباشر عملية الاستهلاك نهارا . الناس تغدو امامهم كحالة اجتماعية عادية .
وفي الليل يفدون عند فؤاد الذي يستقبلهم حسب مزاجه ، وحسب ما يملكه المدمن من مادة مخدرة .
استلاب الوعي لا يتم فقط عبر وسائط الاعلام الحديثة والمعاصرة والجد متطورة . استلاب الوعي لم يعد يتسلل عبر قنوات التلفاز أو عبر شاشات الهواتف النقالة . فذاك نوع بسيط وخفيف من انواع استلاب الوعي .
استلاب الوعي الحقيقي والخطير أن تتكيف مع جيوش من متعاطي المخدرات الصلبة . ويمتلئ الحي الذي تسكنه بتجار هذه المادة الهدامة . وتصبح عادة اجتماعية طبيعية لا تثير امتعاض ولا استهجان ولا غضب أحد .
الغضب ، ربما مات مع الانسان الجاهلي . حين كان يطرد فرد من قبيلة من قبائل الجاهلية ، فقد كان يتحول الى قاطع طريق . لكنه يقطع طريق القوافل ، يسرق أصحاب الشكارة ، التجار الكبار . يخلد ذكره في مطولات شعرية رائعة . ويعف عند المقدرة .
لا احد الآن يغضب ، الكل سلم بما يعيشه من أوضاع . الجميع استطاع بقدرة قادر أن يتكيف مع وضعه الذي نشأ فيه . لا أحد يفكر في التغيير والاصلاح .
المصلح الوحيد كان رئيس حكومة أجاع الشعب ووفر له من الهراوات ما يفيض عن الشعب المغربي ، وتقاعد بأجر سبعة مليون سنتيم . هذا هو الاصلاح الوحيد الذي يمكن رصده . كما أن الملك ، وحقا هو ملك الفقراء ، لا يكترث للشعب المغربي بتاتا .كان اختيار الشعار عميقا ومعبرا .
صار فعلا ملكا للفقراء . استطاعت سياسته أن تدمج الطبقة المتوسطة في الطبقة الكادحة وأنتج لنا مجتمعا طبقيا صرفا . مائة عائلة غنية غناء فاحشا ، والباقي فقراء .
اشترى يختا يمائة مليار ، وساعة يدوية بمليار ، وطائرة لابنه بما يقرب مائة مليار . بطلنا لا يجد ما يسد به رمقه .

في مكان ما ، وعند لحظة ما ، لا يتذكر بطلنا بالضبط أين ومتى . ما يهمه هو استرجاع الأحداث ، اعادة مشاهدة شريط الذكريات ، ربما كان ذلك بالنسبة اليه احتفاء بسرد متخيل من نوع ما ، او تأثيثا لمشاهد وأحداث يجب أن لا تمحى من التاريخ .
تاريخ اليوم مصطنع بشكل رديئ . اسرائيل وفرنسا وامريكا يسرقون آثار الدول المتخلفة التي يحكمها عملاء خسيسون للكذب على العالم وعلى المستقبل ، وهم في ذلك يحطمون أمما وشعوبا وحضارات من أجل تركيب رواية مختلقة ومفتعلة .
ذاك ما حدث قبل ثلاث سنوات ببني مكادة . وبالتحديد في حي أرض الدولة .
في لحظة تاريخية تشبه الومضة تم خلق جماعات ارهابية وسلفية جهادية ، ومجاهدين تم ارسالهم الى سوريا . وأصبحت المنطقة مؤهلة بامتياز لتصبح وكرا للارهابيين في متخيل السلطة ، وعند عملائها من اعلاميي "الريباخا" .
عقل الدولة كله انخرط بكل مجهوداته وطاقاته في تغيير معالم المنطقة ، حتى الملك انخرط في هذه اللعبة ، ربما عن بينة أو عن غير بينة . لا يدري بطلنا ، فهو من المؤمنين بأن النوايا من اختصاص العالي العلي .
لكن زيارات الملك للمنطقة تراجعت الى نقطة الصفر ، بعد أن كانت دورية .
عقدت صفقة بين أجهزة الدولة ، استخبارات ووزارة داخلية ، وبين أفاقي المنطقة وعملاء السلطة لتوزيع أرباح مشاريع ملكية فيما بينهم .
الكبيري لو ظل حيا لكان استفاد بنصف دكاكين سوق القرب بني مكادة . أو كان باعها جميعها دون أن يردعه أحد .لكنه مات مركونا عند باب عمارة بشارع فاس .
حين كان في عنفوانه ، لم يكن يخاف شيئا ، كان يواجه رجال الشرطة جماعة لوحده ويؤدب جميع فتوات المدينة .
في أحد صباحات اواخر السبعينيات من القرن الماضي . كان بطلنا ذاهيا الى المدرسة ، واذا به يسمع صوت طلقات الرصاص . الرصاص ممنوع في المغرب . لعلعة صوته شيئ لم يحكه أحد لأحد في المغرب كله ، فكيف في أزقة أرض الدولة القصديرية ؟. خرج سكان المساكن القصديرية خائفين مذعورين ، وهم يتابعون ذلك المشهد السينمائي بواقعية مفرطة .
مجموعة من رجال الشرطة بلباسهم المدني ، يجرون هنا وهناك ، يتبادلون التعليمات فيما بيينهم "من هنا : من هناك ، لا تطلق الرصاص ........" .
كان البطل الصبي يتابع الأحداث وخوف شديد يشده الى المفاجأة الكبرى . رصاص في حينا القصديري ؟ رجال شرطة هنا ؟ . ذعر الناس ؟ خوفهم ؟ .
لقد هرب ولد الحرام " قال كبيرهم .
هرب من فجوة كانت تفصل بين براكة وبراكة " سكن قصديري " . كان تصميم براريك أرض الدولة تصميما اسبانيا خالصا . حيث لم تكن البراريك ملتصقة بعضها ببعض مباشرة ، بل كان يفصل بينها هامش نصف متر او متر . من ذلك الهامش استطاع الكبيري ان ينفذ بجلده ، دون ان يقبضوا عليه .
بنيته الجسدية قوية جدا ، قامته الطويلة وامتلاء جسده ووحشيته جعله شخصية نافذة في عالم الاجرام . حتى ان المخزن طلب منه أن ينضم اليه . لم يكن يعرف الخوف مكانا الى جوارحه . لكنه رفض .فلحياة الرعونة والفتوة مذاق آخر .
في شجار آخر مع رجال الشرطة ، وقد كانوا زهاء ثمانية أفراد ، وسط ساحة تافيلالت ، واجههم جميعهم وحده ، ولم يستطيعوا الاقتراب منه . ساعدته سلسلة دراجة هوائية في يده التي لا تكل من تحريكها في كل الاتجاهات .
عجزوا عن الاقتراب منه ، وعندما رأى سيارة الشرطة قادمة من جهة" الرويدة " ، هرب بأقسى سرعته في حومة 16 ، وهي زنقة من أزقة بئر الشعيري . ورغم أنهم لاحقوه جريا ، لكنهم سرعان ما عادوا بخفي حنين



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ايران تنتصر مرة أخرى ، متى يتعلم العرب فن الانتصار ؟
- انسان مع وقف التنفيذ ..رواية...4
- مواطن مع وقف التنفيذ ....رواية -3-
- انسان مع وقف التنفيذ ..رواية -2-
- انسان مع وقف التنفيذ ..رواية
- انما الامم الاخلاق....قصة
- حوار مع زيغموند باومان حول دور وأهمية المواقع الاجتماعية
- يخت الملك الفاخر وفقر المغاربة المذقع
- الربيع الايراني
- انتحار في عيد الأضحى ....قصة قصيرة
- حدود الملكية المطلقة بالمغرب
- لن أيأس
- أمينة بوعياش تخرج الفيل من خرم ابرة
- عشرون سنة من الحكم ، عشرون سنة من اللاحكم
- خطأ الملك ، كيف نتعامل معه ؟
- هل تكمل الجزائر مسارها المتفرد ؟
- أنوار الخائن -رواية 1-
- القضاء أول درجات الارتقاء
- اضحك ، انهم يكرهونك
- البابا في وظيفته السياسية


المزيد.....




- بعد عبور خط كارمان.. كاتي بيري تصنع التاريخ بأول رحلة فضائية ...
- -أناشيد النصر-.. قصائد غاضبة تستنسخ شخصية البطل في غزة
- فنانون روس يتصدرون قائمة الأكثر رواجا في أوكرانيا (فيديو)
- بلاغ ضد الفنان محمد رمضان بدعوى -الإساءة البالغة للدولة المص ...
- ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة الاستسلام
- جامعة الموصل تحتفل بعيد تأسيسها الـ58 والفرقة الوطنية للفنون ...
- لقطات توثق لحظة وصول الفنان دريد لحام إلى مطار دمشق وسط جدل ...
- -حرب إسرائيل على المعالم الأثرية- محاولة لإبادة هوية غزة الث ...
- سحب فيلم بطلته مجندة إسرائيلية من دور السينما الكويتية
- نجوم مصريون يوجهون رسائل للمستشار تركي آل الشيخ بعد إحصائية ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - انسان مع وقف التنفيذ ..رواية ...5