|
أنت وحدك من يصنع الفارق
محمد السعدنى
الحوار المتمدن-العدد: 6373 - 2019 / 10 / 8 - 15:04
المحور:
الادب والفن
قانون الطبيعة حتم، قانون الحياة اختيار، وما بين الحتم والاختيار يعيش الإنسان. قانون الطبيعة حتم لايعرف الاستثناء ولا المجاملة، وهو رغم تجدد الحياة إلا أنه ثابت قاطع لايتغير. فتعاقب الفصول حتم، ولا يمكن للشمس أن تشرق يوما من الغرب، وكذا تعاقب الليل والنهار حتم، هذا هو قانون الطبيعة الذي لايسمح للتفاحة إلا أن تسقط علي الأرض حيث الجاذبية وقوانين نيوتن التي لاتعرف التساهل أو الإستثناء. القانون في الطبيعة هو الأساس وليس للمصادفة دور أو إحتمال إلا في أذهان المكابرين الملحدين الذين يدعون حكمة قانون المصادفة ويسمونه التصميم الذكي. قانون الطبيعة لا يعرف الواسطة والمجاملة، والإنسان أياً ما يكون خاضع لقوانين الفيزياء والكون وحركة الأجرام السماوية، والجاذبية، والمد والجذر وعلوم طبقات الأرض والكيمياء والذرة ومكوناتها ونظريات الكم والديناميكا الحرارية وعلوم البيولوجيا والاستنساخ والنسبية وغيرها. في قانون الطبيعة باب كبير عنوانه "علوم الوراثة" وقد اشتقت منه العلوم الحديثة مستجدات علمية مثل التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية، تلك التي أحدثت الإستنساخ ومفاهيمه الجديدة إلا أنها لم تخرج أبدا عن قانون الطبيعة وحتمه. وحتي في استنساخ النعجة دوللي في معهد روزالين بالمملكة البريطانية لم تعط تجربة "إيان ويلموت" من النعجة إلا نعجة، هي لم تنتج فيلاً أوزرافة أوغزالة أوقرد أوبقرة. إنه قانون الوراثة الذي يحدد لون الإنسان وطوله أوقصره ولون شعره وطبيعته ، ناعم أومجعد، وكذا لون العينين، ونوع الجنين ذكر أوأنثي. إذن من حيث الطبيعة والجسم والتكوين والشكل فالإنسان رهن للقانون، أما شأنه في الحياة ومسيرته، ومهما كانت صعوبتها وتشعب دروبها فهي رهن لاختياره ومراده وعزمه وإرادته. في الحياة أنت الذي يختار، أن تكون متفوقا فهذا رهن قدرتك وإبداعك وجهدك. أن تكون سياسياً موالياً أومعارضاً فهذا اختيارك، وأن تجيد لعبة السياسة فتتسلح بالعلم والتجربة والخبرة والمعرفة أوتظل شخصا باهتا بلا روح أوهوية أومبادرة حتي لو صرت وزيراً، فهذا أيضا اختيارك، ولا تلومن إلا نفسك إذا خرجت من ملعب الحياة الكبير مهزوماً، فهذا نتاج عملك وسوء تقديرك وعدم قدرتك علي تجاوز اختبارات الحياة والوجود. إذا أعجبك أن تكون دائماً في مقاعد المتفرجين فلا ينبغي لك أن تحلم يوما بدور البطولة في فيلم الحياة ومسرحية الوجود، وحسبك الفرجة ومصمصة الشفاة. إنه الإختيار، باختيارك أنت الذي تحدد قيمتك، فلا تحسبن حياتك هي منذ ولدت إلي يوم وفاتك، يمكنك أن تجعلها أطول وأثمن وأقيم، إقرأ حاول تعلم، تفاعل إشتغل ونظم وقتك واسأل نفسك ماذا أضفت إلي نفسك اليوم وماذا أضفت إلي عملك ومستقبلك ومجتمعك وأسرتك ووطنك؟. ماذا قرأت مؤخراً وأي فيلم شاهدت وأي مسرحية أثرت فيك وأي "كونسير" في الأوبرا أعاد صياغة مشاعرك من جديد، وأي ندوة سياسية أوعلمية شاركت فيها، أي جريدة تحرص علي قراءتها وأي قضية عامة شاركت فيها برأي أوفكر أوعمل؟ إذا كانت لكل هذه الأسئلة إجابات عندك فأنت بالفعل إنسان تستحق أن تعيش وأن تكون، أما إذا لم تكن لديك إجابات واضحة فأنت الذي اخترت أن تكون واحداً من كثيرين لا يميزهم في سلم النشوء والإرتقاء والتطور كما عند "دارون" إلا مظاهر العيش بلا قيمة مضافة للحياة والكون والفكر والمجتمع والناس. ولن يتوقف عندك أحد أو يعيرك اهتمامه، وعندها لايحق لك أن تفتي في شئون الدنيا أوتعارض أوتطلب من المجتمع والحكومة إحترامك. إن إحترامك بماتقدمه وماتتركه من أثر. وليس في ذلك محاولة للاستعلاء علي البسطاء والعامة من الناس، أولئك الذين لم يحصلوا قسطاً من التعليم لظروف قهرتهم، لكنهم أيضا مصنفون حسبما هم يؤدون. فمنهم الصانع الماهر والحرفي الدقيق والمهني المقتدر وهم في كل الاحوال يتركون أثراً إيجابياً بأعمالهم يقدره المجتمع ويحترمهم من أجله. أما من كانوا من ذوي التفاهة والسطحية فلا يلومن إلاأنفسهم إذا غربت عنهم الشمس وزاورت عنهم الأيام. فكم مات قوم وما ماتت مكارمهم، وعاش قومٌ وهم في الناس أموات. فأنت من يصنع الفارق.
#محمد_السعدنى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطموح وحده لا يصنع الفارق
-
فى مديح -مايكفى-- لا تقرءوا القشور
-
الصيد والطموح: قصة مخاتلة
-
صدمة الأفكار فى عالم الأعمال
-
عن كاتب لايموت: من ثقافة اللفظ إلى معرفة الأداء
-
ثورة يوليو: فكرة استعصت على الاغتيال
-
لا تسرقوا فرحة أحد
-
الليبرالية الجديدة نظام شمولى - فلسفة معقدة لقارئ عابر
-
الواشنطون بوست: عن مصر والخليج وترامب
-
تفجيرات سيريلانكا ولعبة الأمم
-
د.عثمان الخشت: عندما تسقط القيم الجامعية
-
توماس فريدمان وقراءة خاطئة للشرق الأوسط
-
فانتازيا السرد فى لاحكاية فتاة أحبها ولامسها
-
ترامب وموسيقى الفك المفترس
-
معلوماتكم خاطئة: بريتون تارانت لم يقتل المصلين فى نيوزيلاندا
-
حوار مصرى أوروبى فى حزب المحافظين
-
فنزويلا: غطرسة أمريكية وسفور أوروبى
-
من الكون الفسيح إلى عالم -الرُبع فلامانك-
-
رئيس تضع سياساته بلاده فى وجه العاصفة
-
-شذوذ تاريخى- يعرض العالم للفوضى والخطر
المزيد.....
-
“الجامعات العراقية” معدلات القبول 2024 في العراق العلمي والأ
...
-
175 مدرس لتدريس اللغة الصينية في المدارس السعودية
-
عبر استهداف 6 آلاف موقع أثري.. هكذا تخطط إسرائيل لسلب الفلسط
...
-
-المُلحد-.. إبراهيم عيسى: الفيلم هو الدولة المدنية التي نداف
...
-
ساويرس يرد على سؤال بشأن فيلم -الملحد-.. وهذا ما قاله عن -من
...
-
-رأس الخس- يلاحق تراس من جديد ويخرجها من المسرح (فيديو)
-
هيفاء وهبي تعلق على قرار منعها من التمثيل والغناء بمصر بآية
...
-
بعد أزمة فيلم -الملحد-.. هل تأجل العرض بمصر أم مُنع العمل؟
-
جيمي كيميل لن يقدم حفل الأوسكار المقبل لهذا السبب
-
استقبل الأن.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 batoot Kids على جمي
...
المزيد.....
-
في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
(مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
كتاب نظرة للامام مذكرات ج1
/ كاظم حسن سعيد
-
البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
صليب باخوس العاشق
/ ياسر يونس
-
الكل يصفق للسلطان
/ ياسر يونس
-
ليالي شهرزاد
/ ياسر يونس
-
ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير
/ ياسر يونس
-
زهور من بساتين الشِّعر الفرنسي
/ ياسر يونس
-
رسالةإ لى امرأة
/ ياسر يونس
المزيد.....
|