|
النظام السياسي الإيراني
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6375 - 2019 / 10 / 10 - 21:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
النظام السياسي الإيراني -- Le régime politique Iranien يعتبر النظام السياسي الإيراني ، بطقوسه الغيبية ، وبمؤسساته المختلفة ، من بين الأنظمة الأكثر تمييزا ، واختلافا في العالم . والسبب في ذلك يعود، الى انّ سلطات القرار السياسي التي تعالج كل مفاصل النظام السياسي معالجة لاهوتية ، تجعل من النظام يقتبس قوته ، وسلطاته من ( الله ) ، وليس من الشعب . وبالرجوع الى الفترة التي ساد فيها ايران حكم الامبراطور بهلوي شاه ايران ، ومقارنتها بالفترة التي يسود فيها نظام الملالي ، ورجال الدين ، نكاد نصل الى حقيقة أساسية ، هي ان كلا الفترتان ، الفترة الإمبراطورية ، وفترة الملالي ، ليستا ، ولم يكونا ابدا بحقب ديمقراطية ، بل انهما ومن خلال التقييم السياسي للفترتين ،كانتا مراحل ، وحقب سياسية دكتاتورية ، دكتاتورية شاه ايران الشّبَهْ علمانية ، وفاشية الملالي الدينية الرجعية . فما الفرق بين نظام امبراطور شاه ايران الذي يجسد الدولة في شخصه ، ومنه في عائلته ، وبين نظام الملالي الذي يجسد الدولة في شخص الولي ، وليس في شخص الشعب ، الذي رغم انه يشارك في الانتخابات التشريعية والرئاسية ، الاّ ان الكلمة تبقى في الأخير للولي الفقيه ، الذي رغم انه لم يشارك في الاستحقاقات التي شاركت فيها كل الأحزاب ، وظل فقط يراقبها ، فانه هو وحده من يظفر بها ، ويفرض نفسه فوق جميع المؤسسات التي تتكون منها الدولة ؟ . فلو اقتصر النظام السياسي الإيراني ، على الاحتفاظ بالنتائج التي تسفر عنها الانتخابات ، من تشريعية ، ورئاسية ، وحصر السلطة ، والحكم في القوى التي تكون قد فازت في العملية الانتخابية ، لكانت ايران بحق اكبر دولة ديمقراطية في العالم ، لان البرلمانيين يصوت عليهم الشعب ، وانتخاب رئيس الجمهورية يخضع للاقتراع الشعبي العام ، ولا دخل لقوة ، او عقيدة عند رسم خريطة القوى السياسية الفاعلة في الحكم ، عند الإعلان عن نتائج الانتخابات .. الى هنا الأمور عادية ، والعملية السياسية تجري طبقا للمعايير الدولية ، التي تحكم على أي تجربة من التجارب السياسية ، بانها ديمقراطية ، او انها ليست ديمقراطية .. لكن الخطير الذي يفسد للعملية الانتخابية جاذبيتها ورونقها ، كتجربة كان يجب ان يفتخر بها امام الدول الديمقراطية ، هو انه بعد انتهاء العملية الاستحقاقية ، ويتم ترتيب البيت السياسي الإيراني ، حتى ينزل من السماء شخص الوالي الذي لم يشارك في الانتخابات ، ويفرض نفسه على كل الدولة ، بحيث يصبح الرئيس المنتخب ، والبرلمانيين المنتخبين ، ومؤسسة القضاء ، ومؤسسة تشخيص النظام ، والجيش ، والشرطة ، والباسيج ، والحرس الثوري ...لخ ، تابعين للولي ، وليس تابعين لرئيس الجمهورية ، ولا للبرلمانيين المفروض فيهم انهم إنْ لم يمثلوا الشعب ، فهم يمثلون على الأقل الكتلة الناخبة التي انتخبتهم . ان فرض شخص الولي ، وبتلك الهِبة الثيوقراطية ، الاثوقراطية ، وارجاع مصدر الحكم الى المذهب ، والعقيدة الشيعية ، المتنافية مع كل مراحل الدورات الانتخابية التي جرت ، هو تسلُّط ٌ، وهيمنة ، بل وسرقة للحكم باسم الله ، وباسم الدين ، وباسم اهل البيت ، وهو انتهاك صارخ لاختيار الشعب الذي صوت على الرئيس ، وصوت على البرلمانيين ، ولم يصوت على الولي المفروض ، والمنزل بقوة القهر ، والجبر ، والتسلط على الشعب ، وعلى الدولة من فوق . فهل الولي الفقيه الذي يسقط من السماء ، بعد انتهاء كل الاستحقاقات ، ويستولي على الدولة ، شارك في الانتخابات ، وفاز بتصويت الشعب عليه ؟ فأية قيمة سياسية ستبقى للدولة ، وهي تضرب عرض الحائط بدور الجماهير في اختيار ممثليها ، ولِتُحوّل النتيجة في رمشة عين ، في يد شخص لم يشارك اطلاقا في كل العمليات الانتخابية . فإذا كان نظام بهلوي الامبراطوري يجسد الدكتاتورية في ابشع صورها ، بحيث ان هالته كإله هي فوق الدولة ، فان سيطرة الولي الفقيه الذي لم يشارك في اية انتخابات ، وفرض نفسه كسلطة لاهوتية فوق كل مؤسسات الدولة ، هو اكبر عنوان ودليل ، على الفاشية السياسية التي تتحكم ، ليس فقط بالدولة الإيرانية ، بل بالشعب الذي استعمل ككمبراس ، لتجيير ممارسات ديمقراطية مضمونها ، وشكلها ، لا علاقة له اطلاقا بالديمقراطية . فما الفرق بين خضوع الدولة لشخصين ، وانْ اختلفا بسبب المرجعية ، من مرجعية شَبَهْ علمانية ، ومرجعية لاهوتية لا قيمة عندها لحقوق الانسان ، إذا تعارضت مع المذهب الشيعي المسيطر على الدولة . ان ما غاب ويغيب عن كلا النظامين ، الامبراطوري الشاهنشاهي ، ونظام الملالي المجتمع حول شخص الولي الفقيه ، هو انعدام الديمقراطية بالكامل . ولعل انّ سبب كراهية الدول الديمقراطية لنظام الملالي في ايران ، هو الاحتكام الى الدين في صيغته المذهبية لتدبير الدولة ، وهو ما يجعل النظام السياسي الإيراني الملالي ، مثل النظام الشاهنشاهي ، حالات شاذة ، لا تختلف عن غيرها من الأنظمة الدكتاتورية ، وأنظمة الاستبداد ، والطغيان السياسي الجاثمة على الشعوب في العديد من الدول .. وإذا كان النظام الدكتاتوري لشاه بهلوي ، عنصريا في طبعه ، وفي ممارساته ، وفي اشكال استعباده للشعب الذي بسبب الخوف ، يركع على قدميه ليقبل ارجل الشاه الوسخة ، فإن نظام اية دولة دينية ، مذهبية ، هو نظام فاشي اكثر من عنصري ، لأنه في جميع ممارساته ينتصر فقط للمنتسبين الى العرق ، والطائفية اولاً ، وينتصر الى المنتمين الى المذهب ثانيا .. فهل الديمقراطية هي تشخيص الحكم في شخص الشخص ، أكان دكتاتوريا شبَهْ علماني ، ام كان لاهوتيا في صورة فقيه ، او ولي يحكم باسم الدين ، ام ان الديمقراطية هي الاحتكام الى الشعب ، والى قوانين العصر الإنسانية ، كما يجري به العمل في الدول الديمقراطية الحقيقية ؟ وبصيغة أخرى لا بديل عن الدولة العلمانية التي تنفتح على الجميع ، دون الاعتداد بالعرق ، او بالأثنية ، او بالمذهبية ، او بالطائفة . ونوجه السؤال الى المبشرين بالمذهب الشيعي الذي يركز على ولي الولي الفقيه ، هل تقبلون بطقوس الجلد ، والضرب ، وإسالة الدماء ، بالخناجر ، والسلاسل التي تجري في ايران ، ويقوم به حزب الله اللبناني ، وكل مناصري ولاية الفقيه في العالم ، كل سنة في عاشوراء ؟ وبصيغة أخرى : هل المازوشية ديمقراطية ؟ .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العربان -- Les Arabes
-
الدكتاتور . المستبد . الطاغية
-
تجار اللحم البشري
-
فرنسا صديق حميم للمغرب
-
النائب البرلماني عمر بلفريج
-
مجلس الأمن -- Le conseil de sécurité
-
تقرير الامين العام للامم المتحدة عن نزاع الصحراء الغربية - L
...
-
التعديل الحكومي
-
الثورة سلسلة -- La révolution est une chaîne
-
الاسلام الشعبي . الاسلام الرسمي . الاسلام السياسي --
-
قضية الصحافية هاجر الريسوني -- Laffaire du journaliste Hajar
...
-
جنسية المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة حول الصحراء
...
-
جبهة البوليساريو وهيئة الامم المتحدة -- Le Polisario et lON
-
فيلم بين اسرائيل وحزب الله -- n film entre Israël et le part
...
-
اللواء جميل السيد -- Le général Jamile Assaid
-
ألاعيب الرباط -- Les magouilles de Rabat
-
ألاعيب طوكيو -- Les magouilles de Tokyo
-
دعوى التخلي عن الجنسية المغربية ، وخلع عقد البيعة من العنق
-
تحليل بسيط لخطاب الملك -- ne petite analyse du discours du R
...
-
الدكتاتور -- Le dictateur
المزيد.....
-
-المعادن النادرة مقابل المساعدات العسكرية-.. ترامب يكشف ملام
...
-
الاتحاد الأوروبي يستعد للمواجهة بعد تأكيد ترامب فرض رسوم جمر
...
-
ترامب يطالب أوروبا بزيادة المساعدة لأوكرانيا
-
-بوليتيكو-: قلق كبير يعيشه نظام كييف إزاء تقارب المواقف الرو
...
-
السعودية واليابان توقعان مذكرتي تفاهم حول إنشاء مجلس الشراكة
...
-
-رويترز-: الولايات المتحدة تستأنف ضخ الأسلحة إلى أوكرانيا
-
-Senego-: فرنسا تبدأ في سحب قواتها من السنغال
-
الرئيس الجزائري يندّد بـ-مناخ ضار- في العلاقات مع باريس
-
عشية زيارته إلى تركيا... الشرع يؤكد أن تنظيم انتخابات في سور
...
-
النائب الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي جو ويلسون يدعو إلى ق
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|