أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم جبار عباس - هكذا يتكلم الشعر














المزيد.....

هكذا يتكلم الشعر


هيثم جبار عباس
شاعر ، كاتب، صحفي

(Haitham Jabbar Abbas)


الحوار المتمدن-العدد: 6365 - 2019 / 9 / 30 - 19:00
المحور: الادب والفن
    


هكذا يتكلم الشعر , ان يكون خارج المألوف, خارج السواد الاعظم من الكلمات, ان يبدأ بباب الدخول, ويبدأ الشاعر بالاعترافات , عليه ان يعترف بكل حسنة ارتكبها , وبكل فضيلة قام بها, كولادته مثلا على مهبط الماء , او يكون الرابع بين اخوته الماكرين .
على الشاعر ان يعترف كما اعترف كريم جخيور ذات يوم , بان امه كانت تلقي عليه الشتائم مثل المطر , مطوحة بسابع جد له , اذ لم تكن في بيته مكتبة , وكتبه تحت السرير مبعثرة , وبعد عشرين عاما اخذ يمجد اطفاله حين يراهم يذهبون الى المدرسة بلا احذية ودونما حقائب , هكذا كانوا اطفال الحيانية بعد احتراق عبد السلام عارف , وحين كبر الشاعر واصبحت المرأة شغله الشاغل , تمنحه الضوء في العتمة , ولا سيما بنت الجيران التي يفوح عطرها من مسامات القصائد , فعنده الشعر لا يهدأ والمدينة لا تهدأ والحرب لا تهدأ لذلك يقول (( خيانة الشعر في افساده )) فحين كانت شظايا القذائف تخترق اجاسدهم , سواعدهم , كان اشباه الشعراء منشغلين في ابواقهم , لهذا السبب لهذا فقط لم يكن له مقعد معهم.
فهو الذي على اقدامه يتكسر الفرح مثل زجاجة القلب حين تكسرها امرأة جميلة , كان محتفيا بالقلق متخذا منه صاحبا وصديقا بعدما هجر الشطوط والانهار تلقفته الثكنات وتوجته الخوذ , حروفه مباركة , كان الله يمسد الجوع بضوئه , ويصطفي الشعراء شعلة لا يخذلها الاقربون , فالحروف هي التي تدلك على الله مثل ما يدل العطر على الارجوان , ومثل ما تدل العيون على الموسيقى .
كان كريم جخيور يعد احلامه في الصباح ويحتفي بها مساء , فاقماره دانية مثل قطاف الجنان , وجيوبه معبأة بالانهار , شمسه دائمة الظهور لا تغيب حتى ليلا , زوادته الحلوى وللاباطرة السمان اسماء مقدسة . يندلق في احلامه طفلان هو وابنه عمر , فينسج من اشعة الشمس المتخلخلة بين الغيوم متكأ , له كان الارجوان منتصبا وينحني حين يرفع الشاعر قبعته لزرقة البحر والاناشيد التي تبثها الاشجار من صوت العصافير , فجميع لذائذه فاضلة وغيومه مثقلة بالعطش هو المفتون بإيقاظ الحقول المترعة بالكسل , لعقارب ساعته خسائر كثيرة مكدسة فوق الرفوف, احلامه بدائية كأنها مخلوقات طيبة يتمنى ان يلمعها ويعمدها بالجنون ويمنحها اسماء حسنى وما هي الا احلام ستفسدها نهارات راحلة .
للتفاح خطايا مكدسة بالسلال وعلى الموائد , الا تفاحة كريم مستقيمة ومزدهرة , تبسط المعاصي بين يديك , وامام عينيها تعقد الصلوات , فانها طاهرة لا حليف لها الا الاقاحي . اما القطا لها دعاء قائم بذاته , فشمس القطا دائمة الخضرة , تمر عليها الغيوم ضاحكة , وتمسح صلاة الفجر جبينها من غطرسة الظمأ .
للشاعر, روحه, ذاته, قصيدته, حبيبته , كهنه اعطاها اسما وقال (( قطة لا يعرف الرمل وطأتها)) نعم جعل اسمها خارج السواد وافعالها غير مألوفة منذ المواء الاول كانت الانظار تتجه بالنبال وترشقها حسدا , تشم رائحة الورد وليس لديها حديقة , مسرعة مثل الريح ورشيقة مثل الرمح كانت هذه القطة دائما تغرد خارج السواد فتثير الاسئلة ولا تعبأ بالشبهات .
انيقة كالمعنى , واشد وطأة من سواد الخرافة , دائما ما تسكن الشرفات التي لا تبللها النجوم , وتشعر باوجاع النار التي تنظر للرماد , هكذا مثل قناديل الليل يتدلى الكلام عن رجل من كفه تنفرط الجنان , ذلك الفتى الهاشمي , الذي لا يصدأ سفه ابدا , وليس للكبوة سبيل الى جواده , مكر غير مفر , مقبل غير مدبر , كجلمود صخرة يلتقي الجند من علِ , تاجه المحبة وبين يديه تتفتح القلوب وتفيض العيون, على جبينه غرة النور , ومن اطراف ثوبه ترفع الصلوات, قلبه طافح بالحب وتحت اقدامه ترفرف الارواح, ذكره اريج طاهر وحبه شرف لا يطال .
اما الفتى الاخر الحامل رايات الجمر, لروحه يبذخ الياسمين اريجه, وعلى اكتافه يعتلي الجلنار, ليله حبات نجوم ولصبحه عصافير شادية, باسقة يده بل ليده مرثية من الكلمات, واصابع نائمة لا تنمح الحلم .
للملذات سيادة شامخة, مثل سيادة الآلهة, مثل هيبة الصمت, ولسيدة الملذات مديح عال وبهاء لا ينحني, الغرور يليق بها , وخلف ردائها ما يذيب الشمس, ولأنها لن تلتفت اليه الارجوان يستشيط غضبا, تنسكب النجوم بنافذتها المكحلة بالأرق , فيحترق كل من ينظر اليها ويستحيل رمادا فاخرا . هكذا يصنع الشاعر الكريم بخياله الذي لا ينضب , سيدة للملذات , او امراة للحلم , فحين يدخل غرفته تحفه الملائكة , فهو من اغاظ سليمان النبي حين رأى الافلاك كلها خاتما باصبعه , فهو ملك وتاجه الكلمات لا تغريه اي رتابة في الكون , حتى لو كانت للزعفران , الى نافذته تختلف العصافير وحول اضوائه تتراقص الفراشات .
هكذا هو الشاعر الكريم تفسد احلامه الهاجرة, يلوح للغيمة ويمسح عن جبينه الورد, وفوق الوسائد تتكدس احلامه المعطلة, ازار امه اسود وقصير لا يغطي جوعهم, رغم ذلك لم يشهر سيفه بوجه الاباطيل بل يدخلها جنته دون انكسار, راغب هو باصطحاب الاباطيل كعروة بن الورد حين يتكأ على غيمة تدحرجها الرياح فيسقط مثل الاكاذيب التي تسقط علنا من السماء , السماء التي تحتفي تحتها الثعالب بالمكر.
ومثل تمثال اسود فوق ياقته تنام العناكب , ومن كتفه تسقط الرتب والنياشين فيتلقفها الاطفال وهم يضحكون , ومثل ازدهار الورد يزدهر الشهيد , هكذا تخطف روح القتيل وتنطفئُ شمعته, هكذا دون انتظار وبلا اجنحة تصلي عليه الملائكة صلاة الفضيلة .



#هيثم_جبار_عباس (هاشتاغ)       Haitham_Jabbar_Abbas#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا تكلم البرتقال
- موت صغير تعيد الحياة لابن عربي .... قراءة في رواية موت صغير ...
- طين صوفي فائض ... قراءة شعرية في كتاب طين فائض للمبدع حيدر ك ...
- تعليق نشاط اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة
- الناقد ياسين النصير : المثقف ماء الحياة
- اسماء المدعوين الى مهرجان المربد العاشر
- لصوص الله سرقوا عقول بعض المفكرين والباحثين / الجزء الخامس و ...
- لصوص الله سرقوا عقول بعض المفكرين والباحثين / الجزء الرابع
- لصوص الله سرقوا عقول بعض المفكرين والباحثين / الجزء الثالث
- لصوص الله سرقوا عقول بعض المفكرين والباحثين / الجزء الثاني
- لصوص الله سرقوا عقول بعض المفكرين والباحثين
- وداعا يا ثقافة الشعارات
- صدور باكورة سلسلة ( لأن) عن مؤسسة السياب التداولية في البحث ...
- محمود عبد الوهاب وليالي الأربعين
- ( صحراء نيسابور ) استنساخ سردي من كتب الخرافة والخيال
- ملابسات تأخير ملتقى الرواية العراقية الدورة الثانية
- رئيس اتحاد الادباء والكتاب العراقيين في البصرة كريم جخيور ين ...
- رسالة الى السيد علي الخامنئي
- انعقاد مهرجان المربد الشعري التاسع في البصرة لعام 2012
- وقعت في ما كنت اخشاه


المزيد.....




- الإمارات تستحوذ على 30% من إيرادات السينما بالشرق الأوسط
- رواية -الليالي البيضاء- للكاتب ضياء سعد
- كيف ألهم عالم الموضة والأزياء الأفلام السينمائية؟
- عــرض مسلسل حكاية ليلة الحلقة 5 مترجمة قصة عشق وقناة الفجر
- مغامرات القط والفار 24 ساعة.. تردد قناة توم وجيري TOM and JE ...
- عمّان.. الشاعر الكتالوني جوان مارغريت مترجما إلى العربية
- -الرياض تقرأ-.. هيئة الأدب تطلق المعرض الدولي للكتاب وقطر ضي ...
- -الرياض تقرأ-.. انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 202 ...
- الأردن يرشح -حلوة يا أرضي- للمنافسة على أوسكار أفضل فيلم دول ...
- على المسرح.. مغنية شهيرة تتعرض لجلطة دماغية


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم جبار عباس - هكذا يتكلم الشعر