الياس ديلمي
الحوار المتمدن-العدد: 6369 - 2019 / 10 / 4 - 00:13
المحور:
الادب والفن
في دولة اليَقين، يَعيشُ المُتيقِّن في سعادةٍ وَهناءٍ، يُمارسُ حياتَه بطُمأنِينةٍ وَصفاءٍ، يَنظُر الى كلَّ شيءٍ وُجِدَ هكذا وَلا يُمكن أن يَكونَ إلّا هكذا، فلا يَسألْ حتّى لا تُكيَّفَ له تُهمة (إثارة الأسئلة) ويتعرّضَ الى عقُوبة التّهميش، بعد تصنِيفه على أنّهُ (سائِلْ)!
في دولة السُّؤال، يَعيشُ السّائلُ في حيرةٍ وَقلقٍ، لكنّه يُمارس حياتَه بحيويةٍ ونشاطٍ، لأنّ التّساؤل هو آلية تنفُّسه، لهذا خوفًا من تُهمة (مُساندَة التَيقُن) يَسعى دومًا الى إثارة التّساؤُلات، وإلّا سيُقال عنه (مُتيّقِنْ) ممّا يُعرّضُه الى عقُوبة التّجمِيد!
الدَّولتان بينهُما خطٌ لا يَبغيانْ، المُتيقِّن حسبَ دستُور دَولتِه ممَنوعٌ مِن زيارة السّائلِين، والسّائلُ حسبَ قوانين دَولته ممنوعٌ أيضًا مِن زِيارة المُتيقِّنين، فإن حَدَث الخرقُ مِن أحدِ الطّرفين، تعرّضَ فورًا الى عقُوبة الحَرقْ، فإن ثبتَ مثلًا أن المُتيقِّن أرسَل دعوةً على أحدِ السّائِلين فسيَكون جزاؤُه الشّنقْ بعد اعتباره مِن (المُهرطِقينْ)، أمّا في حالة ثُبوتِ أنّ السائِلَ قام بإرسال دعوةٍ الى أحد المُتيقِّنِينْ فتَتغاضَى دولتُه عن مُعاقبتِه وَتُنصّبُه مِن (المُفكِّرينْ).
ذات يومٍ، قرّر أحدُ السّائلين أن يتجوّل بالقُرب مِن الخطّ الذي يفصِلُ دولته عن الدّولة الأُخرى، وقدْ كان أيضًا أحدُ المُتيقِّنين يتنزّهُ بالقُرب ذلك الخطّ، كان كلٌّ مِنهما يَنظُر ويُطيل نظرَهُ تأمًّلًا وَتفكُّرًا، فقد كان السّائلُ يُحدّث نفسه قائلًا: (أنا مُتيقِّنٌ مِن ذلك الشّخص يراني أحمقًا وَأخرقًا)، بينما وبالمُقابل كان المُتيقِّنُ يتحدّثُ الى نفسِه وهُو يقُول: (تُرى ذلك الشخص كيف يَراني؟ وهل يَعتبرني مُتكبِّرًا وَمُتعجرِفًا؟)..
يُتبــــــــــــــــعْ
#الياس_ديلمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟