|
عندما يصبح القرضاوي فلسطينيا
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 1555 - 2006 / 5 / 19 - 11:27
المحور:
القضية الفلسطينية
من أخطر ما يواجه حركات التحرر الوطني موجات الردة القادمة عادة من أقاصي اليمين واليسار والتي تهدد بناها الفكرية والسياسية وتفرغها من محتواها النضالي الشرعي الدافع الى مواجهة الظلم والاستبداد وتحولها الى كتلة هشة تتقاذفها العصبيات الآيديولوجية الأصولية قومية أو دينية أو طائفية أوجاهلية فتنحرف عن مسارها التاريخي المعبر عن ارادة الأغلبية الساحقة في مجتمعاتها وتفقد صدقيتها أمام من احتضنوها وزودوها بالوقود البشري والمادي وأمدوا شعلتها بأرواحهم الغالية لتبقى متوقدة تنير درب الأجيال للمضي قدما في تحقيق ارادة التحرر والخلاص والتقدم والبناء كما تنزوي وحيدة معزولة من دعم ومباركة الأصدقاء والحلفاء . بدأت بهذا المدخل بمناسبة الدعوة الباهتة لانعقاد " تجمع اسلامي " لنصرة الفلسطينيين بمبادرة من الشيخ يوسف القرضاوي القيادي في تنظيم جماعة الاخوان المسلمين والذي يتزعم تنظيما اسلاميا ناشطا في الأعوام الأخيرة وبدعم من حكومة قطر التي بدورها – وهنا المفارقة - تنسج علاقات دبلوماسية وتجارية مع اسرائيل وتقع على أراضيها أكبر قاعدة عسكرية امريكية في المنطقة في وقت تعاني حكومة – حماس – في السلطة الوطنية الفلسطينية عزلة عالمية وعربية بعد أن خلقت أزمة خانقة في الصف الفلسطيني بعد اصرارها ومنذ فوزها في الانتخابات على تطبيق برنامجها الحزبي بديلا عن البرنامج الوطني الذي تتمسك به الفصائل الفلسطينية الأخرى وفي المقدمة حركة – فتح - ودفع الساحة الفلسطينية بسبب سياساتها الخاطئة نحو المواجهات المسلحة التي تنذر بامكانية اشعال الحرب الأهلية في المناطق الفلسطينية . احدى مخاطر حكومة – حماس – التي تهدد النضال الفلسطيني من الأساس هي محاولاتها في تحويل بنية ونهج وأهداف الحركة الوطنية الفلسطينية كحركة تحرر وطني الى تنظيم آيديولوجي اسلامي بالتناغم مع اشتداد سطوة اليمين الاسرائلي وتياره الديني الأصولي على وجه التحديد ومن ثم انزلاق الجميع الى هاوية الحروب الدينية الكفيلة بمحو الشعوب وقهر الارادة البشرية ووضع النهاية للتعايش الانساني بين الأمم والحضارات والثقافات ثم يأتي الشيخ القرضاوي ليزيد – الطين بلة – وينفخ في نار الصراع الديني ويتضامن من موقعه مع القضية الفلسطينية في عهد – حماس بالذات هذا الشيخ الذي لا يتورع في تعميق الخلافات واثارة الحساسيات بين المسلمين واتباع الديانات الأخرى كلما رأى الى ذلك سبيلا ويتذكر الجميع زيارته الشهيرة الى السودان ودارفور كطرف محرض منحاز في الصراع ضد القوميات والجماعات غير العربية وغير المسلمة . الخطر الآخر الذي تشكله سياسة ومواقف حركة – حماس – على القضية الفلسطينية هو النجاح الباهر في فك ارتباط البقية الباقية من أصدقاء ومؤيدي الحقوق الفلسطينية على الصعد العربية والاقليمية والعالمية والتمهيد لاشعال حرب أهلية داخل الاراضي الفلسطينية بعد تجويع الشعب وحرمانه من مساعدات الدول المانحة التى تعتبرها حركة ارهابية وذلك بسبب الجنوح الحاد لهذه الحركة نحو الراديكالية اللفظية والاصولية الدينية وتحويل المسألة الفلسطينية من حركة تحرر قومية ذات برنامج نضالي ديموقراطي علماني الى حركة اسلامية سياسية معزولة والخطر الأكبر على هذا الصعيد هو انخراط الحركة منذ أمد بعيد في الحلف القومي الشوفيني – الاسلامي الاصولي الذي بدأ يتنامى منذ سقوط الدكتاتورية في العراق وارتباطها وتبعيتها السياسية والعسكرية لأكثر النظم استبدادا وفسادا وظلما لشعوبها في المنطقة وأقصد النظامين السوري والايراني وهذا يسيء بالدرجة الاولى الى القضية الفلسطينية ويحرم الحق الفلسطيني من دعم واسناد الشعوب وقواها الديموقراطية في الشرق الاوسط مع تورطها في أعمال ارهابية ( اسلحة حماس المرسلة من سورية الى الاردن ) وعلاقاتها مع المجموعات الارهابية الناشطة في بلدان المنطقة وخاصة في العراق . عندما قامت منظمة التحرير الفلسطينية وفي القلب منها حركة – فتح - بقيادة النضال الفلسطيني على ارض الواقع وفي المحافل الدولية ورغم بعض اخطائهااوصلت القضية الى اوجها وانتزعت الاعتراف الدولي وحققت وحدة الشعب وقواها السياسية في اطارها الديموقراطي المتنوع واكتسبت زخما هائلا وتضامنا من شعوب العالم قل نظيره في تاريخ حركات التحرر نقول حينها لم تكن هناك حركة – حماس – ولا اي دور يذكر لجماعات الاسلام السياسي الحديثة على ممارسة العمل الدبلوماسي بل كانت اكثرية مجموعاتها في خدمة الانظمة الرجعية المتعاونة مع اعداء حركات التحرر حينذاك من قوى دولية استعمارية ودول اقليمية مرتبطة بالاحلاف والاتفاقيات ابان حقبة الحرب الباردة . أمام القوى السياسية الفلسطينية فرصة ولو ضئيلة من أجل انقاذ الوضع والحاق الهزيمة بالمشروع السياسي لجماعات الاسلام السياسي في فلسطين وذلك بالاستجابة لمبادرة – فتح – في المشاركة بالمؤتمر الوطني المزمع عقده أواخر هذا الشهر لتحقيق المصالحة والاتفاق على برنامج الحد الادنى المشترك واجبار – حماس – بالاسلوب السياسي السلمي الجماهيري بالكف عن نهجها المغامر المدمر والتعامل مع الوقائع والالتزام بقرارات منظمة التحرير والشرعية الدولية والعودة الى صفوف الوحدة الوطنية وفك ارتباطها بالمحاور الاقليمية المنبثقة عن النظم الدكتاتورية المعادية للحرية والديموقراطية التي لاتريد الخير لشعب فلسطين وتعمل من اجل تحقيق اجندتها الخاصة على حساب الحق الفلسطيني كما كانت تفعل دائما في مختلف المراحل .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكومة - الواقعية الثورية -
-
بعد عام من استشهاد الشيخ معشوق الخزنوي ....نحوقيام لجنة تحقي
...
-
سلاح - حزب الله - في بازار التسوية
-
- الطائفية السياسية - في خدمة الاستبداد
-
الكرد ومحنة - المسيحيين - العراقيين
-
ما بين النخبتين - الحزبية والعشائرية -
-
الديموقراطية المغدورة
-
أيام سورية خارج التاريخ
-
حوار مع شركاء التاريخ والجغرافيا
-
الحل العربي للأزمة السورية : - فاقد الشيء لا يعطيه -
-
ماذا يعني خروج - خدام - على النظام ؟
-
نظام - الرجل المريض - على حافة الهاوية
-
جدلية الداخل والخارج
-
كركوك : التحدي الأكبر أمام التعايش القومي في العراق الجديد
-
قناة - الجزيرة - : عنوان الاعلام المضاد في عصر التغيير
-
المنبر الذي يزداد تألقا
-
قناة الجزيرة : عنوان الاعلام المضاد في عصر التغيير
-
الديموقراطية في الشرق الأوسط الجديد
-
شهادة في الراحل مصطفى العقاد
-
هل صحيح أن استقرار المنطقة مرهون ببقاء النظام السوري ؟
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|